الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَوَاهُ عَن خَالِد بن عرفطة. وَأَبُو بشر لم يسمع من حبيب بن سَالم هَذَا الحَدِيث، إِنَّمَا رَوَاهُ عَن خَالِد بن عرفطة ".
(بَاب من تزوج امْرَأَة أَبِيه أَو ذَات محرم مِنْهُ فَدخل بهَا وَهُوَ عَالم بِالْحُرْمَةِ لَا يحد)
الطَّحَاوِيّ: عَن سعيد بن الْمسيب وَسليمَان بن يسَار: " أَن طليحة نكحت فِي عدتهَا، فَأتي بهَا عمر بن الْخطاب فضربها ضربات بالمخفقة، وَضرب زَوجهَا، (وَفرق بَينهمَا، وَقَالَ: أَيّمَا امْرَأَة نكحت فِي عدتهَا فرق بَينهَا وَبَين زَوجهَا) الَّذِي نكحت، ثمَّ اعْتدت بَقِيَّة عدتهَا من الأول، ثمَّ اعْتدت من الآخر (إِن) كَانَ دخل بهَا الآخر، (ثمَّ لم ينْكِحهَا أبدا) ، وَإِن لم يكن دخل بهَا اعْتدت من الأول وَكَانَ الآخر خاطبا من الْخطاب ".
وَعنهُ: عَن سعيد بن الْمسيب: " أَن رجلا تزوج امْرَأَة فِي عدتهَا، فَرفع إِلَى عمر رضي الله عنه فضربها دون الْحَد، وَجعل لَهَا الصَدَاق، وَفرق بَينهمَا، وَقَالَ: لَا يَجْتَمِعَانِ أبدا. قَالَ: وَقَالَ عَليّ رضي الله عنه: وَإِن تابا وأصلحا جعلتهما من الْخطاب ".
أَفلا ترى أَن عمر ضرب الْمَرْأَة وَالزَّوْج بالمخفقة، فاستحال أَن يضربهما وهما
جاهلان بِتَحْرِيم مَا فعلا، (لِأَنَّهُ كَانَ أعرف) بِاللَّه من أَن يُعَاقب من لم تقم عَلَيْهِ الْحجَّة. فَلَمَّا (ضربهما) دلّ على أَن الْحجَّة قد كَانَت قَامَت عَلَيْهِمَا بِالتَّحْرِيمِ قبل ذَلِك. ثمَّ هُوَ رحمه الله لم يقم عَلَيْهِمَا الْحَد وَقد حَضَره أَصْحَاب رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فتابعوه على ذَلِك وَلم يخالفوه.
فَهَذَا دَلِيل صَحِيح على أَن عقد النِّكَاح - وَإِن كَانَ لَا يثبت - وَجب لَهُ حكم النِّكَاح فِي وجوب الْمهْر بِالدُّخُولِ الَّذِي يكون بعده، وَفِي الْعدة مِنْهُ، وَفِي ثُبُوت النّسَب، وَمَا كَانَ يُوجب مَا ذكرنَا من ذَلِك، يَسْتَحِيل أَن يجب فِيهِ الْحَد، لِأَن الَّذِي يُوجب (الْحَد)(هُوَ) الزِّنَا، وَالزِّنَا (لَا يُوجب ثُبُوت مهر وَلَا عدَّة وَلَا نسب) .
فَإِن قيل: رُوِيَ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " لقِيت / خَالِي مَعَه الرَّايَة، فَقلت أَيْن تذْهب؟ فَقَالَ: أَرْسلنِي رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] إِلَى رجل تزوج امْرَأَة أَبِيه من بعده أَن أضْرب عُنُقه ".
قيل لَهُ: هَذَا الحَدِيث فِيهِ ذكر الْقَتْل، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الرَّجْم وَلَا ذكر إِقَامَة الْحَد. وَقد أَجمعُوا أَن فَاعل ذَلِك لَا يجب عَلَيْهِ الْقَتْل. إِنَّمَا يجب عَلَيْهِ فِي قَول من
يُوجب عَلَيْهِ الْحَد الرَّجْم إِن كَانَ مُحصنا. فَلَمَّا لم يَأْمر النَّبِي [صلى الله عليه وسلم](بِالرَّجمِ) وَأمر بِالْقَتْلِ ثَبت بذلك أَن (ذَلِك) الْقَتْل لَيْسَ بِحَدّ الزِّنَا. وَهُوَ بِمَعْنى خلاف ذَلِك. وَهُوَ أَن ذَلِك المتزوج فعل مَا فعل من ذَلِك على الاستحلال كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة. فَصَارَ بذلك مُرْتَدا، فَأمر النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] أَن يفعل بِهِ مَا يفعل بالمرتد. وَهَكَذَا كَانَ يَقُول أَبُو حنيفَة وسُفْيَان فِي هَذَا المتزوج إِذا كَانَ أَتَى (فِي) ذَلِك على الاستحلال أَنه يقتل
وَفِي هَذَا الحَدِيث أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] عقد راية لأبي بردة، وَلم تكن الرَّايَات تعقد إِلَّا لمن أَمر بالمحاربة. والمبعوث على إِقَامَة الْحَد لأجل الزِّنَا غير مَأْمُور بالمحاربة.
وَفِي الحَدِيث أَيْضا أَنه بَعثه إِلَى رجل تزوج امْرَأَة أَبِيه، وَلَيْسَ فِيهِ (أَنه) دخل (بهَا) ، فَإِذا كَانَت هَذِه الْعقُوبَة - وَهِي الْقَتْل - مَقْصُودا بهَا إِلَى المتزوج بِزَوْجَة أَبِيه، دلّ أَنَّهَا عُقُوبَة وَجَبت بِنَفس العقد لَا بِالدُّخُولِ. وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا والعاقد مستحل.
فَإِن قيل: هُوَ عندنَا على من تزوج وَدخل.
قيل لَهُ: وَهُوَ عندنَا على من تزوج واستحل، فَإِن لم يكن للاستحلال فِي الحَدِيث ذكر (فَلَيْسَ) فِيهِ للدخول ذكر.
وَقد روى ابْن مَاجَه: عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن أَبِيه قَالَ: " بَعَثَنِي النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] إِلَى رجل تزوج امْرَأَة أَبِيه أَن أضْرب عُنُقه وأصفي مَاله.
وَمن طَرِيق الطَّحَاوِيّ: " أَن يضْرب عُنُقه ويخمس مَاله ". فَلَمَّا أَمر النَّبِي [صلى الله عليه وسلم]
فِي هذَيْن الْحَدِيثين بِأخذ مَال المتزوج أَو تخميسه، دلّ ذَلِك أَن المتزوج كَانَ بتزويجه مُرْتَدا مُحَاربًا. فَوَجَبَ أَن يقتل لردته، وَكَانَ مَاله كَمَال الْحَرْبِيين، لِأَن الْمُرْتَد الَّذِي لم يحارب كل قد أجمع فِي مَاله على خلاف التخميس.
وَفِي هَذَا دَلِيل على أَن تخميس النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] مَال المتزوج الَّذِي ذكرنَا دَلِيل على أَنه قد كَانَ مِنْهُ الرِّدَّة والمحاربة.
فَإِن قيل: قد رَأينَا ذَلِك نِكَاحا لَا يثبت (فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يكون فِي حكم) مَا لم ينْعَقد فَيكون الْوَاطِئ كالواطئ فِي غير نِكَاح. /
قيل لَهُ: يَنْبَغِي أَن تَقول: (رجل زنى) بِذَات محرم مَاذَا عَلَيْهِ؟ فَتَقول: عَلَيْهِ الْحَد. وَإِن أطلقت اسْم التَّزْوِيج وَسميت ذَلِك النِّكَاح نِكَاحا وَإِن لم يكن ثَابتا. قُلْنَا: لَا حد على واطئ فِي نِكَاح جَائِز وَلَا فَاسد، لما ذكرنَا من حكم عمر بن الْخطاب فِي المتزوجة فِي الْعدة.
فَإِن قيل: هَذَا وَإِن لم يكن زنا فَهُوَ أغْلظ، فأحرى أَن يجب فِيهِ الْحَد.
قيل لَهُ: الْعُقُوبَات إِنَّمَا تُؤْخَذ من جِهَة التَّوْقِيف، (وَإِلَّا لوَجَبَ) على من رمى رجلا بالْكفْر حد الْقَذْف إِذْ الْكفْر فِي نَفسه أعظم وَأَغْلظ من الزِّنَا. فَثَبت أَن الْعُقُوبَات لَا قِيَاس فِيهَا. وَالله أعلم.