الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلم يَكُونُوا هَؤُلَاءِ فُقَرَاء. فَثَبت أَنه أَعْطَاهُم من جملَة الْغَنِيمَة وَلم يستأذنهم فِيهِ. فَدلَّ أَنه أَعْطَاهُم على وَجه النَّفْل، وَأَنه قد كَانَ لَهُ أَن ينفل.
قيل لَهُ: إِن هَؤُلَاءِ كَانُوا من الْمُؤَلّفَة، وَقد جعل الله لَهُم سَهْما من الصَّدقَات، وسبيل الْخمس الصَّدَقَة، لِأَنَّهُ مَصْرُوف إِلَى الْفُقَرَاء كالصدقات المصروفة إِلَيْهِم، فَجَائِز أَن يكون النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] أَعْطَاهُم من جملَة الْخمس كَمَا أَعْطَاهُم من الصَّدقَات.
(بَاب يُسهم لكل من حضر الْوَقْعَة، وَلمن كَانَ غَائِبا عَنْهَا فِي شَيْء من أَسبَابهَا)
فَمن ذَلِك من خرج يريدها فَلم يلْحق الإِمَام حَتَّى ذهب الْقِتَال غير أَنه لحق بِهِ فِي دَار الْحَرْب قبل خُرُوجه.
أَبُو دَاوُد: عَن ابْن عمر رضي الله عنه أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] قَامَ - يَعْنِي يَوْم بدر - فَقَالَ: " إِن عُثْمَان انْطلق فِي حَاجَة الله وحاجة رَسُوله، وَإِنِّي أبايع لَهُ فَضرب لَهُ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] بِسَهْم وَلم يُسهم لأحد غَابَ غَيره ".
فَجعله رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] كمن حضرها، فَكَذَلِك كل من غَابَ عَن وقْعَة الْمُسلمين (بِأَهْل الْحَرْب) لشغل وشغله الإِمَام (بِهِ) من أُمُور الْمُسلمين. وَلِأَن غَنَائِم بدر لَو كَانَت وَجَبت لمن حضرها دون من غَابَ عَنْهَا إِذا لما ضرب النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] لغَيرهم فِيهَا بِسَهْم، وَلكنهَا وَجَبت لمن حضرها وَلمن غَابَ عَنْهَا مِمَّن بذل نَفسه لَهَا فَصَرفهُ الإِمَام عَنْهَا شغله بغَيْرهَا من أُمُور الْمُسلمين.
وَقَول أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: " بعث النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] أبان بن سعيد على سَرِيَّة من الْمَدِينَة قبل نجد، فَقدم أبان وَأَصْحَابه على النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] بِخَيْبَر بعد فتحهَا فَلم يقسم لَهُم شَيْئا ". فَذَلِك عندنَا وَالله أعلم (على) أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَجه أبان إِلَى نجد قبل أَن يتهيأ خَ إِلَى خَيْبَر. فَتوجه أبان ثمَّ خرج النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] . فَلم يكن شغله عَن حُضُورهَا بعد إِرَادَته حُضُورهَا فَيكون كمن حضرها. فَكل شَيْء تشاغل بِهِ من شغل نَفسه أَو شغل الْمُسلمين مِمَّا كَانَ دُخُوله فِيهِ مُتَقَدما على خُرُوج الإِمَام ثمَّ خرج فَلَا حق لَهُ فِيهَا.
فَإِن قيل: إِن أهل الْبَصْرَة غزوا نهاوند، وأمدهم أهل الْكُوفَة، فظفروا، فَأَرَادَ أهل الْبَصْرَة أَن لَا يقسموا لأهل الْكُوفَة، وَكَانَ عمار على أهل الْكُوفَة. فَقَالَ رجل من بني عُطَارِد: أَيهَا الأجدع تُرِيدُ أَن تشاركنا فِي غنائمنا. قَالَ: وَكتب فِي ذَلِك إِلَى عمر، فَكتب عمر:" إِن الْغَنِيمَة لمن شهد الْوَقْعَة ".
قيل لَهُ: يجوز أَن تكون نهاوند فتحت وَصَارَت دَار الْإِسْلَام، وأحرزت الْغَنَائِم وَقسمت قبل وُرُود أهل الْكُوفَة، فَإِن كَانَ ذَلِك فَإنَّا نَحن نقُول أَيْضا: إِن الْغَنِيمَة فِي ذَلِك لمن شهد الْوَقْعَة. فَإِن كَانَ جَوَاب عمر الَّذِي فِي هَذَا الحَدِيث لما كتب بِهِ إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ لهَذَا السُّؤَال، فَإِن ذَلِك مِمَّا لَا اخْتِلَاف فِيهِ. وَإِن كَانَ على (أَن) أهل الْكُوفَة لَحِقُوا بهم قبل خُرُوجهمْ من دَار الشّرك، بعد ارْتِفَاع الْقِتَال، فَكتب عمر أَن الْغَنِيمَة لمن شهد الْوَقْعَة، فَإِن فِي ذَلِك الحَدِيث مَا يدل على أَن أهل الْكُوفَة كَانُوا طلبُوا أَن يقسم لَهُم، وَفِيهِمْ عمار بن يَاسر وَمن كَانَ فيهم غَيره من أَصْحَاب رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم]