الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقد روى ابْن مَاجَه: عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم]" ادفعوا الْحُدُود مَا وجدْتُم لَهُ مدفعا ".
فَإِن قيل: هَذَا فِيهِ فتح بَاب الزِّنَا.
قيل لَهُ: لَو كَانَ (هَذَا فتح لباب) الزِّنَا لوَجَبَ أَن لَا يسْقط حد مَا لشُبْهَة، بل فِيهِ السّتْر على الْمُسلم، وَقد ندب الله تَعَالَى إِلَى السّتْر حَتَّى شَرط فِي وجوب الْحَد أَن يثبت بأَرْبعَة من الشُّهُود، وَلَو نقص / عَددهمْ عَن أَرْبَعَة حدوا. وَمَعَ هَذَا الشَّرْط قل أَن يُقَام حد، وَلم يكن فِي اعْتِبَار هَذَا الشَّرْط فتح بَاب الزِّنَا فَكيف يكون فِي اعْتِبَار شُبْهَة من الشّبَه.
(بَاب من عمل عمل قوم لوط عزّر على حسب مَا يرَاهُ الإِمَام الْعَادِل)
لِأَن الصَّحَابَة رضي الله عنهم اخْتلفُوا فِي مُوجب هَذَا الْفِعْل فَقَالَ أَبُو بكر الصّديق: " يهدم عَلَيْهِ جِدَار ". وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: " يرْمى من شَاهِق عَال حَتَّى يَمُوت ". وَمِنْهُم من قَالَ: " يحرق بالنَّار ". وَمِنْهُم من قَالَ: " يقتل صبرا ". وَمِنْهُم من قَالَ: يحبسان فِي أنتن مَوضِع حَتَّى يموتا ". فَلَو كَانَ حكمه حكم الزِّنَا لم يَخْتَلِفُوا فِي مُوجبه.
فَإِن قيل: (رُوِيَ) أَنه عليه السلام قَالَ: " اقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول ".
قيل لَهُ: قَالَ التِّرْمِذِيّ: " هَذَا حَدِيث فِي إِسْنَاده مقَال ".
وَقد روى النَّسَائِيّ: أَنه عليه السلام قَالَ: " لعن الله من عمل عمل قوم لوط ". وَلم يذكر الْقَتْل. وَكَذَا روى مُحَمَّد بن إِسْحَاق هَذَا الحَدِيث (عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو فَقَالَ: " مَلْعُون من عمل عمل قوم لوط ". وَلم يذكر الْقَتْل) . وَعَمْرو بن أبي عَمْرو، قَالَ يحيى بن معِين:" يُنكر عَلَيْهِ حَدِيث عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس: اقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول "، وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ اللواط بِمَنْزِلَة الزِّنَا لفرق بَين الْمُحصن وَغَيره. وَفِي تَركه عليه السلام الْفرق بَينهمَا دَلِيل على أَنه لم يُوجِبهُ على وَجه الْحَد.