الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من بعض فأقضي لَهُ (على) نَحْو مَا أسمع (مِنْهُ) ، فَمن قضيت لَهُ بِشَيْء من (حق) أَخِيه (فَلَا يأخذنه) فَإِنَّمَا اقتطع لَهُ قِطْعَة من النَّار "، فَهُوَ مَحْمُول على الْأَمْوَال، وَهُوَ ظَاهر فِيهَا جمعا بَينه وَبَين مَا ذكرنَا من الْأَحْكَام المروية عَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] .
(ذكر الْغَرِيب:)
أَلحن بحجته: أَي أفطن لَهَا، واللحن بِفَتْح الْحَاء: الفطنة، يُقَال مِنْهُ (لحنت الشَّيْء) بِكَسْر الْحَاء أَلحن لحنا، وَرجل لحن: أَي فطن، واللحن بِسُكُون الْحَاء: الْخَطَأ. ذكره فِي الْغَرِيب.
(بَاب لَا يجوز الحكم بالقافة)
الطَّحَاوِيّ: عَن عُرْوَة بن الزبير: " أَن عَائِشَة زوج النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] أخْبرته أَن النِّكَاح كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة على أَرْبَعَة أنحاء: فَمِنْهُ أَن يجْتَمع الرِّجَال الْعدَد على الْمَرْأَة
لَا تمْتَنع مِمَّن جاءها، وَهن البغايا، وَكن ينصبن على أبوابهن الرَّايَات، فيطأها كل من دخل عَلَيْهَا، فَإِذا حملت وَوضعت حملهَا جمع لَهَا الْقَافة فَأَيهمْ ألحقوه بِهِ صَار أَبَاهُ ودعي ابْنه لَا يمْتَنع من ذَلِك. فَلَمَّا بعث الله عز وجل مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ هدم نِكَاح الْجَاهِلِيَّة وَأقر نِكَاح أهل الْإِسْلَام ".
فَفِي هَذَا الحَدِيث (دَلِيل) أَن الحكم بِالنّسَبِ بقول الْقَافة كَانَ حكم الْجَاهِلِيَّة، فهدمه النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَأقر حكم الْإِسْلَام.
وَأما مَا رُوِيَ عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَت: " دخل مجزز المدلجي على رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فَرَأى أُسَامَة وزيدا عَلَيْهِمَا قطيفة قد غطيا رؤوسهما فَقَالَ: / إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا من بعض، فَدخل رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] مَسْرُورا ". فسرور رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] بقول مجزز المدلجي (لَيْسَ) فِيهِ دَلِيل على (وجوب الحكم) بقول الْقَافة لِأَن أُسَامَة كَانَ نسبه ثَابتا من زيد قبل ذَلِك، وَلم يحْتَج النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فِي ذَلِك إِلَى قَول أحد، وَلَوْلَا ذَلِك لما دعِي أُسَامَة فِيمَا تقدم إِلَى زيد. وَإِنَّمَا تعجب النَّبِي [صلى الله عليه وسلم]
من (إِصَابَة مجزز) كَمَا يتعجب من ظن الرجل الَّذِي يُصِيب ظَنّه حَقِيقَة الشَّيْء الَّذِي ظَنّه، وَلَا يجب الحكم بذلك. وَترك رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] الْإِنْكَار عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يتعاط بذلك إِثْبَات مَا لم يكن ثَابتا.
قَالَ الطَّحَاوِيّ رحمه الله: " وَقد رُوِيَ عَن عمر رضي الله عنه من وُجُوه صِحَاح مَا يدل على مَا ذكرنَا.
من ذَلِك مَا رُوِيَ عَن الشّعبِيّ عَن ابْن عمر: أَن رجلَيْنِ اشْتَركَا فِي ظهر امْرَأَة، فَولدت (لَهما) ولدا، فَدَعَا عمر رضي الله عنه الْقَافة (فَقَالُوا) : أخذا الشّبَه مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَجعله بَينهمَا.
وَعَن قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب: أَن رجلَيْنِ اشْتَركَا فِي ظهر امْرَأَة فَولدت لَهما ولدا، فارتفعا إِلَى عمر بن الْخطاب رضي الله عنه، فَدَعَا (لَهُ) ثَلَاثَة نفر من الْقَافة فَدَعَا بِتُرَاب فوطئ فِيهِ الرّجلَانِ والغلام، ثمَّ قَالَ لأَحَدهم: انْظُر، فَنظر واستقبل واستدبر ثمَّ قَالَ: أسر أم أعلن؟ قَالَ عمر: بل أسر، قَالَ:(لقد) أَخذ الشّبَه مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَمَا أَدْرِي لأيهما هُوَ فأجلسه ثمَّ قَالَ لآخر: انْظُر، فَنظر واستقبل واستدبر ثمَّ قَالَ: أسر أم أعلن؟ قَالَ عمر: (بل) أسر، قَالَ: لقد أَخذ الشّبَه مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَمَا أَدْرِي لأيهما هُوَ. ثمَّ أَمر الثَّالِث فَنظر فَاسْتقْبل واستعرض واستدبر ثمَّ قَالَ: أسر أم أعلن؟ قَالَ: أعلن، قَالَ: لقد أَخذ الشّبَه مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَمَا أَدْرِي لأيهما هُوَ، فَجعله لَهما يرثهما ويرثانه. فَقَالَ لي سعيد بن الْمسيب: أَتَدْرِي من عصبته؟ قلت: لَا، قَالَ: الْبَاقِي مِنْهُمَا ". فَجعله عمر لَهما مَعَ قَول الْقَافة لَا نَدْرِي لأيهما هُوَ.