الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب لَا بَأْس بِأُجْرَة الْحجام)
الطَّحَاوِيّ: عَن المحيصة - رجل من بني حَارِثَة -: " أَنه (قد) كَانَ لَهُ حجام فَسَأَلَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] عَن كَسبه، فَنَهَاهُ، ثمَّ عَاد فَنَهَاهُ، فَلم يزل يُرَاجِعهُ حَتَّى قَالَ لَهُ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : اعلف كَسبه ناضحك، وَأطْعم ذَلِك رقيقك ". وَقد رَوَاهُ عَن الْمُزنِيّ، عَن الشَّافِعِي رضي الله عنه.
فَدلَّ هَذَا أَن إِبَاحَة النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] كسب الْحجام كَانَت بعد نَهْيه عَنهُ، وَفِي إِبَاحَته أَن (يطعمهُ) للناضح وَالرَّقِيق دَلِيل على حلّه، لِأَن (المَال) الْحَرَام لَا يحل لأحد أَن يطعمهُ رَقِيقه.
(بَاب كل طَاعَة يخْتَص بهَا الْمُسلم لَا يجوز الِاسْتِئْجَار عَلَيْهَا)
قَالَ الله تَعَالَى: {من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا وهم فِيهَا لَا يبخسون} . فَفِي هَذَا دَلِيل على أَن مَا سَبيله أَن لَا يفعل إِلَّا على وَجه
الْقرْبَة لَا يجوز أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهِ، لِأَن الْأُجْرَة من حظوظ الدُّنْيَا، فَمَتَى أَخذ عَلَيْهِ الْأجر فقد خرج من أَن يكون قربَة بِمَا تلوناه من الْكتاب، وبالسنة وَهُوَ مَا روى ابْن مَاجَه: عَن (أبي) بن كَعْب قَالَ: " علمت رجلا الْقُرْآن، فأهدى لي قوسا فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] / فَقَالَ: إِن أَخَذتهَا أخذت قوسا من نَار فرددتها ".
الطَّحَاوِيّ: عَن الْأسود بن ثَعْلَبَة، عَن عبَادَة قَالَ:" كنت (أعلم) نَاسا من أهل الصّفة الْقُرْآن، فأهدى إِلَيّ رجل (مِنْهُم) قوسا على أَن أقبلها فِي سَبِيل الله، فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فَقَالَ: إِن أردْت أَن يطوقك (الله) بهَا طوقا من النَّار فاقبلها ".
وَعنهُ: عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل الْأنْصَارِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] يَقُول: " اقرأوا الْقُرْآن وَلَا تغلوا فِيهِ، وَلَا تجفوا عَنهُ، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، (وَلَا تَسْتَكْثِرُوا) بِهِ ".
التِّرْمِذِيّ: " عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: " إِن من آخر مَا عهد إِلَى رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] أَن اتخذ مُؤذنًا لَا يَأْخُذ على أَذَانه أجرا ". وَهَذَا حَدِيث حسن.
وَأما قَوْله عليه السلام فِي حَدِيث الرّقية: " خذوها واضربوا لي بِسَهْم ". وَقَوله: " إِن أَحَق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ أجرا كتاب الله " فَالْجَوَاب عَنهُ من وُجُوه:
أَحدهَا: أَن الْقَوْم كَانُوا كفَّارًا فَجَاز أَخذ أَمْوَالهم.
وَالثَّانِي: أَن حق الضَّيْف لَازم وَلم يضيفوهم.
وَالثَّالِث: أَن الرّقية لَيست بقربة مَحْضَة، فَجَاز أَخذ الْأجر عَلَيْهَا. وَكَذَلِكَ (على العلاجات كلهَا.
وَإِن كُنَّا نعلم أَن الْمُسْتَأْجر على الرقي يدْخل فِيمَا يرقى فِيهِ بعض الْقُرْآن، لِأَنَّهُ لَيْسَ على النَّاس أَن يرقوا بَعضهم بَعْضًا، فَإِذا استؤجروا (على) أَن (يعلمُوا) مَا لَيْسَ عَلَيْهِم أَن (يعلموه) جَازَ ذَلِك. وَتَعْلِيم الْقُرْآن وَاجِب أَن يعلم بَعضهم بَعْضًا، لِأَن فِي ذَلِك التَّبْلِيغ عَن الله، إِلَّا أَن من علم ذَلِك مِنْهُم فقد أَجْزَأَ ذَلِك عَن بَقِيَّتهمْ، فَإِذا اسْتَأْجر بَعضهم بَعْضًا على تَعْلِيم ذَلِك كَانَت إِجَارَته تِلْكَ واستئجاره إِيَّاه بَاطِلا، لِأَنَّهُ إِنَّمَا اسْتَأْجرهُ على أَن يُؤَدِّي فرضا هُوَ عَلَيْهِ لله تَعَالَى وَفِيمَا يَفْعَله لنَفسِهِ لِأَنَّهُ