الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نهى عَنهُ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فَهُوَ الطَّعَام قبل أَن يقبض. قَالَ ابْن عَبَّاس: وَلَا أَحسب كل شَيْء إِلَّا مثله "، فنهي النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] عَن بيع الطَّعَام قبل الْقَبْض، دَلِيل على عدم جَوَاز بيع كل مَا ينْقل ويحول، (لِأَنَّهُ) فِي مَعْنَاهُ. وَقَول ابْن عَبَّاس: " وَلَا أَحسب كل شَيْء إِلَّا مثله " يُرِيد - وَالله أعلم - وَلَا أَحسب كل شَيْء يُمكن نَقله إِلَّا مثله، وَلَئِن أَرَادَ كل شَيْء مِمَّا ينْقل وَمَا لَا ينْقل فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك - وَالله أعلم - اعتقادا مِنْهُ أَن الْمَعْنى الَّذِي حرم بِهِ البيع على مُشْتَرِي الطَّعَام قبل قَبضه، هُوَ أَنه لَا يطيب لَهُ ربح مَا لم يضمن من حَيْثُ إِنَّه قبل الْقَبْض فِي ضَمَان البَائِع. قَالَ: وَهَذَا الْمَعْنى مَوْجُود فِي غير الطَّعَام. أَو نقُول: الطَّعَام يجوز السّلم فِيهِ وَلَيْسَ بقائم حِينَئِذٍ، وَلَا يجوز ذَلِك فِي الْعرُوض فَكَانَ الطَّعَام أوسع أمرا فِي الْبيُوع وَأكْثر جَوَازًا، فَإِذا حرم بَيْعه قبل قَبضه كَانَ حظر غَيره أولى. فقصد النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] إِلَى النَّهْي عَن الطَّعَام دَلِيل نَهْيه عَن غَيره
وَنحن لَا نسلم أَن الْمَعْنى الَّذِي نهى النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] عَن بيع الطَّعَام قبل الْقَبْض لأَجله هُوَ مَا ذكره، بل معنى آخر وَهُوَ غرر انْفِسَاخ العقد بِهَلَاك الْمَعْقُود عَلَيْهِ قبل الْقَبْض، والهلاك فِي الْعقار نَادِر.
(بَاب لَا يجوز بيع الْمُدبر)
لِأَنَّهُ / لما علق الْعتْق على صفة اسْتحق الْعتْق ضَرُورَة وَإِنَّمَا قضى فِيهِ بِالثُّلثِ لِأَنَّهُ حكم يظْهر بعد الْمَوْت. وكل حكم يظْهر بعد الْمَوْت فَهُوَ من الثُّلُث وَصِيَّة كَانَ أَو تدبيرا.
فَإِن قيل: رُوِيَ عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه: " أَن رجلا من الْأَنْصَار دبر مَمْلُوكه وَلم يكن لَهُ مَال غَيره، فَبلغ النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فَدَعَا بِهِ وَقَالَ: من يَشْتَرِيهِ؟ فَاشْتَرَاهُ نعيم بن النحام بثمانمائة دِرْهَم، فَأخذ ثمنه فَدفعهُ إِلَيْهِ ".
زَاد غَيره فِي الصَّحِيح: " فَدَفعهَا إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: ابدأ بِنَفْسِك فَتصدق عَلَيْهَا، فَإِن فضل شَيْء فلذي قرابتك، فَإِن فضل عَن ذِي قرابتك فَهَكَذَا وَهَكَذَا من بَين يَديك وَعَن يَمِينك وَعَن شمالك ".
قيل لَهُ: هَذِه قصَّة فِي عين وحكاية فِي حَال، فَلَا تتعدى إِلَى غَيرهَا إِلَّا بِدَلِيل. هَذَا إِذا كَانَت مُجَرّدَة عَن الِاحْتِمَال وَإِذا تطرق إِلَيْهَا التَّأْوِيل سقط مِنْهَا الدَّلِيل. وَالَّذِي يدل على الِاحْتِمَال فِيهَا، وَأَنَّهَا خَارِجَة عَن طَرِيق الِاحْتِجَاج قَوْله:" وَلم يكن لَهُ مَال "، وَلَو كَانَ (مَنعه) - لِأَن التَّدْبِير لَا يَقْتَضِي منعا وَلَا يُوجب عتقا - لم يكن لقَوْله:" (وَلم يكن لَهُ) مَال غَيره " معنى، وَلَا يجوز إِسْقَاط بعض الحَدِيث والتعلق بِبَعْضِه. وَيحْتَمل أَن يكون سَفِيها فَرد النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فعله عَلَيْهِ، وَلَا يجوز أَن يكون بَاعه فِي دين، لِأَن لفظ الصَّحِيح أَنه دَفعه إِلَيْهِ وَأمره أَن يعود بِهِ على قرَابَته.