الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بهما رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ، لينتهي النَّاس عَن ذَلِك. وَكَذَا لَا بَأْس بإنزاء الْحمير على الْخَيل، لِأَنَّهُ لَو كَانَ مَكْرُوها لَكَانَ ركُوب البغال مَكْرُوها، لِأَنَّهُ لَوْلَا رَغْبَة النَّاس فِي البغال وركوبهم إِيَّاهَا إِذا (لما) أنزأت الْحمير على الْخَيل. (وَإِنَّمَا نهى النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] بني هَاشم عَن إنزاء الْحمير على الْخَيل) ، لِأَن الْخَيل كَانَت قَليلَة فيهم، فَأحب أَن يكثر فيهم. هَكَذَا قَالَ: عبد الله بن الْحسن رضي الله عنه.
(بَاب لَا يجوز نظر العَبْد إِلَى شُعُور الْحَرَائِر)
الطَّحَاوِيّ: عَن أبي إِسْحَاق (عَن أبي الْأَحْوَص) عَن عبد الله: {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: الزِّينَة: القرط والقلادة (والسوار) والخلخال ".
وَعنهُ: عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم:" وَلَا يبدين زينتهن (إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا) ، قَالَ: " هُوَ مَا فَوق الذِّرَاع، أُبِيح للنَّاس أَن ينْظرُوا إِلَى مَا لَيْسَ بِمحرم عَلَيْهِم من
النِّسَاء إِلَى وجوههن وَإِلَى أكفهن، وَحرم عَلَيْهِم ذَلِك من أَزوَاج النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] لما نزلت آيَة الْحجاب وَفَضْلهنَّ بذلك على سَائِر النَّاس ".
فَإِن قيل: فقد قَالَ الله عز وجل: {وَلَا يبدين زينتهن} ، إِلَى قَوْله:{أَو مَا ملكت أيمانهن} . (فَجعل مَا ملكت أيمانهن) كذي الْمحرم.
قيل لَهُ: الْجَواب عَن هَذَا من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن هَذَا مَحْمُول على الْإِمَاء، وَلَيْسَ فِيهِ إبِْطَال فَائِدَة ملك الْيَمين، لِأَنَّهُ قد ذكر النِّسَاء فِي الْآيَة بقوله:{أَو نسائهن} وَأَرَادَ بِهن الْحَرَائِر المسلمات، فَجَاز أَن (يظنّ)(ظان أَن) الْإِمَاء لَا يجوز لَهُنَّ النّظر إِلَى شُعُور مولاتهن وَإِلَى مَا يجوز النّظر إِلَيْهِ مِنْهَا. (فأبان الله تَعَالَى) أَن الْأمة والحرة فِي ذَلِك سَوَاء. وَإِنَّمَا خص نساءهن بِالذكر فِي هَذَا الْموضع، لِأَن جَمِيع من ذكر قبلهن هم الرِّجَال بقوله:{وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن} إِلَى آخر مَا ذكر. فَكَانَ جَائِزا أَن يظنّ ظان أَن الرِّجَال مخصوصون بذلك إِذا كَانُوا ذووا محارم، فأبان الله تَعَالَى إِبَاحَة النّظر إِلَى هَذِه الْمَوَاضِع من نسائهن سَوَاء كن ذَوَات محارم (أَو غير ذَوَات محارم)، ثمَّ عطف على ذَلِك (الْإِمَاء بقوله:{أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} ) لِئَلَّا يظنّ ظان أَن الْإِبَاحَة مَقْصُورَة على الْحَرَائِر من النِّسَاء / إِذْ كَانَ ظَاهر قَوْله: " أَو نسائهن " يَقْتَضِي الْحَرَائِر دون الْإِمَاء، كَمَا
فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم} على الْحَرَائِر ((مِنْكُم) دون المماليك. وَقَوله: {شهيدين من رجالكم} الْأَحْرَار، لإضافتهم إِلَيْنَا. كَذَلِك قَوْله:{أَو نسائهن} على الْحَرَائِر) ، ثمَّ عطف عَلَيْهِنَّ الْإِمَاء فأباح لَهُنَّ مثل مَا أَبَاحَ فِي الْحَرَائِر.
الثَّانِي: أَنه ذكر جمَاعَة مستثنين من قَوْله عز وجل: {وَلَا يبدين زينتهن} (فَذكر) البعول والآباء وَمن ذكر مَعَهم، مثل ذكره:{مَا ملكت أيمانهن} ، فَلم يكن جمعه بَينهم دَلِيلا على اسْتِوَاء أحكامهم، لأَنا قد رَأينَا البعل يجوز لَهُ أَن ينظر من امْرَأَته إِلَى مَا لَا ينظر إِلَيْهِ أَبوهَا مِنْهَا، ثمَّ قَالَ:{أَو مَا ملكت أيمانهن} ، فَلَا يكون ضم أُولَئِكَ مَعَ مَا قبلهم بِدَلِيل أَن حكمهم مثل حكمهم، وَلَكِن الَّذِي أَبَاحَ بِهَذِهِ الْآيَة للمملوكين من النّظر إِلَى النِّسَاء إِنَّمَا هُوَ مَا ظهر من الزِّينَة، وَهُوَ: الْوَجْه والكفان. وَفِي إِبَاحَته ذَلِك للمملوكين وَلَيْسوا بذوي أَرْحَام محرم، دَلِيل على أَن الْأَحْرَار الَّذين لَيْسُوا بذوي أَرْحَام محرم من النِّسَاء فِي ذَلِك كَذَلِك. وَقد بَين هَذَا الْمَعْنى مَا فِي حَدِيث ابْن زَمعَة من قَول رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] لسودة:" احتجبي مِنْهُ "، فَأمرهَا بالحجاب وَهُوَ ابْن وليدة أَبِيهَا، وَلَيْسَ (يَخْلُو) من أَن يكون أخاها أَو ابْن وليدة أَبِيهَا، فَيكون مَمْلُوكا لَهَا ولسائر وَرَثَة أَبِيهَا. فَعلمنَا أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] لم يحجبها مِنْهُ لِأَنَّهُ أَخُوهَا، وَلَكِن لِأَنَّهُ غير أَخِيهَا. وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَال مَمْلُوكا، فَلم يحل لَهُ النّظر - برقه - إِلَيْهَا.
وَقد ضاد هَذَا الحَدِيث قَول رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : " إِذا كَانَ لإحداكن مكَاتب وَكَانَ عِنْده مَا يُؤَدِّي عَنهُ فلتحتجب مِنْهُ ".
وروى الطَّحَاوِيّ عَن الشّعبِيّ وَيُونُس، عَن الْحسن أَنَّهُمَا كَانَا يكرهان أَن ينظر العَبْد إِلَى شعر مولاته.
فارغة