الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب يجوز الاستصباح بالزيت النَّجس وَبيعه)
الدَّارَقُطْنِيّ: عَن ابْن عمر رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] عَن الْفَأْرَة تقع فِي السّمن والودك فَقَالَ: اطرحوها (واطرحوا مَا كَانَ حولهَا) إِن كَانَ جَامِدا، وَإِن كَانَ مَائِعا فاستنفعوا بِهِ وَلَا تأكلوه ".
فَإِن قيل: فِي سَنَده يحيى بن أَيُّوب. قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: لَا يحْتَج بحَديثه. وَفِيه شُعَيْب بن يحيى، وَهُوَ غير مَعْرُوف.
قيل لَهُ: الْجَهَالَة بالراوي غير مَانِعَة من قبُول رِوَايَته، والطعن (الْمُطلق) غير قَادِح، وَالْأَصْل الْعَدَالَة مَا لم يثبت خلَافهَا.
(بَاب (يجوز بيع الْعَرَايَا بِخرْصِهَا))
مَالك عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: " أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] أرخص فِي بيع الْعَرَايَا بِخرْصِهَا فِيمَا دون خَمْسَة أوسق، أَو فِي خَمْسَة أوسق ". يشك دَاوُد فِي خَمْسَة (أوسق) ، أَو دون خَمْسَة (أوسق) .
اخْتلف فِي تَفْسِير الْعَرَايَا، فَروِيَ عَن مَالك رحمه الله أَنه قَالَ:" الْعَرَايَا أَن يكون الرجل لَهُ النَّخْلَة والنخلتان فِي وسط النخيل الْكثير لرجل آخر، وَقد كَانَ أهل الْمَدِينَة إِذا كَانَ وَقت الثِّمَار خَرجُوا إِلَى حوائطهم، فَيَجِيء صَاحب النَّخْلَة والنخلتين (بأَهْله) فَيضر بِصَاحِب النّخل الْكثير. فَرخص رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] لصَاحب النّخل الْكثير أَن يُعْطي صَاحب الْقَلِيل بخرص مَاله من ذَلِك تَمرا لينصرف هُوَ وَأَهله عَنهُ ويخلص لَهُ تمر الْحَائِط كُله ".
وَرُوِيَ عَن أبي حنيفَة رضي الله عنه (أَنه قَالَ) : معنى ذَلِك عندنَا أَن يعري الرجل الرجل تمر نخله من نخله فَلم يسلم ذَلِك إِلَيْهِ حَتَّى يَبْدُو لَهُ، فَرخص لَهُ أَن يحبس ذَلِك وَيُعْطِيه مَكَانَهُ خرصه تَمرا.
فَكَانَ هَذَا التَّفْسِير أشبه من تَفْسِير مَالك رحمه الله. أَلا ترى إِلَى الَّذِي مدح الْأَنْصَار كَيفَ مدحهم إِذْ يَقُول:
(لَيست (بسنهاء) وَلَا رجبية
…
وَلَكِن عرايا فِي السنين الجوائح)
أَي أَنهم كَانُوا يعرونها فِي السنين الجوائح. فَلَو كَانَت الْعرية كَمَا ذهب إِلَيْهِ مَالك رحمه الله، إِذا لما كَانُوا ممدوحين إِذا كَانُوا يُعْطون مَا يُعْطون، وَلَكِن الْعرية بِخِلَاف ذَلِك، وَلَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يَنْفِي شَيْئا مِمَّا ذَكرْنَاهُ، وَإِنَّمَا يكون فِيهِ مَا يَنْفِي ذَلِك أَن لَو قَالَ:" لَا تكون الْعرية / إِلَّا فِي خَمْسَة أوسق ". وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَيحْتَمل أَن يكون
النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] رخص (فِيهِ) لقوم فِي عرية (لَهُم) هَذَا مقدارها. فَنقل أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه (ذَلِك) وَأخْبر بِالرُّخْصَةِ فِيمَا كَانَت، وَلَا يَنْفِي ذَلِك أَن تكون الرُّخْصَة جَائِزَة فِيمَا هُوَ أَكثر.
وَأما حَدِيث زيد بن ثَابت رضي الله عنه: " أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى عَن بيع الثَّمر بِالتَّمْرِ وَرخّص فِي الْعَرَايَا ". فقد يقرن الشَّيْء بالشَّيْء وحكمهما مُخْتَلف. وَقَوله فِي حَدِيث جَابر رضي الله عنه: " إِلَّا أَنه رخص فِي الْعَرَايَا " يجوز أَن يكون قصد بذلك إِلَى المعري، وَرخّص لَهُ أَن يَأْخُذ تَمرا بَدَلا من تمر فِي رُؤُوس (شجر) النّخل، لِأَنَّهُ يكون فِي ذَلِك بِمَعْنى البَائِع، وَذَلِكَ لَهُ حَلَال، فَيكون الِاسْتِثْنَاء لهَذِهِ الْعلَّة. وَفِي حَدِيث سهل بن أبي حثْمَة:" إِلَّا أَنه رخص فِي بيع الْعرية بِخرْصِهَا تَمرا يأكلها (أَهلهَا) رطبا ". (فقد ذكر) للعرية أَهلا وجعلهم يَأْكُلُونَهُ رطبا، وَلَا يكون كَذَلِك إِلَّا وَقد ملكهَا الَّذين عَادَتْ إِلَيْهِم (بِالْبَدَلِ الَّذِي) أَخذ مِنْهُم.
فَإِن قيل: لَو كَانَ تَأْوِيل هَذِه الْأَحَادِيث كَمَا ذهب (إِلَيْهِ) أَبُو حنيفَة لم يكن لذكر الرُّخْصَة معنى.
قيل لَهُ: بل فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا: مَا قَالَه عِيسَى بن أبان: " إِن الْأَمْوَال كلهَا لَا يملك بهَا (أبدا) إِلَّا من كَانَ مَالِكهَا، لَا يَبِيع الرجل مَا لَا يملك (بِبَدَلِهِ) فَيملك ذَلِك الْبَدَل، والمعري لم يكن ملك الْعرية لِأَنَّهُ لم يقبضهَا، وَالتَّمْر الَّذِي يَأْخُذهُ بَدَلا عَنْهَا قد (جعل طيبا لَهُ)(فِي هَذَا، وَهُوَ بدل من رطب لم يكن ملكه، فَقَالَ: هَذَا هُوَ الَّذِي قصد بِالرُّخْصَةِ إِلَيْهِ) .
وَقَالَ غَيره: " الرُّخْصَة أَن الرجل إِذا أعرى الشَّيْء من ثمره فقد وعد أَن يُسلمهُ إِلَيْهِ ليملكه الْمُسلم إِلَيْهِ بِقَبْضِهِ إِيَّاه، وعَلى الرجل فِي دينه أَن يَفِي بوعده، وَإِن كَانَ غير مَأْخُوذ بِهِ فِي الحكم، فَرخص للمعري أَن يحبس مَا أعرى بِأَن يُعْطي المعرى خرصه تَمرا (بَدَلا) من غير أَن يكون آثِما، وَلَا فِي حكم من أخلف وَعدا، فَهَذَا مَوضِع الرُّخْصَة. وَالْحمل عَلَيْهِ أولى، ليبقى نَهْيه عليه السلام عَن بيع الثَّمر بِالتَّمْرِ على عُمُومه ".
الطَّحَاوِيّ: عَن مَكْحُول الشَّامي عَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] أَنه قَالَ: " خففوا) الصَّدقَات، فَإِن فِي المَال الْعرية وَالْوَصِيَّة ". فَدلَّ ذَلِك / أَن الْعرية إِنَّمَا هِيَ مَا يملكهُ أَرْبَاب الْأَمْوَال قوما فِي حياتهم، كَمَا يملكُونَ الْوَصَايَا بعد مماتهم.
وَعنهُ: عَن نَافِع، عَن ابْن عمر رضي الله عنه أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] :" نهى البَائِع والمبتاع عَن الْمُزَابَنَة ". وَقَالَ زيد بن ثَابت: (" وَرخّص فِي الْعَرَايَا النَّخْلَة والنخلتين يوهبان للرجل فيبيعها بِخرْصِهَا تَمرا ". فَهَذَا زيد بن ثَابت) وَهُوَ أحد من روى عَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فِي الْعرية وَقد أخبر أَنَّهَا الْهِبَة.