الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] قَالَ لرجل: أمرت بِيَوْم الْأَضْحَى عيدا جعله الله لهَذِهِ الْأمة، فَقَالَ الرجل: أَفَرَأَيْت إِن لم أجد إِلَّا منيحة ابْني أفأضحي بهَا قَالَ: لَا ".
وَقَوله عليه السلام: " أَنْت وَمَالك لأَبِيك "، مَعْنَاهُ لَا يَنْبَغِي للِابْن أَن يُخَالف الْأَب فِي شَيْء من ذَلِك، وَأَن يَجْعَل أمره فِيهِ نَافِذا كأمره فِيمَا يملك. أَلا ترَاهُ يَقُول:" أَنْت وَمَالك لأَبِيك ". فَلم يكن الابْن مَمْلُوكا للْأَب بِإِضَافَة النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ، فَكَذَلِك لَا يكون مَالِكًا لمَاله بِهَذِهِ الْإِضَافَة. وَقد أجمع الْمُسلمُونَ أَن الابْن إِذا ملك جَارِيَة حل لَهُ وَطْؤُهَا، فَلَو كَانَ مَاله لِأَبِيهِ لحرم عَلَيْهِ وَطْؤُهَا لحُرْمَة وَطْء جَارِيَة أَبِيه.
(بَاب من ابْتَاعَ سلْعَة فقبضها ثمَّ مَاتَ أَو أفلس فثمنها عَلَيْهِ، وبائع السّلْعَة وَسَائِر الْغُرَمَاء سَوَاء، لِأَن ملكه قد زَالَ (عَنْهَا) وَخرجت من ضَمَانه، وَصَارَ غريما من غُرَمَاء الْمَطْلُوب، يُطَالِبهُ بدين فِي ذمَّته، وَلَا وَثِيقَة (فِي يَده بِهِ) ، فهم وَهُوَ فِي جَمِيع مَاله سَوَاء)
فَإِن قيل: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : " أَيّمَا رجل أفلس فَأدْرك رجل مَاله بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَق بِهِ من غَيره ".
(وَعَن ابْن خلدَة الزرقي قَالَ: " جِئْنَا أَبَا هُرَيْرَة فِي صَاحب لنا قد أفلس، قَالَ: هَذَا الَّذِي قضى فِيهِ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : أَيّمَا رجل مَاتَ أَو أفلس فَصَاحب الْمَتَاع أَحَق بمتاعه إِذا وجده بِعَيْنِه ") .
قيل لَهُ: لَيْسَ فِي هَذَا دَلِيل على خلاف مَا ذكرنَا لِأَن فِيهِ قَوْله: " مَا لَهُ بِعَيْنِه "، وَالْمَبِيع لَيْسَ هُوَ عين مَاله (لِخُرُوجِهِ عَن ملكه) ، وَإِنَّمَا هُوَ عين مَال قد كَانَ لَهُ، وَإِنَّمَا مَاله بِعَيْنِه يَقع على الْمَغْصُوب، والعواري، والودائع، وَمَا أشبه ذَلِك، فَذَلِك أَحَق بِهِ / من سَائِر الْغُرَمَاء.
وَقد روى الطَّحَاوِيّ: عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رضي الله عنه أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قَالَ: " من سرق لَهُ مَتَاع أَو ضَاعَ لَهُ مَتَاع فَوَجَدَهُ فِي يَد رجل بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَق بِعَيْنِه، وَيرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِالثّمن ".
وَهَذَا كَلَام صَحِيح، وَفِيه فَائِدَة وَذَلِكَ أَنه عليه السلام أعلمهم أَن الرجل إِذا أفلس وَجب أَن يقسم جَمِيع مَا فِي يَده بَين غُرَمَائه فَثَبت ملك رجل لبَعض مَا فِي يَده أَنه أولى بذلك وَإِذا كَانَ ذَلِك الَّذِي فِي يَده قد ملكه (وغر فِيهِ فَلَا يجب لَهُ فِيهِ حكم إِذا
كَانَ مغرورا) . فعلمهم بِهَذَا الحَدِيث مَا علمهمْ بِحَدِيث سَمُرَة وَنفى أَن يكون الْمَغْرُور الَّذِي يشكل حكمه عِنْد الْعَامَّة يسْتَحق بذلك الْغرُور شَيْئا.
فَإِن قيل: فقد رُوِيَ عَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] أَنه قَالَ: " أَيّمَا رجل بَاعَ سلْعَة فَأدْرك سلْعَته (بِعَينهَا) عِنْد رجل قد أفلس وَلم يكن قبض من ثمنهَا شَيْئا فَهِيَ لَهُ، وَإِن كَانَ قبض مِنْهَا شَيْئا فَمَا بَقِي فَهُوَ أُسْوَة الْغُرَمَاء، (وَأَيّمَا امْرِئ هلك وَعِنْده مَال امْرِئ بِعَيْنِه - اقْتضى مِنْهُ شَيْئا أَو لم يقتض - فَهُوَ أُسْوَة الْغُرَمَاء) .
قيل لَهُ: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ أَنه مُضْطَرب الحَدِيث، وَلَا يثبت هَذَا الحَدِيث عَن الزُّهْرِيّ مُسْندًا وَإِنَّمَا هُوَ مُرْسل.
(وَيَقْتَضِي أَن السّلْعَة لَو انْتَقَلت إِلَى عشرَة أنفس فَوجدَ صَاحبهَا عِنْد الْعَاشِر وَهُوَ مُفلس أَن يَأْخُذهَا من الْعَاشِر الْمُفلس، وَهَذَا خلاف الْإِجْمَاع، فَالْحَدِيث مَتْرُوك الظَّاهِر بِالْإِجْمَاع) . ثمَّ نقُول هَذَا الحَدِيث (قد فرق فِيهِ بَين حكم التَّفْلِيس وَالْمَوْت، فَهُوَ غير الحَدِيث الأول، فَيكون الحَدِيث الأول) مُسْتَعْملا من حَيْثُ تأولنا، وَيكون هَذَا الحَدِيث (حَدِيثا) شاذا مُنْقَطِعًا لَا تقوم بِهِ حجَّة فَيجب ترك اسْتِعْمَاله.
وَقد ذكر أَبُو عمر بن عبد الْبر أَن قَتَادَة روى عَن خلاس بن عَمْرو، عَن عَليّ قَالَ:" هُوَ فِيهَا أُسْوَة الْغُرَمَاء إِذا وجدهَا بِعَينهَا ".