الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب مَا أَصَابَت الْبَهِيمَة لَيْلًا أَو نَهَارا)
إِذا كَانَت منفلتة فَلَا ضَمَان على رَبهَا، وَإِن كَانَ هُوَ سيبها فَمَا أَصَابَت فِي فورها وسننها ضمن ذَلِك كُله. مَالك: عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : " جرح العجماء جَبَّار، والمعدن جَبَّار، وَفِي الرِّكَاز الْخمس "، والجبار: الهدر الَّذِي لَا ارش فِيهِ. وَلَا خلاف فِي اسْتِعْمَال هَذَا الْخَبَر فِي الْبَهِيمَة المنفلتة إِذا أَصَابَت إنْسَانا أَو مَالا أَنه لَا ضَمَان على صَاحبهَا إِذا لم يرسلها هُوَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْخَبَر مُسْتَعْملا عِنْد الْجَمِيع وَكَانَ عُمُومه يَنْفِي ضَمَان مَا تصيبه لَيْلًا أَو نَهَارا، ثَبت بذلك نسخ مَا فِي قصَّة دَاوُد وَسليمَان، وَلِأَن سَائِر أَسبَاب الضَّمَان لَا يخْتَلف الحكم فِيهَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار. فَلَمَّا اتّفق (الْجَمِيع) على نفي إِيجَاب الضَّمَان نَهَارا (وَجب) أَن يكون حكمهمَا لَيْلًا كَذَلِك.
فَإِن قيل: " رُوِيَ أَن نَاقَة للبراء بن عَازِب دخلت حَائِطا فأفسدت فِيهِ، فَقضى
رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] أَن على (أهل) / الحوائط حفظهَا بِالنَّهَارِ، وَأَن مَا أفسدت الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ فِي ضَمَان أَهلهَا "
قيل لَهُ: هَذَا الحَدِيث لم يصله مَالك، وَلَا الْأَثْبَات من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ، وَالْحكم فِيهِ مَأْخُوذ من حكم سُلَيْمَان النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فِي الْحَرْث إِذْ نفشت فِيهِ غنم الْقَوْم. فَحكم النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] بِمثل ذَلِك الحكم. ثمَّ أحدث الله هَذِه الشَّرِيعَة فنسخت مَا قبلهَا. أَلا ترى أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] لم يراع وجوب حفظهَا عَلَيْهِ، وراعى انفلاتها فَلم يضمنهُ شَيْئا مِمَّا أَصَابَت، فَرجع الْأَمر إِلَى اسْتِوَاء اللَّيْل وَالنَّهَار. وَجَائِز أَن يكون النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] إِنَّمَا أوجب الضَّمَان فِي حَدِيث الْبَراء إِذا كَانَ صَاحبهَا هُوَ الَّذِي أرسلها. وَتَكون فَائِدَة الْخَبَر أَنه مَعْلُوم أَن السَّائِق لَهَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار فِي الزَّرْع الحوائط لَا يَخْلُو من نفش بعض غنمه فِي زروع النَّاس وَإِن لم يعلم بذلك.
فَبين النَّبِي [صلى الله عليه وسلم](حكمهَا إِذا أَصَابَت زرعا. وَيكون فَائِدَة الْخَبَر أَيْضا إِيجَاب الضَّمَان لسوقه وإرساله فِي الزَّرْع وَإِن لم يعلم ذَلِك. وَبَين تَسَاوِي) حكم الْعلم وَالْجهل فِيهِ. وَجَائِز أَن تكون قصَّة دَاوُد وَسليمَان على مَا ذكرنَا من التَّأْوِيل. وَذكر ابْن عبد الْبر قَالَ: " وَجَاء عَن عمر رضي الله عنه أَنه ضمن الَّذِي أجْرى فرسه عقل مَا أصَاب الْفرس ". وَقَوله عليه السلام: " والمعدن جَبَّار " أَن الْمَعَادِن الْمَطْلُوب فِيهَا الذَّهَب وَالْفِضَّة تَحت الأَرْض، فَإِذا سقط مِنْهَا شَيْء انهار على أحد من العاملين فَمَاتَ فِيهَا فَإِنَّهُ هدر.