الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاب لَا يجوز بيع الثِّمَار قبل بَدْء صَلَاحهَا فِي رِوَايَة)
مَالك: عَن نَافِع (عَن ابْن عمر: " أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] ) نهى عَن بيع الثِّمَار حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا، نهى البَائِع وَالْمُشْتَرِي ".
البُخَارِيّ: عَن أنس رضي الله عنه: " أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] نهى أَن تبَاع ثَمَرَة النّخل حَتَّى تزهو ". قَالَ (أَبُو عبيد الْهَرَوِيّ) : حَتَّى تحمر. (وَفِي رِوَايَة: " قيل وَمَا تزهو قَالَ تحمار) أَو تصفار ".
(بَاب لَا بَأْس بِبيع الثِّمَار قبل أَن يَبْدُو صَلَاحهَا فِي رِوَايَة)
البُخَارِيّ: عَن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] قَالَ: " من
بَاعَ نخلا قد أبرت فثمرتها للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع ". زَاد التِّرْمِذِيّ: " وَمن بَاعَ عبدا وَله مَال فَمَاله للَّذي بَاعه إِلَّا أَن يشْتَرط البتاع ". هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَجه التَّمَسُّك بِهَذَا الحَدِيث: أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] جعل فِي هَذَا الحَدِيث ثَمَر النّخل لبائعها إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع. فَيكون لَهُ باشتراطه إِيَّاهَا، وَيكون بذلك مبتاعا لَهَا. وَفِي هَذَا إِبَاحَة بيع الثِّمَار قبل أَن يَبْدُو صَلَاحهَا، لِأَن كل مَا لَا يدْخل فِي بيع غَيره إِلَّا بالاشتراط هُوَ الَّذِي يجوز أَن يكون مَبِيعًا وَحده، (وَمَا يدْخل فِي بيع غَيره من غير اشْتِرَاط هُوَ الَّذِي لَا يجوز أَن يكون مَبِيعًا وَحده) ، أَلا ترى أَن رجلا لَو بَاعَ دَارا وفيهَا مَتَاع أَن ذَلِك الْمَتَاع لَا يدْخل فِي البيع، وَأَن مشتريها لَو اشْتَرَطَهُ فِي شِرَاء الدَّار صَار لَهُ باشتراطه إِيَّاه، وَلَو كَانَ الَّذِي فِي الدَّار خمرًا أَو خنزيرا فاشترطه فِي البيع فسد البيع، وَكَانَ لَا يدْخل فِي شِرَائِهِ الدَّار باشتراطه فِي ذَلِك إِلَّا مَا يج لَهُ شِرَاؤُهُ (وَحده لَو اشْتَرَاهُ) ، وَكَانَ الثَّمر الَّذِي ذَكرْنَاهُ يجوز لَهُ اشْتِرَاطه مَعَ النّخل، فَلم يكن ذَلِك (إِلَّا لِأَنَّهُ) يجوز لَهُ بَيْعه وَحده، أَولا ترى أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] قرن فِي هَذَا الحَدِيث العَبْد بقوله:" وَمن بَاعَ عبدا لَهُ مَال فَمَاله للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع " فَجعل المَال للْبَائِع إِذا لم يَشْتَرِطه / الْمُبْتَاع، وللمبتاع إِذا شَرطه، (وَكَانَ ذَلِك المَال لَو كَانَ خمرًا أَو خنزيرا فسد بيع العَبْد إِذا شَرطه) فِيهِ، لِأَنَّهُ بذلك يكون مَبِيعًا، وَبيع ذَلِك الشَّيْء (مُنْفَردا)(لَا) يجوز. فَهَذَا أَيْضا دَلِيل صَحِيح على مَا ذكرنَا فِي الثِّمَار الدَّاخِلَة فِي
بيع النّخل بالاشتراط أَنَّهَا الثِّمَار الَّتِي يجوز بيعهَا مُفردا دون بيع النّخل، فَثَبت بذلك جَوَاز بيع الثِّمَار قبل أَن يَبْدُو صَلَاحهَا.
البُخَارِيّ: عَن سهل بن أبي حثْمَة الْأنْصَارِيّ أَن زيد بن ثَابت قَالَ: " كَانَ النَّاس فِي عهد رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] يتبايعون الثِّمَار، فَإِذا جد النَّاس وَحضر تقاضيهم، قَالَ الْمُبْتَاع: إِنَّه أصَاب (الثَّمر) الدمَان، أَصَابَهُ مراض، أَصَابَهُ قشام، عاهات يحتجون بهَا قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] لما كثرت الْخُصُومَة عِنْده فِي ذَلِك: أما لَا فَلَا تبايعوا حَتَّى يَبْدُو صَلَاح الثَّمر. كالمشورة يُشِير بهَا عَلَيْهِم لِكَثْرَة خصومتهم ".
فَإِن قيل: يجوز أَن يكون النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] أَشَارَ عَلَيْهِم بذلك فَلم يمتثلوا، فأكد ذَلِك بِالنَّهْي الَّذِي روينَاهُ أَولا.
قيل لَهُ: هَذَا يجوز لَو أَرَادَ بِلَفْظ البيع حَقِيقَته الشَّرْعِيَّة المفهومة من لفظ البيع عِنْد الْإِطْلَاق، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل المُرَاد بهَا السّلم.