الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَكَذَلِك لمن بعده، لِأَن الشَّهَادَة إِنَّمَا هِيَ أَمر يتضمنه الشَّاهِد للْمَشْهُود لَهُ، فَلهُ أَن لَا يتَضَمَّن / ذَلِك.
وَقد يحْتَمل غير هَذَا أَيْضا، فَيكون قَوْله:" أشهد على هَذَا غَيْرِي "(أَي) أَنا الإِمَام وَالْإِمَام لَيْسَ من شَأْنه أَن يشْهد إِنَّمَا من شَأْنه أَن يحكم. وَفِي قَوْله: " أشهد على هَذَا غَيْرِي " دَلِيل على صِحَة العقد.
(بَاب الْعُمْرَى جَائِزَة للمعمر لَهُ حَال حَيَاته ولورثته بعد مماته)
مُسلم: عَن أبي الزبير عَن جَابر رضي الله عنه (قَالَ) قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : " أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم لَا تعمروها وَلَا تفسدوها، فَإِنَّهُ من عمرى فَهِيَ للَّذي أعمرها حَيا وَمَيتًا ولعقبه ". وَهَذَا قَول سُفْيَان وَأحمد وَإِسْحَاق.
(بَاب لَا بُد فِي لُزُوم الْوَقْف من حكم الْحَاكِم)
الطَّحَاوِيّ: عَن عَطاء بن السَّائِب قَالَ: " سَأَلت شريحا عَن رجل جعل دَاره
حبسا على الآخر فالآخر من وَلَده، فَقَالَ: إِنَّمَا أَقْْضِي وَلست أُفْتِي، قَالَ: فناشدته، فَقَالَ: لَا حبس عَن فَرَائض الله. وَهَذَا لَا يسع الْقُضَاة جَهله، وَلَا يسع الْأَئِمَّة تَقْلِيد من يجهل مثله، ثمَّ لَا يُنكر عَلَيْهِ مُنكر من أَصْحَاب رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] وَلَا من تابعيهم. وَعنهُ: عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم]- بَعْدَمَا أنزلت سُورَة النِّسَاء وَأنزل فِيهَا الْفَرَائِض - نهى عَن الْحَبْس ".
فَإِن قيل: فقد روى مُسلم: عَن ابْن عمر، عَن عمر رضي الله عنه أَنه قَالَ:" أصبت أَرضًا من أَرض خَيْبَر، فَأتيت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] فَقلت: إِنِّي أصبت (أَرضًا) لم أصب مَالا أحب إِلَيّ وَلَا أنفس عِنْدِي مِنْهَا، فَقَالَ: إِن شِئْت تَصَدَّقت بهَا، فَتصدق بهَا عمر على أَن لَا تبَاع وَلَا توهب فِي الْفُقَرَاء، وَذَوي الْقُرْبَى، والرقاب والضيف، وَابْن السَّبِيل، لَا جنَاح على من وَليهَا أَن يَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ غير مُتَمَوّل "، وَفِي رِوَايَة:" إِن شِئْت حبس أَصْلهَا لَا تبَاع وَلَا توهب ".
قيل لَهُ: لما شاور النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَقَالَ (لَهُ) : " حبس أَصْلهَا وسبل الثَّمَرَة ". يحْتَمل أَن يكون مَا أمره (بِهِ) من ذَلِك يخرج بِهِ من ملكه. وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك لَا يُخرجهَا عَن ملكه وَلكنهَا تكون جَارِيَة على مَا أجراها (عَلَيْهِ من ذَلِك مَا تَركهَا) ، وَيكون لَهُ فسخ ذَلِك مَتى شَاءَ، كَرجل جعل لله أَن يتَصَدَّق بثمرة نخله مَا عَاشَ، فَلَا يجْبر عَلَيْهِ وَلكنه مُخَيّر فِي ذَلِك إِن شَاءَ أنفذه وَإِن شَاءَ تَركه. وَلَيْسَ فِي بَقَاء حبس
النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] وَمن أشرتم إِلَيْهِ من (زمن) أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف / وَابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس والمسور بن مخرمَة، وَجبير بن مطعم، وَعَمْرو بن الْعَاصِ، والأرقم بن أبي الأرقم، وَأنس بن مَالك، وَفَاطِمَة، وَعَائِشَة، وَحَفْصَة رضي الله عنهم إِلَى عامنا هَذَا، دَلِيل على أَنه لم يكن لأحد (من أهلهم) نقضه، وَإِنَّمَا الَّذِي يدل على أَنه لَيْسَ لَهُم نقضه أَن لَو كَانُوا خاصموا فِيهِ بعد مَوته وَمنعُوا من ذَلِك. فَلَو كَانَ ذَلِك كَذَلِك لَكَانَ فِيهِ لعمري مَا يدل على أَن الْأَوْقَاف لَا تبَاع. وَلَكِن إِنَّمَا (جَاءَنَا) تَركهم لوقف من (وقف) على مَا وَقفه فِي حَال حَيَاته وَلم ينْقل عَن أحد مِنْهُم أَنه رَجَعَ فِيمَا وقف وَلَا نازعه فِيمَا وقف ورثته.
قَالَ الطَّحَاوِيّ: عَن ابْن شهَاب أَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قَالَ: " لَوْلَا أَنِّي ذكرت صدقتي لرَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] لرددتها "، أَو نَحْو هَذَا. فَلَمَّا قَالَ عمر هَذَا دلّ (على) أَن نفس الإيقاف للْأَرْض لم يكن يمنعهُ الرُّجُوع فِيهَا، وَإِنَّمَا مَنعه من الرُّجُوع فِيهَا أَن رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] أمره فِيهَا بِشَيْء وفارقه على الْوَفَاء، فكره أَن يرجع فِي ذَلِك (كَمَا كره) عبد الله بن عمر أَن يرجع بعد موت رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] عَن الصَّوْم الَّذِي فَارقه عَلَيْهِ أَن يَفْعَله، وَقد كَانَ لَهُ أَن لَا يَصُوم.
فَإِن قيل: هَذَا حَدِيث مُنْقَطع، وَإِن صَحَّ فَلَعَلَّ المُرَاد (تغير مصارفها) ، بعد بَقَاء أصل الْوَقْف وَذَلِكَ جَائِز لَو شَرط فِي الِابْتِدَاء.
قيل لَهُ: هَذَا أثر رِجَاله كلهم ثِقَات، فانقطاعه لَا يُوجب ضعفا، إِذْ الْعدْل
لَا يُرْسل إِلَّا عَن عدل. وَلَفظ الرَّد ظَاهر فِي الرَّد أصلا وَصفا، وَقد أيد الظَّاهِر مَا رُوِيَ:" أَن عبد الله بن زيد بن عبد ربه وقف حَائِطا، فجَاء أَبَوَاهُ فَقَالَا لَهُ: إِنَّه قوام عيشنا، فَرده النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] ".
فَإِن قيل: يرويهِ أَبُو بكر بن عبد الله عَن عَمْرو بن حزم عَنهُ وَلم يلقه فَكَانَ مُرْسلا.
قيل لَهُ: الْمُرْسل حجَّة.
فارغة