الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كتاب الْقَضَاء)
(بَاب لَا يكره الْجُلُوس فِي الْمَسْجِد للْقَضَاء)
لِأَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] كَانَ يفصل (بَين الْخُصُوم) فِي مُعْتَكفه، وَالْخُلَفَاء الراشدون كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي الْمَسَاجِد لفصل الْقَضَاء، والمشرك الذِّمِّيّ لَيْسَ بممنوع من دُخُول الْمَسْجِد.
فَإِن قيل: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام} ، فِيهِ دَلِيل على أَنه لَا يجوز (دُخُوله) الْمَسْجِد.
قيل لَهُ: معنى الْآيَة على أحد وَجْهَيْن:
إِمَّا أَن يكون النَّهْي خَاصّا فِي الْمُشْركين الَّذين كَانُوا ممنوعين عَن دُخُول مَكَّة وَسَائِر الْمَسَاجِد، لِأَنَّهُ لم يكن لَهُم ذمَّة وَكَانَ لَا يقبل مِنْهُم إِلَّا الْإِسْلَام أَو السَّيْف، وهم مشركو الْعَرَب.
أَو أَن يكون المُرَاد (مَنعهم) من دُخُول مَكَّة لِلْحَجِّ. وَلذَلِك أَمر النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] بالنداء يَوْم النَّحْر بمنى فِي السّنة الَّتِي حج فِيهَا أَبُو بكر أَن لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك، وَأنزل الله تَعَالَى فِي الْعَام الَّذِي نبذ فِيهِ أَبُو بكر (إِلَى) الْمُشْركين:{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس} ، وَحَدِيث عَليّ كرم الله وَجهه حِين أمره النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] بِأَن يبلغ عَنهُ، دَلِيل على أَن المُرَاد بقوله تَعَالَى:{فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام} لِلْحَجِّ. وَيدل عَلَيْهِ نسق التِّلَاوَة: {وَإِن خِفْتُمْ عيلة فَسَوف يغنيكم الله من فَضله} ، إِنَّمَا (كَانَ) خوف الْعيلَة لانْقِطَاع المواسم بمنعهم من الْحَج، لأَنهم كَانُوا ينعمون بالتجارات الَّتِي كَانَت فِي مواسم الْحَج. فَدلَّ ذَلِك على أَن المُرَاد بِالْآيَةِ الْحَج دون قرب الْمَسْجِد الْحَرَام لغير الْحَج، إِلَّا أَنه إِذا حمل على ذَلِك كَانَ عُمُوما فِي سَائِر / الْمُشْركين. وَإِذا حمل على دُخُول الْمَسْجِد كَانَ خَاصّا فِي ذَلِك دون قرب الْمَسْجِد، وَالَّذِي فِي الْآيَة النَّهْي عَن قرب الْمَسْجِد. فَغير جَائِز تَخْصِيص الْمَسْجِد (بِهِ) بعد ذكر مَا يقرب مِنْهُ. وَحَدِيث وَفد ثَقِيف يدل عَلَيْهِ، وَالْحرم كُله يعبر عَنهُ بِالْمَسْجِدِ (إِذْ كَانَت) حرمته مُتَعَلقَة بِالْمَسْجِدِ، وَقَالَ تَعَالَى:{وَالْمَسْجِد الْحَرَام الَّذِي جَعَلْنَاهُ للنَّاس سَوَاء العاكف فِيهِ والباد} ، (كُله مُرَاد بِهِ) . وَكَذَلِكَ:{ثمَّ محلهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق} ، لِأَنَّهُ فِي أَي الْحرم نحر الْبدن أَجزَأَهُ، فَجَائِز على هَذَا أَن يكون المُرَاد بقوله:{فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام} كُله لِلْحَجِّ، إِذْ كَانَ أَكثر أَفعَال الْمَنَاسِك تعلقا بِالْحرم. وَالْحرم كُله فِي معنى الْمَسْجِد لما وَصفنَا، فَعبر عَن الْحرم بِالْمَسْجِدِ وَعبر عَن الْحَج بِالْحرم. وَيدل على أَن المُرَاد بِالْمَسْجِدِ هَهُنَا الْحرم قَوْله تَعَالَى:{إِلَّا الَّذين عاهدتم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام} ، وَمَعْلُوم أَن ذَلِك كَانَ بِالْحُدَيْبِية وَهِي على شَفير الْحرم. وَذكر الْمسور بن