الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا مَهْرَ فِيهِ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى، وَعَنْهُ: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهِيَ أَصَحُّ، وَلَا يَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَسْتَقِرُّ.
وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
سُقُوطِ الْمَهْرِ وَإِيجَابِهِ احْتِمَالَانِ (فَإِنْ دَخَلَ بِهَا) وَوَطِئَهَا (اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى) فِي الْمَنْصُوصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ عَائِشَةَ:«وَلَهَا الَّذِي أَعْطَاهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا» رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِمَا (وَعَنْهُ: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهِيَ أَصَحُّ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام:«فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» فَجُعِلَ لَهَا الْمَهْرُ بِالْإِصَابَةِ، وَالْإِصَابَةُ إِنَّمَا تُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَيْسَ بِمُوجِبٍ، بِدَلِيلِ الْخَبَرِ، وَأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ مَسِيسِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُوجِبًا كَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَكَوَطْءِ الشُّبْهَةِ؛ وَلِأَنَّ التَّسْمِيَةَ لَوْ فَسَدَتْ لَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَكَذَا إِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ (وَلَا يَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ) وَهُوَ رِوَايَةٌ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، كَمَنْ مَنَعَتْهُ الْوَطْءَ أَوِ افْتَرَقَا بِلَا وَطْءٍ وَلَا خَلْوَةٍ (وَقَالَ أَصْحَابُنَا يَسْتَقِرُّ) نَصَّ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى الْعَقْدِ الصَّحِيحِ، وَفِي " الْمُغْنِي ": الْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ إِنَّمَا أَوْجَبَهُ الْوَطْءُ، وَلِذَلِكَ لَا يَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَشْبَهَ الْخَلْوَةَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ عليه السلام جَعَلَ الْمَهْرَ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَلَمْ يُوجَدْ، وَقِيلَ: لَا يَكْمُلُ بِهَا.
فَرْعٌ: لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ مَنْ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ قَبْلَ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ، فَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ: لَوْ زَوَّجَهَا قَبْلَ فَسْخِهِ لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا، فَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا شُهُودٍ، فَفِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَ فُرْقَةٍ رِوَايَتَانِ فِي " الْإِرْشَادِ "، وَهُمَا فِي " الرِّعَايَةِ " بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِدُونِهِمَا.
[وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ]
(وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ) بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ، كَبَدَلِ مُتْلَفٍ (وَالْمُكْرَهَةُ عَلَى الزِّنَا) أَيْ: يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِوَطْءٍ فِي قُبُلٍ وَلَوْ مِنْ مَجْنُونٍ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ،
لِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، وَالْمُكْرَهَةِ عَلَى الزِّنَا، وَلَا يَجِبُ مَعَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ لِلْمُكْرَهَةِ، وَإِذَا دَفَعَ أَجْنَبِيَّةً فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا، فَعَلَيْهِ أَرْشُ بِكَارَتِهَا، وَقَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الزَّوْجُ، ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَمْ يَكُنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، وَعَنْهُ: الْمَهْرُ لِلْبِكْرِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ لِمُكْرَهَةٍ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ خَبِيثٌ، وَظَاهِرُهُ لَا يَجِبُ لِمُطَاوَعَةٍ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْكَافِي "؛ لِأَنَّهَا بَاذِلَةٌ، فَلَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ، كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي قَطْعِ طَرَفِهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَمَةُ، وَفِي وَطْءِ دُبُرٍ وَأَمَةٍ أَذِنَتْ وَجْهَانِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ ": لِمُطَاوَعَةٍ، وَيَسْقُطُ، وَعَنْهُ: لَا مَهْرَ لِذَاتِ رَحِمٍ، وَعَنْهُ: تَحْرُمُ بِنْتُهَا كَلِوَاطٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: بِخِلَافِ مُصَاهَرَةٍ؛ لِأَنَّهُ طَارِئٌ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَرَضَاعٌ (وَلَا يَجِبُ مَعَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ) كَالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ لِلْمُكْرَهَةِ) وَهُوَ رِوَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ إِتْلَافُ جُزْءٍ، فَوَجَبَ عِوَضُهُ، كَمَا لَوْ جَرَحَهَا ثُمَّ وَطِئَهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ بَدْلُ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَوْفَاةِ بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ يَدْخُلُ فِي الْمَهْرِ؛ لِكَوْنِ الْوَاجِبِ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ، وَمَهْرُ الْبِكْرِ عَلَى مَهْرِ الثَّيِّبِ بِبَكَارَتِهَا، وَكَانَتِ الزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ مُقَابِلَةً لِمَا أَتْلَفَ مِنَ الْبَكَارَةِ وَلَا يَجِبُ عِوَضُهُمَا مَرَّةً ثَانِيَةً.
تَنْبِيهٌ: يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الشُّبْهَةِ وَالزِّنَا لَا بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ فِي الشُّبْهَةِ، قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ فِي الشُّبْهَةِ، لَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَفِي " الْمُغْنِي " و" النِّهَايَةِ " يَتَعَدَّدُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَوَطْئِهِ مُكَاتَبَتِهِ إِنِ اسْتَوْفَتْ مَهْرًا عَنِ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَنْ نِكَاحُهَا بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ كَالْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ، فَهِيَ كَالْمُكْرَهَةِ، جَزَمَ بِهِ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ الْمُسَمَّى، وَعَنْهُ: لَا مَهْرَ لِمُحَرَّمَةٍ بِنَسَبٍ ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ.
(وَإِذَا دَفَعَ أَجْنَبِيَّةً فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا) أَوْ أَزَالَهَا بِأُصْبُعٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَعَلَيْهِ أَرْشُ بِكَارَتِهَا) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ إِتْلَافُ جُزْءٍ لَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِ دِيَتِهِ فَرَجَعَ فِيهَا إِلَى الْحُكُومَةِ كَسَائِرِ مَا لَمْ يُقَدَّرْ؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكْمُلِ الصَّدَاقُ بِهِ فِي حَقِّ الزَّوْجِ، فَفِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ أَوْلَى (وَقَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ، ثَنَا هُشَيْمٌ، ثَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ عِنْدَهُ يَتِيمَةٌ، فَخَافَتِ امْرَأَتُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَاسْتَعَانَتْ بِنِسْوَةٍ، فَأَذْهَبْنَ عُذْرَتَهَا، وَقَالَتْ لِزَوْجِهَا: فَجَرَتْ، فَأُخْبِرَ عَلِيٌّ بِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَى امْرَأَتِهِ