الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُطَلَّقْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُطَلَّقَ، وَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً فَمَاتَ أَبُوهُ - وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ.
فَصْلٌ وَ
إِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، لَأَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ
، وَلَا مَاءَ فِيهِ، أَوْ لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ، أَوْ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ، أَوْ لَأَطِيرَنَّ، أَوْ إِنْ لَمْ أَصْعَدِ السَّمَاءَ وَنَحْوَهُ - طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي مَوْضِعٍ: لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بثُبُوت الْمِلْكِ لَهُ، فَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ، فَيَقَعُ طَلَاقُهُ (وَالْعِتْقُ) ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ وَقَدْ وُجِدَا مَعًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ، وَهَذَا إِذَا كَانَتْ تُخْرَجُ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ أَجَازَ الِابْنُ، وَقُلْنَا: إِجَازَتُهُ عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ - فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا: تَنْفِيذٌ، وَقَعَا مَعًا، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَبِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ تَرِكَتَهُ لَمْ يُعْتَقْ، وَالْأَصَحُّ: أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ التَّرِكَةِ إِلَى الْوَرَثَةِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ بَعْدِ أَدَاءِ الدَّيْنِ، وَقَعَا، وَإِلَّا حُكْمُهَا فِي فَسْخِ النِّكَاحِ وَمَنْعِ الطَّلَاقِ، كَمَا لَوْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا لَهَا، فَإِنْ أَسْقَطَ الْغَرِيمُ الدَّيْنَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ انْفَسَخَ قَبْلَ إِسْقَاطِهِ.
[إِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَأَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ]
فَصْلٌ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، لَأَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ، وَلَا مَاءَ فِيهِ، أَوْ لَأَقْتُلَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ، أَوْ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ، أَوْ لَأَطِيرَنَّ، أَوْ إِنْ لَمْ أَصْعَدِ السَّمَاءَ وَنَحْوَهُ - طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ لَمْ أَبِعْ عَبْدِي، فَمَاتَ الْعَبْدُ؛ وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْمُسْتَحِيلِ، وَعَدَمُهُ مَعْلُومٌ فِي الْحَالِ، وَفِي الثَّانِي: فَإِنَّهُ يُوقِعُ الطَّلَاقَ (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي مَوْضِعٍ: لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ) وَحَكَاهُ عَنِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمُنْعَقِدَةَ هِيَ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا الْبِرُّ وَالْحِنْثُ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْنَثُ، فَإِنَّ الْحَالِفَ عَلَى فِعْلِ الْمُمْتَنِعِ كَاذِبٌ حَانِثٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [النحل: 38] ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ مُتَصَوَّرٍ فَصَارَ مُمْتَنِعًا - حَنِثَ، فَهَذَا أَوْلَى، وَقِيلَ: لَا تُطَلَّقُ فِي الْمُحَالِ لِذَاتِهِ، وَإِنَّ الْمُحَالَ عَادَةً كَالْمُمْكِنِ فِي تَأْخِيرِ الْحِنْثِ إِلَى آخِرِ حَيَاتِهِ، وَقِيلَ: إِنَّ وَقْتَهُ كَقَوْلِهِ: لَأَطِيرَنَّ الْيَوْمَ، لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا فِي آخِرِ الْوَقْتِ، وَإِنْ أَطْلَقَ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ اتِّفَاقًا.
فَرْعٌ: إِذَا حَلِفَ لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا، وَهُوَ مَيِّتٌ، فَقِيلَ: يَحْنَثُ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ، وَقِيلَ:
طَالِقٌ إِنْ شَرِبْتِ مَاءَ الْكُوزِ - وَلَا مَاءَ فِيهِ - أَوْ صَعِدْتِ السَّمَاءَ، أَوْ شَاءَ الْمَيِّتُ، أَوِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا، وَقِيلَ: إِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ - حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِمَا فَلَا، وَفَرَّقَ الْقَاضِي فِي " الْجَامِعِ "، فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِلَّا حَنِثَ.
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَرِبْتِ مَاءَ الْكُوزِ - وَلَا مَاءَ فِيهِ - أَوْ صَعِدْتِ السَّمَاءَ، أَوْ شَاءَ الْمَيِّتُ، أَوِ الْبَهِيمَةُ) أَوْ إِنْ قَلَبْتِ الْحَجَرَ ذَهَبًا، أَوْ إِنْ جَمَعْتِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، أَوْ إِنْ رَدَدْتِ أَمْسُ (لَمْ تُطَلَّقْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) صَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، و" الرِّعَايَةِ "، و" الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصِفَةٍ لَمْ تُوجَدْ؛ لِأَنَّ مَا يُقْصَدُ تَبْعِيدُهُ يُعَلَّقُ عَلَى الْمُحَالِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] ؛ وَلِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِذَا شَابَ الْغُرَابُ أَتَيْتُ أَهْلِي
…
وَعَادَ الْقَارُ كَاللَّبَنِ الْحَلِيبِ
وَكَحَلِفِهِ بِاللَّهِ عَلَيْهِ (وَتُطَلَّقُ فِي الْآخَرِ) وَيُلْغَى الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ أَرْدَفَ الطَّلَاقَ بِمَا يَرْفَعُ جُمْلَتَهُ، وَيُمْنَعُ وُقُوعُهُ فِي الْحَالِ، وَفِي الثَّانِي: فَلَمْ يَصِحَّ كَاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ، وَكَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لَا تَقَعُ عَلَيْكِ، وَقِيلَ: إِنْ عَلَّقَهُ عَلَى مُسْتَحِيلٍ عَقْلًا وَقَعَ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ، وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى مُسْتَحِيلٍ - عَادَةً - كَالطَّيَرَانِ وَصُعُودِ السَّمَاءِ، لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّ لَهُ وُجُودًا، وَقَدْ وُجِدَ فِي مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَكَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ.
تَذْنِيبٌ: الْعِتْقُ وَالظِّهَارُ وَالْحَرَامُ وَالنَّذْرُ كَالطَّلَاقِ، وَالْيَمِينُ بِاللَّهِ تَعَالَى قِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا كَفَّارَةَ فِيهَا كَالْغَمُوسِ، وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ ": تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ: لَأَفْعَلَنَّ، أَوْ لَا فَعَلْتُ، نَحْوَ: لَأَقُومَنَّ، أَوْ لَا قُمْتُ - يَصِحُّ بِنِيَّةِ جَاهِلٍ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ نَوَاهُ عَالِمٌ فَرِوَايَتَا أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ يُرِيدُ إِنْ قُمْتِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِحَرْفِ الشَّرْطِ، وَتَبِعَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ الْقَدِيمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إِذَا جَاءَ غَدٌ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إِذَا عُلِّقَ