الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ: إِنْ رَجَعَتْ بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجِ غَيْرِهِ رَجَعَتْ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ،
وَ
إِنِ ارْتَجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ
، فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ مَنْ أَصَابَهَا - رُدَّتْ إِلَيْهِ، وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَعَنْهُ: أَنَّهَا زَوْجَةُ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِرَجْعَتِهَا لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ لَكِنْ إِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ الثَّانِي بَانَتْ مِنْهُ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
آخَرَ.
(وَعَنْهُ: إِنْ رَجَعَتْ بَعْدَ نِكَاحِ زَوْجٍ غَيْرِهِ رَجَعَتْ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ) وَهِيَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِي يَهْدِمُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ، فَأَوْلَى أَنْ يَهْدِمَ مَا دُونَهَا؛ وَلِأَنَّ وَطْءَ الثَّانِي سَبَبٌ لِلْحِلِّ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْحِلُّ؛ لِأَنَّهُ فِي الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ غَايَةٌ لِلتَّحْرِيمِ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ مُحَلِّلًا تَجَوُّزًا؛ وَلِأَنَّ الْحِلَّ إِنَّمَا يَثْبُتُ فِي مَحَلٍّ فِيهِ تَحْرِيمٌ، وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا، وَهَاهُنَا هِيَ حَلَالٌ لَهُ، فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا حِلٌّ.
[إِنِ ارْتَجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ]
(وَإِنِ ارْتَجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ، فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ مَنْ أَصَابَهَا - رُدَّتْ إِلَيْهِ) وَحَاصِلُهُ: أَنَّ زَوْجَ الرَّجْعِيَّةِ إِذَا رَاجَعَهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ، صَحَّتِ الْمُرَاجَعَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إِلَى رِضَاهَا، فَلَمْ تَفْتَقِرْ إِلَى عِلْمِهَا كَطَلَاقِهَا، فَإِذَا رَاجَعَهَا وَلَمْ تَعْلَمْ، فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَأنَّ نِكَاحَ الثَّانِي فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ غَيْرِهِ، وَتُرَدُّ إِلَى الْأَوَّلِ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي أَوْ لَا، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ؛ لِأَنَّهَا رَجْعَةٌ صَحِيحَةٌ، وَتَزَوَّجَتْ وَهِيَ زَوْجَةُ الْأَوَّلِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا (وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) مِنَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ وُطِئَتْ فِي أَصْلِ نِكَاحِهِ (وَعَنْهُ: أَنَّهَا زَوْجَةُ الثَّانِي) إِنْ دَخَلَ بِهَا، وَيَبْطُلُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ.
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقَدَ عَلَيْهَا، وَهِيَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا فِي الظَّاهِرِ، وَمَعَ الثَّانِي مِزْيَةٌ، وَجَوَابُهُ مَا سَبَقَ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلِ الثَّانِي بِهَا فَلَا مَهْرَ، وَإِنْ دَخَلَ فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّهَا تُرَدُّ إِلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَأَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِالرَّجْعَةِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، وَحُكْمُ الْعَالِمِ كَالزَّانِي فِي الْحَدِّ وَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِرَجْعَتِهَا لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ) ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمُ» الْخَبَرَ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ، فَإِذَا اعْتَرَفَا لَهُ بِهَا كَانَ كَإِقَامَةِ
الْمَرْأَةُ لَمْ يُقْبَلْ تَصْدِيقُهَا، وَمَتَى بَانَتْ مِنْهُ، عَادَتْ إِلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْبَيِّنَةِ بِهَا فِي أَنَّهَا تُرَدُّ إِلَيْهِ (لَكِنْ إِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ الثَّانِي بَانَتْ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِفَسَادِ نِكَاحِهِ، فَتَبِينُ مِنْهُ، وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا إِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، أَوْ نِصْفُهُ، وَلَا تُسَلَّمُ إِلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ قَوْلَ الزَّوْجِ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ فِي حَقِّهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَفِي الْيَمِينِ وَجْهَانِ، وَصَحَّحَ فِي " الْمُغْنِي " أَنَّهَا لَا تُسْتَحْلَفُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ لَمْ يُقْبَلْ.
(وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ لَمْ يُقْبَلْ تَصْدِيقُهَا) عَلَى الزَّوْجِ إِذَا أَنْكَرَ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ عَلَى نَفْسِهَا فِي حَقِّهَا، وَلَا يُسْتَحْلَفُ الزَّوْجُ الثَّانِي فِي وَجْهٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى فِي النِّكَاحِ، وَالثَّانِي: بَلَى، وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيُّ؛ لِلْعُمُومِ، وَعَلَى هَذَا يَمِينُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ (وَمَتَى بَانَتْ مِنْهُ) بِمَوْتٍ، أَوْ طَلَاقٍ، أَوْ فَسْخٍ (عَادَتْ إِلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ رَدِّهَا إِنَّمَا كَانَ لِحَقِّ الثَّانِي، كَمَا لَوْ شَهِدَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهَا مَهْرُ الْأَوَّلِ إِنْ صَدَّقَتْهُ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي " الْوَاضِحِ ": إِنْ صَدَّقَتْهُ لَمْ يُقْبَلْ، إِلَّا أَنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ عَلَيْهَا الْمَهْرُ؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ أَنَّهَا حَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِصْفِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، أَشْبَهَ شُهُودَ الطَّلَاقِ إِذَا رَجَعُوا، وَلَنَا أَنَّ مِلْكَهَا قَدِ اسْتَقَرَّ عَلَى الْمَهْرِ، فَلَمْ يُرْجَعْ بِهِ عَلَيْهَا كَمَا لَوِ ارْتَدَّتْ أَوْ أَسْلَمَتْ، وَيَلْزَمُهَا الثَّانِي مَهْرُهَا أَوْ نِصْفُهُ، وَهَلْ يُؤْمَرُ بِطَلَاقِهَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، فَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ، وَهِيَ فِي نِكَاحِ الثَّانِي - وَرِثَتْهُ؛ لِإِقْرَارِهِ بِزَوْجِيَّتِهَا وَتَصْدِيقِهَا لَهُ، وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي إِبْطَالِ نِكَاحِهِ، وَإِنْ مَاتَ الثَّانِي لَمْ تَرِثْهُ؛ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ صِحَّةَ نِكَاحِهِ، فَتُنْكِرُ مِيرَاثَهُ، وَإِنْ مَاتَتْ وَرِثَهَا؛ لِأَنَّهُ زَوْجُهَا فِي الْحُكْمِ، مِنْ إِبَاحَةِ النَّظَرِ، وَالْوَطْءِ، وَكَذَا فِي الْمِيرَاثِ.
فَرْعٌ: إِذَا تَزَوَّجَتِ الرَّجْعِيَّةُ فِي عِدَّتِهَا، وَحَمَلَتْ مِنَ الثَّانِي، انْقَطَعَتْ عِدَّةُ الْأَوَّلِ، فَإِذَا وَضَعَتْ، أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ، وَلَهُ رَجْعَتُهَا فِي هَذَا التَّمَامِ وَجْهًا وَاحِدًا، وَإِنْ رَاجَعَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ صَحَّتْ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ بَاقِيَةٌ، وَإِنَّمَا انْقَطَعَتْ لِعَارِضٍ، كَمَا لَوْ وَطِئَتْ فِي صُلْبِ نِكَاحِهِ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، فَعَلَى الثَّانِي لَوْ حَمَلَتْ حَمْلًا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا، وَرَاجَعَهَا فِي هَذَا الْحَمْلِ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ مِنَ الثَّانِي - لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ بَانَ مِنَ الْأَوَّلِ، صَحَّتْ عَلَى أَصَحِّ الِاحْتِمَالَيْنِ.