الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَحْنَثْ، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُطَلَّقَ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ - حَنِثَ.
فَصْلٌ
فِي تَعْلِيقِهِ بِالْإِذْنِ
إِذَا قَالَ: إِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إِذْنِي، أَوْ إلَّا بِإِذْنِي، أَوْ حَتَّى آذَنَ لَكِ فَأَنْتِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الرِّعَايَةِ "؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ عَنْهُ أَمْرٌ بِضِدِّهِ، فَإِذًا تَكُونُ خَالَفَتْ أَمْرَهُ (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِنْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ - حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنَّمَا يُرِيدُ نَفْيَ الْمُخَالَفَةِ، فَلَوْ قَالَ: إِنْ نَهَيْتِنِي عَنْ نَفْعِ أُمِّي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ لَهُ: لَا تُعْطِهَا شَيْئًا مِنْ مَالِي - لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُحَرَّمٌ، فَلَا يَتَنَاوَلُهُ يَمِينُهُ، وَقِيلَ: يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ عَامٌّ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا وَمُحَمَّدٌ مَعَ خَالِدٍ - لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى تُكَلِّمَ زَيْدًا فِي حَالِ كَوْنِ مُحَمَّدٍ مَعَ خَالِدٍ؛ لِأَنَّهَا حَالٌ مِنَ الْجُمْلَةِ الْأُولَى، وَقَالَ الْقَاضِي: تُطَلَّقُ بِكَلَامِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ اسْتِئْنَافٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْأُولَى، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ الشَّرْطُ؛ وَلِأَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ جُعِلَ الْكَلَامُ مُتَّصِلًا كَانَ أَوْلَى، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا إِلَى أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ، فَكَلَّمَتْهُ قَبْلَ قُدُومِهِ - طُلِّقَتْ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ رَجَعَتْ إِلَى الْكَلَامِ لَا إِلَى الطَّلَاقِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قُدِّمَ الشَّرْطُ، فَإِنَّهَا تُطَلَّقُ بِكَلَامِهِ قَبْلَ قُدُومِ فُلَانٍ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ عَادَتْ إِلَى الطَّلَاقِ، وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ.
[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِ الطلاق بِالْإِذْنِ]
فَصْلٌ
فِي تَعْلِيقِهِ بِالْإِذْنِ (إِذَا قَالَ: إِنْ خَرَجْتِ) قَالَ فِي " الِانْتِصَارِ ": أَوْ إِنْ خَرَجْتِ مَرَّةً (بِغَيْرِ إِذْنِي، أَوْ إِلَّا بِإِذْنِي، أَوْ حَتَّى آذَنَ لَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ أَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ، ثُمَّ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ طُلِّقَتْ) بِخُرُوجِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ (وَعَنْهُ: لَا تُطَلَّقُ) نَقَلَهَا عَبْدُ اللَّهِ. ذَكَرَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "؛ لِأَنَّ " إِنْ " لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، فَيَتَنَاوَلُ الْخُرُوجَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْإِذْنَ فِي كُلِّ
طَالِقٌ، ثُمَّ أَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ، ثُمَّ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ طُلِّقَتْ، وَعَنْهُ: لَا تُطَلَّقُ، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْإِذْنَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ، فَخَرَجَتْ - طُلِّقَتْ، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا تُطَلَّقَ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ خَرَجْتِ إِلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ بِغَيْرِ إِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَخَرَجَتْ تُرِيدُ الْحَمَّامَ وَغَيْرَهُ - طُلِّقَتْ، وَإِنْ خَرَجَتْ إِلَى الْحَمَّامِ ثُمَّ عَدَلَتْ إِلَى غَيْرِهِ - طُلِّقَتْ، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا تُطَلَّقَ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَرَّةٍ) عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ الثَّانِيَ خُرُوجٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَهُوَ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ خَرَجَتْ أَوَّلًا بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَلَوْ قَالَ: اخْرُجِي كُلَّمَا شِئْتِ، كَانَ إِذْنًا عَامًّا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي " الرَّوْضَةِ ": إِنْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ مَرَّةً أَوْ مُطْلَقًا، أَوْ أَذِنَ بِالْخُرُوجِ لِكُلِّ مَرَّةٍ، فَقَالَ: اخْرُجِي مَتَى شِئْتِ، لَمْ يَكُنْ إِذْنًا إِلَّا لِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ قَالَ: إِلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ، فَمَاتَ زَيْدٌ، لَمْ يَحْنَثْ، وَحَنَّثَهُ الْقَاضِي، وَجَعَلَ الْمُسْتَثْنَى مَحْلُوفًا عَلَيْهِ (وَإِنْ أَذِنَ لَهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ فَخَرَجَتْ - طُلِّقَتْ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ هُوَ الْإِعْلَامُ، مَعَ أَنَّ إِذْنَ الشَّارِعِ وَأَوَامِرَهُ وَنَوَاهِيَهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَا، وَكَذَا إِذْنُ الْآدَمِيِّ؛ وَلِأَنَّهَا قَصَدَتْ بِخُرُوجِهَا مُخَالَفَتَهُ وَعِصْيَانَهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي الْبَاطِنِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْقَصْدِ لَا بِحَقِيقَةِ الْحَالِ (وَيُحْتَمَلُ أَلَّا تُطَلَّقَ) قَدَّمَهُ الْحُلْوَانِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: أَذِنَ لَهَا، وَلَمْ يُعْلِمْ بِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ فَلَمْ تَخْرُجْ حَتَّى نَهَاهَا عَنْهُ، ثُمَّ خَرَجَتْ - فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهَا، وَالثَّانِي: بَلَى؛ لِأَنَّ هَذَا الْخُرُوجَ جَرَى مَجْرَى خُرُوجٍ ثَانٍ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى إِذْنٍ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: كُنْتُ أَذِنْتُ لَكِ، قَبْلُ بِبَيِّنَةٍ، وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِعِلْمِهِ لِلْبَيِّنَةِ.
1 -
(وَإِنْ قَالَ: إِنْ خَرَجْتِ إِلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ بِغَيْرِ إِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَخَرَجَتْ تُرِيدُ الْحَمَّامَ وَغَيْرَهُ - طُلِّقَتْ) فِي الْأَشْهَرِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ إِلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ غَيْرُهُ، فَحَنِثَ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا، فَكَلَّمَ زَيْدًا وَعَمْرًا، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّهَا مَا خَرَجَتْ إِلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ، بَلِ الْخُرُوجُ مُشْتَرَكٌ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهَا إِذَا خَرَجَتْ إِلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ أَنَّهَا تُطَلَّقُ، سَوَاءٌ عَدَلَتْ إِلَى الْحَمَّامِ أَوْ لَا (وَإِنْ خَرَجَتْ إِلَى الْحَمَّامِ، ثُمَّ عَدَلَتْ إِلَى غَيْرِهِ - طُلِّقَتْ) هَذَا ظَاهِرُ مَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الْمَنْعُ مِنْ غَيْرِ الْحَمَّامِ، فَكَيْفَمَا صَارَتْ إِلَيْهِ حَنِثَ، كَمَا لَوْ خَالَفَ فِي لَفْظِهِ (وَيُحْتَمَلُ أَلَّا تُطَلَّقَ) أَطْلَقَ