الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَرَوِيٍّ، فَبَانَ مَرْوِيًّا - فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ رَدِّهِ وَإِمْسَاكِهِ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ إِنْ وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى عَيْنِهِ.
فَصْلٌ إِذَا قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي، أَوْ إِذَا أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ - كَانَ عَلَى التَّرَاخِي، أَيْ: وَقْتَ أَعْطَتْهُ أَلْفًا، طُلِّقَتْ وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَرْوِيًّا - فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ رَدِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (وَإِمْسَاكِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْجِنْسِ، وَلِأَنَّ مُخَالَفَةَ الصِّفَةِ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ فِي جَوَازِ الرَّدِّ (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ إِنْ وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى عَيْنِهِ) ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ وَاقِعٌ عَلَى عَيْنِهِ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْخُلْعَ وَاقِعٌ عَلَى غَيْرِ الْعَيْنِ، وَفِي اشْتِرَاطِ وُقُوعِ الْخُلْعِ عَلَى عَيْنِهِ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ يَنْفِيهِ، وَيُؤْذِنُ بِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ عَامٌّ، إِذْ لَوْ كَانَ خَاصًّا بِالْخُلْعِ عَلَى عَيْنِ الثَّوْبِ لَمْ يَكُنْ فِي اشْتِرَاطِ وُقُوعِ الْخُلْعِ عَلَى الْعَيْنِ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ فَائِدَةٌ.
[إِذَا قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ]
فَصْلٌ (إِذَا قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي، أَوْ إِذَا أَعْطَيْتِنِي، أَوْ مَتَى أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ - كَانَ عَلَى التَّرَاخِي، أَيْ: وَقْتَ أَعْطَتْهُ أَلْفًا، طُلِّقَتْ) بَائِنًا وَمَلَكَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَرْطٍ، فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي كَسَائِرِ التَّعَالِيقِ، فَلَوْ نَوَيَا صِنْفًا مِنْهَا حُمِلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَطْلَقَا، حُمِلَ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ كَالْبَيْعِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ، وَلَا يَقَعُ بِدَفْعِهَا عَدَدًا نَاقِصَةَ الْوَزْنِ كَدَفْعِ نَقْرَةٍ زِنَتُهَا أَلْفٌ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ الْمَضْرُوبَةُ الْوَازِنَةُ، وَقِيلَ: يَكْفِي عَدَدٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِلَا وَزْنٍ؛ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَتُطَلَّقُ إِذَا أَعْطَتْهُ وَازِنَةً بِإِحْضَارِهِ وَلَوْ كَانَتْ نَاقِصَةً فِي الْعَدَدِ وَإِذْنُهَا فِي قَبْضِهِ، وَإِنْ دَفَعَتْ إِلَيْهِ مَغْشُوشَةً تَبْلُغُ فِضَّتُهَا أَلْفًا، طُلِّقَتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ قَبْضُهُ كَمَا فِي " الْمُنْتَخَبِ " و" الْمُغْنِي " وَغَيْرِهِمَا، وَفِي " التَّرْغِيبِ " وَجْهَانِ فِي: إِنْ أَقَبَضْتِنِي، فَأَحْضَرَتْهُ وَلَمْ تُقْبِضْهُ، فَلَوْ قَبَضَهُ فَهَلْ يَمْلِكُهُ فَيَقَعُ بَائِنًا أَوْ لَا فَيَقَعُ رَجْعِيًّا؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ، ظَاهِرُهُ: أَنَّهَا إِذَا وَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَنَّهَا تُطَلَّقُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ - إِذَا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّهُ إِعْطَاءٌ عُرْفًا، بِدَلِيلٍ أَعْطَتْهُ فَلَمْ يَأْخُذْ، وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ؛ لِأَنَّهُ إِنْ حَمَلَ الْإِعْطَاءُ عَلَى الْإِقْبَاضِ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تُطَلَّقَ، وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَإِنْ حَمَلَ عَلَيْهِ مَعَ التَّمْلِيكِ، فَلَا يَصِحُّ التَّمْلِيكُ بِمُجَرَّدِ
عَلَى أَلْفٍ، أَوْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ، فَفَعَلَ، بَانَتْ، وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ، وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، اسْتَحَقَّهَا. وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَيُحْتَمَلْ أَنْ يَسْتَحِقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فِعْلِهَا، وَالتَّعْلِيقُ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ لُزُومًا لَا سَبِيلَ إِلَى دَفْعِهِ، خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ كَالْكِتَابَةِ عِنْدَهُ، وَوَافَقَ عَلَى شَرْطٍ مَحْضٍ كَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ (وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ، أَوْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ) أَوْ طَلِّقْنِي وَلَكَ أَلْفٌ (فَفَعَلَ) عَلَى الْفَوْرِ - وَقِيلَ: أَوِ التَّرَاخِي - جُزِمَ بِهِ فِي " الْمُنْتَخَبِ " وَفِي " الْمُحَرَّرِ " وَغَيْرِهِ: فِي الْمَجْلِسِ (بَانَتْ) ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْمُقَابَلَةِ، وَعَلَى فِي مَعْنَاهَا، وَيَكْفِي قَوْلُهُ: خَلَعْتُكِ أَوْ طَلَّقْتُكِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْأَلْفَ فِي الْأَصَحِّ (وَاسْتَحَقَّ) الْمُجِيبُ (الْأَلْفَ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا جُعِلَ الْأَلْفُ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَكَذَا قَوْلُهَا: إِنْ طَلَّقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ، وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَهَا.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَتِ: اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ قُلْنَا: الْخُلْعُ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، وَقَعَ، وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ فَسْخٌ، فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ؛ فِيهِ وَجْهَانِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ فَفِي وُقُوعِهِ رَجْعِيًّا احْتِمَالَانِ، وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِهَا، فَقَالَ: خَلَعْتُكِ، فَإِنْ كَانَ طَلَاقًا اسْتَحَقَّهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، وَقِيلَ: خَلَعَ بِلَا عِوَضٍ، وَفِي " الرَّوْضَةِ ": يَصِحُّ، وَلَهُ الْعِوَضُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنْ تَمْلِكَ نَفْسَهَا بِالطَّلْقَةِ، وَحَصَلَ بِالْخُلْعِ (وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ) أَوْ عَلَى أَلْفٍ، أَوْ وَلَكَ أَلْفٌ (فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا) وَفِي " الرَّوْضَةِ " أَوِ اثْنَتَيْنِ (اسْتَحَقَّهَا) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهَا مَا طَلَبَتْهُ وَزِيَادَةٌ (وَإِنْ قَالَتْ لَهُ: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً) وَقَعَتِ الْوَاحِدَةُ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِلَفْظِهِ الصَّرِيحِ، و (لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا) عَلَى الْمَنْصُوصِ وَالْمَجْزُومِ بِهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا بَذَلَتْهَا فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ، وَلَمْ تَحْصُلْ، وَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْنِي عَبْدَيْكَ بِأَلْفٍ، فَقَالَ: بِعْتُكَ أَحَدُهُمَا بِنِصْفِهَا، وَفَارَقَ مَا إِذَا قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبِيدِي فَلَهُ كَذَا، فَرَدَّ بَعْضَهُمْ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْقِسْطَ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَبِيدِ، وَهُنَا غَرَضُهَا يَتَعَلَّقُ بِبَيْنُونَةٍ كُبْرَى، وَلَمْ تَحْصُلْ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَسْتَحِقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ) وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي " الْهِدَايَةِ "، كَمَا لَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبِيدِي الثَّلَاثَةَ فَلَهُ أَلْفٌ، فَعَلَى هَذَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ رَجْعِيًّا إِذَا كَانَ فِي يَدِهِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهَا
مِنْ طَلَاقِهَا إِلَّا وَاحِدَةً فَفَعَلَ، بَانَتْ، وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ، عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ إِلَّا ثُلُثَهُ إِذَا لَمْ تَعْلَمْ. وَإِنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ مُكَلَّفَةٌ وَغَيْرُ مُكَلَّفَةٍ، فَقَالَ: أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إِنْ شِئْتُمَا، فَقَالَتَا: قَدْ شِئْنَا، لَزِمَ الْمُكَلَّفَةَ نِصْفُ الْأَلْفِ، وَطُلِّقَتْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
اسْتَدْعَتْ فُرْقَةً تَحْرُمُ بِهَا قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ، فَلَمْ يُجِبْهَا إِلَيْهِ.
فَرْعٌ: لَوْ وَصَفَ طَلْقَةً بِبَيْنُونَةٍ وَقُلْنَا بِهِ لِعَدَمِ التَّحْرِيمِ التَّامِّ، فَإِنْ لَمْ يَصِفْهَا فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَقِيلَ: بَائِنٌ بِثَلَاثَةٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي " التَّبْصِرَةِ ".
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا إِلَّا وَاحِدَةً فَفَعَلَ، بَانَتْ وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ) ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ الَّتِي فَعَلَهَا كَمَّلَتِ الثَّلَاثَ، وَحَصَّلَتْ مَا يَحْصُلُ مِنَ الثَّلَاثِ مِنَ الْبَيْنُونَةِ وَتَحْرِيمِ الْعَقْدِ، فَوَجَبَ الْعِوَضُ، كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ تَحْرِيمُهَا قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ، وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ إِلَّا ثُلُثَهُ إِذَا لَمْ تَعْلَمْ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ؛ لِأَنَّهَا بَذَلَتِ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ، وَلَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَتْ عَالِمَةً، فَإِنَّ مَعْنَى كَلَامِهَا كَمِّلْ لِيَ الثَّلَاثَ وَقَدْ فَعَلَ.
مَسَائِلُ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ بِأَلْفٍ - بَانَتْ بِالْأُولَى، وَلَمْ يَقَعْ مَا بَعْدَهَا فِي الْأَصَحِّ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي جَوَابِ قَوْلِهَا: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ بَعْضِهِمْ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ بِأَلْفٍ، وَطَالِقٌ - بَانَتْ بِالثَّانِيَةِ، وَلَغَتِ الثَّالِثَةَ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ بِأَلْفٍ، بَانَتْ بِالثَّالِثَةِ، وَمَا قَبْلَهَا رَجْعِيٌّ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: تُطَلَّقُ ثَلَاثًا، وَلَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي عَشْرًا بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا - اسْتَحَقَّهَا؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ الْمَقْصُودُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ إِلَى شَهْرٍ، فَطَلَّقَهَا قَبْلَهُ طُلِّقَتْ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَتْ: مِنَ الْآنَ إِلَى شَهْرٍ، فَطَلَّقَهَا قَبْلَهُ اسْتَحَقَّهَا؛ لِأَنَّهُ أَجَابَهَا إِلَى مَا سَأَلَتْ، وَقَالَ الْقَاضِي: تَبْطُلُ التَّسْمِيَةُ، وَلَهُ صَدَاقُهَا؛ لِأَنَّ زَمَنَ الطَّلَاقِ مَجْهُولٌ.
(وَإِنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ مُكَلَّفَةٌ) أَيْ: رَشِيدَةٌ (وَغَيْرُ مُكَلَّفَةٍ) أَيْ: مُمَيِّزَةٌ (فَقَالَ: أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إِنْ شِئْتُمَا، فَقَالَتَا: قَدْ شِئْنَا، لَزِمَ الْمُكَلَّفَةَ نِصْفُ الْأَلْفِ، وَطُلِّقَتْ بَائِنًا، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْأُخْرَى رَجْعِيًّا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا) كَذَا ذَكَرَهُ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْمُكَلَّفَةَ إِذَا كَانَتْ رَشِيدَةً، فَمَشِيئَتُهَا صَحِيحَةٌ، وَتَصَرُّفُهَا فِي مَالِهَا صَحِيحٌ، فَيَقَعُ عَلَيْهِمَا
بَائِنًا، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِالْأُخْرَى رَجْعِيًّا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا. وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ أَلْفٌ، طُلِّقَتْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ، فَكَذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا تُطَلَّقَ حَتَّى تَخْتَارَ، فَلَزِمَهَا الْأَلْفُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الطَّلَاقُ، فَتَبِينُ الْمُكَلَّفَةُ بِنِصْفِ الْأَلْفِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَرَجَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ: يَسْقُطُ بِقَدْرِ مَهْرَيْهِمَا، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَتُطَلَّقُ الْأُخْرَى رَجْعِيًّا مَجَّانًا، فَإِنَّ بَذْلَهَا لِلْعِوَضِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَكَذَا الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لِسَفَهٍ؛ لِأَنَّ لَهَا مَشِيئَةً، وَتَصَرُّفُهَا فِي الْمَالِ غَيْرُ صَحِيحٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَشِيئَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ كَانَتْ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً، لَمْ تَصِحَّ الْمَشِيئَةُ مِنْهَا، وَلَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ، وَعَنْهُ: لَا مَشِيئَةَ لِمُمَيِّزَةٍ كَدُونِهَا، فَلَا طَلَاقَ، فَإِنْ كَانَتَا رَشِيدَتَيْنِ وَقَعَ بِهِمَا الطَّلَاقُ بَائِنًا، فَإِنْ قَبِلَتْهُ إِحْدَاهُمَا لَمْ تُطَلَّقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَشِيئَتَهُمَا شَرْطًا فِي طَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُطَلَّقُ وَحْدَهَا بِقِسْطِهَا، فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: مَا شِئْتُمَا، وَإِنَّمَا قُلْتُمَا ذَلِكَ بِأَلْسِنَتِكُمَا، أَوْ قَالَتَا: مَا شِئْنَا بِقُلُوبِنَا - لَمْ يَقْبَلْ (وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ) ابْتِدَاءً: (أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ أَلْفٌ، طُلِّقَتْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلِ الْأَلْفَ عِوَضًا لِلْمُطَلَّقَةِ، وَلَا شَرْطًا فِيهَا، وَإِنَّمَا عَطَفَهُ عَلَى الطَّلَاقِ الَّذِي أَوْقَعَهُ، فَوَقَعَ مَا يَمْلِكُهُ دُونَ مَا لَا يَمْلِكُهُ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ الْحَجُّ، فَإِنْ أَعْطَتْهُ الْمَرْأَةُ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ كَانَ هِبَةً مُبْتَدَأَةً تُعْتَبَرُ فِيهَا شُرُوطُ الْهِبَةِ (وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ، فَكَذَلِكَ) أَيْ: يُطَلِّقُ بِغَيْرِ شَيْءٍ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطٍ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ عِوَضًا لَمْ يَبْذُلْهُ، فَوَقَعَ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّ " عَلَى " لَيْسَتْ لِلشَّرْطِ وَلَا لِلْمُعَاوَضَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ: بِعْتُكَ ثَوْبِي عَلَى دِينَارٍ، وَقِيلَ: لَا تُطَلَّقُ كَنَظِيرَتِهِنَّ فِي الْعِتْقِ، وَقِيلَ: تُطَلَّقُ إِلَّا فِي: وَعَلَيْكِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا إِذَا قَبِلَتْهُ فِي الْمَجْلِسِ بَانَتْ وَاسْتَحَقَّهُ، وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا، وَلَا يَنْقَلِبُ بَائِنًا بِبَذْلِهَا الْعِوَضَ فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ عَدَمِ قَبُولِهَا (وَيُحْتَمَلُ أَلَّا تُطَلَّقَ حَتَّى تَخْتَارَ، فَلَزِمَهَا الْأَلْفُ) هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ "؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ: إِنْ ضَمِنْتِ لِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ وَلِأَنَّ " عَلَى " تُسْتَعْمَلُ