الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَهِيمَةُ، لَمْ تُطَلَّقْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَتُطَلَّقُ فِي الْآخَرِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إِذَا جَاءَ غَدٌ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تُطَلَّقُ.
فَصْلٌ
فِي الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا، أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ، أَوْ فِي رَجَبٍ - طُلِّقَتْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَى شَرْطٍ مُسْتَحِيلٍ، فَهَلْ يَقَعُ؛ فِيهِ وَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مَظْرُوفًا لِلْيَوْمِ وَمَشْرُوطًا لِلْغَدِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مَحَالٌ، وَالْمَذْهَبُ: عَدَمُ الْوُقُوعِ (وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تُطَلَّقُ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الطَّلَاقِ لَمْ يَتَحَقَّقْ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ إِذَا جَاءَ فِي الْيَوْمِ، وَلَا يَجِيءُ غَدٌ إِلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْيَوْمِ وَذَهَابِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ.
وَفِي " الْمُغْنِي ": إِنَّ اخْتِيَارَ الْقَاضِي أَنَّهَا تُطَلَّقُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِشَرْطِ مُحَالٍ، فَلَغَا الشَّرْطَ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ، كَمَا لَوْ قَالَ لِآيِسَةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ، وَقَالَ فِي " الْمُجَرَّدِ ": إِنَّهَا تُطَلَّقُ فِي غَدٍ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَأَقُومَنَّ، وَقَامَ - لَمْ تُطَلَّقْ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ حَنِثَ فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ أَخَاكِ لَعَاقِلٌ، وَكَانَ كَذَلِكَ - لَمْ يَحْنَثْ، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ إِنَّ أَخَاكِ لَعَاقِلٌ، وَإِنْ شَكَّ فِي عَقْلِهِ لَمْ يَقَعْ وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا أَكَلْتُ هَذَا الرَّغِيفَ، فَأَكَلَهُ - حَنِثَ، وَإِنْ قَالَ: مَا أَكَلْتُهُ، لَمْ يَحْنَثْ إِنْ كَانَ صَادِقًا، وَحَنِثَ إِنْ كَانَ كَاذِبًا، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ مَا آكُلُهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا دَخَلْتُ الدَّارَ وَلَا ضَربتُكِ، وَنَوَى بِهِ التَّعْلِيقَ - صَحَّ إِنْ كَانَ جَاهِلًا، وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى مَذْهَبِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى - طُلِّقَتْ ثَلَاثًا لِاسْتِحَالَةِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَذْهَبَ لَهُمْ، وَكَقَصْدِهِ التَّأْكِيدَ.
[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ فِي زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ]
فَصْلٌ
فِي الطَّلَاقِ فِي زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ (إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا، أَوْ يَوْمَ السَّبْتَ، أَوْ فِي رَجَبٍ - طُلِّقَتْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ، فَإِذَا وُجِدَ مَا يَكُونُ ظَرْفًا طُلِّقَتْ، كَمَا لَوْ قَالَ: إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا دَخَلَ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْهَا طُلِّقَتْ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ إِذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ - طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ فِي آخِرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ - دِينَ وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؛ يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ، أَوْ فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ وَفِي بَعْدِهِ، فَهَلْ تُطَلَّقُ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَقِيلَ: تُطَلَّقُ فِي الْأَوَّلِ وَاحِدَةً، وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِشَهْرٍ، أَوْ وَقْتٍ عَيَّنَهُ - وَقَعَ فِي أَوَّلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إِنْ لَمْ أَقْضِكَ حَقَّكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى يَخْرُجَ الشَّهْرُ قَبْلَ قَضَائِهِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا قَضَاهُ فِي آخِرِهِ لَمْ تُوجَدِ الصِّفَةُ، وَلَهُ الْوَطْءُ قَبْلَ الْحِنْثِ.
1 -
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ - طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ وَالشَّهْرَ ظَرْفٌ لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ، فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ إِذَنْ، وَكَذَا إِنْ قَالَ فِي الْحَوْلِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ فِي رَأْسِهِ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهِيَ أَظْهَرُ (وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ فِي آخِرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ - دِينَ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ ذَلِكَ، فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فِي غَيْرِهِ (وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؛ يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَظْهَرُهُمَا الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ آخِرَ الشَّهْرِ مِنْهُ، فَإِرَادَتُهُ لَا تُخَالِفُ ظَاهِرَهُ، وَكَذَا وَسَطُهُ، إِذْ لَيْسَ أَوَّلُهُ أَوْلَى فِي ذَلِكَ مِنْ وَسَطِهِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُطْلِقَ تَنَاوَلَ أَوَّلَهُ، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِلصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ قَوْلٌ، وَالْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ لَا يَدِينُ وَلَا يُقْبَلُ حُكْمًا، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ، أَوْ مَجِيئِهِ، أَوْ غُرَّتِهِ - طُلِّقَتْ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: نَوَيْتُ آخِرَهُ، أَوْ وَسَطُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُهُ، فَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ بِالْغُرَّةِ الْيَوْمَ الثَّانِيَ، قُبِلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ الْأَوَّلَ مِنَ الشَّهْرِ يُسَمَّى غَرَرًا.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِذَا كَانَ رَمَضَانُ، أَوْ إِلَى رَمَضَانَ، أَوْ إِلَى هِلَالِ رَمَضَانَ، أَوْ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ - طُلِّقَتْ سَاعَةَ يَسْتَهِلُّ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: مِنَ السَّاعَةِ إِلَى الْهِلَالِ، فَتُطَلَّقُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَجِيءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، طُلِّقَتْ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ.
1 -
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا، أَوْ بَعْدَ غَدٍ، أَوْ فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ وَفِي بَعْدِهِ فَهَلْ تُطَلَّقُ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: تُطَلَّقُ وَاحِدَةً إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ، جَزَمَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهَا إِذَا طُلِّقَتِ الْيَوْمَ، فَهِيَ طَالِقٌ فِي غَدٍ وَفِي بَعْدِهِ، وَكَقَوْلِهِ: كُلَّ يَوْمِ ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ " وَالثَّانِي: ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ فِي أَوْقَاتِ الطَّلَاقِ يَدُلُّ عَلَى تَعْدَادِهِ
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إِنْ لَمْ أُطَلِّقُكِ الْيَوْمَ - طُلِّقَتْ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَقَالَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَقِيلَ: تُطَلَّقُ فِي الْأَوَّلِ وَاحِدَةً) ؛ لِأَنَّ مَنْ طُلِّقَتْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: هِيَ طَالِقٌ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ (وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثًا) وَهَذَا الْقَوْلُ قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، و" الرِّعَايَةِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ إِعَادَةَ " فِي " تَقْتَضِي فِعْلًا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْيَوْمِ، وَأَنْتِ طَالِقٌ فِي غَدٍ، وَأَنْتِ طَالِقٌ فِي بَعْدِ غَدٍ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَخْرُجَ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ فِي كُلِّ يَوْمٍ - عَلَى هَذَا الْخِلَافِ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ الْيَوْمَ - طُلِّقَتْ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْيَوْمَ يَفُوتُ بِهِ طَلَاقُهَا، فَوَجَبَ وُقُوعُهُ قَبْلَهُ فِي آخِرِ وَقْتِ الْإِمْكَانِ، كَمَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي الْيَوْمِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا تُطَلَّقُ) وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "؛ لِأَنَّ شَرْطَ طَلَاقِهَا خُرُوجُ الْيَوْمَ، وَبِخُرُوجِهِ يَفُوتُ مَحَلُّ طَلَاقِهَا، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَيَبْطُلُ هَذَا بِمَا إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي الْيَوْمِ، فَإِنَّ مَحَلَّ الطَّلَاقِ يَفُوتُ بِمَوْتِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُطَلَّقُ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَكَذَا هُنَا، وَكَذَا إِنْ أَسْقَطَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ، وَإِنْ أَسْقَطَ الْأَوَّلَ، وَقَعَ قَبْلَ آخِرِهِ، وَقِيلَ: بَعْدَ خُرُوجِهِ، وَيَأْتِي إِنْ أَسْقَطَهُمَا، وَاحْتَجَّ بِهَا الْمُؤَلِّفُ عَلَى ضَعْفِ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، فَدَلَّ أَنَّهَا مِثْلُهَا، وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِيهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ.
مَسَائِلُ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ الْيَوْمَ، أَوْ إِنْ لَمْ أَشْتَرِ لَكِ ثَوْبًا الْيَوْمَ، فَالْخِلَافُ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ: إِنْ لَمْ أَبِعْكَ الْيَوْمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَلَمْ يَبِعْهُ حَتَّى خَرَجَ الْيَوْمَ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ عُتِقَ، أَوْ مَاتَ الْحَالِفُ أَوِ الْمَرْأَةُ فِي الْيَوْمِ - طُلِّقَتْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَ بَيْعُهُ، وَإِنْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ فَلَا، وَمَنْ مَنَعَ بَيْعَهَا قَالَ: تُطَلَّقُ، وَإِنْ وُهِبَ الْعَبْدُ لَمْ تُطَلَّقْ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ عَوْدُهُ إِلَيْهِ بِبَيْعِهِ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ لَمْ أَبِعْ عَبْدِي فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَكَاتَبَ الْعَبْدَ - لَمْ تُطَلَّقْ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ عَجْزُهُ، فَلَمْ يَعْلَمْ فَوَاتَ الْبَيْعِ، وَإِذَا قَالَ: إِذَا مَضَى يَوْمٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ كَانَ نَهَارًا وَقْعَ إِذَا عَادَ النَّهَارُ إِلَى مِثْلِ وَقْتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَيْلًا فَبِغُرُوبِ شَمْسِ الْغَدِ.
أَبُو بَكْرٍ: لَا تُطَلَّقُ وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ، فَمَاتَتْ غَدْوَةً، وَقِدَمَ بَعْدَ مَوْتِهَا، فَهَلْ وَقَعَ بِهَا الطَّلَاقُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي غَدٍ، أَوْ إِذَا قَدِمَ زَيْدٌ، فَمَاتَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ - لَمْ تُطَلَّقْ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا، طُلِّقَتِ الْيَوْمَ وَاحِدَةً، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ: طَالِقٌ الْيَوْمَ وَطَالِقٌ غَدًا، أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ، وَنِصْفَهَا غَدًا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ، فَمَاتَتْ غُدْوَةً، وَقَدِمَ بَعْدَ مَوْتِهَا، فَهَلْ وَقَعَ بِهَا الطَّلَاقُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: تُطَلَّقُ مِنْ أَوَّلِهِ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَهُوَ أَوْلَى كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ الْجُمُعَةَ، وَقِيلَ: بَعْدَ قُدُومِهِ، قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ قُدُومَهُ شَرْطًا، فَلَا تُطَلَّقُ قَبْلَهُ، وَالثَّانِي: لَا تُطَلَّقُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ قُدُومُ زَيْدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ، فَلَمْ يَقَعْ بِخِلَافِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهَا الْإِرْثُ، فَلَوْ مَاتَ الرَّجُلُ غُدْوَةً، ثُمَّ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ مَاتَ الزَّوْجَانِ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ - كَانَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ، فَقَدِمَ زَيْدٌ فِيهِ - فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا تُطَلَّقُ حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ؛ لِأَنَّ قُدُومَهُ شَرْطٌ فِيهِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَهُوَ أَصَحُّ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ ".
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَمْسُ، أَوْ عَكْسُ، طُلِّقَتْ طَلْقَةً غَدًا، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهَا.
1 -
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي غَدٍ، أَوْ إِذَا قَدِمَ زَيْدٌ، فَمَاتَتْ قَبْلَ قُدُومِهِ - لَمْ تُطَلَّقْ) صَحَّحَهُ السَّامِرِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي أَوْقَعَ طَلَاقَهَا فِيهِ لَمْ يَأْتِ، وَهِيَ مَحَلُّ الطَّلَاقِ، فَلَمْ تُطَلَّقْ كَمَا لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ دُخُولِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَقِيلَ: إِنْ قَدِمَ فِيهِ طُلِّقَتْ بَعْدَ قُدُومِهِ، وَقِيلَ: مِنْ أَوَّلِهِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا قَدِمَ بَعْدَ الْغَدِ أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا، طُلِّقَتِ الْيَوْمَ وَاحِدَةً) ؛ لِأَنَّ مَنْ طُلِّقَتِ الْيَوْمَ فَهِيَ طَالِقٌ غَدًا (إِلَّا أَنْ يُرِيدَ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَطَالِقٌ غَدًا) فَتُطَلَّقُ اثْنَتَيْنِ فِي الْيَوْمَيْنِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهَا تُطَلَّقُ فِي أَحَدِ الْيَوْمَيْنِ، طُلِّقَتِ الْيَوْمَ وَلَمْ تُطَلَّقْ غَدًا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الزَّمَانَ كُلَّهُ ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ، فَوَقَعَ فِي أَوَّلِهِ (أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَنَصِفَهَا غَدًا، فَتُطَلَّقُ اثْنَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ نِصْفٍ يُكْمَلُ ضَرُورَةَ عَدَمِ تَبْعِيضِ الطَّلَاقِ (وَإِنْ نَوَى نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَاقِيَهَا غَدًا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ) أَصَحُّهُمَا: أَنَّهَا تُطَلَّقُ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ: نِصْفَهَا الْيَوْمَ كُمِّلَتْ، فَلَمْ يَبْقَ لَهَا بَقِيَّةٌ يَقَعُ غَدًا، وَلَمْ
فَتُطَلَّقُ اثْنَتَيْنِ، وَإِنْ نَوَى نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ، وَبَاقِيَهَا غَدًا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِلَى شَهْرٍ، أَوْ حَوْلٍ - طُلِّقَتْ عِنْدَ انْقِضَائِهِ، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقَهَا فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ من آخِر الشَّهْرِ أَوْ أَوَّلَ آخِرِهِ، طُلِّقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ وَإِنْ قَالَ: فِي آخِرِ أَوَّلِهِ، طُلِّقَتْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تُطَلَّقُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَقَعْ شَيْءٌ غَيْرُهَا؛ لِأَنَّهُ مَا أَوْقَعَهُ، وَالثَّانِي: تَقَعُ اثْنَتَانِ فِي الْيَوْمَيْنِ.
1 -
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِلَى شَهْرٍ، أَوْ حَوْلٍ - طُلِّقَتْ عِنْدَ انْقِضَائِهِ) رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي ذَرٍّ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ غَايَةً لِلطَّلَاقِ وَلَا غَايَةَ لِآخِرِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَجْعَلَ غَايَةً لِأَوَّلِهِ؛ وَلِأَنَّ هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُؤَقِّتًا لِإِيقَاعِهِ، فَلَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ، وَعَنْهُ: تُطَلَّقُ إِذَنْ كَنِيَّتِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ الْخِلَافَ مَعَ النِّيَّةِ، وَكَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِلَى مَكَّةَ، وَلَمْ يَنْوِ بُلُوغَهَا مَكَّةَ، وَإِنْ قَالَ: بَعْدَ مَكَّةَ، وَقْعَ إِذَنْ (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقَهَا فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا هُوَ أَغْلَظُ، وَلَفْظُهُ يَحْتَمِلُهُ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنَ الْيَوْمِ إِلَى سَنَةٍ طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ " مِنْ " لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، فَيَقْتَضِي أَنَّ طَلَاقَهَا فِي الْيَوْمِ، فَإِنْ أَرَادَ وُقُوعَهُ بَعْدَ سَنَةٍ، لَمْ يَقَعْ إِلَّا بَعْدَهَا، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ تَكْرِيرَ طَلَاقِهَا مِنْ حِينِ لَفِظْتُ بِهِ إِلَى سَنَةٍ، طُلِّقَتْ مِنْ سَاعَتِهَا ثَلَاثًا إِذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا.
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ أَوْ أَوَّلِ آخِرِهِ، طُلِّقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ) اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ آخِرَ الشَّهْرِ آخَرُ يَوْمٍ مِنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى وَقْتٍ تَعَلَّقَ بِأَوَّلِهِ، وَقِيلَ: تُطَلَّقُ فِي الْأَوْلَى بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ، فَيَحْرُمُ وَطْؤُهُ فِي تَاسِعِ عِشْرِينَ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُذْهَبِ "، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ.
(وَإِنْ قَالَ: فِي آخِرِ أَوَّلِهِ، طُلِّقَتْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِهِ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِهِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تُطَلَّقُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الشَّهْرِ فَمَا دُونَ يُسَمَّى أَوَّلَهُ، فَإِذَا شَرَعَ فِي النِّصْفِ الثَّانِي صَدَقَ أَنَّهُ
بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْهُ، فَإِنْ قَالَ: إِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ إِذَا مَضَى اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ، وَيُكَمَّلُ الشَّهْرُ الَّذِي حَلَفَ فِي أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ فَإِنْ قَالَ: إِذَا مَضَتِ السَّنَةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ بِانْسِلَاخِ ذِي الْحِجَّةِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةً، طُلِّقَتِ الْأُولَى فِي الْحَالِ، وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ، وَكَذَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
آخِرُهُ، فَيَجِبُ أَنْ يَتَحَقَّقَ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ آخِرِهِ وَآخِرُ أَوَّلِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ مَا عَدَا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لَا يُسَمَّى أَوَّلَ الشَّهْرِ، وَيَصِحُّ بِنِيَّةٍ عَنْهُ، فَإِنْ قَالَ: فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ فِيهِ، فَبِدُخُولِهِ (فَإِنْ قَالَ: إِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ إِذَا مَضَى اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ) أَيْ: إِذَا كَانَ حَلِفُهُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ كُلَّهَا مُعْتَبَرَةٌ بِالْأَهِلَّةِ؛ لِأَنَّهَا السَّنَةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى مَوَاقِيتَ لِلنَّاسِ بِالنَّصِّ (وَيُكْمَلُ الشَّهْرُ الَّذِي حَلَفَ فِي أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ) أَيْ: إِذَا كَانَ الْحَلِفُ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ وَجَبَ تَكْمِيلُ الشَّهْرِ بِالْعَدَدِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَصِفَتُهُ إِذَا كَانَ قَدْ مَضَى مِنْهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ نَاقِصًا، بَقِيَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْأَحَدَ عَشَرَ بِالْأَهِلَّةِ، أَضَافَ إِلَى التِّسْعَةَ عَشَرَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْعَدَدَ فِي الشُّهُورِ كُلِّهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَامَ نِصْفَ الشَّهْرِ، وَجَبَ تَكْمِيلَهُ مِنَ الَّذِي يَلِيهِ، فَكَانَ ابْتِدَاءُ الثَّانِي مِنْ نِصْفِهِ، فَيُكْمَلُ مِنَ الَّذِي يَلِيهِ وَهَلُمَّ جَرَّا.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ سَنَةً شَمْسِيَّةً أَوْ عَدَدِيَّةً، قُبِلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا سَنَةً حَقِيقِيَّةً كَمَا يُقْبَلُ إِذَا قَالَ: أَرَدْتُ سَنَةً إِذَا انْسَلَخَ ذُو الْحِجَّةِ.
(فَإِنْ قَالَ: إِذَا مَضَتِ السَّنَةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ بِانْسِلَاخِ ذِي الْحِجَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَهَا بِلَامِ التَّعْرِيفِ انْصَرَفَ إِلَى السَّنَةِ الْمَعْرُوفَةِ، وَهِيَ الَّتِي آخِرُهَا ذُو الْحِجَّةِ، وَوَقَعَ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ أَنَّ إِشَارَتَهُ إِلَيْهَا كَتَعْرِيفِهَا، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ سَنَةً كَامِلَةً، دِينَ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي " وَغَيْرِهِ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةً، طُلِّقَتِ الْأُولَى فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ السَّنَةَ ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ، فَيَقَعُ إِذَنْ (وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ) ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ ظَرْفٌ لِلطَّلْقَةِ، فَتُطَلَّقُ فِي أَوَّلِهَا (وَكَذَا الثَّالِثَةُ) وَمَحَلُّهُ إِذَا أَدْخَلْنَا عَلَيْهَا وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ، أَوِ ارْتَجَعَهَا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ، أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَتِ الثَّانِيَةُ لَمْ تُطَلَّقْ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا فِي أَثْنَائِهَا وَقَعَتِ الطَّلْقَةُ عَقِبَ الْعَقْدِ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ صَحَّ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ، وَقَالَ الْقَاضِي:
الثَّالِثَةُ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا - دِينَ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؛ يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءَ السِّنِينَ الْمُحَرَّمُ - دِينَ، وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ فَقَدِمَ لَيْلًا، لَمْ تُطَلَّقْ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتَ، فَتُطَلَّقُ، وَإِنْ قُدِمَ بِهِ مَيِّتًا أَوْ مُكْرَهًا، لَمْ تُطَلَّقْ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تُطَلَّقُ بِدُخُولِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَى قَوْلِ التَّمِيمِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ تَنْحَلُّ الصِّفَةُ بِوُجُودِهَا حَالَ الْبَيْنُونَةِ، فَلَا تَعُودُ بِحَالٍ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا حَتَّى دَخَلَتِ الثَّالِثَةُ، ثُمَّ نَكَحَهَا - فَإِنَّهَا تُطَلَّقُ عَقِبَ تَزْوِيجِهَا، وَلَوْ دَامَتْ بَائِنًا حَتَّى مَضَى الْعَامُ الثَّالِثُ لَمْ تُطَلَّقْ بَعْدَهُ، وَاخْتُلِفَ فِي مَبْدَأِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، فَقَدَّمَ فِي " الْكَافِي " أَنَّ أَوَّلَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ حِينِ يَمِينِهِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: أَوَّلُهَا الْمُحَرَّمُ؛ لِأَنَّهَا السَّنَةُ الْمَعْرُوفَةُ.
(فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا - دِينَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سَنَةً حَقِيقِيَّةً (وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؛ يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَصَحُّهُمَا: الْقَبُولُ؛ لِأَنَّهَا سَنَةً حَقِيقةً، وَالثَّانِيَةُ: لَا؛ لِمُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ (وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءَ السِّنِينَ الْمُحَرَّمُ - دِينَ) ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ (وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، قَالَ الْمُؤَلِّفَ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَخْرُجَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ فَقَدِمَ لَيْلًا، لَمْ تُطَلَّقْ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدِ الشَّرْطُ، إِذِ الْيَوْمُ اسْمٌ لِبَيَاضِ النَّهَارِ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَفِي " الْوَاضِحِ ": يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، فَلَوْ قَدِمَ نَهَارًا طُلِّقَتْ، قِيلَ: عَقِبَهُ، وَقِيلَ: مِنْ أَوَّلِهِ، وَعَلَيْهَا يَنْبَنِي الْإِرْثُ (إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتَ، فَتُطَلَّقُ) وَقْتَ قُدُومِهِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ يُسَمَّى يَوْمًا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16] وَقِيلَ: إِذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ كَمَنْ نَوَى الْوَقْتَ (وَإِنْ قُدِمَ بِهِ مَيِّتًا أَوْ مُكْرَهًا) مَحْمُولًا أَوْ مَاشِيًا (لَمْ تُطَلَّقْ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ، وَإِنَّمَا قُدِمَ بِهِ، إِذِ الْفِعْلُ يُنْسَبُ إِلَى فَاعِلِهِ، يُقَالُ: دَخَلَ الطَّعَامُ الْبَلَدَ، وَهُوَ لَا يُدْخَلُ بِنَفْسِهِ، وَلَا يُنْسَبُ إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا مَجَازًا، وَعَنْهُ: يَحْنَثُ، نَقَلَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي " التَّنْبِيهِ "، فَإِنْ مَاتَ فِي غَيْبَتِهِ فَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهَا تُطَلَّقُ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ