الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحنبل، وَعَنْهُ: يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمِيعَهُ، وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ، لَمْ يَبَرَّ حَتَّى يَفْعَلَ جَمِيعَهُ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ، أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا، فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ، فَشَرِبَ بَعْضَهُ - خَرَجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ: لَا شَرِبْتُ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ، فَشَرِبَ مِنْهُ، حَنِثَ، وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَلَامَهُمْ حَنِثَ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ فَلَا، وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْخِلَافُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَنْوِهِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ بِقَلْبِهِ فَرِوَايَتَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْحِنْثُ، وَكَذَا إِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ يَحْسَبُهُ أَجْنَبِيًّا، أَوْ حَلَفَ لَا بِعْتُ لِزَيْدٍ ثَوْبًا، فَوَكَلَ زَيْدٌ مَنْ يَدْفَعُهُ إِلَى مَنْ يَبِيعُهُ، فَدَفَعَهُ إِلَى الْحَالِفِ، فَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ.
[إِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَ بَعْضَهُ]
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا، فَفَعَلَ بَعْضَهُ، لَمْ يَحْنَثْ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَحَنْبَلٍ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ كَالْإِثْبَاتِ؛ وَلِأَنَّهُ عليه السلام «كَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ إِلَى عَائِشَةَ لِتُرَجِّلَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ» ، وَالْمُعْتَكِفُ مَمْنُوعٌ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَالْحَائِضُ عَكْسُهُ (وَعَنْهُ: يَحْنَثُ) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي "؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَاخْتَصَّ الْمَنْعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَالنَّهْيِ (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمِيعَهُ) فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ، فَإِنْ نَوَى الْجَمِيعَ أَوِ الْبَعْضَ، عُمِلَ بِنِيَّتِهِ، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ قَرِينَةٌ، وَعَلَى الْأُولَى: لَوْ حَلَفَ عَلَى مَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ، كَزَوْجَةٍ وَقَرَابَةٍ، وَقَصَدَ مَنْعَهُ، وَلَا نِيَّةَ، وَلَا سَبَبَ وَلَا قَرِينَةَ - لَمْ يَحْنَثْ بِفِعْلِ بَعْضِهِ.
(وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ، لَمْ يَبَرَّ حَتَّى يَفْعَلَ جَمِيعَهُ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ؛ وَلِأَنَّ مَطْلُوبَهُ تَحْصِيلُ الْفِعْلِ، فَهُوَ كَالْأَمْرِ، وَلَوْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِشَيْءٍ، لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الْعُهْدَةِ إِلَّا بِفِعْلِ جَمِيعِهِ، فَكَذَا هُنَا (وَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ، أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا، فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ، فَشَرِبَ بَعْضَهُ - خَرَجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ) فِي فِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ، وَلَا يَهَبُهُ، فَبَاعَ أَوْ وَهَبَ بَعْضَهُ.
(وَإِنْ حَلَفَ: لَا شَرِبْتُ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ، فَشَرِبَ مِنْهُ، حَنِثَ) وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْجَمِيعِ مُمْتَنِعٌ، فَلَا تُصْرَفُ الْيَمِينُ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ: وَاللَّهِ لَا آكُلُ الْخُبْزَ، وَلَا أَشْرَبُ الْمَاءَ، مِمَّا عُلِّقَ عَلَى اسْمِ جِنْسٍ أَوْ جَمْعٍ
اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، أَوْ نَسَجَهُ، أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا طَبَخَهُ زَيْدٌ، فَلَبِسَ ثَوْبًا نَسَجَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، أَوِ اشْتَرَيَاهُ، أَوْ أَكَلَ مِنْ طَعَامٍ طَبَخَاهُ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، فَإِنِ اشْتَرَى غَيْرُهُ شَيْئًا، فَخَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ، فَأَكَلَ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ - حَنِثَ، وَإِنْ أَكَلَ مِثْلَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَالْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، فَإِنْ نَوَى فِعْلِ الْجَمِيعِ، أَوْ كَانَ فِي لَفْظِهِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ - لَمْ يَحْنَثْ إِلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ بِلَا خِلَافٍ.
فَرْعٌ: إِذَا حَلَفَ: لَا شَرِبْتُ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ، فَشَرِبَ مِنْهُ - حَنِثَ، سَوَاءً كَرَعَ مِنْهُ، أَوِ اغْتَرَفَ مِنْهُ فَشَرِبَهُ، وَإِنْ شَرِبَ مِنْ نَهْرٍ يَأْخُذُ مِنْهُ حَنِثَ فِي وَجْهٍ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ شَيْءٍ فَاسْتَقَى، أَوْ لَا يَشْرَبُ مِنْ شَاةٍ فَحُلِبَ وَشَرِبَهُ.
وَالثَّانِي: لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يُضَافُ إِلَى النَّهْرِ لَا إِلَى الْفُرَاتِ، وَكَغَيْرِهِ، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ، فَلَقَطَ مِنْ تَحْتِهَا وَأَكَلَ - حَنِثَ، بِخِلَافِ أَكْلِ وَرَقِهَا وَأَطْرَافِ أَغْصَانِهَا.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ: إِنْ قَرِبْتِ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - دَارَ أَبِيكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَدْخُلَهَا، فَلَوْ قَالَهُ - بِضَمِّ الرَّاءِ - وَقَعَ بِوُقُوفِهَا تَحْتَ فِنَائِهَا وَلُصُوقِهَا بِجِدَارِهَا؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا كَذَلِكَ، ذَكَرَهُمَا فِي " الرَّوْضَةِ "، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ قَرِبَ بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى دَخَلَ، وَلَعَلَّهُ عُرْفٌ خَاصٌّ.
(وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، أَوْ نَسَجَهُ، أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا طَبَخَهُ زَيْدٌ، فَلَبِسَ ثَوْبًا نَسَجَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، أَوِ اشْتَرَيَاهُ، أَوْ أَكَلَ مِنْ طَعَامٍ طَبَخَاهُ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَشْهَرُهُمَا: يَحْنَثُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ، فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا وَغَزْلِ غَيْرِهَا. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْ ثَوْبًا كَامِلًا، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مَا خَاطَهُ زَيْدٌ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ ثَوْبٍ خَاطَاهُ جَمِيعًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: ثَوْبًا خَاطَهُ زَيْدٌ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، فَأَكَلَ طَعَامًا اشْتَرَاهُ هُوَ وَغَيْرُهُ - حَنِثَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ لَا يَنْفَرِدَ أَحَدُهُمَا بِالشِّرَاءِ.
وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ احْتِمَالًا: لَا حَنِثَ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِشِرَائِهِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، فَلَبِسَ ثَوْبًا اشْتَرَاهُ هُوَ وَغَيْرُهُ (فَإِنِ اشْتَرَى غَيْرُهُ شَيْئًا، فَخَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ، فَأَكَلَ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ - حَنِثَ) وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ أَكَلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ، وَهُوَ شَرْطُ الْحِنْثِ (وَإِنْ أَكَلَ مِثْلَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ فِي