الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَيَصِحُّ
الْخُلْعُ بِالْمَجْهُولِ
، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصِحُّ، وَالتَّفْرِيعُ عَلَى الْأَوَّلِ، فَإِذَا خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي يَدِهَا مِنَ الدَّرَاهِمِ، أَوْ مَا فِي بَيْتِهَا مِنَ الْمَتَاعِ، فَلَهُ مَا فِيهِمَا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُقَدَّرَةٌ وَاجِبَةٌ بِالشَّرْعِ، فَهُوَ كَالْخُلْعِ عَلَى الرَّضَاعِ؛ وَلِأَنَّهَا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَهَا وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَمْ تَجِبْ، فَلَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهَا إِحْدَى النَّفَقَتَيْنِ، فَصَحَّتِ الْمُخَالَعَةُ كَنَفَقَةِ الصَّبِيِّ، وَقِيلَ: إِنْ وَجَبَتِ النَّفَقَةُ بِالْعَقْدِ وَإِلَّا فَهُوَ خُلْعٌ بِمَعْدُومٍ.
فَرْعٌ: إِذَا خَالَعَ حَامِلًا مِنْهُ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ حَمْلِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَلَا لِلْوَلَدِ حَتَّى تَفْطِمَهُ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: إِذَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَهْرِهَا وَنَفَقَتِهَا، وَلَهَا وَلَدٌ - فَلَهَا النَّفَقَةُ عَلَيْهِ إِذَا فَطَمَتْهُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِمَّا يَجِبُ لَهَا مِنَ النَّفَقَةِ، فَإِذَا فَطَمَتْهُ فَلَهَا طَلَبُهُ بِنَفَقَتِهِ، وَكَذَا السُّكْنَى.
مَسْأَلَةٌ: الْعِوَضُ فِي الْخُلْعِ كَالْعِوَضِ فِي الصَّدَاقِ وَالْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الزَّوْجِ، وَلَمْ يَمْلِكِ التَّصَرُّفَ فِيهِ إِلَّا بِقَبْضِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْخُلْعِ، وَصَحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ.
[الْخُلْعُ بِالْمَجْهُولِ]
فَصْلٌ (وَيَصِحُّ الْخُلْعُ بِالْمَجْهُولِ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَعْنًى يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، فَجَازَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِهِ الْعِوَضَ الْمَجْهُولَ كَالْوَصِيَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْخُلْعَ إِسْقَاطٌ لِحَقِّهِ مِنِ الْبُضْعِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ شَيْءٍ، وَالْإِسْقَاطُ تَدْخُلُهُ الْمُسَامَحَةُ؛ وَلِذَلِكَ جَازَ بِغَيْرِ عِوَضٍ - عَلَى رِوَايَةٍ، (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصِحُّ) وَإِنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ، فَلَمْ يَصِحَّ بِالْمَجْهُولِ كَالْبَيْعِ (وَالتَّفْرِيعِ عَلَى الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِثَمَنٍ - قَوْلًا وَاحِدًا، بِخِلَافِ الْخُلْعِ عَلَى قَوْلٍ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ فِي ظَاهِرِ نَصِّهِ الْمُسَمَّى (فَإِذَا خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي يَدِهَا مِنَ الدَّرَاهِمِ أَوْ مَا فِي بَيْتِهَا مِنَ الْمَتَاعِ، فَلَهُ مَا فِيهِمَا) إِذَا كَانَ فِيهِمَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُخَالَعُ عَلَيْهِ، وَجَهَالَتُهُ لَا تَضُرُّ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى صِحَّةِ الْخُلْعِ بِالْمَجْهُولِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَا فِي
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا شَيْءٌ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَأَقَلُّ مَا سُمِّيَ مَتَاعًا، وَقَالَ الْقَاضِي: يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِصَدَاقِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتَاعِ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى حَمْلِ أَمَتِهَا أَوْ مَا تَحْمِلُ شَجَرَتُهَا، فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَحْمِلَا، فَقَالَ أَحْمَدُ: تُرْضِيهِ بِشَيْءٍ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَدِهَا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، وَهُوَ احْتِمَالٌ حَكَاهُ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الْيَدِ، وَالثَّانِي: لَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَقْتَضِيهَا.
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا شَيْءٌ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَأَقَلُّ مَا سُمِّيَ مَتَاعًا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ وَالْمَتَاعِ حَقِيقَةً (وَقَالَ الْقَاضِي) وَأَصْحَابُهُ (يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِصَدَاقِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتَاعِ) ؛ لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ عَلَيْهِ الْبُضْعَ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِوَضُ؛ لِجَهَالَتِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهَا قِيمَةُ مَا فَوَّتَتْ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّدَاقُ، وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى، فَفِيهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ.
أَحَدُها وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ: صِحَّةُ الْخُلْعِ بِالْمُسَمَّى، لَكِنْ يَجِبُ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ لِمَا تَبَيَّنَ عَدَمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرَّتْهُ كَحَمْلِ الْأَمَةِ.
الثَّانِي: صِحَّتُهُ بِمَهْرِهَا فِيمَا يَجْهَلُ حَالًا وَمَآلًا، فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ رَجَعَ إِلَى مَهْرِهَا، وَقِيلَ: إِذَا لَمْ تَغُرُّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا.
الثَّالِثُ: فَسَادُ الْمُسَمَّى وَصِحَّةُ الْخُلْعِ بِمَهْرِهَا.
الرَّابِعُ: بُطْلَانُ الْخُلْعِ، قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ.
الْخَامِسُ: بُطْلَانُهُ بِالْمَعْدُومِ وَقْتَ الْعَقْدِ كَمَا تَحْمِلُ شَجَرَتُهُ وَصِحَّتُهُ مَعَ الْوُجُودِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا، ثُمَّ هَلْ يَجِبُ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرٌ أَوِ الْفَرْقُ؛ قَالَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "(وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى حَمْلِ أَمَتِهَا أَوْ مَا تَحْمِلُ شَجَرَتَهَا، فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا تَحْمِلَانِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُخَالَعُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مَعْدُومًا، إِذْ لَا أَثَرَ لَهُ، وَالْمُرَادُ بِحَمْلِ الْأَمَةِ مَا تَحْمِلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، فَإِنْ لَمْ تَحْمِلَا، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ حَمْلِ الْأَمَةِ وَحَمْلِ الشَّجَرَةِ (فَإِنْ لَمْ تَحْمِلَا، فَقَالَ أَحْمَدُ: تُرْضِيهِ بِشَيْءٍ) لِئَلَّا يَخْلُوَ الْخُلْعُ عَنْ عِوَضٍ، وَفِي " الْمُغْنِي " قَوْلُ أَحْمَدَ: تُرْضِيهِ بِشَيْءٍ أَنَّ لَهُ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْحَمْلِ وَالثَّمَرَةِ، فَهُوَ كَمَسْأَلَةِ الْمَتَاعِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ (وَقَالَ الْقَاضِي: لَا شَيْءَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْحَمْلِ، وَلَا حَمْلَ، وَتَأْوِيلُ قَوْلِ أَحْمَدَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَقَدَّرَهُ بِتَقْدِيرٍ يَرْجِعُ إِلَيْهِ.
شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ، فَلَهُ أَقَلُّ مَا يُسَمَّى عَبْدًا، وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي عَبْدًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ بِأَيِّ عَبْدٍ أَعْطَتْهُ طَلَاقًا بَائِنًا، وَمَلَكَ الْعَبْدَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَلْزَمُهَا عَبْدٌ وَسَطٌ فِيهِمَا، وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا الْعَبْدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ - طُلِّقَتْ، وَإِنْ خَرَجَ مَعِيبًا، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ خَرَجَ مَغْصُوبًا، لَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعَلَيْهِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالْمَتَاعِ، أَنَّ الْمَرْأَةَ فِي مَسْأَلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالْمَتَاعِ أَوْهَمَتْهُ أَنَّ مَعَهَا دَرَاهِمَ، وَفِي بَيْتِهَا مَتَاعٌ؛ لِأَنَّهَا خَاطَبَتْهُ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي الْوُجُودَ مَعَ إِمْكَانِ عِلْمِهَا بِهِ، فَكَانَ لَهُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُهَا، كَمَا لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى عَبْدٍ فَوَجَدَ حُرًّا، وَفِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ دَخَلَ مَعَهَا فِي الْعَقْدِ مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْعِلْمِ فِي الْحَالِ، وَرِضَاهُمَا بِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِمَالِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ غَيْرَهُ، كَمَا لَوْ قَالَ خَالَعْتُكِ عَلَى هَذَا الْحُرِّ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَهُ الْمُسَمَّى (وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ فَلَهُ أَقَلُّ مَا يُسَمَّى عَبْدًا) أَيْ: يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى مُسَمًّى مَجْهُولٍ، فَكَانَ لَهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، كَمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي يَدِهَا مِنَ الدَّرَاهِمِ، فَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى عَبِيدٍ فَلَهُ ثَلَاثَةٌ - فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ - كَمَسْأَلَةِ الدَّرَاهِمِ (وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ بِأَيِّ عَبْدٍ أَعْطَتْهُ طَلَاقًا بَائِنًا، وَمَلَكَ الْعَبْدَ، نَصَّ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ عَطِيَّةُ عَبْدٍ، وَقَدْ وُجِدَ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى عِوَضٍ، وَيَمْلِكُ الْعَبْدَ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ خُرُوجِ الْبُضْعِ مِنْ مِلْكِهِ (وَقَالَ الْقَاضِي: يَلْزَمُهَا عَبْدٌ وَسَطٌ فِيهِمَا) كَالصَّدَاقِ، وَتَأَوَّلَ كَلَامَ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهَا تُعْطِيهِ عَبْدًا وَسَطًا، وَعَلَى قَوْلِهِ إِنْ أَعْطَتْهُ مَعِيبًا أَوْ دُونَ الْوَسَطِ - فَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ.
تَتِمَّةٌ: لَوْ أَعْطَتْهُ مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا بَعْضُهُ، وَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُمَا كَالْقِنِّ فِي التَّمْلِيكِ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ حُرًّا أَوْ مَغْصُوبًا، أَوْ مَرْهُونًا، لَمْ تُطَلَّقْ؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ إِنَّمَا تَتَنَاوَلُ مَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ، وَفِي " الرِّعَايَةِ ": لَوْ بَانَ حُرًّا أَوْ مَغْصُوبًا أَوْ مُكَاتَبًا، بَانَتْ، وَلَهُ الْقِيمَةُ، وَقِيلَ: لَا تُطَلَّقُ (وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا الْعَبْدَ) أَوِ الثَّوْبَ الْهَرَوِيَّ (فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ - طُلِّقَتْ) ؛ لِتَحَقُّقْ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَيَقَعُ بَائِنًا، (وَإِنْ خَرَجَ مَعِيبًا) أَوْ مَرْوِيًّا (فَلَا شَيْءَ لَهُ) ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: إِنْ مَلَكْتُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ مَلَكَهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ قِيمَتِهِ بِالصِّفَةِ سَلِيمًا، أَوْ أَخْذُ أَرْشِهِ، كَمَا لَوْ قَالَتْ: اخْلَعْنِي عَلَى هَذَا الْعَبْدِ، فَخَلَعَهَا، وَفِي " التَّرْغِيبِ " فِي رُجُوعِهِ بِأَرْشِهِ
يَقَعِ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، وَعَنْهُ: يَقَعُ، وَلَهُ قِيمَتُهُ، وَكَذَلِكَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا - لَمْ تُطَلَّقْ، وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَجْهَانِ، وَأَنَّهُ لَوْ بَانَ مُبَاحَ الدَّمِ بِقَصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقُتِلَ، فَذَكَرَ الْقَاضِي - وَهُوَ الْمَذْهَبُ - أَنَّهُ يَرْجِعُ بِأَرْشِ عَيْبِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا: يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ (وَإِنْ خَرَجَ مَغْصُوبًا) أَوْ حُرًّا (لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ إِنَّمَا تَتَنَاوَلُ مَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَطِيَّةً لَهُ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الطَّلَاقِ (وَعَنْهُ: يَقَعُ، وَلَهُ قِيمَتُهُ) ، جَزَمَ بِهِ فِي " الرَّوْضَةِ " وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ بِالْبُضْعِ، فَلَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ كَالنِّكَاحِ، فَعَلَى هَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ بِعَطِيَّةِ الْمَغْصُوبِ وَالْحُرِّ؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ هُنَا التَّمْلِيكُ، بِدَلِيلِ حُصُولِهِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْعَبْدُ مَمْلُوكًا لَهَا (وَكَذَلِكَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا) ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ مَعْنًى، فَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَا حُكْمًا.
فَرْعٌ: إِذَا خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ مَعِيبًا - بَانَتْ، وَلَهُ طَلَبُ عَبْدٍ سَلِيمٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ قِيمَتَهُ لَزِمَهُ قَبُولُهَا، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَتْهُ - لَمْ يَصِحَّ، وَقِيلَ: بَلَى، وَعَلَيْهَا قِيمَتُهُ، فَإِنْ بَاعَتَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ، فَعَلَيْهَا قِيمَتُهُ، وَقِيلَ: يَبْطُلُ الْبَيْعُ.
(وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا - لَمْ تُطَلَّقْ) ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الَّتِي عُلِّقَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ لَمْ تُوجَدْ، وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى مَرْوِيٍّ فِي الذِّمَّةِ، فَأَتَتْهُ بِهَرَوِيٍّ - صَحَّ، وَخُيِّرَ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ عَلَى أَنَّهُ قُطْنٌ فَبَانَ كَتَّانًا - رَدَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِمْسَاكُهُ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ آخَرُ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى عَطِيَّتِهَا إِيَّاهُ فَمَتَى أَعْطَتْهُ عَلَى صِفَةٍ يُمْكِنُهُ الْقَبْضُ - وَقَعَ الطَّلَاقُ، سَوَاءٌ قَبَضَهُ مِنْهَا أَوْ لَا، فَإِنْ هَرَبَ الزَّوْجُ، أَوْ غَابَ قَبِلَ عَطِيَّتِهَا، أَوْ قَالَتْ: يَضْمَنُهُ لَكَ زَيْدٌ، أَوْ أَجْعَلُهُ قَصَاصًا بِمَا لِي عَلَيْكَ، أَوْ أَحَالَتْهُ بِهِ - لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْضِعٍ تَعَذَّرَ الْعَطِيَّةُ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ التَّعَذُّرُ مِنْ جِهَتِهَا، أَوْ مِنْ جِهَتِهِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِمَا؛ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ. وَلَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَهَا - اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ، وَبَانَتْ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ تَعْلِيقًا عَلَى شَرْطٍ بِخِلَافٍ الْأَوَّلِ.
فَرْعٌ: إِذَا تَخَالَعَا عَلَى حُكْمِ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا، أَوْ بِمِثْلِ مَا خَالَعَ بِهِ زِيدٌ زَوْجَتَهُ - صَحَّ بِالْمُسَمَّى، وَقِيلَ: بَلْ بِمَهْرِهَا، وَقِيلَ: بَلْ بِمَهْرِ مِثْلِهَا (وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى هَرَوِيٍّ، فَبَانَ