الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نِسَائِهِ، وَحَلَائِلُ آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ، فَيَحْرُمْنَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ دُونَ بَنَاتِهِنَّ، وَالرَّبَائِبُ وَهُنَّ بَنَاتُ نِسَائِهِ اللَّاتِي دَخَلَ بِهِنَّ دُونَ اللَّاتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ، فَإِنْ مِتْنَ قَبْلَ الدُّخُولِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[الْمُحَرَّمَاتُ بِالْمُصَاهَرَةِ]
(الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْمُحَرَّمَاتُ بِالْمُصَاهَرَةِ، وَهُنَّ أَرْبَعٌ: أُمَّهَاتُ نِسَائِهِ) أَيْ: إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، حُرُمَ عَلَيْهِ كُلُّ أُمٍّ لَهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً - بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٍ، وَعَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ إِلَّا بِالدُّخُولِ بِابْنَتِهَا، وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] وَهُوَ عَامٌّ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا قَالَ:«مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا لَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَبِيبَتَهُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو حَفْصٍ، (وَحَلَائِلُ آبَائِهِ) سُمِّيَتِ امْرَأَةُ الرَّجُلِ: حَلِيلَةٌ ; لِأَنَّهَا مَحَلُّ إِزَارِ زَوْجِهَا، وَهِيَ مُحَلَّلَةٌ لَهُ أَيْ: فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَةُ أَبِيهِ، قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا، مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] وَقَالَ الْبَرَاءُ: «لَقِيتُ خَالِي وَمَعَهُ الرَّايَةُ قَالَ: أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا امْرَأَةُ أَبِيهِ أَوِ امْرَأَةُ جَدِّهِ لِأَبِيهِ، وَجَدِّهُ لِأُمِّهِ - قَرِيبٌ أَوْ بَعِيدٌ - وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ وَطِئَهَا بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ (وَأَبْنَائِهِ) أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجُ بِامْرَأَةِ ابْنِهِ وَابْنِ بِنْتِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: 23] بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ (فَيَحْرُمْنَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ) ; لِعُمُومِ مَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ كَانَ نِكَاحُ الْأَبِ الْكَافِرِ فَاسِدًا، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إِجْمَاعًا، وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ الْمُفِيدِ لِلْحِلِّ وَالْفَاسِدِ، عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ " ; لِأَنَّ حُكْمَهُ كَالصَّحِيحِ إِلَّا الْحِلَّ وَالْإِحْلَالَ وَالْإِحْصَانَ وَالْإِرْثَ، وَتُنْصَفُ الصَّدَاقُ قَبْلَ الْمَسِيسِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي " التَّعْلِيقِ " خِلَافُهُ (دُونَ بَنَاتِهِنَّ) أَيْ: يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ رَبِيبَةِ أَبِيهِ وَابْنِهِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24](وَالرَّبَائِبُ: وَهُنَّ بَنَاتُ نِسَائِهِ اللَّاتِي دَخَلَ بِهِنَّ) ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23](دُونَ اللَّاتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ) ; لِأَنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْحِجْرِ خَرَجَ مَخْرَجَ
فَهَلْ تَحْرُمُ بَنَاتُهُنَّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَيَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، فَإِنْ كَانَتِ الْمَوْطُوءَةُ مَيِّتَةً أَوْ صَغِيرَةً، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ بَاشَرَ امْرَأَةً، أَوْ نَظَرَ إِلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْغَالِبِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا مَفْهُومَ لَهُ اتِّفَاقًا، وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً، وَارِثَةً أَوْ غَيْرَ وَارِثَةٍ، مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، فَإِذَا دَخَلَ بِالْأُمِّ حَرُمَتْ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حِجْرِهِ أَوْ لَا، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ - وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - أَنَّهُ يُرَخِّصُ فِيهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ (فَإِنْ مِتْنَ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَوْ مَاتَتْ (فَهَلْ تَحْرَمُ بَنَاتُهُنَّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23] وَكَالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ، لَا يَجْرِي مَجْرَى الدُّخُولِ فِي الْإِحْلَالِ وَالْإِحْصَانِ، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ قِيَاسًا عَلَى تَكْمِيلِ الْعِدَّةِ وَالصَّدَاقِ.
(وَيَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ) اتِّفَاقًا (وَالْحَرَامِ) ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] وَفِيهَا دَلَالَةٌ تَصْرِفُهُ إِلَى الْوَطْءِ دُونَ الْعَقْدِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا} [النساء: 22] وَهَذَا التَّغْلِيظُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْوَطْءِ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ نَظَرَ إِلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ وَابْنَتِهَا، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ ; وَلِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ الْمُبَاحِ تَعَلَّقَ بِالْمَحْظُورِ، كَوَطْءِ الْحَائِضِ ; وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يُفْسِدُهُ الْوَطْءُ بِالشُّبْهَةِ، وَأَفْسَدَهُ الْوَطْءُ الْحَرَامُ كَالْإِحْرَامِ، وَذَكَرَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " و" الْمُغْنِي "، و" التَّرْغِيبِ ": وَلَوْ بِوَطْءِ دُبُرٍ، وَقِيلَ: لَا، وَنَقَلَ بِشْرُ بْنُ مُوسَى: لَا يُعْجِبُنِي، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الْحَلَالَ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ، وَالْحَرَامُ مُبَايِنٌ لِلْحَلَالِ (فَإِنْ كَانَتِ الْمَوْطُوءَةُ مَيِّتَةً أَوْ صَغِيرَةً) لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا (فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَالرَّضَاعِ، وَالثَّانِي - وَهُوَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ -: لَا يَنْشُرُهَا ; لِأَنَّ التَّحْرِيمَ يَتَعَلَّقُ بِاسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةِ الْوَطْءِ، وَذَلِكَ يُبْطِلُهَا، وَفِي الْمَذْهَبِ: هُوَ كَنِكَاحٍ، فِيهِ شُبْهَةٌ وَجْهَانِ.
فَرْجِهَا، أَوْ خَلَا بِهَا لِشَهْوَةٍ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ تَلَوَّطَ بِغُلَامٍ، حَرُمَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمُّ الْآخَرِ وَابْنَتُهُ، وَعَنْ أَبِي الْخَطَّابِ: هُوَ كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ بَاشَرَ امْرَأَةً أَوْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِهَا) أَوْ قَبَّلَهَا (أَوْ خَلَا بِهَا لِشَهْوَةٍ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَفِيهِ مَسَائِلُ.
الْأُولَى: إِذَا بَاشَرَهَا دُونَ الْفَرْجِ لِشَهْوَةٍ، فَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا يَنْشُرُهَا، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِشَهْوَةٍ، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ، كَالْوَطْءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ ظَاهِرٌ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا بَاشَرَهَا دُونَ الْفَرَجِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ أَنَّهُ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا نَظَرَ إِلَى فَرْجِهَا لِشَهْوَةٍ، ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَنْشُرُهَا كَالنَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ، وَالثَّانِيَةُ: يَنْشُرُهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَنْشُرُهَا اللَّمْسُ، رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَنْهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ وَإِلَى بَقِيَّةِ الْبَدَنِ، ذَكَرَهَا أَبُو الْحُسَيْنِ، وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَابْنُ هَانِئٍ، مِنْهَا أَوْ مِنْهُ إِذَا كَانَ لِشَهْوَةٍ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ ; فَإِنَّ غَيْرَ الْفَرْجِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ يَنْشُرْهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ فِيهِ، وَهَذَا فِيمَنْ بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ فَمَا زَادَ، وَعَنْهُ: سَبْعٌ إِذَا أَصَابَهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا.
الثَّالِثَةُ: إِذَا خَلَا بِهَا لِشَهْوَةٍ قَبْلَ الْوَطْءِ، فَرِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا - وَهِيَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَالْمُؤَلِّفِ -: لَا يَنْشُرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّظَرَ كِنَايَةٌ عَنِ الدُّخُولِ. وَالثَّانِيَةُ: بَلَى ; لِأَنَّهُ تَعَالَى أَطْلَقَ الدُّخُولَ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْخَلْوَةِ، وَالْعُرْفُ عَلَى ذَلِكَ، يُقَالُ: دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ، إِذَا كَانَ بَنَى بِهَا وَإِنْ لَمْ يَطَأْ، وَأَمَّا إِذَا فَعَلَتْ هِيَ ذَلِكَ فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرَهُ (وَإِنْ تَلَوَّطَ بِغُلَامٍ، حَرُمَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُمُّ الْآخَرِ وَابْنَتُهُ) أَيْ: يَحْرُمُ بِوَطْءِ الْغُلَامِ مَا يَحْرُمُ بِوَطْءِ الْمَرْأَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي فَرْجٍ، فَيَنْشُرُ الْحُرْمَةَ إِلَى مَنْ ذُكِرَ كَوَطْءِ الْمَرْأَةِ (وَعَنْد أَبِي الْخَطَّابِ: هُوَ كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ) فَيَكُونُ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ حُكْمُ الْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لشَهْوَةً ; لِكَوْنِهِ وَطَئا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (وَهُوَ الصَّحِيحُ) عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَى تَحْرِيمٍ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى النِّسَاءِ ; لِأَنَّ وَطْأَهَا سَبَبٌ لِلْبُغْضَةِ، وَيُوجِبُ