الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَ
الْكِتَابَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، لَا يَدْخُلُهَا الْخِيَارُ
، وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا فَسْخَهَا، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَا جُنُونِهِ وَلَا الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَيُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ إِلَى سَيِّدِهِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنَ الْوَرَثَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
جِنَايَاتٍ اسْتُوفِيَتْ كُلُّهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ، فَلِوَلِيِّهِ الِاسْتِيفَاءُ، وَيُبْطَلُ حُقُوقُ الْآخَرِينَ، فَإِنْ عُفِيَ إِلَى مَالٍ، فَكَجِنَايَةِ الْمَالِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ، أَوْ فَدَاهُ، لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، أَوْ أَرْشُهَا مُجْتَمِعَةً عَلَى الْأَشْهَرِ (وَإِنْ لَزِمَتْهُ دُيُونُ مُعَامَلَةٍ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ) لَا رَقَبَتِهِ، وَمُقَدَّمُهَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ، فَلِهَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ مَالٌ، فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ تَعْجِيزُهُ بِخِلَافِ الْأَرْشِ، وَدَيْنِ الْكِتَابَةِ (يُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ: إِذَا عَجَزَ عَنْهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ حَالَ يَسَارِهِ، وَعَنْهُ: وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي، فَيَتَسَاوَى الْإِقْدَامُ، وَيَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ، وَيَشْتَرِكُ رَبُّ الدَّيْنِ وَالْأَرْشِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِفَوْتِ الرَّقَبَةِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ، وَلِغَيْرِ الْمَحْجُورِ تَقْدِيمُ أَيِّ دَيْنٍ شَاءَ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ هَلْ يُقَدَّمُ دَيْنُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى السَّيِّدِ كَحَالَةِ الْحَيَاةِ، أَمْ يَتَحَاصَّانِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَهَلْ يَتَصَرَّفُ سَيِّدُهُ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ مَعَ غَرِيمٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
[الْكِتَابَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ لَا يَدْخُلُهَا الْخِيَارُ]
فَصْلٌ (وَالْكِتَابَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ لَا يَدْخُلُهَا الْخِيَارُ) وَلِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ أَشْبَهَ الْبَيْعَ (وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا فَسْخَهَا) كَسَائِرِ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ (وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ) كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ الْعَقْدُ دُونَ الشَّرْطِ، وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ فَاسِدٍ فِيهَا (وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا (ولَا جُنُونِهِ وَلَا الْحَجْرِ عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ، فَلَمْ تَنْفَسِخْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَالْبَيْعِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: إِنْ أَدَّى بَعْضَ كِتَابَتِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ، يُحْتَسَبُ مِنْ ثُلُثِهِ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ وَيُعْتَقُ (وَيُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ إِلَى سَيِّدِهِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنَ الْوَرَثَةِ وَغَيْرِهِمْ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَوْضُوعُهَا الْعِتْقُ بِتَقْدِيرِ الْأَدَاءِ، فَإِذَا وُجِدَ، وَجَبَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِيهِ، وَلِأَنَّهُ انْتَقَلَ إِلَى الْوَرَثَةِ مَعَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ، فَهُوَ كَالْأَدَاءِ إِلَى مُورِّثِهِمْ، وَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ كَسَائِرِ دُيُونِهِ، وَإِذَا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ إِلَى
حَلَّ نَجْمٌ وَلَمْ يُؤَدِّهِ، فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ، وَعَنْهُ: لَا يُعَجَّزُ حَتَّى يَحِلَّ عَلَيْهِ نَجْمَانِ. وَعَنْهُ: لَا يُعَجَّزُ حَتَّى يَقُولَ: قَدْ عَجَزْتُ، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فَسْخُهَا بِحَالٍ، وَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْوَرَثَةِ، فَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، ثُمَّ يَخْتَصُّ بِهِ عَصَبَتُهُ، وَعَنْهُ: لِلْوَرَثَةِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ إِنْ بَاعَهُ الْوَرَثَةُ، أَوْ وَهَبُوهُ، فَاحْتِمَالَانِ، وَكَذَا يُعْتَقُ بِالْإِبْرَاءِ، وَفِي الِاعْتِيَاضِ وَجْهَانِ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ.
(وَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ، وَلَمْ يُؤَدِّهِ فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ) أَيْ: فَسْخُ الْكِتَابَةِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ، فَكَانَ لَهُ الْفَسْخُ، كَمَا لَوْ أَعْسَرَ الْمُشْتَرِي بِبَعْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَعَنْهُ: لَا يُعَجَّزُ حَتَّى يَحِلَّ عَلَيْهِ نَجْمَانِ) هَذَا ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَكَلَامِ كَثِيرٍ مِنَ الْأَصْحَابِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَا يُرَدُّ الْمُكَاتَبُ إِلَى الرِّقِّ حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ اعْتُبِرَ فِيهِ التَّنْجِيمُ لِإِرْقَاقِ الْعَبْدِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا هُوَ أَرْفَقُ لَهُ، وَإِذَا قُلْنَا: لِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ، لَمْ تَنْفَسِخِ الْكِتَابَةُ بِالْعَجْزِ، بَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُكَاتَبِ بِمَا حَلَّ مِنْ نُجُومِهِ وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ، فَإِنِ اخْتَارَ الصَّبْرَ عَلَيْهِ، لَمْ يَمْلِكِ الْعَبْدُ الْفَسْخَ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنِ اخْتَارَ الْفَسْخَ، فَلَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ حُضُورِ حَاكِمٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِنَابَةُ، لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ سَعِيدٌ (وَعَنْهُ: لَا يُعَجَّزُ حَتَّى يَقُولَ: قَدْ عَجَزْتُ) حَكَاهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى ; لِأَنَّ فَوَاتَ الْعِوَضِ لَا يَتَحَقَّقُ بِذَلِكَ، وَعَنْهُ: إِنْ أَدَّى أَكْثَرَ مَالِ الْكِتَابَةِ لَمْ يُرَدَّ إِلَى الرِّقِّ، وَيُتْبَعْ بِمَا بَقِيَ، وَيَلْزَمْهُ إِنْظَارُهُ ثَلَاثًا كَبَيْعِ عِوَضٍ، وَمِثْلُهُ مَالُ غَائِبٍ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ يَرْجُو قُدُومَهُ، وَدَيْنٌ حَالٌّ عَلَى مَلِيءٍ وَمُودِعٍ، وَأَطْلَقَ جَمْعٌ: لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ اسْتِيفَاؤُهُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي غَيْرِهِ (وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فَسْخُهَا بِحَالٍ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي ; لِأَنَّهَا سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ، وَفِيهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَفِي فَسْخِهَا إِبْطَالُ لِذَلِكَ الْحَقِّ (وَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَحِظَهُ، فَمَلَكَ فَسَخَهُ كَمُرْتَهِنٍ وَكَاتِّفَاقِهِمَا، وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا بِأَنَّ مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ لَهُ، فَإِذَا رَضِيَ
زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ ثُمَّ مَاتَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْفَسِخَ حَتَّى يَعْجِزَ، وَيَجِبَ عَلَى سَيِّدِهِ أَنْ يُؤْتِيَهُ بِرُبُعِ مَالِ الْكِتَابَةِ إِنْ شَاءَ وَضَعَهُ مِنْهُ، وَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ سَقَطَ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ (وَلَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ مُكَاتَبِهِ) بِرِضَاهَا (ثُمَّ مَاتَ) السَّيِّدُ أَوْ وَرِثَ زَوْجَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) عَلَى الْمَذْهَبِ فَيُعَايَا بِهَا ; لِأَنَّ زَوْجَتَهُ تَمْلِكُهُ أَوْ تَمْلِكُ سَهْمًا مِنْهُ، فَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا كَمَا لَوِ اشْتَرَتْهُ، وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ أُمُورٍ أَحَدُهَا: أَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَثَانِيهَا: أَنْ يُزَوِّجَهَا بِإِذْنِهَا، وَثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ وَارِثَهُ، فَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافُ دِينٍ أَوْ كَاتَبَ قَاتِلَهُ، فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ ; لِأَنَّهَا مَا مَلَكَتْهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْفَسِخَ حَتَّى يَعْجِزَ) لِأَنَّهَا لَا تَرِثُهُ، وَإِنَّمَا تَمْلِكُ نَصِيبَهَا مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ، وَفِي الِانْتِصَارِ نَصَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ انْتِقَالَ مَا يُقَابِلُهُ إِلَى الْوَرَثَةِ، فَعَلَى هَذِهِ الْوَصِيَّةِ بِمُعَيَّنٍ، وَالْكِتَابَةُ تَمْنَعُ الِانْتِقَالَ، فَلَا فَسْخَ، وَعَلَى رِوَايَةٍ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ، فَتَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ، وَالْحُكْمُ فِي سَائِرِ النِّسَاءِ كَالْحُكْمِ فِي الْبِنْتِ (وَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنْ يُؤْتِيَهُ) شَيْئًا مِمَّا كُوتِبَ عَلَيْهِ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُرَادُ إِعْطَاؤُهُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَاخْتَلَفَ مُوجِبُهُ، فَقَدَّرَهَا إِمَامُنَا (بِرُبُعِ مَالِ الْكِتَابَةِ) رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا، وَرُوِيَ مَوْقُوفًا، وَأَوْجَبَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ مَا اخْتَارَهُ السَّيِّدُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُقَدِّرُهُ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ كَالْمُتْعَةِ (إِنْ شَاءَ وَضَعَهُ عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّخْفِيفُ عَنِ الْمُكَاتَبِ، وَلِأَنَّهُ أَبْلُغُ فِي النُّصْحِ وَأَعُونُ عَلَى حُصُولِ الْعِتْقِ، فَيَكُونَ أَفْضَلَ مِنَ الْإِيتَاءِ، وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ رِوَايَةٌ وَقَدَّمَهَا: لَا يَجِبُ إِيتَاءُ الرُّبُعِ، وَالْأَمْرُ فِي الْآيَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ، فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ إِنْ أَعْطَاهُ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِهِ، جَازَ، وَيَلْزَمُهُ قَبُولُهَا، وَقِيلَ: لَا، وَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، جَازَ لَهُ أَخْذُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْأَشْهَرِ، وَوَقْتُ الْوُجُوبِ حِينَ الْعِتْقِ، وَإِنْ
فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ، فَإِنْ أَدَّى إِلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَعَجَزَ عَنِ الرُّبُعِ، عَتَقَ، وَلَمْ تَنْفَسِخِ الْكِتَابَةُ فِي قَوْلِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ إِيتَائِهِ، فَهُوَ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ (فَإِنْ أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ) وَعَنْهُ: أَوْ أَكْثَرَ (وَعَجَزَ عَنِ الرُّبُعِ عَتَقَ) وَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ فِي أَنَصِّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِمَا، وَفِي التَّرْغِيبِ فِي عِتْقِهِ بِالتَّقَاصِّ رِوَايَتَانِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْعَجْزَ، وَقَالَ: لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِ النُّجُومِ أَوْ أَدَّاهُ، لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ بِمِثْلِ النُّجُومِ، عَتَقَ عَلَى الْأَصَحِّ (وَلَمْ تَنْفَسِخِ الْكِتَابَةُ فِي قَوْلِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ) وَنَسَبَهُ فِي الْكَافِي إِلَى الْأَصْحَابِ ; لِعَجْزِهِ عَنْ مَا وَجَبَ دَفْعُهُ إِلَيْهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَعْتِقَ، وَلَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَصْلًا، وَلِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ حَقٍّ لَهُ، فَلَمْ تَتَوَقَّفْ حُرِّيَّتُهُ عَلَى أَدَائِهِ كَأَرْشِ جِنَايَةِ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يُتْبَعُ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ (وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ) اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ، وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَزَيْدٍ وَعَائِشَةَ، أَنَّهُمْ قَالُوا: الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مَرْفُوعًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى أَدَاءِ الْجَمِيعِ، وَإِنْ وَجَبَ رَدُّ الْبَعْضِ إِلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إِذَا أَدَّيْتَ إِلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلِلَّهِ عَلَيَّ رَدُّ رُبُعِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ بَعْضِهَا، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: يَعْتِقُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، أَوْ رَدَّ فِي الْكِتَابَةِ، وَكَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ، فَهُوَ لِسَيِّدِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ صَدَقَةٍ مَفْرُوضَةٍ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: هُوَ لِسَيِّدِهِ، وَالْأُخْرَى: يُجْعَلُ فِي الْمُكَاتَبِينَ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي: يُرَدُّ إِلَى أَرْبَابِهِ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَلَوْ قَالَ لِمُكَاتَبِهِ: مَتَى عَجَزْتَ بَعْدَ مَوْتِي، فَأَنْتَ حُرٌّ، فَهَذَا تَعْلِيقٌ لِلْحُرِّيَّةِ عَلَى صِفَةٍ تَحْدُثُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَفِيهِ خِلَافٌ، فَعَلَى الصِّحَّةِ إِنِ ادَّعَى الْعَجْزَ قَبْلَ حُلُولِ النُّجُومِ، لَمْ يَعْتِقْ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَعْجِزُ عَنْهُ.
فَرْعٌ: إِذَا كَاتَبَهُ، ثُمَّ أَسْقَطَ عَنْهُ مَالَ الْكِتَابَةِ بَرِئَ وَعَتَقَ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى سَيِّدِهِ بِالْقَدْرِ