الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ.
وَ
لَا يَجُوزُ الْفَسْخُ إِلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ
، فَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ، وَإِنْ فُسِخَ بَعْدَهُ فَلَهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى، وَقِيلَ: عَنْهُ مَهْرُ الْمِثْلِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
رَضِيَ بِعَيْبٍ فَزَادَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا خِيَارَ لَهُ ; لِأَنَّ رِضَاهُ بِهِ رِضًا بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ (أَوْ وُجِدَ مِنْهُ دَلَالَةٌ عَلَى الرِّضَا مِنْ وَطْءٍ، أَوْ تَمْكِينٍ مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ) ; لِأَنَّهُ عَيْبٌ يُثْبِتُ الْخِيَارَ، فَبَطَلَ بِمَا ذُكِرَ كَالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ وَالشَّرْطِ عَلَى التَّرَاخِي، لَا يَسْقُطُ إِلَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، إِلَّا فِي الْعِنَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِغَيْرِ الْقَوْلِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ.
[لَا يَجُوزُ الْفَسْخُ إِلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ]
(وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ إِلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ) ; لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ كَالْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ وَالْعِنَّةِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ، فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَعَلَيْهِ بِفَسْخِهِ هُوَ أَوْ بِرَدِّهِ إِلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ، وَفِي " الْوَجِيزِ ": يَتَوَلَّاهُ هُوَ، وَإِنْ فَسَخَ مَعَ عِنِّيَتِهِ، أَوْ فَرَّقَ بَيْنَ مُتَلَاعِنَيْنِ بَعْدَ عِنِّيَتِهِمَا - فَفِيهِ خِلَافٌ فِي " الِانْتِصَارِ "، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": لَا يُطْلَقُ عَلَى عِنِّينَيْنِ كَوَلِيٍّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَا تَحْرُمُ أَبَدًا، وَعَنْهُ: كَلِعَانٍ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَيْسَ هُوَ الْفَاسِخَ، وَإِنَّمَا يَأْذَنُ، وَيَحْكُمُ بِهِ، فَمَتَى أَذِنَ أَوْ حَكَمَ لِأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقِ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ، فَهُوَ فِعْلُهُ.
فَرْعٌ: إِذَا زَالَ الْعَيْبُ فَلَا فَسْخَ، وَكَذَا إِنْ عِلْمَ حَالَةَ الْعَقْدِ، وَمَنْعَهُ فِي " الْمُغْنِي " فِي عِنِّينٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُصَرَّاةِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ فِي غَيْرِهِ مِثْلُهُ (فَإِنَ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ) سَوَاءٌ كَانَ الْفَاسِخُ الزَّوْجَ أَوِ الزَّوْجَةَ ; لِأَنَّ الْفَسْخَ إِنْ كَانَ مِنْهَا، فَالْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا يَسْقُطُ مَهْرُهَا كَرَضَاعِ زَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ، فَإِنَّمَا فُسِخَ لِعَيْبٍ بِهَا دَلَّسَهُ بِالْإِخْفَاءِ، فَصَارَ الْفَسْخُ كَأَنَّهُ مِنْهَا، لَا يُقَالُ: هَلَّا جَعَلَ فَسْخَهَا لِعَيْبِهِ كَأَنَّهُ مِنْهُ لِحُصُولِهِ بِتَدْلِيسِهِ ; لِأَنَّ الْعِوَضَ مِنَ الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهِمَا، فَإِذَا اخْتَارَتِ الْفَسْخَ مَعَ سَلَامَةِ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ - رَجَعَ الْعِوَضُ إِلَى الْعَاقِدِ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا عِوَضٌ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ ; لِأَجْلِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهَا، لَا لِأَجْلِ تَعَذُّرِ مَا اسْتَحَقَّتْ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ عِوَضًا، فَافْتَرَقَا (وَإِنْ فُسِخَ بَعْدَهُ فَلَهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى) عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ وُجِدَ بِأَرْكَانِهِ
وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ، وَعَنْهُ: لَا يَرْجِعُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَشُرُوطِهِ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الصِّحَّةِ ; وَلِأَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ، وَيَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِحَادِثٍ بَعْدَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِرِدَّتِهَا ; وَفِيهِ مُسَمًّى صَحِيحٌ، فَوَجَبَ كَغَيْرِ الْمَعِيبَةِ وَالْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ، وَكَمَا لَوْ طَرَأَ الْعَيْبُ (وَقِيلَ: عَنْهُ مَهْرُ الْمِثْلِ) ; لِأَنَّ الْفَسْخَ اسْتَنَدَ إِلَى الْعَقْدِ، فَصَارَ كَالْعَقْدِ الْفَاسِدِ، وَقِيلَ: عَنْهُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي فَسْخِ الزَّوْجِ لِشَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ قَدِيمٍ، وَقِيلَ فِيهِ يُنْسَبُ قَدْرُ نَقْصِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَجْلِ ذَلِكَ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَامِلًا، فَيَسْقُطُ مِنَ الْمُسَمَّى بِنِسْبَتِهِ فَسَخَ أَوْ أَمْضَى، وَقَاسَهُ فِي الْخِلَافِ عَلَى الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ مُسَمًّى بِلَاحِقٍ وَمِثْلٌ بِسَابِقٍ.
فَرْعٌ: الْخَلْوَةُ هُنَا كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَنَحْوِهِ.
(وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ) أَوِ الْوَكِيلِ، رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ، وَكَمَا لَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَذْهَبَ - رِوَايَةً وَاحِدَةً - أَنَّهُ يَرْجِعُ، قَالَ أَحْمَدُ: كُنْتُ أَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ، فَهِبْتُهُ، فَمِلْتُ إِلَى قَوْلِ عُمَرَ (وَعَنْهُ: لَا يَرْجِعُ) وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّهُ ضِمْنَ مَا اسْتَوْفَى بَدَلَهُ وَهُوَ الْوَطْءُ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَعِيبًا فَأَكَلَهُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ إِنْ كَانَ الْوَلِيُّ عَلِمَ، غَرِمَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَجَعَ عَلَيْهَا بِالصَّدَاقِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ مَعَ يَمِينِهِ فِي عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ كَانَ أَبًا أَوْ جِدًّا أَوْ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَرَاهَا فَالتَّقْرِيرُ فِي جِهَتِهِ عَلِمَ أَوْ لَا، وَمِثْلُهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَارِّ وَلَوْ زُوِّجَ امْرَأَةً، فَأَدْخَلُوا عَلَيْهِ غَيْرَهَا، وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ، وَتُجَهَّزُ زَوْجَتُهُ بِالْمَهْرِ الْأَوَّلِ، نَصَّ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: إِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ بِهَا عَيْبٌ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَلَهَا الصَّدَاقُ، وَلَا يَرْجِعُ فِيهِمَا، وَإِذَا بَانَتْ بِالْفَسْخِ فَلَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ إِنْ كَانَتْ حَائِلًا، كَالْبَائِنِ بِالثَّلَاثِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ، وَالْحَمْلُ لَاحِقٌ بِهِ، وَقِيلَ: لَا ; لِأَنَّهَا بَائِنٌ، وَفِي السُّكْنَى رِوَايَتَانِ.