الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ
أَرْكَانُ النِّكَاحِ وَشُرُوطُهُ
فَ
أَرْكَانُهُ: الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ
، وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِيجَابُ إِلَّا بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ بِالْعَرَبِيَّةِ لِمَنْ يُحْسِنُهُمَا، أَوْ بِمَعْنَاهُمَا الْخَاصِّ بِكُلِّ لِسَانٍ لِمَنْ لَا يُحْسِنُهُمَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَعَلُّمِهِمَا بِالْعَرَبِيَّةِ، لَمْ يَلْزَمْهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَالْقَبُولُ: قَبِلْتُ هَذَا النِّكَاحَ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَفْظُهُ قَالَ: «إِذَا أَفَادَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً أَوْ خَادِمًا أَوْ دَابَّةً، فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا، وَلْيَقُلْ. . .» إِلَى آخِرِهِ.
[أَرْكَانُ النِّكَاحِ وَشُرُوطُهُ]
[أَرْكَانُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ]
بَابٌ
أَرْكَانُ النِّكَاحِ وَشُرُوطُهُ أَرْكَانُ الشَّيْءِ: أَجْزَاءُ مَاهِيَّتِهِ، فَالْمَاهِيَّةُ لَا تُوجَدُ بِدُونِ جُزْئِهَا، فَكَذَا الشَّيْءُ لَا يَتِمُّ بِدُونِ رُكْنِهِ، وَالشَّرْطُ: مَا يَنْتَفِي الْمَشْرُوطُ بِانْتِفَائِهِ، وَلَيْسَ جُزْءًا لِلْمَاهِيَّةِ (فَأَرْكَانُهُ: الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) ; لِأَنَّ مَاهِيَّةَ النِّكَاحِ مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا، وَمُتَوَقِّفَةٌ عَلَيْهِمَا.
(وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِيجَابُ إِلَّا بِلَفْظِ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ) إِجْمَاعًا ; لِوُرُودِهِمَا فِي نَصِّ الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى {زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37]{وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] وَلَا يَنْعَقِدُ بِغَيْرِهِمَا ; إِذِ الْعَادِلُ عَنْهُمَا مَعَ مَعْرِفَتِهِ لَهُمَا عَادِلٌ عَنِ اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَ الْقُرْآنُ بِهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ، فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَ رَجُلًا امْرَأَةً فَقَالَ: مَلَّكْتُكَ بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، قُلْتُ: وَرَدَ فِيهِ: زَوَّجْتُكَهَا، وَزَوَّجْنَاكَهَا، وَأَنْكَحْتُهَا - مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ رَوَى بِالْمَعْنَى ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، أَوْ يَكُونُ خَاصًّا بِهِ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يَبْقَى حُجَّةً، وَكَذَا يَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ لِأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُهَا، وَجَعَلْتُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا (بِالْعَرَبِيَّةِ لِمَنْ يُحْسِنُهُمَا أَوْ، بِمَعْنَاهُمَا الْخَاصِّ بِكُلِّ لِسَانٍ لِمَنْ لَا يُحْسِنُهُمَا) ; لِأَنَّ ذَلِكَ فِي لُغَتِهِ نَظِيرُ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ فِي الْعَرَبِيَّةِ (فَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَعَلُّمِهِمَا بِالْعَرَبِيَّةِ، لَمْ يَلْزَمْهُ) التَّعَلُّمُ (فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) اخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " التَّبْصِرَةِ " و
مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُحْسِنُ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِ: قَبِلْتُ، أَوْ قَالَ الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ: أَزَوَّجْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلِلْمُتَزَوِّجِ: أَقَبِلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ - صَحَّ، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ، وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَصِحَّ، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ الْإِيجَابَ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ تَرَاخَى عَنْهُ، صَحَّ مَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَصَحَّ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ كَعَاجِزٍ. وَالثَّانِي، وَقَدَّمَهُ السَّامَرِّيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ: أَنْ يَلْزَمَهُ كَالتَّكْبِيرِ.
(وَالْقَبُولُ) مِنَ الزَّوْجِ أَوْ وَكِيلِهِ (قَبِلْتُ هَذَا النِّكَاحَ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ) كَرَضِيتُهُ (فِي حَقِّ مَنْ لَا يُحْسِنُ) وَلَوْ هَازِلًا، وتلجئة كَالْإِيجَابِ، وَقِيلَ: وَبِكِتَابَةٍ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ خَرَّجَ صِحَّتَهُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ، وَخَرَّجَهُ هُوَ فِي " عُمُدِ الْأَدِلَّةِ " مِنْ جَعْلِهِ عِتْقَ أَمَتِهِ مَهْرَهَا، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَنْعَقِدُ بِمَا عَدَّهُ النَّاسُ نِكَاحًا بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ وَفِعْلٍ كَانَ، وَإِنَّ مِثْلَهُ كُلُّ عَقْدٍ، وَإِنَّ الشَّرْطَ بَيْنَ النَّاسِ مَا عَدُّوهُ شُرُوطًا، فَالْأَسْمَاءُ تُعْرَفُ حُدُودُهَا تَارَةً بِالشَّرْعِ، وَتَارَةً بِاللُّغَةِ، وَتَارَةً بِالْعُرْفِ، وَكَذَلِكَ الْعُقُودُ (فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِ: قَبِلْتُ) أَوْ تَزَوَّجْتُ (أَوْ قَالَ الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ: أَزَوَّجْتَ؛ قَالَ: نَعَمْ، وَلِلْمُتَزَوِّجِ: أَقَبِلْتَ؛ قَالَ: نَعَمْ - صَحَّ، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ) فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا، وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ، أَمَّا فِي الْأُولَى ; فَلِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْجَوَابِ، فَصَحَّ النِّكَاحُ كَالْبَيْعِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ ; فَلِأَنَّ الْمَعْنَى: نَعَمْ زَوَّجْتُ، نَعَمْ قَبِلْتُ هَذَا التَّزْوِيجَ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: 44] كَانَ إِقْرَارًا مِنْهُمْ بِوِجْدَانِ مَا وَعَدَهُمْ رَبُّهُمْ حَقًّا، وَبِدَلِيلِ الْإِقْرَارِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ) ; لِأَنَّ لَفْظَ: زَوَّجْتُهُ، وَقَبِلْتُ هَذَا النِّكَاحَ رُكْنٌ فِي الْعَقْدِ، فَلَمْ يَصِحَّ بِدُونِهِمَا، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الثَّانِيَةِ.
فَرْعٌ: يَنْعَقِدُ نِكَاحُ أَخْرَسٍ بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، أَوْ كِتَابَةٍ، وَذَكَرَ فِي " الْمُحَرَّرِ " أَنَّ فِي كِتَابَةِ الْقَادِرِ عَلَى النُّطْقِ وَجْهَيْنِ، أَوْلَاهُمَا: عَدَمُ الصِّحَّةِ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَإِنْ أَوْجَبَ ثُمَّ جُنَّ قَبْلِ الْقَبُولِ، بَطَلَ كَمَوْتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي إِغْمَائِهِ وَجْهَانِ، وَإِنْ نَامَ لَمْ يَبْطُلِ الْإِيجَابُ.
(وَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ الْإِيجَابَ، لَمْ يَصِحَّ) سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْمَاضِي: كَتَزَوَّجْتُ