الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالرَّجْعِيَّةُ: زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ، وَالظِّهَارُ، وَالْإِيلَاءُ، وَيُبَاحُ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَالرَّجْعِيَّةُ أَوْلَى، وَعَلَى هَذَا يُحْتَاجُ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الرَّجْعَةَ، ذَكَرَهُ فِي " الْوَجِيزِ "، و" التَّبْصِرَةِ "، و" الْمُغْنِي "، و" الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّ مَا كَانَ كِنَايَةً تُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ كَكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " هَلْ يَحْصُلُ بِكِنَايَةِ: أَعَدْتُكِ، أَوِ اسْتَدَمْتُكِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ، وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يَحْصُلُ بِكِنَايَةِ رَجْعَةٍ.
[الْإِشْهَادُ فِيهَا]
(وَهَلْ مِنْ شَرْطِهَا الْإِشْهَادُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي " الْفُرُوعِ " إِحْدَاهُمَا: يَجِبُ، قَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ؛ وَلِأَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ بِضْعٍ مَقْصُودٍ، فَوَجَبَتِ الشَّهَادَةُ فِيهِ كَالنِّكَاحِ، فَلَوِ ارْتَجَعَ بِغَيْرِ إِشْهَادٍ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَشْهَدَ، وَأَوْصَى الشُّهُودَ بِكِتْمَانِهَا، فَالرَّجْعَةُ بَاطِلَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَخْرُجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي التَّوَاصِي بِكِتْمَانِ النِّكَاحِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يُشْتَرَطُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَرَجَّحَهَا فِي " الْمُغْنِي "، و" الشَّرْحِ "، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إِلَى قَبُولٍ، فَلَمْ تَفْتَقِرْ إِلَى شَهَادَةٍ كَسَائِرِ حُقُوقِ الزَّوْجِ؛ وَلِأَنَّ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْوَلِيُّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِشْهَادُ كَالْبَيْعِ، وَإِذا يُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِشْهَادَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ مُسْتَحَبٌّ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَذَا عِنْدَهَا حِذَارًا مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ، وَمَا قِيلَ: إِنَّهَا اسْتِبَاحَةُ بُضْعٍ، فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ، إِذِ الرَّجْعَةُ مُبَاحَةٌ، وَجَعَلَ الْمَجْدُ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى قَوْلِنَا: إِنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِالْقَوْلِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَحْصُلُ بِالْوَطْءِ، فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ كَالْقَاضِي فِي " التَّعْلِيقِ " يُطْلِقُونَ الْخِلَافَ، وَأَلْزَمَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِإِعْلَانِ الرَّجْعَةِ وَالتَّسْرِيحِ، أَوِ الْإِشْهَادِ، كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ عِنْدَهُ، لَا عَلَى ابْتِدَاءِ الْفِرْقَةِ، وَلِئَلَّا يُكْتَمَ طَلَاقُهَا، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَقُولَ: اشْهَدَا عَلَيَّ أَنِّي قَدْ رَاجَعْتُ زَوْجَتِي إِلَى نِكَاحِي، أَوْ رَاجَعْتُهَا لَمَّا وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقِي.
[بِمَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ]
(وَالرَّجْعِيَّةُ: زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ، وَالظِّهَارُ، وَالْإِيلَاءُ) وَيَرِثُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ إِنْ
وَالْخُلْوَةُ بِهَا، وَالسَّفَرُ بِهَا، وَلَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ وَتَتَشَرَّفَ لَهُ، وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِوَطْئِهَا - نَوَى الرَّجْعَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ، وَلَا تَحْصُلُ بِمُبَاشَرَتِهَا، وَالنَّظَرِ إِلَى فَرْجِهَا، وَالْخُلْوَةِ بِهَا لِشَهْوَةٍ - نَصَّ عَلَيْهِ، وَخَرَّجَهُ ابْنُ حَامِدٍ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَعَنْهُ: لَيْسَتْ مُبَاحَةً،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَاتَ بِالْإِجْمَاعِ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْهَا، فَإِنْ خَالَعَهَا صَحَّ خُلْعُهُ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ حَكَاهَا فِي " التَّرْغِيبِ ": لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّحْرِيمِ وهي محرمة، وَجَوَابُهُ: أَنَّهَا زَوْجَةٌ يَصِحُّ طَلَاقُهَا، فَصَحَّ خُلْعُهَا كَمَا قُبِلَ الطَّلَاقُ، وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْخُلْعِ التَّحْرِيمُ، بَلِ الْخَلَاصُ مِنْ ضَرَرِ الزَّوْجِ، عَلَى أَنَّنَا نَمْنَعُ كَوْنَهُ مَحْرَمَةً، وَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ كَالزَّوْجَةِ.
(وَيُبَاحُ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا، وَالْخُلْوَةُ، وَالسَّفَرُ بِهَا، وَلَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ وَتَتَشَرَّفَ لَهُ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: لَا تَحْتَجِبْ عَنْهُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: تَتَشَرَّفُ لَهُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ كَمَا قَبْلَ الطَّلَاقُ (وَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِوَطْئِهَا - نَوَى الرَّجْعَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ) عَلَى الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي، وَقَالَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ زَوَالِ الْمِلْكِ، انْعَقَدَ مَعَ الْخِيَارِ، وَالْوَطْءُ مِنَ الْمَالِكِ يُمْنَعُ زَوَالُهُ كَوَطْءِ الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَكَمَا يَنْقَطِعُ بِهِ التَّوْكِيلُ فِي طَلَاقِهَا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: تَكُونُ رَجْعَةٌ إِذَا أَرَادَ بِهِ الرَّجْعَةَ، وَقَالَهُ إِسْحَاقُ (وَلَا تَحْصُلُ بِمُبَاشَرَتِهَا، وَالنَّظَرِ إِلَى فَرْجِهَا، وَالْخُلْوَةِ بِهَا لِشَهْوَةٍ - نَصَّ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْوَطْءِ، إِذِ الْوَطْءُ يَدُلُّ عَلَى ارْتِجَاعِهَا دَلَالَةً ظَاهِرَةً بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى يَحْرُمُ مِنَ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَالْحِلُّ مِنَ الزَّوْجَةِ، فَحَصَلَتْ بِهِ الرَّجْعَةُ كَالِاسْتِمْتَاعِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُ خِيَارَ الْمُشْتَرِي لِلْأَمَةِ، وَكَاللَّمْسِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ (وَخَرَّجَهُ ابْنُ حَامِدٍ عَلَى وَجْهَيْنِ) مَبْنِيَّيْنِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِهِ، أَحَدُهُمَا: هُوَ رَجْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ يُبَاحُ بِالزَّوْجَةِ، فَحَصَلَتِ الرَّجْعَةُ بِهِ كَالْوَطْءِ، وَالثَّانِي: لَيْسَ بِرَجْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إِيجَابُ عِدَّةٍ