الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ سِتَّةٌ: إِنْ، وَإِذَا، وَمَتَى، وَمَنْ، وَأَيُّ، وَكُلَّمَا، وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ قَالَ: سَبَقَ لِسَانِي بِالشَّرْطِ وَلَمْ أُرِدْهُ، وَقَعَ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا يُوجِبُ الطَّلَاقَ، فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُهَا، فَلَوْ فَصَلَ بَيْنَ الشَّرْطِ وَحُكْمِهِ بِكَلَامٍ مُنْتَظِمٍ نَحْوَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إِنْ قُمْتِ، لَمْ يَقْطَعْهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْتَمَلُ أَنْ يَقْطَعَهُ كَسَكْتَةٍ وَتَسْبِيحَةٍ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةً رَفْعًا وَنَصْبًا، وَقَعَ بِمَرَضِهَا (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ إِنْ قُمْتِ - دِينَ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ، وَمَا ادَّعَاهُ مُحْتَمَلٌ (وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ، نَصَّ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَإِرَادَةُ التَّعْلِيقِ مِنَ التَّنْجِيزِ بَعِيدَةٌ جِدًّا، وَفِيهِ فَتْحُ بَابٍ عَظِيمِ الْخَطَرِ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي " الْكَافِي " و" الْمُسْتَوْعِبِ " فِيهِ رِوَايَتَانِ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ مِنْ وَثَاقٍ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ: إِنْ تَرَكَتْ هَذَا الصَّبِيَّ يَخْرُجُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَخَرَجَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا، فَإِنْ كَانَ نَوَى لَا يَخْرُجُ حَنِثَ، وَإِنْ نَوَى لَا تَدَعُهُ يَخْرُجُ، لَمْ يَحْنَثْ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ نِيَّتَهُ لَمْ يَحْنَثْ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا تَأْخُذْ حَقَّكَ مِنِّي فَأُكْرِهَ عَلَى الدَّفْعِ - حَنِثَ، وَإِنْ أُكْرِهَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَلَى أَخْذِهِ فَوَجْهَانِ، وَإِنْ وَضَعَهُ الْحَالِفُ فِي حِجْرِهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَأْخُذْ - لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَخْذَهُ الْحَاكِمُ مِنَ الْغَرِيمِ فَدَفَعَهُ إِلَى الْمُسْتَحِقِّ فَأَخَذَهُ - حَنِثَ، كَمَا لَوْ قَالَ: لَا تَأْخُذْ حَقَّكَ عَلَيَّ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا، كَمَا لَوْ قَالَ: أُعْطِيكَ حَقَّكَ.
[فَصْلٌ أَدَوَاتُ الشَّرْطِ]
(وَأَدَوَات الشَّرْطِ سِتَّةٌ) كَذَا وَقَعَ بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ، وَالْوَجْهُ سِتٌّ، وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى الْمَعْنَى عَلَى تَأْوِيلِ الْأَدَوَاتِ بِالْأَلْفَاظِ، أَوْ هُوَ جَمْعُ لَفْظٍ وَهُوَ مُذَكَرٌ، نَظِيرُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ وَثَلَاثُ ذُودٍ
…
لَقَدْ جَارَ الزَّمَانُ عَلَى عِيَالِي
وَالنَّفْسُ مُؤَنَّثَةٌ، لَكِنْ أُرِيدَ بِهَا الْإِنْسَانُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرَ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ فِيهَا، فَإِنَّ
التَّكْرَارَ إِلَّا كُلَّمَا، وَفِي مَتَى وَجْهَانِ، وَكُلُّهَا عَلَى التَّرَاخِي إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنْ " لَمْ "، فَإِنِ اتَّصَلَ بِهَا صَارَتْ عَلَى الْفَوْرِ، إِلَّا " إنْ "، وَفِي " إِذَا " وَجْهَانِ.
فَإِذَا قَالَ: إِنْ قُمْتِ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
غَيْرَهَا أَدَاةٌ لَهُ كَـ " مَا "، وَإِنَّمَا خَصَّ السِّتَّةَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا غَالِبُ مَا تُسْتَعْمَلُ لَهُ (إِنْ، وَإِذَا، وَمَتَى، وَمَنْ، وَأَيُّ، وَكُلَّمَا، وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ إِلَّا كُلَّمَا) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} [المائدة: 64] و: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف: 38](وَفِي مَتَى وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا: تُسْتَعْمَلُ لِلتَّكْرَارِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نَارِهِ
…
تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عِنْدَهَا خَيْرُ مُوقِدِ
وَلِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، وَمَتَى وُجِدَ الشَّرْطُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَالثَّانِي: لَا يَقْتَضِيهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّهَا اسْمُ زَمَنٍ بِمَعْنَى أَيِّ وَقْتٍ، وَبِمَعْنَى إِذَا، وَكَوْنِهَا تُسْتَعْمَلُ لِلتَّكْرَارِ لَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِهِ كَإِذَا، وَأَيُّ وَقْتٍ، فَإِنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ فِي الْأَمْرَيْنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا} [الأنعام: 68]{وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ} [الأعراف: 203] وَكَذَلِكَ أَيُّ وَقْتٍ، وَأَيُّ زَمَانٍ، فَإِنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ لِلتَّكْرَارِ، وَسَائِرُ الْحُرُوفِ يُجَازَى بِهَا إِلَّا أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ لِلتَّكْرَارِ وَغَيْرِهِ، فَلَا تُحْمَلُ عَلَى التَّكْرَارِ إِلَّا بِدَلِيلٍ.
فَرْعٌ: مَنْ وَأَيُّ الْمُضَافَةُ إِلَى الشَّخْصِ يَقْتَضِيَانِ عُمُومَ ضَمِيرِهِمَا فَاعِلًا كَانَ أَوْ مَفْعُولًا.
(وَكُلُّهَا عَلَى التَّرَاخِي إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنْ " لَمْ ") أَوْ نِيَّةِ الْفَوْرِ، أَوْ قَرِينَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِيهِ، لِكَوْنِ أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي وَقْتًا إِلَّا ضَرُورَةَ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي وَقْتٍ، فَهِيَ مُطْلَقَةٌ فِي الزَّمَانِ كُلِّهِ (فَإِنِ اتَّصَلَ بِهَا صَارَتْ عَلَى الْفَوْرِ) ؛ لِأَنَّ " مَتَى " و" أَيُّ " مَعْنَاهُمَا: أَيُّ زَمَانٍ، وَذَلِكَ شَائِعٌ فِي الزَّمَانِ كُلِّهِ، فَأَيُّ زَمَنٍ وُجِدَتِ الصِّفَةُ فِيهِ وَجَبَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُلْحَظَ فِي " أَيُّ " كَوْنُهَا مُضَافَةً إِلَى زَمَنٍ، فَإِنْ أُضِيفَتْ إِلَى شَخْصٍ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ " مَنْ "، وَظَاهِرُهُ: أَنْ " مَنْ " لِلْفَوْرِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ " مَنْ " لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الزَّمَانِ إِلَّا ضَرُورَةَ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي زَمَانٍ، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ " أَيُّ "، فَيَجِبُ أَلَّا تَكُونَ عَلَى التَّرَاخِي، مَعَ أَنَّ صَاحِبَ " الْمُحَرَّرِ " حَكَى فِي " مَنْ " و" أَيُّ " الْمُضَافَةِ إِلَى
إِذَا قُمْتِ، أَوْ مَنْ قَامَتْ مِنْكُنَّ، أَوْ أَيَّ وَقْتٍ قُمْتِ، أَوْ مَتَى قُمْتِ، أَوْ كُلَّمَا قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَتَى قَامَتْ طُلِّقَتْ، وَإِنْ تَكَرَّرَ الْقِيَامُ لَمْ يَتَكَرَّرِ الطَّلَاقُ، إِلَّا فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الشَّخْصِ وَجْهَيْنِ، وَيَتَوَجَّهَانِ فِي مَهْمَا، فَإِنِ اقْتَضَتْ فَوْرًا فَهِيَ فِي التَّكْرَارِ كَـ " مَتَى "، وَأَمَّا " كُلَّمَا " فَدَلَالَتُهَا عَلَى الزَّمَنِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ " أَيُّ " و" مَتَى "، فَإِذَا صَارَتَا لِلْفَوْرِ عِنْدَ اتِّصَالِهِمَا بِلَمْ، فَلِأَنْ تَصِيرَ " كُلَّمَا " كَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (إِلَّا " إنْ ") أَيْ: مَعَ عَدَمِ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ، فَإِذَا قَالَ: إِنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ - لَمْ يَقَعْ إِلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ إِيقَاعِهِ بِمَوْتٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ (وَفِي " إِذَا " وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي، نَصَرَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهَا تَسْتَعْمِلُ شَرْطًا بِمَعْنَى " إِنْ " كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَإِذَا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّلِ
فَجَزَمَ بِهَا كَـ " إِنْ "؛ وَلِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى " مَتَى " و" إِنْ "، فَلَا يَقَعُ بِالشَّكِّ، وَالثَّانِي: عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ أَشْهَرُ؛ لِأَنَّهَا اسْمٌ لِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَيَكُونُ كَمَتَى، فَأَمَّا الْمُجَازَاةُ بِهَا، فَلَا تُخْرِجُهَا عَنْ مَوْضُوعِهَا.
مَسْأَلَةٌ: قَدْ عُلِمَ حُكْمُ الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ، وَأَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ قَبْلَ وُجُودِهِ، وَعَنْهُ: يَحْنَثُ بِعَزْمِهِ عَلَى التَّرْكِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الرَّوْضَةِ "؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَصْدِ، وَالْقَصْدِ هُوَ النِّيَّةُ؛ وَلِهَذَا لَوْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا، لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ الْقَصْدِ، فَأَثَّرَ فِيهِ تَعْيِينُ النِّيَّةِ كَالْعِبَادَاتِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ إِذَا نَوَى قَطْعَهُمَا - ذَكَرَهُ فِي " الْوَاضِحِ ".
تَذْنِيبٌ: قَوْلُهُمُ الْأَدَوَاتُ الْأَرْبَعُ فِي النَّفْيِ عَلَى الْفَوْرِ صَحِيحٌ فِي " كُلَّمَا " و" أَيُّ " و" مَتَى "، فَإِنَّهَا تَعُمُّ الزَّمَانَ بِخِلَافِ " مَنْ "؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَسْمَاءِ الزَّمَانِ، وَإِنَّمَا تَعُمُّ الْأَشْخَاصَ، فَلَا يَظْهَرُ أَنَّهَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ، فَعَلَى هَذَا إِذَا قَالَ: مَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا مِنْكُنَّ فَهِيَ طَالِقٌ، لَمْ تُطَلَّقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ طَلَاقُهَا، أَوْ يَنْوِيَ وَقْتًا أَوْ تَقُومَ قَرِينَةٌ بِفَوْرٍ، فَيَتَعَلَّقُ بِهِ.
(فَإِذَا قَالَ: إِنْ قُمْتِ، أَوْ إِذَا قُمْتِ، أَوْ مَنْ قَامَتْ مِنْكُنَّ، أَوْ أَيَّ وَقْتٍ قُمْتِ، أَوْ مَتَى قُمْتِ، أَوْ كُلَّمَا قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَتَى قَامَتْ طُلِّقَتْ) ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الشَّرْطِ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْجَزَاءِ، وَعَدَمَهُ عَدَمَهُ إِلَّا أَنْ يُعَارِضَ مُعَارِضٌ (وَإِنْ تَكَرَّرَ الْقِيَامُ لَمْ يَتَكَرَّرِ الطَّلَاقُ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّكْرَارِ (إِلَّا فِي " كُلَّمَا ") فَإِنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ (و" مَتَى " فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) بِنَاءً عَلَى مُقْتَضَاهَا التَّكْرَارُ وَعَدَمُهُ، وَلَوْ قُمْنَ الْأَرْبَعُ فِيمَنْ قَامَتْ وَأَيَّتُكُنَّ قَامَتْ، أَوْ مَنْ
" كُلَّمَا "، وَفِي " مَتَى " فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَكَلْتِ رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوَ كُلَّمًا أَكَلْتِ نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً - طَلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى صِفَاتٍ ثَلَاثٍ، فَاجْتَمَعْنَ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ رَأَيْتِ رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ رَأَيْتِ فَقِيهًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ رَأَيْتِ أَسْوَدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَرَأَتْ رَجُلًا أَسْوَدَ فَقِيهًا - طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَإِنْ قَالَ: إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَقَمْتُهَا، أَوْ أَيَّتُكُنَّ أَقَمْتُهَا - طُلِّقْنَ (وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَكَلْتِ رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكُلَّمَا أَكَلْتِ نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً - طُلِّقَتْ ثَلَاثًا) لِوُجُودِ وَصْفِهِ النِّصْفَ مَرَّتَيْنِ، وَالْجَمِيعُ مَرَّةً؛ لِأَنَّ " كُلَّمَا " تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ تُطَلَّقُ وَاحِدَةً.
1 -
(وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى صِفَاتٍ ثَلَاثٍ، فَاجْتَمَعْنَ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ رَأَيْتِ رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ رَأَيْتِ فَقِيهًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ رَأَيْتِ أَسْوَدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَرَأَتْ رَجُلًا أَسْوَدَ فَقِيهًا - طُلِّقَتْ ثَلَاثًا) لِوُجُودِ الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ فِيهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةً فِيهِمُ الثَّلَاثُ صِفَاتٍ.
أَصْلٌ: أَدَوَاتُ الشَّرْطِ إِذَا تَقَدَّمَ جَزَاؤُهَا عَلَيْهَا لَمْ يُحْتَجْ إِلَى الْفَاءِ فِي الْجَزَاءِ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ، احْتَاجَتْ إِلَى حَرْفٍ، وَاخْتَصَّتِ الْفَاءُ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّعْقِيبِ.
1 -
(وَإِنْ قَالَ: إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَمْ يُطَلِّقْهَا لَمْ تُطَلَّقْ) ؛ لِأَنَّ " إِنْ لَمْ " لَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ (إِلَّا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا) أَيْ: أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِيقَاعُ الطَّلَاقِ بِهَا بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يَقَعُ لِجَوَازِ أَنْ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهَا (إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ) فَيُعْمَلُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ بِقَوْلٍ صَالِحٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ عَمَلًا بِالْمُقْتَضِي السَّالِمِ عَنِ الْمُعَارِضِ، وَكَذَا إِذَا دَلَّتْ قرينة عَلَى الْفَوْرِ، وَفِي " الْإِرْشَادِ " رِوَايَةٌ: يَقَعُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ إِيقَاعِهِ، وَقَعَ الْحِنْثُ بِمَوْتِهِ، وَوَرِثَهُ صَاحِبُهُ إِذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَإِنْ كَانَ ثَلَاثًا وَرِثَتْهُ وَلَمْ يَرِثْهَا هُوَ، وَلَا يَرِثُ ثَانِيًا وَتَرِثُهُ، وَيَتَخَرَّجُ لَا تَرِثُهُ مِنْ تَعْلِيقِهِ فِي صِحَّتِهِ عَلَى فِعْلِهَا، فَيُوجَدُ فِي مَرَضِهِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَفِي " الرَّوْضَةِ ": فِي إِرْثِهِمَا رِوَايَتَانِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ فِي الصِّحَّةِ وَالطَّلَاقَ فِي الْمَرَضِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ.
فَرْعٌ: لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ قَبْلَ فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: بَلَى جَزَمَ بِهِ
يُطَلِّقْهَا لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ، وَإِنْ قَالَ: مَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا، أَوْ أَيَّ وَقْتٍ لَمْ أُطَلِّقْكِ، أو متى أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ طَلَاقُهَا فِيهِ - طُلِّقَتْ، وَإِنْ قَالَ: إِذَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَهَلْ تُطَلَّقُ فِي الْحَالِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ طَلَاقُهَا فِيهِ ثَلَاثًا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا - طُلِّقَتَ ثَلَاثًا، إِلَّا الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى، وَإِنْ قَالَ الْعَامِّيُّ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ - بِفْتَحِ الْهَمْزَةِ - فَهُوَ شَرْطٌ، وَإِنْ قَالَهُ عَارِفٌ بِمُقْتَضَاهُ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، وَحُكِيَ عَنِ الْخَلَّالِ أَنَّهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
جَمَاعَةٌ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ لَمْ يَقَعْ فِيهِ طَلَاقٌ، فَحَلَّ لَهُ الْوَطْءُ.
(وَإِنْ قَالَ: مَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا أَوْ أَيَّ وَقْتٍ لَمْ أُطَلِّقْكِ) أَوْ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْكِ (فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ طَلَاقُهَا فِيهِ - طُلِّقَتْ) فِي الْحَالِ؛ لِوُجُودِ الصِّفَةِ، فَإِنَّهَا اسْمٌ لِوَقْتِ الْفِعْلِ، فَيُقَدَّرُ بِهَذَا، أَوْ لِهَذَا يَصِحُّ بِهِ السُّؤَالُ فَيُقَالُ: مَتَى دَخَلْتِ أَوْ أَيَّ وَقْتٍ دَخَلْتِ، وَأَمَّا " مَنْ " فَتَقْتَضِي الْفَوْرَ، وَحِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ الطَّلَاقُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ عُقَيْبَ الْيَمِينِ إِذَا لَمْ يُطَلِّقْ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ يَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ الطَّلَاقُ ضَرُورَةَ أَنَّ وُجُودَ الشَّرْطِ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْمَشْرُوطِ، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ حُكْمَ مَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا أَوْ إِذَا لَمْ أُطَلِّقْكِ، أَوْ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أُطَلِّقْهَا كَحُكْمِ " إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ ".
1 -
(وَإِنْ قَالَ: إِذَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَهَلْ تُطَلَّقُ فِي الْحَالِ) أَوْ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا؛ (عَلَى وَجْهَيْنِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْفَوْرِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي (وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ طَلَاقُهَا فِيهِ ثَلَاثًا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا - طُلِّقَتْ ثَلَاثًا) ؛ لِأَنَّ " كُلَّمَا " تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، فَيَقْتَضِي تَكْرَارَ الطَّلَاقِ بِتَكَرُّرِ الصِّفَةِ، وَالصِّفَةُ عَدَمُ طَلَاقِهِ لَهَا، فَإِذَا مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَلَمْ يَفْعَلْ، فَقَدْ وُجِدَتِ الصِّفَةُ، فَيَقَعُ وَاحِدَةً، وَثَانِيَةً، وَثَالِثَةً، إِذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا (إِلَّا الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا، فَإِنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى) وَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ (وَإِنْ قَالَ الْعَامِّيُّ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ - بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ - فَهُوَ شَرْطٌ) ؛ لِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يُرِيدُ بِهِ إِلَّا الشَّرْطَ، وَلَا يَعْرِفُ أَنَّ مُقْتَضَاهَا التَّعْلِيلَ، فَلَا يُرِيدُهُ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ مَا لَا يَعْرِفُهُ وَكُنْيَتُهُ (وَإِنْ قَالَهُ عَارِفٌ بِمُقْتَضَاهُ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ " أَنْ " لِلتَّعْلِيلِ لَا لِلشَّرْطِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} [الحجرات: 17]{وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} [مريم: 90]{أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم: 91] قَالَ الْقَاضِي:
إِنْ لَمْ يَنْوِ مُقْتَضَاهُ فَهُوَ شَرْطٌ أَيْضًا، وَإِنْ قَالَ: إِنْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ الْجَزَاءَ، أَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ قِيَامَهَا وَطَلَاقَهَا شَرْطَيْنِ لِشَيْءٍ، ثُمَّ أَمْسَكْتُ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؛ يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَإِنْ قَالَ: إِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَهَذَا التَّفْصِيلُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ (وَحُكِيَ عَنِ الْخَلَّالِ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَنْوِ مُقْتَضَاهُ فَهُوَ شَرْطٌ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ، فَإِذَا لَمْ يَنْوِ مُقْتَضَاهُ، اسْتَوَى الْعَارِفُ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ وَفِي " التَّرْغِيبِ " وَجْهٌ يَقَعُ إِذَنْ، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ كَتَطْلِيقِهَا لِرِضَا أَبِيهَا، يَقَعُ، كَانَ فِيهِ رِضَاهُ أَوْ سَخَطُهُ، وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِيهِمَا: يَقَعُ إِذَنْ وَلَوْ بَدَلُ " أَنْ " كَهِيَ، وَفِي " الْكَافِي ": يَقَعُ إِذَنْ كَإِذْ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي " و" الشَّرْحِ "، وَفِيهَا احْتِمَالٌ كَأَمْسُ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ، فَهُوَ شَرْطٌ، قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " و" الرِّعَايَةِ "، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، وَإِنَّمَا حُذِفَتِ الْفَاءُ لِحَذْفِ الْمُبْتَدَأِ أَوِ الْخَبَرِ؛ لِدَلَالَةِ بَاقِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَفِي " الْكَافِي " احْتِمَالٌ يَقَعُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ إِذَا تَأَخَّرَ عَنْهُ، لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِالْفَاءِ أَوْ إِذَا، وَقِيلَ: إِنْ نَوَى الشَّرْطَ وَإِلَّا طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ.
1 -
(وَإِنْ قَالَ: إِنْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ جَوَابًا لِلشَّرْطِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ حَالٍ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ» وَفِي " الْفُرُوعِ " كَالْفَاءِ (فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ الْجَزَاءَ، أَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ قِيَامَهَا وَطَلَاقَهَا شَرْطَيْنِ لِشَيْءٍ، ثُمَّ أَمْسَكْتُ) دِينَ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ مَنْ غَيْرِهِ (وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؛ يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِ، أَشْهَرُهُمَا الْقَبُولُ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَالثَّانِيَةُ: لَا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، فَلَوْ جَعَلَ لَهُ جَزَاءً بِأَنْ قَالَ: إِنْ قُمْتِ، أَنْتِ طَالِقٌ، فَعَبْدِي حُرٌّ - صَحَّ، وَلَمْ يُعْتَقِ الْعَبْدُ حَتَّى يَقُومَ، وَهِيَ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ هُنَا لِلْحَالِ، فَلَوْ قَالَ: إِنْ قُمْتِ
قُمْتِ فَقَعَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِنْ قَعَدْتِ إِذَا قُمْتِ، أَوْ إِنْ قَعَدْتِ إِنْ قُمْتِ - لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ قُمْتِ وَقَعَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ - طُلِّقَتْ بِوُجُودِهِمَا كَيْفَمَا كَانَا، وَعَنْهُ: تُطَلَّقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ قُمْتِ أَوْ قَعَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ - طُلِّقَتْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
طَالِقًا، فَقَامَتْ وَهِيَ طَالِقٌ طُلِّقَتْ أُخْرَى، وَإِنْ قَامَتْ وَهِيَ غَيْرُ طَالِقٍ لَمْ تُطَلَّقْ؛ لِأَنَّ هَذَا حَالٌ، فَجَرَى مَجْرَى قَوْلِهِ: إِنْ قُمْتِ سَاكِتَةً.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْتِ الْأُخْرَى - رُجِعَ إِلَى مَا أَرَادَ، فَإِنْ عُدِمَتْ فَمَتَى دَخَلَتِ الْأُولَى طُلِّقَتْ، سَوَاءٌ دَخَلَتِ الْأُخْرَى أَوْ لَا، وَلَا تُطَلَّقُ الْأُخْرَى، فَلَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَإِنْ دَخَلْتِ هَذِهِ الْأُخْرَى، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقِيلَ: لَا تُطَلَّقُ إِلَّا بِدُخُولِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُطَلَّقَ بِأَحَدِهِمَا أَيُّهُمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ شَرْطَيْنِ بِحَرْفَيْنِ، فَيَقْتَضِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءً، فَتَرَكَ جَزَاءَ الْأَوَّلِ وَالْجَزَاءُ الْأَخِيرُ دَالٌّ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: 17] .
(وَإِنْ قَالَ: إِنْ قُمْتِ فَقَعَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِنْ قَعَدْتِ إِذَا قُمْتِ، أَوْ إِنْ قَعَدْتِ إِنْ قُمْتِ - لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ) ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ شَرْطٌ يَتَقَدَّمُ مَشْرُوطَهُ، وَكَذَا إِنْ قَالَ: إِنْ قُمْتِ ثُمَّ قَعَدْتِ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي " إِنْ " كَالْوَاوِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِيهِ عُرْفًا، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي الْفَاءِ وَثُمَّ رِوَايَةً كَالْوَاوِ.
تَتِمَّةٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ أَكَلْتِ إِذَا أَوْ إِنْ أَوْ مَتَى لَبِسْتِ - لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى تَلْبَسَ ثُمَّ تَأْكُلَ، وَتُسَمِّيهِ النُّحَاةُ اعْتِرَاضُ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، فَيَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْمُتَأَخِّرِ وَتَأْخِيرَ الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الثَّانِيَ فِي اللَّفْظِ شَرْطًا لِلَّذِي قَبْلَهُ، وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ الْمَشْرُوطَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي} [هود: 34] الْآيَةَ، وَقَالَ الْقَاضِي: إِذَا كَانَ الشَّرْطُ بِإِذَا كَقَوْلِنَا وَفِيمَا إِذَا قَالَ: إِنْ شَرِبْتِ إِنْ أَكَلْتِ أَنَّهَا تُطَلَّقُ بِوُجُودِهِمَا كَيْفَمَا وُجِدَا؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا تَعْرِفُ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي هَذَا، فَقَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْعُرْفِ فِي هَذَا عُرْفٌ.
(وَإِنْ قَالَ: إِنْ قُمْتِ وَقَعَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ - طُلِّقَتْ بِوُجُودِهِمَا كَيْفَمَا كَانَا) وَلَا تُطَلَّقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهَا لِلْجَمْعِ لَا لِلتَّرْتِيبِ (وَعَنْهُ: تُطَلَّقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّ