الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى غَيْرِهَا، لَمْ يَجُزْ إِلَّا لِحَاجَةٍ دَاعِيَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَلْبَثْ عِنْدَهَا، لَمْ يَقْضِ، وَإِنْ لَبِثَ أَوْ جَامَعَ، لَزِمَهُ أَنْ يَقْضِيَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْأُخْرَى.
وَإِنْ أَرَادَ النُّقْلَةَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَأَخَذَ إِحْدَاهُنَّ مَعَهُ، وَالْأُخْرَى مَعَ غَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِقُرْعَةٍ، وَمَتَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ (إِلَّا لِحَاجَةٍ دَاعِيَةٍ) كَكَوْنِ ضُرَّتِهَا مَنْزُولًا بِهَا فَيُرِيدُ أَنْ يَحْضُرَهَا، أَوْ تُوصِيَ إِلَيْهِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ عُرْفًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَالَةٌ ضَرُورِيَّةٌ وَحَاجَةٌ، فَأُبِيحَ بِهِ تَرْكُ الْوَاجِبِ إِلَى قَضَائِهِ فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَدْخُلُ إِلَيْهَا نَهَارًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ دَاعِيَةٌ، وَفِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ ": أَنَّهُ يَجُوزُ لِحَاجَةٍ، كَدَفْعِ نَفَقَةٍ، وَعِيَادَةٍ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": فِيهِمَا لِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ أَوْ لِمَرَضٍ فَيُدَاوِيهَا، وَفِي قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا نَهَارًا وَجْهَانِ (فَإِنْ لَمْ يَلْبَثْ عِنْدَهَا لَمْ يَقْضِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِقِلَّتِهِ (وَإِنْ لَبِثَ أَوْ جَامَعَ، لَزِمَهُ أَنْ يَقْضِيَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْأُخْرَى) ؛ لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ وَاجِبَةٌ، وَلَا يَحْصُلُ إِلَّا بِذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَلَوْ جَامَعَهَا فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَيَدْخُلُ عَلَى الْمَظْلُومَةِ فِي لَيْلَةِ الْمُجَامَعَةِ، فَيُجَامِعُهَا لِيَعْدِلَ بَيْنَهُمَا، وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُسْتَحَقُّ فِي الْقَسْمِ، وَلَا يَقْضِي لَيْلَةَ صَيْفٍ عَنْ شِتَاءٍ، وَلَهُ قَضَاءُ أَوَّلِ اللَّيْلِ عَنْ آخِرِهِ وَعَكْسِهِ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ زَمَنُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ.
فَرْعٌ: إِذَا خَرَجَ فِي لَيْلَةِ إِحْدَاهُنَّ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَآخِرَهُ الَّذِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِالِانْتِشَارِ فِيهِ وَالْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ - جَازَ، وَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَلَمْ يَلْبَثْ، لَمْ يَقْضِ، وَإِنْ لَبِثَ قَضَى مُطْلَقًا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْضِيَ لَهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِنْ قَضَاهُ فِي غَيْرِهِ مِنَ اللَّيْلِ جَازَ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَضَى بِقَدْرِ مَا فَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ، وَالثَّانِي: لَا، لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ.
[إِنْ أَرَادَ النُّقْلَةَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ]
(وَإِنْ أَرَادَ النُّقْلَةَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَأَخَذَ إِحْدَاهُنَّ مَعَهُ وَالْأُخْرَى مَعَ غَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِقُرْعَةٍ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا أَرَادَ النُّقْلَةَ بِنِسَائِهِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ وَأَمْكَنَهُ اسْتِصْحَابُ الْكُلِّ فِي سَفَرِهِ، فَعَلَى ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ إِفْرَادُ إِحْدَاهُنَّ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا السَّفَرَ لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدَةٍ، فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُنَّ قَضَى لِلْبَاقِيَاتِ كَالْحَاضِرِ، وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ صُحْبَةُ الْجَمِيعِ، وَبَعَثَ بِهِنَّ جَمِيعًا مَعَ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ مُحَرَّمٌ لَهُنَّ - جَازَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ، فَإِنْ أَفْرَدَ بِعْضَهُنَّ بِالسَّفَرِ مَعَهُ لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِقُرْعَةٍ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ، وَمَتَى سَافَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ سَوَّى بَيْنَهُنَّ كَالْحَضَرِ، فَإِذَا وَصَلَ الْبَلَدَ الَّذِي انْتَقَلَ إِلَيْهِ، فَأَقَامَتْ مَعَهُ فِيهِ قَضَى لِلْبَاقِيَاتِ مُدَّةَ كَوْنِهَا مَعَهُ فِي الْبَلَدِ
سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ لَمْ يَقْضِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ، لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِلْأُخْرَى، وَإِنِ امْتَنَعَتْ مِنَ السَّفَرِ مَعَهُ، أَوْ مِنَ الْمَبِيتِ عِنْدَهُ، أَوْ سَافَرَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ - سَقَطَ حَقُّهَا مِنَ الْقَسْمِ، وَإِنْ أَشْخَصَهَا هُوَ، فَهِيَ عَلَى حَقِّهَا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا (وَمَتَى سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ لَمْ يَقْضِ) أَيْ: لِلْحَاضِرَاتِ بَعْدَ قُدُومِهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَضَاءً؛ وَلِأَنَّ الْمُسَافِرَةَ اخْتُصَّتْ بِمَشَقَّةِ السَّفَرِ، فَاخْتُصَّتْ بِالْقَسْمِ (وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِلْأُخْرَى) ؛ لِأَنَّهُ خَصَّ بَعْضَهُنَّ بِمُدَّةٍ عَلَى وَجْهٍ يَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ فِيهِ، فَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَعَلَى هَذَا يَقْضِي مُدَّةَ غَيْبَتِهِ مَا لَمْ تَكُنِ الضَّرَّةُ رَضِيَتْ بِسَفَرِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ مِنْهَا مَا أَقَامَ مِنْهَا لِمَبِيتٍ وَنَحْوِهِ، وَيَقْضِي مَعَ قُرْعَةِ مَا تَعَقَّبَهُ السَّفَرُ أَوْ تَخَلَّلَهُ مِنْ إِقَامَةٍ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لِإِحْدَاهُنَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ السَّفَرُ بِهَا، وَلَهُ تَرْكُهَا وَالسَّفَرُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ إِنَّمَا تُعِينُ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّقْدِيمَ؛ وَلِهَذَا يُمْنَعُ مِنَ السَّفَرِ بِغَيْرِهَا، وَإِنْ أَبَتِ السَّفَرَ مَعَهُ سَقَطَ حَقُّهَا إِذَا رَضِيَ الزَّوْجُ، وَإِنْ أَبَى فَلَهُ إِكْرَاهُهَا عَلَى السَّفَرِ مَعَهُ، فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجَاتُ بِسَفَرِ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ جَازَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ السَّفَرِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ؛ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي احْتِمَالًا، أَنَّهُ يَقْضِي لِلْبَوَاقِي فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ، فَلَمْ يَقْضِ كَالطَّوِيلِ (وَإِنِ امْتَنَعَتْ مِنَ السَّفَرِ مَعَهُ، أَوْ مِنَ الْمَبِيتِ عِنْدَهُ، أَوْ سَافَرَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ سَقَطَ حَقُّهَا مِنَ الْقَسْمِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهَا عَاصِيَةٌ بِمَنْعِ نَفْسِهَا مِنْهُ، فَيَسْقُطُ حَقُّهَا كَالنَّاشِزَةِ، وَكَذَا لَا نَفَقَةَ لَهَا، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " و" الْفُرُوعِ "، وَقِيلَ: يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ بِالْوَطْءِ (وَإِنْ أَشْخَصَهَا هُوَ) بِأَنْ بَعَثَهَا فِي حَاجَةٍ أَوْ أَمَرَهَا بِالنُّقْلَةِ مِنْ بَلَدِهَا، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " (فَهِيَ عَلَى حَقِّهَا مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنَ الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ مَا فَاتَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا، وَإِنَّمَا فَاتَ بِتَفْوِيتِهِ، فَلَمْ يُسْقِطْ حَقَّهَا، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لَمْ يُسْقِطْ حَقَّ الْبَائِعِ مِنْ تَسْلِيمِ ثَمَنِهِ إِلَيْهِ، فَعَلَى هَذَا يَقْضِي لَهَا بِحَسَبِ مَا أَقَامَ عِنْدَ ضَرَّتِهَا، وَإِنْ سَافَرَتْ مَعَهُ فَهِيَ عَلَى حَقِّهَا مِنْهُمَا جَمِيعًا (وَإِنْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا) كَسَفَرِهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ حَجِّ تَطَوُّعٍ أَوْ عُمْرَةٍ (بِإِذْنِهِ