الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهَا، وَإِنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ - طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ.
بَابٌ
الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ
حُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُونَ النِّصْفِ، وَلَا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ، وَفِي النِّصْفِ وَجْهَانِ، فَإِذَا قَالَ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالشَّرْطِ، وَيَقَعُ بِغَيْرِهَا إِنْ قُدِّمَ الشَّرْطُ الثَّانِيَةُ، وَالثَّالِثَةُ لَغْوٌ، وَالْأُولَى مُعَلَّقَةٌ، وَإِنْ أَخَّرَهُ فَطَلْقَةٌ مُنْجَزَةٌ وَالْبَاقِي لَغْوٌ، وَفِي " الْمُذْهَبِ " فِيمَا إِذَا تَقَدَّمَ الشَّرْطُ أَنَّ الْقَاضِيَ أَوْقَعَ وَاحِدَةً فَقَطْ فِي الْحَالِ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ كَالْمُنْجَزِ؛ لِأَنَّ اللُّغَةَ لَمْ تُفَرِّقْ، وَأَنَّهُ إِذَا أَخَّرَ الشَّرْطَ فَطَلْقَةٌ مُنْجَزَةٌ، وَإِنْ قَدَّمَهُ لَمْ يَقَعْ إِلَّا طَلْقَةٌ بِالشَّرْطِ (وَإِنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ - طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ) ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَقْتَضِي إِيقَاعَ الطَّلَاقِ بِشَرْطِ الدُّخُولِ، وَقَدْ كُرِّرَ التَّعْلِيقُ، فَيَتَكَرَّرُ الْوُقُوعُ، كَمَا لَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، وَإِنْ كَرَّرَ الشَّرْطَ ثَلَاثًا طُلِّقَتْ ثَلَاثًا - فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ - لِأَنَّ الصِّفَةَ وُجِدَتْ، فَاقْتَضَى وُقُوعُ الثَّلَاثِ دُفْعَةً وَاحِدَةً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ]
بَابٌ
الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ الِاسْتِثْنَاءُ: إِخْرَاجٌ بِإِلَّا أَوْ إِحْدَى أَخَوَاتِهَا، قِيلَ: مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ؛ لِوُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَلِسَانِ الْعَرَبِ (حُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ بَعْدَ إِيقَاعِهِ، وَلَوْ صَحَّ لَرَفَعَهُ (وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُونَ النِّصْفِ) فِي الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ فِيهِ، فَجَازَ كَمَا فِي عَدَدِ الْمُطَلَّقَاتِ، وَلَيْسَ الِاسْتِثْنَاءُ رَافِعًا لِوَاقِعٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَانِعٌ لِدُخُولِ الْمُسْتَثْنَى فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (وَلَا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى النِّصْفِ، أَيْ: لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ، وَلَا الْأَكْثَرِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَقَوَّاهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَقِيلَ: يَصِحُّ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ (وَفِي النِّصْفِ
أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً - طُلِّقَتِ اثْنَتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا، أَوْ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ، أَوْ خَمْسًا إِلَّا ثَلَاثًا، أَوْ ثَلَاثًا إِلَّا رُبُعَ طَلْقَةٍ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً، فَهَلْ تُطَلَّقُ ثَلَاثًا أَوِ اثْنَتَيْنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَجْهَانِ) وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ وَصَاحِبُ " الرَّوْضَةِ " رِوَايَتَيْنِ، ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَجَازَ الْأَكْثَرُ إِنْ سَلِمَ فِي قَوْله تَعَالَى:{إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42] ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْعَدَدِ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ بِالصِّفَةِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَخْصِيصٌ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْكُلُّ نَحْوَ: اقْتُلْ مَنْ فِي الدَّارِ إِلَّا بَنِي تَمِيمٍ، وَهُمْ بَنُو تَمِيمٍ، فَيَحْرُمُ قَتْلُهُمْ، وَسَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ (فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً - طُلِّقَتِ اثْنَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ دُونَ النِّصْفِ (وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا) طُلِّقَتْ ثَلَاثًا بِغَيْرِ خِلَافٍ (أَوْ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ) وَقَعَ ثَلَاثٌ - بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ (أَوْ خَمْسًا إِلَّا ثَلَاثًا) وَقَعَتِ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إِنْ عَادَ إِلَى الْخَمْسِ فَقَدِ اسْتَثْنَى الْأَكْثَرَ، وَإِن عَادَ إِلَى الثَّلَاثِ الَّتِي يَمْلِكُهَا فَقَدْ رَفَعَ جَمِيعَهَا، وَكِلَاهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنْ صَحَّ الْأَكْثَرُ فَثِنْتَانِ، وَإِنْ قَالَ: خَمْسًا إِلَّا طَلْقَةً، فَقِيلَ: يَقَعُ اثْنَتَانِ، وَقِيلَ: ثَلَاثٌ (أَوْ ثَلَاثًا إِلَّا رُبُعَ طَلْقَةٍ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا) ؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ النَّاقِصَةَ تُكْمَلُ، فَتَصِيرُ ثَلَاثًا ضَرُورَةَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " وَجْهٌ أَنَّهَا تُطَلَّقُ اثْنَتَيْنِ.
1 -
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ، فَقِيلَ: تَقَعُ طَلْقَتَانِ، وَقِيلَ: ثَلَاثٌ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ، وَاثْنَتَيْنِ إِلَّا اثْنَتَيْنِ - لَمْ يَصِحَّ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَإِنِ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً، فَفِي صِحَّتِهِ احْتِمَالَانِ.
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً، فَهَلْ تُطَلَّقُ ثَلَاثًا أَوِ اثْنَتَيْنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) لَا يَصِّحُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ - خِلَافًا لِـ " الرِّعَايَةِ " - إِلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً - فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي " و" الشَّرْحِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الْوَاحِدَةِ مِمَّا قَبْلَهَا، فَتَبْقَى وَاحِدَةً، وَهِيَ
وَاحِدَةً - لَمْ يَصِحَّ، أَوْ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إِلَّا وَاحِدَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إِلَّا وَاحِدَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إِلَّا طَلْقَةً - طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَقَعَ طَلْقَتَانِ.
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ، فَتَصِيرُ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْوَاحِدَةَ مُخْرَجَةٌ مِنَ الثَّلَاثِ لِإِبْطَالِ اسْتِثْنَاءِ الثِّنْتَيْنِ، وَالثَّانِي: تُطَلَّقُ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الثِّنْتَيْنِ لَا يَصِحُّ؛ لِكَوْنِهِمَا أَكْثَرُ مِنَ النِّصْفِ، وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنِ اسْتِثْنَاءٍ بَاطِلٍ.
1 -
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً - لَمْ يَصِحَّ) وَيَقَعُ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلِ بَاطِلٌ، وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ، وَقِيلَ: يَعُودُ اسْتِثْنَاءُ الْوَاحِدَةِ إِلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ، فَتَقَعُ طَلْقَتَانِ (أَوْ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إِلَّا وَاحِدَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إِلَّا وَاحِدَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إِلَّا طَلْقَةً - طُلِّقَتْ ثَلَاثًا) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ الِاسْتِثْنَاءِ يَجْعَلُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَغْوًا، فَبَطَلَ كَاسْتِثْنَاءِ الْجَمْعِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَقَعَ طَلْقَتَانِ) ذَكَرَ فِي " الْوَاضِحِ " أَنَّهُ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يَجْعَلُ الْجُمْلَتَيْنِ كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ، فَتَصِيرُ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنَ الثَّلَاثِ، فَلَوْ كَانَ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ أَوْ ثُمَّ، لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا طَلْقَةً وَطَلْقَةً، فَقِيلَ: تَقَعُ الثَّلَاثُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي طَلْقَةٍ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِي: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ إِلَّا طَلْقَةً وَطَلْقَةً، وَفِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا طَلْقَةً وَنِصْفًا، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً وَإِلَّا وَاحِدَةً، طُلِّقَتِ اثْنَتَيْنِ، وَقِيلَ: وَاحِدَةً، وَإِنْ أَسْقَطَ الْوَاوَ، فَقِيلَ: يَقَعُ ثَلَاثٌ، وَقِيلَ: ثِنْتَانِ، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا إِلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ، فَهَلْ تُطَلَّقُ ثَلَاثًا أَوِ اثْنَتَيْنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ ": إِنَّهَا تُطَلَّقُ ثَلَاثًا وَجْهًا وَاحِدًا.
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إِلَّا وَاحِدَةً - وَقَعَتِ الثَّلَاثُ) ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ نَصٌّ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ، فَلَا يَرْتَفِعُ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ أَقْوَى، وَلَوِ ارْتَفَعَ بِالنِّيَّةِ لَرُجِّحَ
طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ إِلَّا وَاحِدَةً - وَقَعَتِ الثَّلَاثُ، وَإِنْ قَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ، وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ - لَمْ تُطَلَّقْ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَرْجُوحُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ - وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ ": يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ حُكْمًا، وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ قَالَ: نِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلِ الْأَرْبَعُ - فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ (وَإِنْ قَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ، وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ - لَمْ تُطَلَّقْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ اللَّفْظُ، وَإِنَّمَا اسْتُعْمِلَ الْعُمُومُ فِي الْخُصُوصِ، وَذَلِكَ شَائِعٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": إِذَا قَالَ: أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِق إِلَّا فُلَانَةَ - لَمْ تَصِحَّ عَلَى الْأَشْبَهِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ وَأُوقِعَ، وَيَصِحُّ أَرْبَعَتُكُنَّ إِلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ، وَإِنِ اسْتَثْنَى مَنْ سَأَلَتْهُ طَلَاقَهَا - دِين، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَنِسَائِي الْأَرْبَعِ، وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهُ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ لِجَوَازِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ، وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْ نِسَاءَكَ، فَقَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ - طُلِّقَتْ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى سَبَبِهِ، وَإِنِ اسْتَثْنَاهَا قُبِلَ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ يَدُلُّ عَلَى نِيَّتِهِ.
1 -
فَرْعٌ: يُعْتَبَرُ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَنَحْوِهِ اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ، قَطَعَ بِهِ الْجَمَاعَةُ، وَنِيَّتُهُ قَبْلَ تَكْمِيلِ مَا أَلْحَقَهُ بِهِ، حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ إِجْمَاعًا، وَقِيلَ: وَبَعَّدَهُ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَحْمَدَ وَمُتَقَدِّمِي أَصْحَابِهِ، وَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ بِالنِّيَّةِ وَبِالِاسْتِثْنَاءِ، قَالَ: وَفِي الْقُرْآنِ جُمَلٌ قَدْ فُصِلَ بَيْنَ أَبْعَاضِهَا بِكَلَامٍ آخَرَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا} [آل عمران: 72] إِلَى قَوْلِهِ: {هُدَى اللَّهِ} [الأنعام: 71] فَصَلَ بَيْنَ أَبْعَاضِ الْكَلَامِ الْمَحْكِيِّ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُدَ عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَقِيلَ لَهُ: أَلَكَ امْرَأَةٌ سِوَاهَا؛ فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ، فَسَكَتَ، فَقِيلَ: إِلَّا فُلَانَةَ؛ قَالَ: إِلَّا فُلَانَةَ، فَإِنِّي لَمْ أَعْنِهَا، فَأَبَى أَنْ يُفْتِيَ فِيهِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ وَصَلَهُ بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ، فَإِنْ كَانَ نُطْقًا، صَحَّ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ نَوَاهُ وَلَمْ يَلْفِظْ بِهِ - دِينَ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ.