الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَرَّهُ.
وَإِنْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ، أَوْ تَظُنُّهُ حُرًّا فَبَانَ عَبْدًا، فَلَهَا الْخِيَارُ.
فَصْلٌ وَ
إِنْ عُتِقَتِ الْأَمَةُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ
، فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِذَا عُتِقَ) كَالْحُرِّ ; لِفَوَاتِ الرِّقِّ الْمُسْتَحَقِّ، لَكِنَّ الْحُرَّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدَاءُ فِي الْحَالِ كَبَقِيَّةِ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ لَهُ، أَمَّا الْعَبْدُ فَلَا مَالَ لَهُ فِي الْحَالِ، فَيَتَأَخَّرُ الْفِدَاءُ إِلَى وَقْتِ مِلْكِهِ وَيَسَارِهِ وَهُوَ الْعِتْقُ، وَبَنَاهُ الْقَاضِي فِي " الْجَامِعِ " عَلَى الْخِلَافِ فِي اسْتِدَانَتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، وَبَنَاهُ الْمُؤَلِّفُ عَلَى خُلْعِ الْأَمَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهَا، وَقِيلَ: يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي " التَّرْغِيبِ " كَجِنَايَتِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْفِدَاءِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَجْنِ فِي عِتْقِهِمْ، وَإِنَّمَا عُتِقُوا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ (وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ) كَالْحُرِّ، لَكِنْ يَرْجِعُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَى حِينِ الْغُرْمِ ; حِذَارًا مِنْ أَنْ يَجِبَ لَهُ مَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، نَعَمْ، يَتَعَلَّقُ الْفِدَاءُ بِرَقَبَتِهِ يَرْجِعُ بِهِ السَّيِّدُ فِي الْحَالِ.
[إِنْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ فَبَانَ عَبْدًا]
(وَإِنْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ، أَوْ تَظُنُّهُ حُرًّا، فَبَانَ عَبْدًا، فَلَهَا الْخِيَارُ) نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ لِلْعَبْدِ إِذَا غُرَّ بِأَمَةٍ، ثَبَتَ لَهَا إِذَا غُرَّتْ بِعَبْدٍ، وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْعَقْدِ ; لِأَنَّ اخْتِلَافَ الصِّفَةِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَكَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ; وَلِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ حُرَّةً وَكَانَتْ حُرِّيَّةُ الزَّوْجِ شَرْطًا لِصِحَّةِ النِّكَاحِ، لَمْ يَكُنْ لَهَا الْخِيَارُ ; لِأَنَّهُ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ، وَالْخِيَارُ يَعْتَمِدُ الصِّحَّةَ، وَحِينَئِذٍ فَإِنِ اخْتَارَتِ الْإِمْضَاءَ فَلِأَوْلِيَائِهَا الِاعْتِرَاضُ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ.
[إِنْ عُتِقَتِ الْأَمَةُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ]
فَصْلٌ (وَإِنْ عُتِقَتِ الْأَمَةُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ) أَوْ بَعْضُهُ (فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) هَذَا قَوْلُ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْأَكْثَرِ، وَعَنْ أَحْمَدَ: لَهَا الْخِيَارُ ; لِمَا رَوَى أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ بَرِيرَةَ، وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا
عَبْدًا، فَلَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، وَلَهَا الْفَسْخُ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ، فَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ فَسْخِهَا، أَوْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا - بَطَلَ خِيَارُهَا، فَإِنِ ادَّعَتِ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ - وَهُوَ مِمَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
» وَجَوَابُهُ أَنَّهَا كَافَأَتْ زَوْجَهَا فِي الْكَمَالِ، فَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا خِيَارٌ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَتِ الْكِتَابِيَّةُ تَحْتَ مُسْلِمٍ، وَعَنِ الْخَبَرِ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ وَعُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ بَرِيرَةَ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا، وَقَالَتْ: لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَوْلُ الْأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ، ثُمَّ عَائِشَةُ عَمَّةُ الْقَاسِمِ وَخَالَةُ عُرْوَةَ، فَرِوَايَتُهُمَا عَنْهَا أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ أَجْنَبِيٍّ يَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ (وَإِنْ كَانَ عَبْدًا، فَلَهَا الْخِيَارُ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ) بِالْإِجْمَاعِ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ; لِأَنَّهُ عليه السلام خَيَّرَ بَرِيرَةَ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، فَإِنِ اخْتَارَتِ الْفَسْخَ فَلَهَا فِرَاقُهُ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ فَلَا ; لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا، فَإِنْ عُتِقَ بَعْضُهَا، فَلَا خِيَارَ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: أَوْ مُعْتَقٌ بَعْضُهُ، وَعَنْهُ: لَيْسَ فِيهِ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهَا، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": إِذَا عُتِقَتْ تَحْتَ مُعْتَقٍ بَعْضُهُ، فَلَهَا الْفَسْخُ (وَلَهَا الْفَسْخُ) عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ تَرْضَ بِهِ (بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ) ; لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مُجْتَهَدٍ فِيهِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ فِي النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ كَالْفَسْخِ لِلْإِعْسَارِ، فَإِنِ اخْتَارَتِ الْفِرَاقَ كَانَ فَسْخًا وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ، قَالَ أَحْمَدُ: الطَّلَاقُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ ; وَلِأَنَّهَا فُرْقَةٌ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَةِ، فَكَانَتْ فَسْخًا كَمَا لَوِ اخْتَلَفَ دِينُهَما أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ يُنفْسَخُ نِكَاحُهُ بِرَضَاعِهَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِي، أَوْ فَسَخْتُ هَذَا النِّكَاحَ انْفَسَخَ، وَلَوْ قَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي، وَنَوَتِ الْمُفَارَقَةَ - كَانَ كِنَايَةً فِي الْفَسْخِ (فَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ فَسْخِهَا) بَطَلَ خِيَارُهَا ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِالرِّقِّ، وَقَدْ زَالَ بِعِتْقِهِ، فَسَقَطَ كَالْمَبِيعِ إِذَا زَالَ عَيْبُهُ (أَوْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ وَطْئِهَا، بَطَلَ خِيَارُهَا) نَصَّ عَلَيْهِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَحَفْصَةَ - رَوَاهُ مَالِكٌ ; «وَلِقَوْلِهِ عليه السلام لَبَرِيرَةَ: فَإِنْ قَرَبَكِ، فَلَا خِيَارَ لَكِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَتْ بِالْخِيَارِ أَوْ لَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ إِذَا لَمْ
يَجُوزُ جَهْلُهُ - أَوِ الْجَهْلَ بِمِلْكِ الْفَسْخِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَبْطُلُ خِيَارُهَا، عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ. وَخِيَارُ الْمُعْتَقَةِ عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا. فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً، فَلَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ وَعَقَلَتْ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا الِاخْتِيَارُ عَنْهَا، فَإِنْ طُلِّقَتْ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِنْ عُتِقَتِ الْمُعْتَدَّةُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
تَعْلَمْ، فَإِنْ أَصَابَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا، فَلَا خِيَارَ لَهَا، فَعَلَيْهِ إِذَا وَطِئَهَا و (ادَّعَتِ الْجَهْلَ بِالْعِتْقِ - وَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ جَهْلُهُ) مِثْلُ أَنْ يُعْتِقَهَا سَيِّدُهَا فِي بَلَدٍ آخَرَ (أَوِ الْجَهْلُ بِمِلْكِ الْفَسْخِ - فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا خَوَاصُّ النَّاسِ، فَالظَّاهِرُ صِدْقُهَا، فَلَوْ كَانَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ وَاشْتُهِرَ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا ; لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَفِي " الْفُرُوعِ " قِيلَ: يَجُوزُ جَهْلُهُ، وَقِيلَ: لَا يُخَالِفُهَا ظَاهِرٌ، فَلَا فَسْخَ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَبْطُلُ خِيَارُهَا، عَلِمَتْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ) ; لِقَوْلِ حَفْصَةَ لِامْرَأَةٍ عُتِقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ مَا لَمْ يَمَسَّكِ، فَلَيْسَ لَكِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ. رَوَاهُ مَالِكٌ ; وَلِأَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ، فَيَسْقُطُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ مَعَ الْجَهَالَةِ كَخِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَفِي " الْوَجِيزِ ": فَإِنِ ادَّعَتْ جَهْلًا بِعِتْقِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ، وَعَكْسُهُ الْجَهْلُ بِمِلْكِ الْفَسْخِ.
(وَخِيَارُ الْمُعْتَقَةِ عَلَى التَّرَاخِي) فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَحَفْصَةَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ لَهَا فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا ; وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ، فَثَبَتَ كَخِيَارِ الْقِصَاصِ (مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) ; لِمَا رَوَى الْحَسَنُ بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ رِجَالًا يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا أُعْتِقَتِ الْمَرْأَةُ فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَطَأْهَا، فَإِنْ وَطِئَهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا.
فَرْعٌ: أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّزْوِيجِ بِأَمَةٍ فَتَزَوَّجَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَبْدَ، فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا فِي الْمَشْهُورِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفْسَخَ نِكَاحُهُمَا بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ إِذَا اسْتَغْنَى عَنْ نِكَاحِ أَمَةٍ بِحُرَّةٍ (فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً فَلَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ) سِنًّا يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا فِيهِ (وَعَقَلَتْ) وَلَا خِيَارَ لَهُمَا فِي الْحَالِ ; لِأَنَّهُ لَا عَقْلَ لَهُمَا وَلَا قَوْلَ مُعْتَبَرٌ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِذَا بَلَغَتْ سَبْعَ سِنِينَ (وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا الِاخْتِيَارُ عَنْهَا) ; لِأَنَّ هَذَا طَرِيقة الشَّهْوَةُ، فَلَمْ يَمْلِكْهُ الْوَلِيُّ كَالْقِصَاصِ
الرَّجْعِيَّةُ، فَلَهَا الْخِيَارُ، فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ، فَهَلْ يَبْطُلُ خِيَارُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَمَتَى اخْتَارَتِ الْمُعْتَقَةُ الْفُرْقَةَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَالْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَلَا مَهْرَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لِسَيِّدِهَا نِصْفُ الْمَهْرِ، وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَلَا خِيَارَ لَهَا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(فَإِنْ طُلِّقَتْ) بَائِنًا (قَبْلَ اخْتِيَارِهَا - وَقَعَ الطَّلَاقُ) وَبَطَلَ خِيَارُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ زَوْجٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَيُعْتَدُّ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُعْتَقْ، وَقَالَ الْقَاضِي: طَلَاقُهُ مَوْقُوفٌ، فَإِنِ اخْتَارَتِ الْفَسْخَ فَلَمْ يَقَعْ، وَإِنْ لَمْ تَخْتَرْ وَقَعَ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": فِي وُقُوعِهِ وَجْهَانِ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهَا ; لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ، فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ اخْتَارَتِ الْفَسْخَ - سَقَطَ مَهْرُهَا ; لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْفَسْخِ، وَإِنْ لَمْ يُفْسَخْ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ ; لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالطَّلَاقِ (وَإِنْ عُتِقَتِ الْمُعْتَدَّةُ الرَّجْعِيَّةُ) أَوْ عُتِقَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا (فَلَهَا الْخِيَارُ) ; لِأَنَّ نِكَاحَهَا بَاقٍ، وَلَهَا فِي الْفَسْخِ فَائِدَةٌ، فَإِنَّهَا لَا تَأْمَنُ رَجْعَتَهُ إِذَا لَمْ يُفْسَخْ، فَإِنْ قِيلَ: يَنْفَسِخُ حِينَئِذٍ، فَيَحْتَاجُ إِلَى عِدَّةٍ أُخْرَى، وَإِذَا فَسَخَتْ فِي الْعِدَّةِ بَنَتْ عَلَى عِدَّةِ حُرَّةٍ، (فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ فَهَلْ يَبْطُلُ خِيَارُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا - وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " و" الْفُرُوعِ " -: أَنَّهُ يَسْقُطُ خِيَارُهَا ; لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَ حِرْمَانِهَا فِي الْبَيْنُونَةِ وَذَلِكَ يُنَافِي الِاخْتِيَارَ: وَالثَّانِي: لَا يَسْقُطُ ; لِأَنَّهَا حَالَةٌ يَصِحُّ فِيهَا اخْتِيَارُ الْمُقَامِ، فَصَحَّ اخْتِيَارُ الْفَسْخِ كَصُلْبِ النِّكَاحِ، فَإِنْ لَمْ تَخْتَرْ شَيْئًا لَمْ يَسْقُطْ ; لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَسُكُوتُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا.
(وَمَتَى اخْتَارَتِ الْمُعْتَقَةُ الْفُرْقَةَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَالْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ) وَكَذَا إِنِ اخْتَارَتِ الْفَسْخَ قَبْلَ الدُّخُولِ ; لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ، فَإِذَا اخْتَارَتِ الْمُقَامَ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مُسْقِطٌ، وَالْوَاجِبُ الْمُسَمَّى مُطْلَقًا (وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا مَهْرَ) لَهَا، نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ أَوِ ارْتَدَّتْ أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ يَفْسَخُ نِكَاحَهَا (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لِسَيِّدِهَا نِصْفُ الْمَهْرِ) وَنَقَلَهُ مُهَنَّا عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ; لِأَنَّهُ وَجَبَ لِلسَّيِّدِ، فَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ عُتِقَ الزَّوْجَانِ مَعًا فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَعَنْهُ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
غَيْرِهِ، وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ لِلسَّيِّدِ لَكِنْ بِوَاسِطَتِهَا، وَفِيهِ شَيْءٌ، فَلَوْ كَانَتْ مُفَوَّضَةً فَفُرِضَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ ; لِأَنَّهُ وَجَبَ فِي مِلْكِهِ لَا بِالْفَرْضِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَجَبَ، وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَرْضِ، فَلَا يُبْنَى إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْمُتْعَةِ حَيْثُ يَجِبُ لِوُجُوبِهِ، فَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَلَا خِيَارَ لَهَا) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْأَكْثَرُ ; لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهَا، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ، فَلَا يُفْسَخُ بِالْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَهَذِهِ يُخْتَلَفُ فِيهَا، فَلَوْ زَوَّجَ مُدَبَّرَةً لَهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ بِعَبْدٍ عَلَى مِائَتَيْنِ مَهْرًا، ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ - عُتِقَتْ، وَلَا فَسْخَ قَبْلَ الدُّخُولِ، لِئَلَّا يَسْقُطَ الْمَهْرُ أَوْ يَتَنَصَّفَ، فَلَا يَخْرُجُ مِنَ الثُّلُثِ فَيَرِقُّ بَعْضُهَا فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَهَا الْخِيَارُ) هَذَا رِوَايَةٌ، وَقَدَّمَهَا فِي " الرِّعَايَةِ " لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ أَكْمَلَ مِنْهُ، فَثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ، كَمَا لَوْ عَتَقَت جَمِيعًها، أَمَّا لَوْ كَانَ مُوسِرًا، فَإِنَّ الْعِتْقَ يَسْرِي، وَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ بِلَا نِزَاعٍ، وَكَذَا إِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الِاسْتِسْعَاءِ.
فَرْعٌ: إِذَا عُتِقَ زَوْجُ الْأَمَةِ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا خِيَارٌ ; لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ تُعْتَبَرُ فِي الرَّجُلِ فَقَطْ، فَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مُطْلَقًا، فَبَانَتْ أَمَةً فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَلَوْ نَكَحَتْ رَجُلًا مُطْلَقًا فَبَانَ عَبْدًا، فَلَهَا الْخِيَارُ، وَكَذَا فِي الِاسْتِدَامَةِ، لَكِنْ إِنْ عُتِقَ وَوَجَدَ الطَّوْلَ لِحُرَّةٍ، فَهَلْ يَبْطُلُ نِكَاحُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (وَإِنْ عُتِقَ الزَّوْجَانِ مَعًا، فَلَا خِيَارَ لَهَا) فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَالنِّكَاحُ بَاقٍ سَوَاءٌ أَعْتَقَهُمَا وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ، نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ حُرِّيَّةَ الْعَبْدِ لَوْ طَرَأَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا لَمَنَعَتِ الْفَسْخَ، فَإِذَا قَارَنَتْ كَانَ أَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ كَالْإِسْلَامِ، وَعَنْهُ: لَهَا الْخِيَارُ كَمَا لَوْ عُتِقَتْ قَبْلَهُ (وَعَنْهُ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ; لِأَنَّ الْعِتْقَ مَعْنًى يُزِيلُ الْمِلْكِ عَنْهُمَا لَا إِلَى مَالِكٍ، فَجَازَ أَنْ تَقَعَ فِيهِ الْفُرْقَةُ كَالْمَوْتِ، وَفِي " الْمُغْنِي ": مَعْنَاهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ إِذَا وَهَبَ عَبْدَهُ سُرِّيَّةً، وَأَذِنَ لَهُ فِي التَّسَرِّي بِهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا جَمِيعًا - لَمْ يُصِبْهَا إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ،