الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَيْعَانِ، وَإِنْ أَسَرَ الْعَدُوُّ الْمُكَاتَبَ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ، فَأَحَبَّ سَيِّدُهُ، أَخَذَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ، وَإِلَّا فَهُوَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مبقي عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ.
فَصْلٌ وَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، فَعَلَيْهِ فِدَاءُ نَفْسِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الْكِتَابَةِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَتَحَاصَّانِ، وَإِنْ عَتَقَ، فَعَلَيْهِ فِدَاءُ نَفْسِهِ، وَإِنْ عَجَزَ، فَلِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ إِنْ كَانَتِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قُرْعَةٍ، وَأَجْرَاهُ الْقَاضِي مَجْرَى الْوَلِيَّيْنِ، فَعَلَى هَذَا يَفْسَخُ الْحَاكِمُ الْبَيْعَيْنِ فِي رِوَايَةٍ، وَيُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فِي أُخْرَى (وَإِنْ أَسَرَ الْعَدُوُّ الْمُكَاتَبَ، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ فَأَحَبَّ سَيِّدُهُ، أَخَذَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ) أَيْ: يَأْخُذُهُ سَيِّدُهُ بِمَا اشْتَرَاهُ الْغَيْرُ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا إِذَا اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ، ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، ثُمَّ وَجَدَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ، وَهَلْ يُحْتَسَبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا عِنْدَ الْكَافِرِ؛ فِيهَا وَجْهَانِ، رَجَّحَ فِي الشَّرْحِ: أَنَّهُ يُحْتَسَبُ بِهَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُحِبَّ سَيِّدُهُ أَخْذَهُ (فَهُوَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مبقي عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا تَبْطُلُ بِالْبَيْعِ، فَلِأَنْ لَا تَبْطُلَ بِالْكَسْرِ بِطْرِيقِ الْأَوْلَى، يُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ ; لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ قَدْ أَدَّى كِتَابَتَهُ، وَوَلَاؤُهُ لَهُ ; لِأَنَّهُ مُعْتِقُهُ.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ لِسَيِّدِهِ: أَعْتِقْ مُكَاتَبَكَ عَلَى كَذَا، فَفَعَلَ، عَتَقَ وَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ بِهِ، وَفِي الرِّعَايَةِ: إِذَا أَدَّى حَرْبِيٌّ عَنْ مُكَاتَبٍ دَيْنَ الْكِتَابَةِ بِلَا إِذْنِهِ، لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ قَضَى دَيْنًا آخَرَ، رَجَعَ بِهِ إِنْ نَوَاهُ.
[إِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ]
فَصْلٌ
(وَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَعَلَيْهِ فِدَاءُ نَفْسِهِ) أَيْ: إِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْمَالِ، تَعَلَّقَ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ، وَقَالَ قَوْمٌ: جِنَايَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَقَالَ آخَرُونَ: يَرْجِعُ بِهَا سَيِّدُهُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ، يَبْدَأُ بِأَدَاءِ الْجِنَايَةِ (مُقَدَّمًا عَلَى الْكِتَابَةِ) سَوَاءٌ حَلَّ نَجْمٌ أَوْ لَا، نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ جِنَايَتَهُ تُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْمِلْكِ إِذَا كَانَ قِنًّا، فَعَلَى حَقِّهِ فِي الْمُكَاتَبِ أَوْلَى (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَتَحَاصَّانِ) لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، فَتَسَاوَيَا، وَكَذَا إِنْ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ (وَإِنْ عَتَقَ، فَعَلَيْهِ فِدَاءُ نَفْسِهِ) أَيْ: إِذَا أَدَّى مُبَادِرًا، وَلَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، عَتَقَ، وَاسْتَقَرَّ الْفِدَاءُ،
الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، فَفَدَاهُ سَيِّدُهُ، وَإِلَّا فُسِخَتِ الْكِتَابَةُ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ، فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ، وَالْوَاجِبُ فِي الْفِدَاءِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشُ جِنَايَتِهِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ كَامِلَةً، وَإِنْ لَزِمَتْهُ دُيُونُ مُعَامَلَةٍ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَيَكُونُ الْأَرْشُ فِي ذِمَّتِهِ، فَيَضْمَنُ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَيَفْدِيهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، وَإِنْ عَتَقَهُ السَّيِّدُ، فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ ; لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَحَلَّ الِاسْتِحْقَاقِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهُ (وَإِنْ عَجَزَ، فَلِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ إِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْأَرْشَ حَقٌّ لَهُ، فَكَانَ لَهُ تَعْجِيزُهُ إِذَا عَجَزَ عَنْهُ كَمَالُ الْكِتَابَةِ (وَإِنْ كَانَتْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، فَفَدَاهُ سَيِّدُهُ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَبْدًا لَمِلْكٍ، فَدَاهُ، فَكَذَا هُنَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ (فَسُخِتِ الْكِتَابَةُ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ) قِنًّا، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ ; لِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ ; لِأَنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ يَتَعَلَّقُ بِعِتْقِ الْمُكَاتَبِ بِخِلَافِ السَّيِّدِ، فَإِنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: جِنَايَتُهُ فِي رَقَبَتِهِ يَفْدِيهِ إِنْ شَاءَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهِ أَقُولُ (وَإِنْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ، فَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ) أَيْ: عَلَى السَّيِّدِ فِدَاءُ الْجَانِي ; لِأَنَّهُ فَوَّتَ تَسْلِيمَ الرَّقَبَةِ إِلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَكَانَ عَلَيْهِ فِدَاؤُهُ، كَمَا لَوْ قَتَلَهُ (وَالْوَاجِبُ فِي الْفِدَاءِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشُ جِنَايَتِهِ) لِأَنَّ الْأَقَلَّ إِنْ كَانَ الْقِيمَةَ، فَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّ إِلَّا الرَّقَبَةَ وَالْقِيمَةُ بَدَلٌ عَنْهَا ; لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْمَالِيَّةِ لَا الْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ، فَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْهَا ; لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِمَّا جُنِيَ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: جِنَايَتُهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، وَعَنْهُ: وَسَيِّدُهُ بِالْأَرْشِ كُلِّهِ (وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ كَامِلَةً) لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ إِلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ جَنَى عَبْدُهُ غَيْرَ الْجَانِي، وَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ.
مَسَائِلُ: الْأُولَى: إِذَا جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ، فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَمْدًا، فَلِسَيِّدِهِ الْقِصَاصُ، فَإِنْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَتْ مُوجِبَةً لَهُ، وَجَبَ ; لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مَعَ سَيِّدِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَيَفْدِي نَفْسَهُ بِمَا ذَكَرْنَا، فَإِنِ اخْتَارَ السَّيِّدُ تَأْخِيرَ الْأَرْشِ، وَتَقْدِيمَ مَالِ الْكِتَابَةِ جَازَ، وَيُعْتَقُ إِذَا أَدَّى، خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ، وَحُكْمُ وَرَثَةِ السَّيِّدِ مَعَ الْمُكَاتَبِ حُكْمُ سَيِّدِهِ مَعَهُ، فَإِنْ جَنَى