الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْعَرَقِ وَالْحَمْلِ لَمْ تُطَلَّقْ، وَإِنْ قَالَ: رُوحُكِ طَالِقٌ طُلِّقَتْ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا تُطَلَّقُ.
فَصْلٌ
فِيمَا تُخَالِفُ الْمَدْخُولُ بِهَا غَيْرَهَا
إِذَا قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقِيلَ: تُطَلَّقُ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ يُسْتَبَاحُ بِنِكَاحِهَا، فَتُطَلَّقُ بِهِ كَالْإِصْبَعِ، وَجَوَابُهُ: بِأَنَّهُ جُزْءٌ يَنْفَصِلُ عَنْهَا فِي حَالِ السَّلَامَةِ بِخِلَافِ الْإِصْبَعِ.
(وَإِنْ أَضَافَهُ إِلَى الرِّيقِ وَالدَّمْعِ وَالْعَرَقِ وَالْحَمْلِ لَمْ تُطَلَّقْ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَاتِهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَاوِرٌ لَهَا، وَالْحَمْلِ - وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا - فَمَآلُهُ إِلَى الِانْفِصَالِ، وَهُوَ مُودَعٌ فِيهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} [الأنعام: 98] قِيلَ: هُوَ مُسْتَوْدَعٌ فِي بَطْنِ الْأُمِّ، وَفِي " الِانْتِصَارِ ": هَلْ يَقَعُ وَيَسْقُطُ الْقَوْلُ بِإِضَافَتِهِ إِلَى صِفَةٍ كَسَمْعٍ وَبَصَرٍ؛ إِنْ قُلْنَا: تَسْمِيَةُ الْجُزْءِ عِبَارَةٌ عَنِ الْجَمِيعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَلَامُهُ - صَحَّ وَإِنْ قُلْنَا بِالسِّرَايَةِ فَلَا (وَإِنْ قَالَ: رُوحُكِ طَالِقٌ طُلِّقَتْ) جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ لَا تَبْقَى بِعَدَمِ مُزَايِلِهَا، أَشْبَهَ الْحَيَاةَ وَالدَّمَ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا تُطَلَّقُ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْفُرُوعِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَعِتْقٌ وَظِهَارٌ، وَحَرَامٌ بِذِكْرِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ وَالرُّوحِ، فَبِذَلِكَ أَقُولُ؛ وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ عُضْوًا وَلَا شَيْئًا يُسْتَمْتَعُ بِهِ، وَحُكي فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " عَنْ أَحْمَدَ التَّوَقُّفَ عَنْهَا.
مَسْأَلَةٌ: الْعِتْقُ فِي ذَلِكَ كَطَلَاقٍ.
[فَصْلٌ فِيمَا تُخَالِفُ الْمَدْخُولُ بِهَا غَيْرَهَا]
فَصْلٌ
فِيمَا تُخَالِفُ الْمَدْخُولَ بِهَا غَيْرَهَا (إِذَا قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ
بِالثَّانِيَةِ التَّأْكِيدَ أَوْ إِفْهَامَهَا، وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ، أَوْ ثُمَّ طَالِقٌ، أَوْ بَلْ طَالِقٌ، أَوْ طَالِقٌ طَلْقَةً، بَلْ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ بَلْ طَلْقَةً، أَوْ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كُلَّ وَاحِدٍ يَقْتَضِي وُقُوعًا إِذًا، وَكَذَا إِذَا اجْتَمَعَ مَعَ غَيْرِهِ، وَإِنْ قَالَهُ ثَلَاثًا طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالثَّانِيَةِ التَّأْكِيدَ أَوْ إِفْهَامَهَا) ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِالثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ، فَلَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ، وَشَرْطُهُ الِاتِّصَالُ، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ مَضَى زَمَنٌ طَوِيلٌ، ثُمَّ أَعَادَ ذَلِكَ لَهَا، طُلِّقَتْ ثَانِيَةً، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ التَّأْكِيدُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْكَلَامِ، فَقُبِلَ مُتَّصِلًا كَسَائِرِ التَّوَابِعِ مِنَ الْعَطْفِ وَالصِّفَةِ وَالْبَدَلِ، فَلَوْ نَوَى بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدَ الْأَوَّلَةِ لَمْ يُقْبَلْ، وَوَقَعَ الثَّلَاثُ، وَإِنْ أَكَّدَ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ، فَفِي قَبُولِهِ بِالْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ مَعَ الْإِطْلَاقِ وَجْهٌ كَإِقْرَارٍ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُدَ فِي قَوْلِهِ: اعْتَدِّي اعْتَدِّي، فَأَرَادَ الطَّلَاقَ، هِيَ تَطْلِيقَةٌ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ، فَهِيَ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الثَّانِيَ لَا يَصْلُحُ لِلِاسْتِئْنَافِ، فَيُصْرَفُ إِلَى التَّأْكِيدِ؛ كَقَوْلِهِ عليه السلام:«فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ» وَإِنْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ الْإِيقَاعَ، طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَيُقَدِّرُ لَهُ مَا يَتِمُّ الْكَلَامُ بِهِ، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ - فَثَلَاثٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: تَبِينُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالْأُولَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ، وَلَوْ قَالَ: طَالِقٌ، وَكَرَّرَهُ - وَقَعْنَ، وَلَوْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ - قُبِلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَكَرَّرَ لِلتَّأْكِيدِ، وَكَانَ قَبْلَ الْأَخِيرَةِ " أَنْتِ "، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَمْ يَقَعْ إِلَّا وَاحِدَةٌ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِحَرْفٍ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ.
فَرْعٌ: إِذَا أَتَى شَرْطٌ أَوِ اسْتِثْنَاءٌ أَوْ صِفَةٌ عَقِبَ جُمْلَةٍ، اخْتَصَّ بِهَا، بِخِلَافِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ، أَوْ ثُمَّ طَالِقٌ، أَوْ بَلْ طَالِقٌ، أَوْ طَالِقٌ طَلْقَةً، بَلْ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ بَلْ طَلْقَةً، أَوْ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ - طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ) .
وَفِيهِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ - تَقَعُ طَلْقَتَانِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ صَادَفَتْ مَحَلَّ النِّكَاحِ، فَيَقَعُ؛ وَلِأَنَّ الْفَاءَ تَقْتَضِي الْجَمْعَ مَعَ التَّعْقِيبِ، وَثُمَّ تَقْتَضِيهِ مَعَ التَّرَاخِي.
الثَّانِيَةُ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، بَلْ طَالِقٌ، تُطَلَّقُ طَلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اقْتَضَى إِيقَاعَ
قَبْلَ طَلْقَةٍ - طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا بَانَتْ بِالْأُولَى، وَلَمْ يَلْزَمْهَا مَا بَعْدَهَا، وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: تُطَلَّقُ اثْنَتَيْنِ، وَيَقَعَانِ مَعًا، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
طَلْقَةٍ، وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ، وَالثَّانِي: يَقْتَضِي إِيقَاعَ طَلْقَةٍ؛ لِأَنَّ بَلْ لِإِثْبَاتِ الثَّانِي، وَالْإِضْرَابِ عَنِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ إِضْرَابُهُ، وَجَبَ وُقُوعُهُمَا جَمِيعًا، وَعَنْهُ: فِي أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَلْ طَلْقَةً أَوْ طَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ وَاحِدَةً، كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً، بَلْ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ بَلْ طَلْقَةً - تَقَعُ ثِنْتَانِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَأَوْقَعَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي " طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ " ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إِيقَاعُ وَاحِدَةٍ، وَالثَّانِي: يَقْتَضِي إِيقَاعَ طَلْقَتَيْنِ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ تَقَعُ ثِنْتَانِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى يَصِحُّ دُخُولُهَا فِي الثِّنْتَيْنِ، فَلَا يَكُونُ الْإِضْرَابُ عَنْهَا مُسْتَدْرَكًا؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ فَائِدَةٍ، وَهُوَ الْوُقُوعُ، وَالثَّانِيَةُ ظَاهِرَةٌ.
الرَّابِعَةُ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ، فَإِنَّهَا تُطَلَّقُ اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِي الْجَمْعِ، وَالْمَحَلُّ يَحْتَمِلُهُ، فَإِنْ أَرَادَ فِي " بَعْدَهَا طَلْقَةٌ ": سَأُوقِعُهَا، فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، وَفِي " الرَّوْضَةِ ": لَا يُقْبَلُ حُكْمًا، وَفِي الْبَاطِنِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: تُطَلَّقُ وَاحِدَةً، قَطَعَ بِهِ فِي " قَبْلَ طَلْقَةٍ " فِي " الْمُذْهَبِ " و" الْمُسْتَوْعِبِ " وَزَادَ بَعْدَ طَلْقَةٍ.
(وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا بَانَتْ بِالْأُولَى) ؛ لِأَنَّهَا صَادَفَتْ مَحَلًّا (وَلَمْ يَلْزَمْهَا مَا بَعْدَهَا) ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ، فَلَمْ يَلْحَقْهَا طَلَاقٌ كَالْأَجْنَبِيَّةِ (وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي) أَيْ: تُطَلَّقُ وَاحِدَةً إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ بَعْضُهُ قَبْلَ بَعْضٍ، فَلَمْ يَقَعْ بِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا جَمِيعُهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: طَلْقَةٌ بَعْدَ طَلْقَةٍ (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: تُطَلَّقُ اثْنَتَيْنِ) وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ (وَيَقَعَانِ مَعًا) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَالَ وُقُوعَ الطَّلْقَةِ الْأُخْرَى قَبْلَ الطَّلْقَةِ الْمُوَقَّعَةِ، فَوَقَعَتْ مَعَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا تَأَخَّرَتْ عَنِ الزَّمَنِ الَّذِي قُصِدَ إِيقَاعُهَا فِيهِ لِكَوْنِهِ زَمَنًا مَاضِيًا - وَجَبَ إِيقَاعُهَا فِي أَقْرَبِ الْأَزْمِنَةِ إِلَيْهِ، وَهُوَ مَعَهَا، وَلَا يَلْزَمُ تَأْخِيرُهَا إِلَى مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ زَمَنًا يُمْكِنُ الْوُقُوعُ فِيهِ، وَهُوَ زَمَنٌ قَرِيبٌ، فَلَا يُؤَخَّرُ إِلَى الْبَعِيدِ.
مَعَ طَلْقَةٍ، أَوْ طَالِقٌ وَطَالِقٌ - طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَالْمُعَلَّقُ كَالْمُنْجَزِ فِي هَذَا، فَإِنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، أَوْ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ مَعَ طَلْقَةٍ، فَدَخَلَتْ - طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ، أَوْ ثُمَّ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ - طُلِّقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً إِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، وَاثْنَتَيْنِ إِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ) أَوْ مَعَ طَلْقَةٍ، طُلِّقَتِ اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَقْتَضِي وُقُوعَهُمَا مَعًا، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ، فَلَوْ قَالَ: مَعَهَا اثْنَتَانِ وَقَعَ ثَلَاثٌ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، وَكَذَا إِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةٌ تَحْتَ طَلْقَةٍ، أَوْ تَحْتَهَا، أَوْ فَوْقَ طَلْقَةٍ، أَوْ فَوْقَهَا (أَوْ مَعَ طَلْقَةٍ، أَوْ طَالِقٌ وَطَالِقٌ - طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي الْجَمْعَ وَلَا تَرْتِيبَ فِيهَا؛ وَلِأَنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا يَتِّمُ بِآخِرِهِ فِي الشَّرْطِ وَالصِّفَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ، فَكَذَا فِي الْعَطْفِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا، فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ مُغَيِّرَةٌ لَهُ بِخِلَافِ الْعَطْفِ، فَإِنَّهُ لَا يُغَيِّرُ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْعَطْفَ هُنَا يُبَيِّنُ عَدَدَ الْوَاقِعِ فَهُوَ كَالصِّفَةِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا غَايَرَ بَيْنَ الْحُرُوفِ وَنَوَى التَّأْكِيدَ - لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ بِتَكْرِيرِ الْأَوَّلِ بِصُورَتِهِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ، أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ، أَنْتِ مُفَارَقَةٌ، وَنَوَى التَّأْكِيدَ بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ - قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُغَايِرْ بَيْنَهَا بِالْحُرُوفِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ، بَلْ أَعَادَ اللَّفْظَ بِمَعْنَاهُ، وَمِثْلُ هَذَا يُعَادُ تَوْكِيدًا، فَلَوْ عَطَفَ فَقَالَ: مُطَلَّقَةٌ، وَمُسَرَّحَةٌ، وَمُفَارِقَةٌ، وَقَالَ: أَرَدْتُ التَّأْكِيدَ - فَاحْتِمَالَانِ.
(وَالْمُعَلَّقُ كَالْمُنْجَزِ فِي هَذَا) ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى الشَّرْطِ يَجِبُ تَحَقُّقُهُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، فَيَجِبُ أَنْ يَقَعَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ يَقَعُ عَلَيْهَا لَوْ كَانَ مُنْجَزًا - تَقَدَّمَ الشَّرْطُ أَوْ تَأَخَّرَ - (فَلَوْ قَالَ لَهَا: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، أَوْ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ مَعَ طَلْقَةٍ، فَدَخَلَتْ - طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ شَرْطُ وُقُوعِهِمَا مَعًا، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ، فَلَوْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا بِالْجَزَاءِ أَوْ مَعَ طَلْقَتَيْنِ - طُلِّقَتْ ثَلَاثًا (وَإِنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ، أَوْ ثُمَّ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ - طُلِّقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً إِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا) ؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى، فَيَجِبُ أَلَّا يَلْحَقَهَا مَا بَعْدَهَا (وَاثْنَتَيْنِ إِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبِينُ بِالْأُولَى، فَيَتَعَيَّنُ إِيقَاعُ الثَّانِيَةِ أَيْضًا، وَفِي " الْمُغْنِي " عَنِ الْقَاضِي: تُطَلَّقُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا طَلْقَةً مُنْجَزًا، كَذَا قَالَ، وَالَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: أَن " ثُمَّ " كَسَكْتَةٍ لِتَرَاخِيهَا، فَيَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ مَعَهَا طَلْقَةٌ، فَيَقَعُ بِالْمَدْخُولِ بِهَا ثِنْتَانِ، وَاحِدَةٌ إِذَنْ، وَطَلْقَةٌ