الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجْهَانِ. وَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ فِي الْأَحْرَارِ، وَالرَّقِيقِ سَوَاءٌ. وَعَنْهُ: أَنَّهَا فِي الْعَبْدِ عَلَى النِّصْفِ، وَلَا حَقَّ لِسَيِّدِ الْأمَةِ فِي طَلَبِ الْفَيْئَةِ، وَالْعَفْوِ عَنْهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إِلَيْهَا.
فَصْلٌ وَ
إِذَا صَحَّ الْإِيلَاءُ ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ
فَإِنْ كَانَ بِالرَّجُلِ عُذْرٌ يَمْنَعُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُمَيِّزِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ (وَفِي إِيلَاءِ السَّكْرَانِ وَجْهَانِ) بِنَاءً عَلَى طَلَاقِهِ، وَالْأَشْهُرُ صِحَّتُهُ.
(وَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ فِي الْأَحْرَارِ وَالرَّقِيقِ سَوَاءٌ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " لِعُمُومِ النَّصِّ، وَلِأَنَّهَا مُدَّةٌ ضُرِبَتْ لِلْوَطْءِ أَشْبَهَتْ مُدَّةَ الْعُنَّةِ، (وَعَنْهُ: أَنَّهَا فِي الْعَبْدِ عَلَى النِّصْفِ) . نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ قَوْلُ التَّابِعِينَ كُلِّهِمْ إِلَّا الزُّهْرِيَّ وَحْدَهُ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ كَالطَّلَاقِ، وَالنِّكَاحِ، وَلِأَنَّ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ ثَبَتَ ابْتِدَاؤُهَا بِقَوْلِ الزَّوْجِ، فَوَجَبَ أَنْ تَخْتَلِفَ كَمُدَّةِ الْعِدَّةِ وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ الْغَضَبُ وَلَا قَصْدُ الْإِضْرَارِ. وَقَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا الْإِيلَاءُ فِي الْغَضَبِ (وَلَا حَقَّ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ فِي طَلَبِ الْفَيْئَةِ، وَالْعَفْوِ عَنْهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إِلَيْهَا) . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُرَّةَ، وَالْأَمَةَ سَوَاءٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ، عَفَا السَّيِّدُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا لِكَوْنِ الِاسْتِمْتَاعِ يَحْصُلُ لَهَا. فَإِنْ تَرَكَتِ الْمُطَالَبَةَ لَمْ يَكُنْ لِمَوْلَاهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ. لَا يُقَالُ: حَقُّهُ فِي الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْزَلُ عَنْهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الزَّوْجِ اسْتِيلَادُ الْمَرْأَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لِيُعْزَلَنَّ عَنْهَا أَوْ لَا يَسْتَوْلِدُهَا - لَمْ يَكُنْ مُؤْلِيًا.
[الْمُدَّةُ الَّتِي تُضْرَبُ لِلْإِيلَاءِ]
[إِذَا صَحَّ الْإِيلَاءُ ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ]
فَصْلٌ (وَإِذَا صَحَّ الْإِيلَاءُ ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ) فَالْمُؤْلِي يَتَرَبَّصُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا يُطَالِبُ بِالْوَطْءِ فِيهِنَّ، فَإِذَا مَضَتْ وَرَافَعَتْهُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْحَاكِمِ أَمَرَهُ بِالْفَيْئَةِ، فَإِنْ أَبَى أُمِرَ بِالطَّلَاقِ، وَلَا تُطَلَّقُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ. قَالَ أَحْمَدُ: يُوقَفُ عَنْ أَكَابِرِ
الْوَطْءَ احْتَسَبَ عَلَيْهِ بِمُدَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِهَا لَمْ تُحْتَسَبْ عَلَيْهِ. وَإِنْ طَرَأَ بِهَا اسْتُؤْنِفَتِ الْمَدَّةُ عِنْدَ زَوَالِهِ إِلَّا الْحَيْضَ، فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ بِمُدَّتِهِ، وَفِي النِّفَاسِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الصَّحَابَةِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: قَالَ ذَلِكَ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَجَعَلَ يُثْبِتُ حَدِيثَ عَلِيٍّ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَعَائِشَةَ وَاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: أَدْرَكْتُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ يُوقِفُ الْمُؤْلِي. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ، وَقَالَ مَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ: تَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ ضُرِبَتْ لِاسْتِدْعَاءِ الْفِعْلِ مِنْهُ أَشْبَهَ مَدُّةَ الْعُنَّةِ، وَجَوَابُهُ ظَاهِرُ الْآيَةِ، وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ. ثُمَّ قَالَ {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227] . وَلَوْ وَقَعَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى عَزْمٍ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ سُمَيْعٌ عَلِيمٌ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَاقَ مَسْمُوعٌ، وَلَا يَكُونُ الْمَسْمُوعُ إِلَّا كَلَامًا، وَلِأَنَّهَا مُدَّةٌ ضُرِبَتْ تَأْجِيلًا، فَلَمْ تَسْتَحِقَّ الْمُطَالَبَةَ فِيهَا كَسَائِرِ الْآجَالِ. وَمُدَّةُ الْعُنَّةِ حُجَّةٌ لَنَا، فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إِلَّا بِمُضِيِّهَا، وَلِأَنَّ مُدَّةَ الْعُنَّةِ ضُرِبَتْ لِيُخْتَبَرَ فِيهَا، وَيُعْرَفَ عَجْزُهُ عَنِ الْوَطْءِ بِتَرْكِهِ فِي مُدَّتِهَا. وَهَذِهِ ضُرِبَتْ تَأْخِيرًا لَهُ وَتَأْجِيلًا، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ إِلَّا بِمُضِيِّ الْأَجَلِ كَالدَّيْنِ، وَفِي " الْوَجِيزِ " تُضْرَبُ لِلْكَافِرِ الْمُدَّةُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ حِينِ الْيَمِينِ، وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى ضَرْبٍ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِالنَّصِّ، وَالْإِجْمَاعِ كَمُدَّةِ الْعُنَّةِ، (فَإِنْ كَانَ بِالرَّجُلِ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ) كَمَرَضٍ وَصَوْمٍ. (احْتُسِبَ عَلَيْهِ بِمُدَّتِهِ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ جِهَتِهِ، وَقَدْ وَجَدَ التَّمْكِينَ الَّذِي عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَامْتَنَعَ وَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ طَرَأَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ بَعْدَ الْإِيلَاءِ، أَوْ جُنَّ لَمْ تَنْقَطِعِ الْمُدَّةُ. (وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِهَا) كَصِغَرِهَا وَمَرَضِهَا وَصِيَامِهَا وَاعْتِكَافِهَا الْمَفْرُوضَيْنِ وَإِحْرَامِهَا. (لَمْ تُحْتَسَبْ عَلَيْهِ) أَيْ إِذَا وَجَدَ ذَلِكَ حَالَ الْإِيلَاءِ لَمْ تُضْرَبْ لَهُ الْمُدَّةُ حَتَّى تَزُولَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ تُضْرَبُ لِامْتِنَاعِهِ مَنْ وَطْئِهَا، وَالْمَنْعُ هُنَا مِنْ قِبَلِهَا. (وَإِنْ طَرَأَ بِهَا) هُوَ بِالْهَمْزِ، وَقَدْ يُتْرَكُ. (اسْتُؤْنِفَتِ الْمُدَّةُ عِنْدَ زَوَالِهِ) وَلَمْ تُبْنَ عَلَى مَا مَضَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] يَقْتَضِي أَنَّهَا مُتوَالِيَةٌ، فَإِذَا قَطَعَهَا وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا كَمُدَّةِ الشَّهْرَيْنِ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ،