الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِحْدَاهُمَا بِحَيْثُ تَرَاهُ الْأُخْرَى أَوْ غَيْرُهَا، وَلَا يُحَدِّثُهُمَا بِمَا جَرَى بَيْنَهُمَا.
وَلَهُ مَنْعُهَا مِنَ الْخُرُوجِ عَنْ مَنْزِلِهِ فَإِنْ مَرِضَ بَعْضُ مَحَارِمِهَا أَوْ مَاتَ، اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
اتِّحَادِ الْمَرَافِقِ، وَأَمَّا جَمْعُ زَوْجَتِهِ وَسَرِيَّتِهِ فِيهِ فَيُمْنَعُ مِنْهُ إِلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ فَقَطْ؛ لِثُبُوتِ حَقِّهَا كَالْجِمَاعِ، وَالسَّرِيَّةُ لَا حَقَّ لَهَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ. خر
مَسْأَلَةٌ: يَجُوزُ نَوْمُ الرَّجُلِ مَعَ زَوْجَتِهِ بِلَا جِمَاعٍ بِحَضْرَةِ مَحْرَمِهَا؛ لِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (وَلَا يُجَامِعُ إِحْدَاهُمَا بِحَيْثُ تَرَاهُ الْأُخْرَى أَوْ غَيْرِهَا) غَيْرَ طِفْلٍ لَا يَعْقِلُ أَوْ يَسْمَعُ حِسَّهُمَا، وَلَوْ رَضِيَتَا، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ دَنَاءَةً وَسُقُوطَ مُرُوءَةٍ، وَرُبَّمَا كَانَ وَسِيلَةً إِلَى وُقُوعِ الرَّائِيَةِ فِي الْفَاحِشَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَثُورُ شَهْوَتُهَا بِذَلِكَ، قَالَ أَحْمَدُ فِي الَّذِي يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ وَالْأُخْرَى تَسْمَعُ، قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الرِّجْسَ، وَهُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ (وَلَا يُحَدِّثُهُمَا بِمَا جَرَى بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِإِثَارَةِ الْغَيْرَةِ وَبُغْضِ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، وَحَرَّمَهُ فِي " الْغُنْيَةِ " وَالْآدَمِيُّ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ وَحُرِّمَ فِي " أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ " إِفْشَاءُ السِّرِّ، وَقَيَّدَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " بِالْمُضِرِّ، وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ:«إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ أَحَدُهُمَا سِرَّ صَاحِبِهِ» .
[لِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنَ الْخُرُوجِ عَنْ مَنْزِلِهِ]
(وَلَهُ مَنْعُهَا مِنَ الْخُرُوجِ عَنْ مَنْزِلِهِ) إِلَى مَا لهَا مِنْهُ بُدٌّ، سَوَاءٌ أَرَادَتْ زِيَارَةَ وَالِدَيْهَا، أَوْ حُضُورَ جِنَازَةِ أَحَدِهِمَا؛ لِمَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ رَجُلًا مَنَعَ زَوْجَتَهُ الْخُرُوجَ، فَمَرِضَ أَبُوهَا، فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهَا: اتَّقِي اللَّهَ وَلَا تُخَالِفِي زَوْجَكِ، فَمَاتَ أَبُوهَا، فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حُضُورِ جِنَازَتِهِ، فَقَالَ لَهَا كَالْأَوَّلِ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهَا بِطَاعَةِ زَوْجِهَا» رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ؛ وَلِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ وَاجِبٌ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَلَوْ خَرَجَتْ بِلَا إِذْنِهِ حَرُمَ، وَلَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إِذَا قَامَ بِحَوَائِجِهَا وَإِلَّا لَابُدَّ لَهَا، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ
فِي الْخُرُوجِ إِلَيْهِ، وَلَا تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ إِجَارَةَ نَفْسِهَا لِلرَّضَاعِ وَالْخِدْمَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا، وَلَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
حَبَسَتْهُ بِحَقِّهَا: إِنْ خَافَ خُرُوجَهَا بِلَا إِذْنِهِ أَسْكَنَهَا حَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَحْفَظُهَا غَيْرُ نَفْسِهِ، حُبِسَتْ مَعَهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا أَوْ خِيفَ حُدُوثُ شَرٍّ أُسْكِنَتْ فِي رِبَاطٍ وَنَحْوِهِ، وَمَتَى كَانَ خُرُوجُهَا مَظِنَّةً لِلْفَاحِشَةِ صَارَ حَقًّا لِلَّهِ، يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ رِعَايَتُهُ.
(فَإِنْ مَرِضَ بَعْضُ مَحَارِمِهَا أَوْ مَاتَ اسْتَحَبَّ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ إِلَيْهِ) ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَفِي مَنْعِهَا قَطِيعَةُ الرَّحِمِ، وَحَمْلٌ لَهَا عَلَى مُخَالَفَتِهِ، وَأَوْجَبَهُ ابْنُ عَقِيلٍ لِلْعِيَادَةِ، وَقِيلَ: أَوْ نَسِيبٍ، وَقِيلَ: لَهَا زِيَارَةُ أَبَوَيْهَا كَكَلَامِهِمَا، وَلَا يَمْلِكُ مَنْعَهُمَا مِنْ زِيَارَتِهَا فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَلْزَمُهَا طَاعَةُ أَبَوَيْهَا فِي فِرَاقٍ وَزِيَارَةٍ وَنَحْوِهِ، بَلْ طَاعَةُ زَوْجِهَا أَحَقُّ.
فَرْعٌ: لَيْسَ عَلَيْهَا طَحْنٌ وَعَجْنٌ وَخَبْزٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِلْجُوزَجَانِيِّ، وَقَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام «قَضَى عَلَى فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ بِخِدْمَةِ الْبَيْتِ، وَعَلَى عَلِيٍّ مَا كَانَ خَارِجَ الْبَيْتِ» رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ مِنْ طُرُقٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَتِهَا الِاسْتِمْتَاعُ، فَلَا يَلْزَمُهَا غَيْرُهُ كَسَقْيِ دَوَابِّهِ، وَأَوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمَعْرُوفُ مِثْلَهَا لِمِثْلِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي " الْوَاضِحَةِ ":«إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَكَمَ عَلَى فَاطِمَةَ بِخِدْمَةِ الْبَيْتِ» ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: عَلَيْهَا أَنْ تَخْدِمَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
(وَلَا تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ إِجَارَةَ نَفْسِهَا لِلرَّضَاعِ وَالْخِدْمَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَكَوْنُهَا تَمْلِكُ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى فَوَاتِ حَقِّهِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ كَمَا لَا تَمْلِكُ مَنْعَهُ مِنَ الْوَطْءِ، فَلَوْ فَعَلَهُ بِإِذْنِهِ جَازَ، فَإِنْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِلرَّضَاعِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ، صَحَّ الْعَقْدُ، وَلَمْ يَمْلِكِ الزَّوْجُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ وَلَا مَنْعَهَا مِنَ الرَّضَاعِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُلِكَتْ بِعَقْدٍ سَابِقٍ عَلَى نِكَاحِهِ، أَشْبَهَ بَيْعَ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَقِيلَ: لَهُ الْفَسْخُ إِنْ جَهِلَهُ، وَلَهُ الْوَطْءُ، وَقِيلَ: لَا، إِنْ ضَرَّ بِلَبَنٍ (وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا) ؛ لِأَنَّ إِرْضَاعَهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهَا، وَحَقُّ الزَّوْجِ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ يَقْتَضِي مِلْكَهُ لِلِاسْتِمْتَاعِ فِي كُلِّ زَمَانٍ سِوَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، وَالرَّضَاعُ يُفَوِّتُهُ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إِذَا كَانَ مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِاسْتِمْتَاعِهِ. وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي النَّفَقَاتِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: 233] وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ، وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ وَالِدَةٍ، وَحُكْمُ وَلَدِ