الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب تمييز ما يدخله التصريف مما لا يدخله:
اعلم أن التصريف لا يدخل في أربعة أشياء. وهي: الأسماء الأعجمية [التي عجمتها شخصية] 1، كـ"إسماعيل" ونحوه؛ لأنها نقلت من لغة قوم ليس حكمها كحكم هذه اللغة. والأصوات كـ"غاق"2 ونحوه؛ لأنها حكاية ما يصوت به، وليس لها أصل معلوم، والحروف. وما3 شُبِّه بها من الأسماء المتوغلة في البناء، نحو "من" و"ما"؛ لأنها لافتقارها بمنزلة جزء من الكلمة التي تدخل عليها. فكما أن جزء الكلمة، الذي هو حرف الهجاء، لا يدخله تصريف فكذلك ما هو بمنزلته.
وقد جاء بعض [الكلمات] 4 المبنية مشتقًا، نحو "قَطُّ"؛ لأنها من "قططتُ" أي: قطعت؛ لأن قولك: "ما فعلته قط" معناه: "فيما انقطع من عمري. وكذلك "ذا" و"ذي" و"الذي" ونحو ذلك، مما يدخله التحقير5، ويستعمل استعمال المتصرف، وليس ذلك بالكثير، وكلما كان الاسم من شبه الحرف أقرب كان من التصريف أبعد.
ومما يدلك [3ب] ، على أن الحرف لا يدخله تصريف، وجود "ما" و"لا" ونحوهما من الحروف؛ ألا ترى أن الألف لا تكون فيهما منقلبة، كالألف التي في عصا ورحى؟ لأنها لو كان أصلها واوًا أو ياء6 لظهرتا؛ لسكونهما، كما ظهرتا في نحو: كي وأي ولو. فلو كان أصل ألف "ما" واوًا7 لقلت "مَوْ" كـ"لو". ولو كان ياء لقلت "مَيْ" كـ"كي"؛ لأن حرف8 العلة إنما كان يقلب، لو كان متحركًا وقبله مفتوح.
1 من م.
2 غاق: حكاية صوت الغراب.
3 وهذا هو القسم الرابع مما لا يدخله التصريف.
4 تتمة يقتضيها السياق. ووصف "قط" بالاشتقاق هو تعبير لغوي لا صرفي؛ لأن "قط" ليس من المشتقات.
5 أي: التصغير.
6 م: ياء أو واوًا.
7 زاد في م: أو ياء.
8 م: حروف.
فإن قيل: فهلا قُدرت الألف، في "ما" وأشباهها، منقلبة من حرف علة متحرك. فالجواب أن ذلك لا يمكن تقديره؛ لأن "ما" حرف مبني، والحروف لا تُبنى إلا على السكون، ولا يحرك آخرها إلا عند التقاء الساكنين نحو "ثم"، أو إذا كان على حرف واحد نحو واو العطف وفائه، وليس شيء من ذلك في "ما". ولا يمكن أن تكون "1" الألف في "ما" وأمثالها زائدة؛ لأنه إنما تعرف الزيادة من غيرها، بالاشتقاق والتصريف وسائر الأدلة التي تذكر بعد2 -إن شاء الله- ولا يوجد شيء من ذلك في الحرف.
وما عدا ما ذكر، من الأسماء العربية والأفعال، يدخله التصريف.
1 م: يكون.
2 انظر القسم الأول من التصريف.