الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التاء:
التاء تنقسم قسمين1: قسمٌ يُحكم عليه بالأصالة، ولا يحكم [26 ب] عليه بالزِّيادة إِلَّا بدليل، وقسم يُحكم عليه بالزِّيادة أبدًا، ولا يكون أصلًا.
فالقسم2 الذي يحكم عليه بالزيادة:
التاء التي في أَوائل أَفعال المُطاوَعة3، نحو قولك: كسَّرتُه فتَكسَّرَ وقطَّعتُه فتَقطَّعَ ودَحرَجتُهُ فتَدحرَج.
والتاء في أول "تَفاعَلَ"، نحو: تَغافَلَ وتَجاهَل، وما تصرَّف من ذلك.
والتاء التي هي من حروف المُضارَعة، نحو: تَقُومُ وتَخرُجُ.
والتاء التي في "افتَعَلَ" و"استَفْعَلَ"، وما تصرَّف منهما.
والتاء التي للخطاب في نحو: أنتَ وأنتِ و4 أنتما وأنتم وأنتنّ.
وتاء التأنيث نحو: قامتْ وخَرَجَتْ، وقائمةٌ وخارِجةٌ، ورُبَّتَ وثُمَّتَ ولاتَ.
ومع "الآن"5، في نحو قوله6:
نَوِّلِي، قَبلَ نأيِ دارٍ، جُمانا
…
وصِليِنا، كَما زَعَمتِ، تَلانا
1 انظر سر الصناعة 1: 174-188 والكتاب 2: 347-349. وفي حاشية ف بخط أبي حيان أن سيبويه جعل تاء تربوت أصلًا وكذلك تاء تِنبال.
2 الكتاب 2: 349.
3 كذا. وفاته ذكر ما تصرف من هذه الأفعال.
4 م: وفي.
5 ف: وتلان.
6 البيت لجميل بثينة، وينسب إلى عمرو بن أحمر. ديوان جميل ص229 وسر الصناعة 1: 185 والإنصاف ص110 والخزانة 2: 149 واللسان "حين" و"تلن" والتاج "تلن" والمزهر 1: 237.
أراد: الآنَ1. وحكى أبو زيد أنه سمع مَن يقول: حَسبُكَ تَلانَ، يريد: حسبُكَ الآنَ. [فزادَ التاء]2.
ومع الحين، في أحد القولين، في نحو قوله3:
العاطِفُونَ تَحِينَ ما مِن عاطِفٍ
…
والمُسبِغُونَ نَدًى إِذا ما أَنعَمُوا
جميع هذا يُحكم على التاء فيه بالزيادة، ولا يُحتاج في ذلك إلى دليل، لوضوح كونها زائدةً فيه.
وأمَّا القسم الذي يُحكم عليه بالأصالة، ولا يكون زائدًا إِلَّا بدليل، فما عدا ذلك. وإنما قضينا على التاء بالأصالة، فيما عدا ذلك، لكثرة تَبيُّن أصالة التاء فيما يُعرف له اشتقاق أو تصريف4، نحو: تَوءَم –فإنَّ تاءه أصليَّة؛ لأنك تقول في الجمع: تُؤامٌ. وتُؤامٌ: "فُعالٌ" فتاؤه أصل – وأمثالِ ذلك. ويقلُّ وجودُها زائدةً فيما عُرف له اشتقاق أو تصريف. فلمّا كان كذلك حُمل ما جُهل أصله على الكثير، فقُضي على تائه بالأصالة.
فممّا جاءت فيه التاء زائدة أوَّلًا: تألَبٌ وتُرتَبٌ5 وتُدْرأٌ6 وتِجفافٌ7 وتَعضُوض8 وتِمثالٌ وتِبيانٌ وتِلقاءٌ وتِضرابٌ9 وتِهواءٌ10 من الليل وتِمساحٌ للكذَّاب وتِمْرادٌ لبيت الحمام ورَجل تِقوالةٌ.
فالدليل11، على زيادتها في تَأْلَب اسم الحِمار، أنه12 مأخوذٌ من [قولك] 13: أَلَبَ الحِمارُ أُتُنَه يألِبُها، إذا طردها. وكذلك14 تُرتَبٌ:"تُفْعَلٌ" مِن الشيء الرَّاتب. وتُدرأٌ15 من:
1 قال صاحب التاج "تلن": قال شيخنا رحمه الله تعالى: وجزم ابن عصفور رحمه الله في الممتع بزيادة التاء.
2 من م.
3 البيت لأبي وجزة السعدي. الخزانة 2: 147-150 وسر الصناعة 1: 180 والإنصاف ص108 والصحاح واللسان والتاج "حين" ورواه السيرافي: "العاطفونة حين".
4 المنصف 1: 102-103. وغفل عن نحو: اتمهلَّ واتمأرَّ واتمألَّ.
5 الترتب: الشيء الراتب الثابت.
6 التدرأ: الدرء والدفع. ف: وتدرأ وترتب.
7 التجفاف: ما جلل الفرس من سلاح وآلة تقيه الجراح.
8 التعضوض: تمر أسود.
9 التضراب: الناقة التي ضربها الفحل.
10 التهواء: القطعة.
11 المنصف 1: 103-104.
12 م: فإنه.
13 من م.
14 الكتاب 2: 348 والمنصف 1: 103-104.
15 م: تدر.
دَرأتُ، أي: دَفَعتُ. وأيضًا فإِنه لا يمكن جعل التاء في تُرتبٍ وتُدرأ أصلًا؛ لأنه ليس في كلامهم "فُعْلَلٌ".
وكذلك تَتْفُلٌ1 تاؤه زائدة؛ لأنها لو كانت أصليَّة لكان وزن الكلمة "فَعْلُلًا". وذلك بناء غير موجود في كلامهم. ومن قال: تُتْفُلٌ، بضمِّ التاء فهي عنده أيضًا زائدة، لثبوت زيادتها في لغة مَن فَتَحَ التاء.
وكذلك2 تِجفاف وتَعضُوض وتِبيان وتِلقاء وتِمساح وتِقوالة وناقة تِضراب، هي3 مشتقَّة من: الجُفُوف والعَضِّ والبَيان واللّقاء والمَسحِ والضِّراب والقَول. وتِمرادٌ4؛ لأنه من ماردٍ أي: طويل. ومنه: قَصرٌ ماردٌ. وتِهواءٌ من الليل من قولهم: مَرَّ هَوِيٌّ5 من الليل.
وكذلك التاء في تِنبال زائدة؛ لأنَّ التِّنبال هو القصير، والنَّبَلُ هم القِصار، فيكون التِّنبال6 منه. وقد ذهب إلى ذلك بعض أهل اللغة7.
وزيدت آخِرًا8 في سَنبَتة، بدليل قولهم: مَرَّتْ عليه9 سَنبةٌ من الدهر، بمعنى سَنبتة أي: قِطعة –فيحذفون التاء- وفي رَغَبُوت ورَهَبُوت وطاغُوت10 ورَحَمُوت ومَلَكُوت وجَبَرُوت؛ لأنها بمعنى الرغبة والرهبة والرحمة والمُلك والتجبُّر والطُّغيان. [وقد] 11 قالوا: رَغَبُوتَى ورَهَبُوتَى ورَحَمُوتَى12، والتاء فيها أيضًا13 زائدة.
1 التتفل: ولد الثعلب. وانظر 6أ.
2 الكتاب 2: 348.
3 ف: فهي.
4 التمراد: بيت الحمام.
5 الهوي: الهزيع.
6 م: التبيان.
7 قال صاحب التاج "نبل": "ذهب ثعلب إلى أنه من النبل. وبه صرح الشيخ أبو حيان وجزم ابن هشام في شرح الكعبية والسهيلي في الروض، وأقره البغدادي شيخ مشايخنا في الحاشية التي وضعها على شرح ابن هشام المذكور، وهي عندي. وجعله سيبويه رباعيًّا".
8 الكتاب 2: 348 والمنصف 1: 139. وفي حاشية ف بخط أبي حيان عن ابن مالك أن سنبتة تحتمل كونها من السبت وهي المدّة؛ لأنَّ فعلتة لا نظير لها وفنعلة معروفة في حنظلة.
9 م: عليهم.
10 م: "وطاغوت ورهبوت". وفي حاشية ف بخط أبي حيان أن سيبويه جعل التاء الأولى من تربوت أصلية لمناسبة التراب –وهذا لا يكفي لكنه يقوى بكثرة بناء فَعَلوت–وجعل زون سُبْروت هو فعلول. فكأنه ناقض نفسه لاحتمال أن يكون من السبر. وغير سيبويه يرى تاء تربوت بدلًا من دال دربوت.
11 من م.
12 م: رغبوتي ورهبوتي ورحموتي.
13 ف: والتاء أيضًا فيها.
فأمَّا الثَّلَبُوت1 من قول لبيد2:
بأحِزَّةٍ الثَّلَبُوتِ، يَربأ فَوقَها
…
قَفْرَ المَراقِبِ، خَوفُها آرامُها
فالتاء فيه أصل. وأجاز ابن جنِّي أن تكون التاء زائدة، حملًا على جَبَرُوت وأَخواته. قال: وليس ذلك بالقويِّ3. والصحيح أنه لا يَسوغ جعلُ التاء فيه زائدةً، لقِلَّة ما زيدت فيه التاء، ممّا هو على وزنه، إذ لا يُحفظ منه إِلَّا سِتَّةُ الألفاظ المذكورة4.
وكذلك هي في عَنكَبُوت زائدة. واستدلَّ على ذلك سيبويه5، بقولهم في جمعه: عَناكِب. ووجه الدليل من ذلك أنهم كَسَّرُوا عنكبوتًا من غير استكراه. أعني: من غير أن يُكلَّفوا ذلك6.
ولو كانت التاء أصليَّة لكان من بنات الخمسة. وهم لا يكسّرون بنات الخمسة إِلَّا بعد استكراه. فدلَّ ذلك على أنه ليس من بنات الخمسة، وأنَّ تاءه زائدة. وأيضًا فإنهم يقولون في معناه7. العَنكباء. وذلك قاطع [27أ] بزيادة التاء.
وفي8 عِفرِيت وغِزوِيت9. أمَّا غِزوِيت فالدليل على زيادة تائه أنك لا تخلو من أن تجعل التاء والواو أصليَّتين. أو تجعل التاء أصليَّة والواو زائدة10 أو العكس. فجعلهما أصليَّتين11 يؤدِّي إلى كون الواو أصلًا12، في بنات الأربعة [من غير المضعَّفات]13. وذلك فاسد. وجعل الواوِ زائدةً14 والتاءِ أصليَّة يؤدِّي إلى بناء غير موجود. وهو "فِعوِيل". فلم يبق إِلَّا أن تكون تاؤه زائدة وواوه أصليَّة. وأمَّا عِفريت فتاؤه زائدة، بدليل قولهم في معناه: عِفرِيةٌ.
1 م: التلبوت.
2 من معلقته. ديوانه ص305. والأحزة: جمع حزيز. وهو ما ارتفع من الأرض وغلظ. وفي حاشية ف عن الجوهري: "الثلبوت اسم واد بين طيئ وذبيان": الصحاح "ثلب" ويربأ: يعلو. والمراقب: جمع مرقب. وهو المرتفع. وخوفها أي: خوف الأتن. والآرام: الأعلام. يصف حمار وحش مع أتنه.
3 المنصف 1: 139.
4 كذا. وقيل: بَرَهُوت.
5 الكتاب 2: 348 والمنصف 1: 139.
6 سقط من م.
7 زاد في المنصف: العنكب.
8 في حاشية ف بخط أبي حيان: "سقط من هنا إلى قوله: "وزيدت أيضًا في أول الكلمة"، في نسخة الخفاف".
9 الغزويت: الداهية. وهو العزويت أيضًا. انظر المنصف 1: 169 و3: 28.
10 م: زائد.
11 م: أصليين.
12 م: الواو والتاء.
13 من م.
14 سقط من م.
وزيدت أيضًا في أوَّل الكلمة وآخِرها في1 تَرنَمُوتٍ، ووزنه "تَفْعَلُوتٌ". وهو: صوتُ ترنُّمِ القوسِ عند الإِنباض. قال الراجز2:
تَجاوَبَ القَوسِ بِتَرنَمُوتِها
أي: بِتَرنُّمِها.
1 الكتاب 2: 348 والمنصف 1: 139.
2 سر الصناعة 1: 157 والمنصف 1: 139 وشرح الملوكي ص197 وشرح المفصل 9: 158 وشرح شواهد الشافية ص283 والصحاح واللسان والتاج "رنم".