الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الدال:
وأمَّا الدال1 فأُبدلت من التاء والذال. فأُبدلت من تاء "افتَعَلَ" باطِّراد، إذا كانت الفاء زايًا. فتقول في "افتَعَلَ" من الزَّينِ: ازدانَ، ومن الزُّلفَى: ازدَلَفَ، ومن الزَّجرِ: ازدجَرَ، ومن الزِّيارة: ازدارَ. والأصل "ازتانَ" و"ازتَجَرَ" و"ازتَلََفَ" و"ازتارَ"، فرفضوا الأصل وأبدلوا من التاء دالًا.
والسبب في ذلك أنَّ الزاي مهجورةٌ والتاء مهموسة، والتاء شديدة والزاي رخوة، فتباعد ما بين الزاي والتاء، فقرَّبوا أحد الحرفين من الآخر ليقرب النطق بهما، فأبدلوا الدال من التاء؛ لأنها2 أخت التاء في المخرج [والشِّدَّة] 3، وأختُ الزاي في الجَهر.
وكذلك تُبدل فيما تَصرَّف من "افتَعَلَ". فتقول: مُزدَلِفٌ ومُزدَجِرٌ ومُزدانٌ ومُزدارٌ، وازدِجارٌ وازدِيانٌ وازدِيارٌ وازدِلافٌ. ومن كلام ذي الرُّمَّة في بعض أخباره4. هل عِندَكَ مِن ناقةٍ فتَزدار عليها مَيًّا؟
وكذلك5 أيضًا تبُدل منها، إذا كانت الفاء دالًا. إِلَّا أنَّ ذلك من قَبيل البدل الذي يكون للإدغام. فتقول في "افتَعَلَ" من الدَّين: ادّانَ.
وقد قُلبتْ تاء "افتَعَلَ" دالًا، بغير اطِّراد، مع الجيم في: اجتمعُوا واجتَزَّ6، فقالوا: اجدَمَعُوا واجدَزَّ7. والأكثر التاء. قال8:
1 سر الصناعة 1: 200-202 والكتاب 2: 314.
2 م: من الفاء فإنها.
3 من م.
4 مجالس ثعلب ص39 والأغاني 16: 124 ومصارع العشاق 2: 186 وتزيين الأسواق ص79.
5 سقط من النسختين حتى قوله "ادّان"، وألحقه أبو حيان بحاشية ف. وانظر سر الصناعة 1: 202 وفي حاشية ف أيضًا بخط أبي حيان أن من يقول "حَفِظْطُ" يقول في مثل فُزتُ وأجدتُ وأخذتُ: فُزدُ وأجَدُّ وأخذدُ. فيبدل التاء دالًا.
6 م: اجتر.
7 م: اجدر.
8 مضرس بن ربعي الأسدي أو يزيد بن الطثرية. سر الصناعة 1: 201 وتأويل مشكل القرآن ص224 والأشباه والنظائر 8: 85 والمقرب 2: 166 وشرح الشافية 3: 228 وشرح شواهده ص481-484 والمفصل 2: 26 والعيني 4: 591 والصحاح واللسان والتاج "جزز". واجدز: اقطع. والشيح: نبات له رائحة طيبة.
فقُلتُ لِصاحِبِي: لا تَحبِسَنَّا
…
بِنَزعِ أُصولِهِ، واجدَزَّ شِيحا
يريد "واجتزَّ". ولا يُقاس ذلك، فلا يقال في "اجتَرأ": اجدَرأ،1 ولا في "اجترَحَ": اجدَرَحَ.
وأُبدلت أيضًا من تاء "افتَعَلَ"، إذا كانت الفاء ذالًا، من غير إدغام. فقالوا: اذْدَكَرَ ومُذْدَكِرٌ2. حكى ذلك أبو عمرو. وقال أبو حِكاك3:
تُنحِي علَى الشَّوكِ جُرازًا مِقضَبا
…
والهَرْمَ تُذْرِيهِ، اذدِراءً عَجَبا
يريد: "اذتراءً"، وهو "افتِعال" من: ذراه يَذريه. فأمَّا "ادَّكَرَ" فالدال فيه مبدلة من الذال لأنه إبدالُ إدغامٍ4، فلا يُذكرُ5 هنا.
وأُبدلتْ من التاء في غير "افتَعَلَ" بغير اطِّراد في تَولَجٍ6، فقالوا: دَولَجٌ، فأبدلوا الدال من التاء المبدلة من الواو؛ لأنَّ الأصل "وَوْلَج"؛ لأنه من الوُلُوج. ولا تُجعلُ الدال بدلًا من الواو؛ لأنه قد ثَبَتَ إبدال الدال من التاء في "افتَعَلَ"، كما تَقَدَّمَ، ولم يثبت إبدالها من الواو في موضع من المواضع.
فهذا جميع ما أُبدلت فيه الدال من التاء.
وأُبدلتْ من الذال في ذِكَرٍ جمع ذِكْرةٍ، فقالوا: دِكَرٌ.7 قال ابن مقبل8:
يا لَيتَ لِي سَلوةً، تُشفَي النُّفُوسُ بِها
…
مِن بَعضِ ما يَعتَرِي قَلبِي، مِنَ الدِّكَرِ
بالدال9. كذا رواه أبو عليٍّ. وكأنَّ الذي سَهَّلَ ذلك قلبهم لها في "ادَّكَرَ" و"مُدَّكِر"، فأُلِفَ فيها القلب10 فَقَلبها دالًا، وإن كان مُوجِبُ القلب قد زال. وهو الإدغام11.
1 م: أجدر.
2 سقط من م.
3 سر الصناعة 1: 202 والمقرب 2: 166 وشرح المفصل 10: 49 و150 والمفصل 2: 299 وشرح التفتازاني ص16 واللسان والتاج "ذكر". ف: "ينحي". وفي النسختين "عن الشول حوارًا". والتصويب من سر الصناعة واللسان والتاج وشرح المفصل. وتنحي: توجه وتلقي. وأراد بالجراز أسنانها. والهرم: ضرب من نبات الحمض. وتذريه: تطيره.
4 في النسختين: "فأمَّا ادَّكر فإبدال إدغام". وقد صوبه أبو حيان في حاشية ف كما أثبتنا.
5 م: فلا يتكلم فيه.
6 التولج: كناس الوحش.
7 م: ذكر.
8 ديوانه ص81 وسر الصناعة 1: 302 والخصائص 1: 351 والمنصف 3: 140. ويعتري: يصيب.
9 م: بالذال.
10 سقط من م.
11 في حاشية ف بخط أبي حيان: بلغت المقابلة.