الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المعتلُّ اللام] :
فأمَّا المعتلُّ اللام فلا يخلو أن يكون اسمًا أو فعلًا. فإن كان فعلًا فلا يخلو من أن يكون على ثلاثة أحرف، أو على أزيد. فإن كان على ثلاثة أحرف فإنَّه يكون على "فَعَلَ" و"فَعُلَ" و"فَعِلَ" بفتح العين وضمِّها وكسرها:
أمَّا المفتوحة العين والمكسورتها فإنها تكون في ذوات الواو والياء. فمثال "فَعَلَ"1 من الياء: رَمَى، ومن الواو: غَزا. ومثال "فَعِلَ"2 من الواو: شَقِيَ،3 ومثاله من الياء: عَمِيَ.
وأمَّا المضمومةُ4 العين فلا توجد إِلَّا في الواو نحو: سَرُوَ. ولا تُوجد في الياء5 إِلَّا في التعجُّب نحو: لَقَضُوَ الرَّجُلُ! 6 أصله "لقَضُيَ"، فقُلبت الياء واوًا لانضمام ما قبلها؛ لأنَّ الياء وقبلها الضَّمَّة بمنزلة الياء والواو. فكما أنَّ اجتماع الياء والواو ثقيل فكذلك الياء إذا كان قبلها ضمَّة، لا سيَّما والياء في محل التغيير. وهو الطَّرف. فلم يكن بدٌّ من قلب الياء حرفًا من جنس الضَّمَّة وهو الواو، أو قلب الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء، فلم يمكن قلبُ7 الضَّمَّةِ كسرة كراهيةَ أن يلتبس "فَعُلَ" بـ"فَعِلَ"، فقُلبت الياء واوًا.
فإن قيل: ولأيِّ شيء امتنع بناءُ "فَعُلَ" من ذوات الياء؟ فالجواب8 أنَّ الذي مَنَعَ من ذلك أنهم لو فعلوا ذلك لأدَّى9 إلى الخروج من الخفيف إلى الثقيل؛ لأنه يلزم فيه كما ذكرنا قلبُ.
1 المنصف 2: 111-112.
2 المنصف 2: 112.
3 م: سقي.
4 المنصف 2: 112 -113.
5 كذا، وقالوا: نَهُوَ يَنهُو. وهو من اليائيِّ.
6 تقول: لقضو الرجل، إذا بالغت في الخبر عنه بجودة القضاء. المنصف 1:307.
7 م: وهو الواو وقلب.
8 المنصف 1: 113.
9 زاد في م: ذلك.
الياء واوًا، والياء أخفُّ من الواو، مع أنَّه يلزم أن يكون المضارع على "يَفعُلُ". فكنت تقول "رَمُوَ يَرْمُو"، فيجتمع لك في الماضي والمضارع ضمَّةٌ وواو وذلك ثقيل. وليس كذلك ذوات الواو؛ لأنَّه لا يلزم فيها1 أكثر من ثقل الواو والضَّمَّة نحو:"سَرُوَ يَسْرُو"، إذ ليس يلزم فيها خروج من خفيف إلى ثقيل.
وإنَّما ساغ ذلك في فعل التعجُّب؛ لأنَّه لا مضارع له، فقَلَّ فيه الثقل لذلك. وأيضًا فإنه يشبه الأسماء، ولذلك صَحَّحوا الفعل في نحو: ما أَطوَلَهُ! تشبيهًا له بـ"أطوَلَ منه". فكذلك أيضًا قَلَبوا الياء في مثل "رَمُوَ"2، إذا أرادوا التعجُّب، واوًا تشبيهًا له [49ب] بـ"فَعُلَة"3، ممّا لامه ياء، إذا بُنيَتْ على التأنيث، نحو "رَمُوة"4 من الرمي.
فإن قيل: وكيف شُبِّهت الياء المُتطرِّفة في الفعل بالياء غير المتطرِّفة في الاسم؟ بل كان يجب أن تُشبَّه5 بالياء المتطرِّفة. فكما أنَّ الياء المضموم ما قبلها، إذا كانت في آخر الاسم6، تُقلب الضَّمَّة كسرة نحو: أظْبٍ جمع ظَبْيٍ، فكذلك كان يجب فيما أشبهه من الفعل. فالجواب7:
أنَّ الذي مَنَعَ من قلب الياء المضموم ما قبلها واوًا في آخر الاسم [أنَّ الواو المضموم ما قبلها في آخر الاسم] 8 مستثقلة، وهي مع ذلك معرَّضة لأن تليها ياء النسب وياء الإضافة، نحو "أَدْلُوِيّ" و"أَدْلُوِيْ"9 لو ثَبَتَتِ الواو. والفعل ليس بمعرَّض لذلك، فلم يُستثقل أن يكون آخره واوًا مضمومًا ما قبلها، كما استُثقل10 ذلك في الاسم. فلذلك شُبّه "رَمُوَ" في التعجُّب بـ"فَعُلَة" من الرَّمي نحو "رَمُوَة"؛ لأنَّ الواو إذ ذاك لا تليها ياءُ الإضافة كما أنَّ الفعل كذلك.
فإن كان الفعل على "فَعُلَ" بضمِّ العين فإنَّ لامه تصحُّ نحو "سَرُوَ"، إذ لا موجب للإعلال فيه؛ لأنَّ الضَّمَّة مع الواو بمنزلة واوين. فكما تصحُّ الواوان في مثل عدوّ، فكذلك تصحُّ الواو المضموم ما قبلها في آخر الفعل11. إِلَّا أن يكون من ذوات الياء فإنه يُصنع به ما ذكرنا من
1 م: فيه.
2 م: رموا.
3 م: فُعلة.
4 م: رُموة.
5 م: يشبه.
6 ف: اسم.
7 المنصف 2: 117-118.
8 من م.
9 م: أدلو.
10 م: استثقلت.
11 سقط "فكما تصح
…
آخر الفعل" من م. وانظر تعليقة لنا في ص348.
قلب الياء واوًا، لِما تَقَدَّمَ من ثقل الياء وقبلها الضَّمَّة، نحو: لَقَضُوَ الرَّجُلُ!
فإن خَفَّفتَ1 العين فقلتَ: لقَضْوَ الرَّجلُ! أَبقيتَ الواو على أصلها؛ لأنَّ التسكين عارض. وأيضًا فإنَّ الفعل إذا لَزم فيه الإعلال في بعض المواضع حُملت سائر المواضع على ذلك، وإن لم يكن فيها موجب، نحو: أَغزَيتُ2، قُلبت فيه الواو ياء حملًا على: يُغْزِي، وإن لم يكن في "أغزَيتُ" ما في "يُغزِي" من انكسار ما قبل الواو المتطرِّفة. فكذلك قُلبت الياء في "لَقَضْوَ"[واوًا] 3 حملًا على "لَقَضُوَ"، وإن لم يكن في لغة المخفِّف ما قبل الياء مضمومًا.
فإن كان الفعل على "فَعِلَ" بكسر العين فلا يخلو من أن يكون من ذوات الياء، أو من ذوات الواو:
فإن كان من ذوات الياء بقي على أصله ولم يعتلَّ، نحو: غَنِيتُ" في الغُنية، كما لم يعتلَّ ما في آخره واو قبلها ضمَّة. بل إذا صحَّت الواو في مثل: سَرُوَ، فالأحرى أن تصحَّ الياء في مثل: غَنِيَ؛ لأنَّ الياءَ وقبلها الكسرة أخفُّ من الواو وقبلها الضَّمَّة.
وإن كان من ذوات الواو قُلبت الواو ياء، نحو: شَقِيَ ورَضِيَ4؛ لأنَّ الواو وقبلها الكسرة بمنزلة الياء والواو؛ لأنَّ الكسرة بعضُ الياء. فكما أنَّ الياء والواو إذا اجتمعتا5 في مثل سيِّد ومَيِّت قلبت الواو ياء، والأصلُ "سَيْوِدٌ" و"مَيْوِتٌ"، فكذلك يُفعل بالكسرة مع الواو. فإن سكَّنتَ العينَ6 قلتُ: شَقْيَ7 ورَضْيَ، ولم تَردَّ الواو؛ لأنَّ الإسكان عارضٌ. وأيضًا فإنك تَحمِل التخفيف على التحريك، كما فعلتَ ذلك في "لَقَضْوَ" للعلَّة التي ذكرنا.
وإن كان الفعل على وزن "فَعَلَ" بفتح العين فإنك تقلب حرف العلَّة ألفًا، ياءً كان أو واوًا، نحو: غَزا ورَمَى، من الغَزْو والرَّمْي. والسبب8 في ذلك اجتماع ثقل المِثلَينِِ -أعني فتحة العين واللام- مع ثقل الياءِ أو الواو9، فقلبت الياء والواو ألفين10 لخفَّة الألف؛ ولأنها لا تتحرَّك فيزولُ اجتماع المِثلَينِ؛ ولأنَّه ليس للياء والواو ما يقلبان إليه، أقربُ من الألف.
1 م: لقضو الرجل خُففت.
2 م: أغريت.
3 من م.
4 م: "زكي". وضرب عليها بقلم مخالف، وأثبت في الحاشية: رضي.
5 م: اجتمعت.
6 سقط من م.
7 م: سقي.
8 المنصف 2: 116-117.
9 ف: والواو.
10 م: والعين.
لاجتماعهما معها1 في أنَّ الجميع حروف علَّة ولِين.
وأيضًا فإنَّه لَمَّا قُلبت الواو، إذا كان قبلها كسرةٌ، حرفًا من جنس الحركة التي قبلها -وهو الياء في نحو: رَضِيَ- والياءُ المضمومُ ما قبلها حرفًا2 أيضًا من جنس الحركة التي قبلها -وهو الواو في نحو: لَقَضُوَ- كذلك قُلبت الياء والواو، إذا انفتح ما قبلهما، حرفًا من جنس الحركة التي قبلهما. وهو الألف.
فإن3 بُنِي شيءٌ، من هذه الأوزان الثلاثة، للمفعول4 صُيّر الفعلُ على وزن "فُعِلَ" بضمِّ أوَّله وكسر ثانيه. فإن كان من ذواتِ الياء لم يَعتلَّ، كما لم يَعتلَّ "فَعِلَ"، نحو: عُنِيَ بزيدٍ ورُمِيَ السَّهمُ. وإن كان من ذوات الواو قُلبت الواو ياء، لانكسار ما قبلها، نحو: شُقِيَ به وغُزِيَ العدُوُّ، كما قُلبت في "فَعِلَ" نحو: شَقِيَ.
فإن خُفِّفَتِ5 العينُ بقيت الياء ولم ترجع الواو، نحو: غُزْيَ، كما لم تَرجع في "رَضِيَ" إذا خُفِّفَتْ. والدليل، على أنَّ الفعل بعد التخفيف يبقى على حكمه قبل التخفيف، قوله6:
تَهزأُ مِنِّي أُختُ آلِ طَيسَلَهْ
…
قالَتْ: أَراهُ دالِفًا، قَد دُنْيَ لَهْ
يريد: قد7 دُنِيَ له -وهو من "دَنوتُ"- فأسكن [50أ] النون وأَقرَّ الياء بحالها.
فإن اتَّصل بشيء من هذه الأفعال علامةُ تأنيث فإنه يبقى على ما كان عليه، إن كان لامه في اللفظ ياءً أو واوًا -نحو: سَرُوَ ورَضِيَ وغُزِيَ- نحو: سَرُوَتِ المرأةُ ورَضِيَتْ هِندٌ وغُزِيَتِ الأعداءُ. وإن كان لامه ألفًا حُذفت لالتقاء الساكنين، نحو: رَمَتْ هِندٌ. وإن تحرَّكت التاء
1 م: لاجتماعهما معهما.
2 م: حرف.
3 م: وإن.
4 م: لما لم يسمّ فاعله.
5 المنصف 2: 124-125.
6 من أرجوزة تنسب إلى صخير بن عمير التميمي. ونسبها بعضهم إلى الأصمعي وإلى خلف الأحمر. وهي ذات الرقم 24 في الزيادات من كتابي المفضليات والأصمعيات. الأصمعيات ص273-278 والأمالي 2: 284 و285 والسمط ص929-930 وإرشاد الأريب 3: 4-5 وديوان المعاني 2: 73 والمنصف 2: 125 واللسان والتاج "طسل" والتاج "بلط" و"دنو". والشطر الثاني في اللسان "دنو" معلقًا عليه بما يلي: "وكان الأصمعي يقول في هذا الشعر الذي فيه هذا البيت: هذا الرجز ليس بعتيق، كأنه من رجز خلف الأحمر أو غيره من المولدين". وطيسلة: اسم علم، والدالف: الذي يقارب الخطو في المشي.
7 سقط من م.
لالتقاء الساكنين لم ترجع الألف؛ لأنَّ التحريك عارض، نحو: رَمَتِ المرأةُ والهِندانِ رَمَتا.
ومن العرب من يَعتدُّ بالحركة في "رَمَتا"، وإن كانت عارضةً، لشدَّة اتِّصال الضمير بما قبله حتَّى كأنَّه بعضه، فيردُّ الألف فيقول: رَماتا. وذلك ضرورة، لا يجيء إِلَّا في الشعر. وعليه قوله1:
لَها مَتنَتانِ، خَظاتَا، كَما
…
أَكَبَّ، علَى ساعِدَيهِ، النَّمِرْ
أراد: خَظَتا. وقد يجوز أن يكون تثنية خَظاة2، كأنَّه قال: خظاتانِ. ولكنه حذف النون ضرورة، فيكون كقوله3:
ومَتْنانِ، خَظاتانِ
…
كَزُحلُوقٍ، مِنَ الهَضْبِ
ومِن حذف نون الاثنين ضرورةً قولُه4:
هُما خُطَّتَا: إِمَّا إِسارٌ ومِنَّةٌ
…
وإِمَّا دَمٌ، والقَتلُ بالحُرِّ أَجدَرُ
أراد: هما خُطَّتانِ -وممّا يُعزَى إلى كلام البهائم قولُ الحَجَلةِ للقطا: "قَطا قَطا، بَيضُك ثِنتا، وَبيضِي مِائتا" أي: ثِنتانِ5 ومِائتانِ- وقولُ الآخر6:
لَنا أَعنُزٌ، لُبْنٌ ثَلاثٌ،7 فبَعضُها
…
لأولادِ ها ثِنتا، وما بَينَنا عَنْزُ
والأوَّل8 أَولى؛ لأنَّ له نظائر كثيرة من الاعتداد بالعارض، في الكلام وحذف نون الاثنين للضرورة قليل جدًّا.
فإن أُسند شيء من هذه الأفعال إلى ضمير رفع فلا يخلو أن يكون المسند ما في آخره ألف، أو ما في آخره ياء أو واو:
1 هو امرؤ القيس. ديوانه ص164 وشرح الشافية 2: 20 وشرح شواهده ص156-160. يصف فرسًا. وخظا: ارتفع. وقوله كما أكب على ساعديه النمر أي: كأن فوق متنها نمرًا باركًا لكثرة لحم المتن.
2 من قولك: خظا بظا، إذا كان كثير اللحم صلبه.
3 لأبي داود الإيادي. شعره ص288 وشرح شواهد الشافية ص157. والزحلوق: الحجر الأملس. ونسب البيت إلى عقبة بن سابق الجرمي في الخيل ص158 لأبي عبيدة.
4 لتأبط شرًّا من حماسية. ديوانه ص89 وشرح الحماسة للمرزوقي ص79 وللتبريزي 1: 78 والإسار: الأسر. والمنة: المن بإطلاق السراح.
5 م: بيضك بيت وبيضي مائتا أي بيتان. وانظر المغني ص238.
6 الخصائص 2: 430 وشرح الحماسة للمرزوقي ص80 وللتبريزي 1: 78 وضرائر الشعر ص107 وسر الصناعة ص487 وشرح القصائد السبع ص305 وشرح شواهد الشافية ص159. واللبن: جمع لبون، وهي ذات اللبن. وثنتا: ثنتان. وهو بدل من بعض.
7 في النسختين: سمان.
8 يعني الاعتداد بالحركة العارضة في نحو: رماتا. م: فالأول.
فإن كان ما في آخره ألف فإنه إن أُسند إلى ضمير غائب مفرد بقي على ما كان عليه قبل الإسناد، نحو: زيدٌ غَزا وعمرٌو رَمَى. وإنْْ أُسند إلى ضمير غائبَينِ رُدَّت الألف إلى أصلها، نحو: غَزَوَا ورَمَيا، ولم تُحذف لالتقاء الساكنين1، لئلَّا يلتبس فعل الاثنين بفعل الواحد.
وإن أُسند إلى ضمير غائبِينَ حُذفت لالتقاء الساكنين وعدم اللَّبس، نحو: غَزَوْا ورَمَوْا. وإن أُسند إلى ضمير غائبات رُدَّتِ2 الألف إلى أصلها، ولم تعتلَّ، نحو: غَزَوْنَ ورَمَيْنَ؛ لأنَّ ما قبل نون3 جماعة المؤنَّث ساكنٌ أبدًا، وحرف العلَّة إذا سكن وانفتح4 ما قبله5 لم يعتلَّ إِلَّا في "يَوْجَلُ" خاصَّة6.
وإن أُسند إلى ضمير متكلِّم أو مخاطَب، كائنًا ما كان، رددتَ 7 الألف إلى أصلها من الياء أو الواو، نحو: رَمَيتُ وغَزَوتَ، ورَمَيتُما وغَزَوتُما، ورَمَيتُم وغَزَوتُم، وَرَمَيْتُنَّ وغَزَوتُنَّ، ورَمَينا وغَزَونا؛ لأنَّ ما قبل ضمير المتكلِّم أو المخاطَب أبدًا ساكن أيضًا.
وإن كان8 ما في آخره ياء أو واو فإنه إن أُسند إلى ضمير غائب9 أو مخاطَب أو متكلِّم بقي10 على حاله لا يتغيَّر، نحو: رَضِيَ وسَرُوَ، ورَضِيا وسَرُوَا، ورَضِيْنَ وسَرُوْنَ، ورَضِيْتَ ُِوسَرُوتَ ُِ، ورَضِيتُما11 وسَرُوتُما، ورَضِيتُم وسَرُوتُم، ورَضِيتُنَّ وسَرُوتُنَّ ورَضِينا وسَرُونا. إذ لا موجب لتغييرها عن حالها، إِلَّا أن يكون الضمير ضمير جماعة مذكَّرينَ غائبين12 فإنك تحذف الواو والياء، وتضمُّ ما قبل واو الجمع13 نحو: رَضُوْا وسَرُوْا.
وسبب ذلك أنَّ الواو يتحرَّك ما قبلَها أبدًا بالضمِّ14 نحو: ضَرَبُوا. فلو قلتَ "رَضِيُوا"15 و"سَرُوُوا"16 لاستَثقلتَ الضَّمَّة في الياء والواو لتحرُّك ما قبلهما، فيجب حذفُها فيجتمع.
1 في حاشية ف أن الساكنين هما الألف المنقلبة عن لام الفعل وألف الاثنين.
2 ف: رددت.
3 سقط من م.
4 م: أو انفتح.
5 سقط من م.
6 كذا. وانظر ص286.
7 سقط من م.
8 سقط من م.
9 م: غائبات.
10 سقط من م.
11 م: رضوتما.
12 م: عاقلين.
13 م: الجميع.
14 م: بالضمَّة.
15 م: رَضيوا.
16 م: سروا.
ساكنان: واو الضمير والياء والواو اللتان قبلها1. فتَحذف ما قبل واو الضمير؛ لأنَّ حذف الحرف أسهل من حذف الاسم، فتقول: "سَرُوا". وتَضمُّ بعد الحذف ما قبل الواو في مثل "رَضِيَ" فتقول رَضُوا، لتسلم واو الضمير؛ لأنك لو أَبقيتَ الكسرة لانقلبتْ واو الضمير ياء، لسكونها وانكسار ما قبلها، فكنتَ تقول "رَضِي"، فيلتبس الجمع بالمفرد.
هذا ما لم يكن ما قبل الياء والواو ساكنًا. فإن كان ما قبلهما ساكنًا نحو: رَضْيَ وسَرْوَ، فإنَّ الياء والواو يجريان مجرى الحرف الصحيح، فلا يحذفان أصلًا، نحو: رَضْيُوا وسَرْوُوا2. ولا تُردُّ [الياءُ] 3 إلى أصلها من الواو في "رَضْيُوا" كما لم تُردَّ4 في المفرد.
وأمَّا حكم المضارع من هذه الأفعال فإنَّ الماضي إن كان على "فَعُلَ" أتى مضارعه أبدًا على "يَفْعُلُ"، كما كان ذلك في الصحيح، فتقول: يَسْرُو. وإن كان على "فَعِل" فإنَّه يأتي مضارعه على "يَفْعَلُ"، فيتحرَّك حرف العِلَّة، وما قبلَه مفتوحٌ، فينقلب ألفًا5. [50ب] نحو: يَرْضَى، على قياس الصحيح. فإن كان على "فَعَلَ" فإنَّ مضارعه، إنْ كان من ذوات الياء، على "يَفْعِلُ" بكسر العين6 نحو: يَرْمِي، وإن كان من ذوات الواو، على "يَفْعُلُ" نحو: يَغزُو.
فإن قيل: فلأيِّ شيء لم يجئ مضارع "فَعَلَ" على قياس الصحيح، كما جاء ذلك في "فَعِلَ" و"فَعُلَ"، فيكونَ تارة على "يَفْعِلُ" وتارةً على "يَفْعُلُ" بالضمِّ والكسر، في ذوات الياء وذوات الواو؟ فالجواب أنهم لو فعلوا ذلك لالتبست ذوات الياء بذوات الواو؛ ألا ترى أنَّ مضارع "غَزا" لو جاء على "يَفْعِلُ" لكان "يَغزِي"، فيصير كـ"يرمي". وكذلك مضارع "رَمَى"، لو جاء على "يَعفُلُ" لقلتَ "يَرمُو" كـ"يَدعُو".فالتزموا في مضارع ذوات الواو "يَفْعُلُ"، وفي مضارع ذوات الياء "يَفْعِلُ"، لئلَّا تختلط ذوات الياء بذوات الواو.
فإن قيل: فهلَّا فَعلوا ذلك في مضارع "فَعِلَ" و"فَعُلَ". أَعني يلتزمون "يَفْعُلُ" في ذوات الواو7، و"يَفْعِلُ" في ذوات الياء، خوفَ الالتباس. فالجواب أنهم لو فعلوا ذلك لأخرجوا مضارعهما عن قياس نظائرهما من الصحيح؛ لأنَّ "يَفْعلُ" من "فَعُلَ" المضمومِ العين في
1: م: قبلهما.
2 م: سروا.
3 من م.
4 م: كما لم تردها.
5 أغفل انقلاب الواو ياء حملًا على الماضي. فهو يَرضَوُ، ثمَّ يَرضَيُ، ثمَّ يَرضَى. انظر ص355.
6 سقط "بكسرِ العين" من م.
7 م: الياء.
الصحيح إنَّما يأتي مضموم العين، و"يَفْعلُ" من "فَعِلَ" المكسور العين إنَّما يأتي على "يَفْعَلُ" بفتح العين، إِلَّا ما شذَّ نحو: حَسِبَ يَحسِبُ. وليس كذلك "فَعَلَ"، بل يأتي على "يَفْعِلُ" و"يَفْعُلُ"، بضمِّ العين وكسرها. فإذا التزموا في ذوات الياء "يَفْعِلُ" وفي ذوات الواو "يَفْعُلُ"، لم يخرجوا عن قياس المضارع، بل أَتَوا بأحد الجائزين.
وأيضًا فإنَّ المعتلَّ اللام أُجري مُجرى المعتلِّ العين. فكما أنَّ "فَعَلَ" المعتلَّ العين يُلتَزَمُ1 في ذوات الواو منه "يَفْعُلُ" بضمِّ العين، وفي ذوات الياء "يَفْعِلُ" بكسرها، فكذلك المعتلُّ اللام. إِلَّا ما شذَّ من ذلك فجاء على "يَفْعَلُ" بفتح العين نحو: أَبَى يأبَى، أو ما كان عينه حرف حلق نحو: نأَى يَنأَى، فإنَّ المضارع يأتي أبدًا على "يَفْعَلُ" بفتح العين، كما كان ذلك في الصحيح.
ووجه مجيء2 مضارع" أبَى" على "يَفْعَلُ" تشبيه الألف بالهمزة، لقربها منها في المخرج. فكما أنَّ ما لامه حرف حلق من "فَعَلَ" يأتي مضارعه على "يَفْعَلُ"، نحو: يقرأُ، فكذلك3 ما لامه ألفٌ.
وما كان من ذلك لِما لم يُسمَّ فاعله فإن مضارعه أبدًا يأتي على "يُفْعَلُ" بفتح العين وضمِّ أوَّل الفعل، نحو: يُرْضَي ويُغْزَى، على قياس الصحيح، ثمَّ يُقلب حرف العلَّة ألفًا4، لتحرُّكه وانفتاح ما قبله.
وحكمُه5 أبدًا إذا أُسند إلى الألفِ التي هي ضمير المثنَّى، أو الواو التي هي ضمير جماعة المذكَّرِينَ، أو النونِ التي هي ضمير جماعة المؤنَّثات، حكمُ الماضي المعتلّ اللام إذا أُسند إلى شيء من ذلك. وقد تَقَدَّمَ إِلَّا أنَّك إذا قلبتَ الألف في الماضي رددتها إلى أصلها من ياء أو واو نحو: غَزَوَا ورَمَيا، وإذا قلبتَ الألف في المضارع رددتَها أيضًا إلى أصلها، من ياء أو واو، نحو:"يَخشَى" تقول: يَخشَيانِ، وفي 6 "يَبْأى" من البأْو: 7 يَبْأَوانِ.
إِلَّا أن تكون الواو قد قُلبت ياء في الماضي، فإنَّ المضارع يَجري على قياس الماضي، فتُردُّ الألف إلى الياء فتقول في "يَرضَى": يَرضَيانِ، وفي "يَشقَى": يَشقَيانِ، كما قالوا: رَضِيَ وشَقِيَ.
1 م: يلزم.
2 م: ذلك في الصحيح العين فيجيء.
3 م: وكذلك.
4 أغفل انقلاب الواو ياء حملًا على الماضي. فهو يُغزَوُ، ثمَّ يُغْزَيُ، ثمَّ يُغْزَى.
5 أي: حكم المضارع.
6 سقط من م.
7 البأو: الفخر والتكبر.
فحَملوا المضارع على الماضي في الإعلال، وإن لم يكن في المضارع كسرةٌ قبل الواو تُوجب قلبها ياء، كما كان ذلك في الماضي. وإذا حملوا اسم الفاعل والمفعول على الفعل في الإعلال، في نحو: قائل وبائع ومَقُول ومَبِيع، فحملُ الفعلِ أَوْلى.
إِلَّا لفظةً واحدةً شذَّت فقُلبت الألف فيها ياء وأصلها الواو، ولم تُقلب في الماضي ياء، وهي1: شأَى2 يَشْأَى، من الشَّأو3، فإنهم قالوا: يَشْأَيانِ، وكان القياسُ "يَشْأَوانِ". لكنَّهم شذُّوا فيه فقلبوا الألف ياء لغير مُوجِب. وعلَّل ذلك أبو الحسن بأن قال: لمَّا كان "شأَى": "فَعَلَ"، وجاء مضارعه على "يَفعَلُ" نحو:"يَشأَى" -و"يَفعَلُ" إنَّما هو مضارع "فَعِلَ" المكسور العين- عاملوه معاملة مضارع "فَعِلَ" من ذوات الواو، نحو: رَضِيَ4 يَرضَى. فكما قالوا: "يَرضَيانِ" قالوا: يَشْأَيانِ.
وهذا الذي علَّل به أبو الحسن باطلٌ؛ لأنَّ "شأَى" عينه5 حرف حلقٍ، وما عينه حرف حلق فإنَّ قياس مضارعه أن يجيء على "يَفْعَلُ" بفتح العين، نحو: جأرَ يَجأرُ. ولو كان هذا القَدْر يوجب قلب الألف ياء لوجب أن تَثبُت الواو في مثل: يَطأُ ويَسَعُ، كما يُفعَلُ6 ذلك في [51أ] مضارع "فَعِلَ" الذي فاؤه7 واو، نحو وَجِلَ يَوْجَلُ. فكما لم يُرْع هنا شَبَهُه بـ"فَعِلَ"، فكذلك ينبغي أن يُفعل في "يَشأَى".
وكأنَّ أبا الحسن أخذ هذا التعليل من سيبويه، حيث علَّل كسرَ أوَّل "تِئبَى"، وإن8 كان الماضي على "فَعَلَ"، وإنَّما يُكسر أوَّل المضارع من "فَعِلَ"، بكون المضارع جاءَ على "يَفْعَلُ"9. فلمَّا جاء مضارعُه كمضارعِ "فَعِلَ" المكسور العين كُسر أوَّل المضارع، كما يُكسر أَوَّل المضارع من "فَعِلَ".
وليس ما ذهب إليه أبو الحسن مثل ما ذكر سيبويه؛ لأنَّ "أَبَى" ليس لامه10 حرفَ حلق، فكان قياس مضارعه أن يجيء على "يَفعِلُ" بكسر العين، فجاء مضارعه مفتوح العين كمضارع "فَعِل". فتوهُّمُ ماضي "يأبَى" على "فَعِل" توهُّمٌ صحيح.
1 في النسختين: وهو.
2 سقط من م. وشأى القوم: سبقهم.
3 م: الشأى.
4 سقط من م.
5 سقط من م.
6 ف: كما تفعل.
7 م: لامه.
8 انظر الكتاب 2: 256 م: ولو.
9 م: يفعُل.
10 كذا. والصواب: ليس عينه أو لامه.
وما كان من هذه الأفعال المضارَعة في آخره واو أو ياء فإنه يكون في موضع الرفع1 ساكنَ الآخر نحو: يَغزُو ويَرمِي. فتُحذف الضَّمَّة لاستثقالها في الياء والواو؛ لأنها مع الواو بمنزلة واوين، ومع الياء بمنزلة ياء وواو. وذلك ثقيل.
ويكون2 في موضع الجزم محذوف الآخِر، نحو: لم يَرمِ ولم يَغْزُ. وإنَّما حُذفت الياء والواو في الجزم، لئلَّا يكون لفظ المرفوع كلفظ المجزوم لو أُبقيَت الياء والواو. وأيضًا فإنَّ الياء والواو لمَّا عاقبَتا الضَّمَّة فلم تظهر معهما، أُجريَتا مُجرى الضَّمَّة، فحُذفتا للجزم كما تُحذف الضَّمَّة.
ويكون3 في موضع النَّصب4 مفتوح الآخِر، نحو: لن يَغزُوَ ولن يَرمِيَ؛ لأنَّ الفتحة خفيفة. وقد تُسْكِن الياء والواو في موضع النصب ضرورةً5، تشبيهًا لها بالضَّمَّة أو للياءِ والواوِ بالألف، فتقول: لن يَغزُوْ ولن يَرمِيْ. ومن ذلك قولُه6:
وأَن يَعرَيْنَ، إِن كُسِيَ الجَوارِي
…
فتَنبُوْ العَينُ، عن كَرَمٍ، عِجافِ.
يريد: فتَنبُوَ العينُ. وقولُ7 الأخطل8:
إِذا شئتَ أن تَلهُوْ، بِبَعضِ حَدِيثِها،
…
رَفَعْنَ، وأَنزَلْنَ القَطِينَ، المُوَلَّدا
كما أنهما قد تُثبِتُ فيهما الضَّمَّة، ولا تَحذف في الجزم آخرَ المعتلِّ، وتجريه مُجرى الصحيح9 -وذلك في الضرورة أيضًا- نحو: يَغزُوُ ويَرمِيُ. وعلى ذلك قوله10.
ألَم يأتِيكَ، والأنباءُ تَنمِي
…
بِما لاقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيادِ؟
1 المنصف 2: 113-114.
2 م: وتكون.
3 في النسختين: وتكون.
4 المنصف 2: 114-115.
5 هذا هو الشائع لدى جمهور النحاة. والصواب أنه ليس ضرورة. بل هو للتخفيف.
6 هو عيسى بن فاتك الخارجي أو أبو خالد القناني أو سعيد بن مسحوج أو عمران بن حطان. اللسان "كرم" و"كسا" والخصائص 2: 212 و342 واللسان والتاج "عجف" والكامل ص895 وشرح شواهد المغني ص300 وعيون الأخبار 3: 97 والوحشيات ص90 ومعجم الشعراء ص95-96 والأغاني 16: 146. وكرم: كريمات. يذكر بناته وأنهن كن سبب قعوده عن نصرة الخوارج.
7 في النسختين: وقال.
8 ديوانه ص90 والمنصف 2: 115 والخزانة 3: 529. ورفعن: سرن سيرًا دون العدو. والقطين: الخدم. يقول: إذا أردت أن تلهو بحديثهن أسرعن السير وأنزلن خدمهن لئلا يسمعوا حديثهن.
9 م: "ولا تحذف إجراء للمعتل مجرى الصحيح". وكذلك في إحدى النسخ كما جاء في حاشية ف.
10 قيس بن زهير العبسي. الكتاب 2: 59 والمنصف 2: 114-115 والمغني ص108 وشرح شواهده ص113 والإنصاف ص30 وشرح الشافية 3: 184. وشرح شواهدها ص408 والعيني 1: 230-234 واللسان والتاج "أتي". يفخر بنهبه إبل بني زيد وبيعها. واللبون: ذات اللبن من النوق.
وقولُ الآخر1:
هَجَوتَ زَبَّانَ، ثُمَّ جِئتَ مُعتَذِرًا
…
مِن هَجْوِ زَبَّانَ، لَم تَهجُو، ولَم تَدَعِ
فكأنهما قبلَ دخول الجازم عليهما كانا "يأتيُكَ" و"تَهجُوُ"2، فدخل الجازم فحذف الحركة. ومنهم من حمل "ألم يأتيك" و"لم تهجو" على حذف الضَّمَّة المقدَّرة. وما قَدَّمناه أَولى، لئلَّا يؤدِّي ذلك إلى كون المجزوم والمرفوع على صورة واحدة.
وما كان منها في آخره ألف فإنَّه يكون في موضع الرفع والنصب ساكنَ الآخر، لتعذُّر الحركة في الألف، وفي موضع الجزم محذوفَ الألف، لمعاقبتها الحركةَ. فكما أنَّ الجازم يَحذف الحركة فكذلك ما عاقبها.
وزعم بعض النحويِّينَ3 أنَّ العرب قد تُثبِتُ الألف في الجزم ضرورةً، فتَحذف الحركة المقدَّرة، وتُجريها في الإثبات مُجرى الياء والواو، وإن لم يكن تحريكها كتحريكهما. واستدلَّ على ذلك بما أنشده أبو زيد من قوله4:
إِذا العَجوزُ غَضِبَتْ فطَلِّقِ
…
ولا تَرضَّاها، ولا تَمَلَّقِ
وبقراءة حمزةَ: "لا تَخَفْ دَرَكًا ولا تَخشَى"5، بجزم "تَخَفْ" وإثبات الألف في "تَخشَى"؛ ألا ترى أنَّ "تَخشَى" معطوف على "لا تخفْ" وهو مجزوم؟ وكذلك أيضًا "تَرضَّاها" في موضع جزم بـ"لا"؛ ألا ترى أنَّه قد عُطِفَ عليه "ولا تملَّقِ" وهو مجزوم؟.
ولا حجَّة عندي في شيء من ذلك: أمَّا قوله تعالى "ولا تَخشَى" فيحتمل أن يكون خبرًا مقطوعًا، كأنَّه قال: وأنت لا تَخشَى، امتثالًا لنهينا لك. وكذلك "ولا تَرضَّاها" يحتمل أن يكون جملة خبريَّة، في موضع الحال، كأنه قال: فطَلِّقْ وأنت لا تَرضَّاها. ويكون "ولا تَمَلَّقِ" نهيًا معطوفًا على جملة الأمر التي هي: فطلِّقِ.
1 ينسب إلى أبي عمرو بن العلاء واسمه زبان، مخاطبًا به الفرزدق. المنصف 2: 115 والإنصاف ص24 وشرح الشافية 3: 184 وشرح شواهدها ص406-407 والعيني 1: 234-236. يريد: هجوتني ثمَّ اعتذرت. فكأنك لم تهج، على أنك لم تدع الهجو.
2 م: يهجو.
3 في حاشية ف: هو ابن بابشاذ.
4 ينسب إلى رؤبة. ديوانه ص179 والمنصف 2: 115 و2: 78 والخصائص 1: 307 والضرائر ص174 والعيني 1: 236 وشرح المفصل 10: 106 والإنصاف ص10 وشواهد التوضيح ص20 وسر الصناعة 1: 29 والدرر واللوامع 1: 28 واللسان والتاج "رضو". وانظر ديوان سلامة بن جندل ص173.
5 الآية 77 من سورة طه.
فإن كان الفعل على أزيد من ثلاثة أحرف فلا يخلو من أن يكون الفعل مبنيًّا للفاعل أو للمفعول.
فإن كان مبنيًّا للفاعل فإنَّ حرف العلَّة1 ينقلب ألفًا. لتحرُّكه وانفتاح ما قبله، إن كان ياء نحو: استَرمَى ورامَى ووَلَّى. وإن كان حرف العلَّة واوًا قُلب ياء، ثمَّ قُلبت الياء ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، نحو: أَغزاه واستَدعاه واستَدناه. أصلها "أَغْزَوَ" و"استَدْعَوَ" و"استَدْنَوَ". ثمَّ قلبت الواو ياء فصار "أَغزَيَ" و"استَدْعَيَ" و"استَدْنَيَ". ثمَّ قلبت الياء [51ب] ألفًا، لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، كما كان ذلك فيما كان على ثلاثة أحرف إذا انفتح ما قبلَ حرف العلَّة.
فإن قيل: ولأيِّ شيء قُلبت الواو في الفعل ياء، إذا وقعت طرفًا رابعة فصاعدًا، وليس معها ما يوجب قلبها ياء؟ فالجواب أنها في ذلك محمولة على المضارع، نحو: يُغزي ويَستَدنِي ويَستَدعِي. وقُلبت في المضارع ياء لانكسار ما قبلها، كما قلبت في مثل: شَقِيَ2 ورَضِيَ.
فإن قيل: فلأيِّ شيء انقلبت الواو ياء في مثل "تَفاعَلَ" و"تَفَعَّلَ"، نحو: تَرَجَّى وتَغازَى، وليس لها ما يوجب قلبها في الماضي ولا في المضارع؟ ألا ترى أنَّ ما قبل الآخِر3 في المضارع مفتوح، كما أنَّ الماضي كذلك، نحو: يَتغازَى ويَتَرجَّى؟ فالجواب أنَّ التاء في "تَرجَّى" و"تَغازَى" وأمثالهما إنَّما دخلت على "رَجَّى" و"غازَى". وقد كان وجبَ قلبُ الواو ياء في "غازَى" و"رَجَّى"، حملًا على: يُرَجِّى ويُغازِى4. فلمَّا دخلت التاء5 بقي على ما كان عليه.
فإن رددتَ شيئًا من ذلك إلى ما لم يُسمَّ فاعله ضممتَ الأوَّل وكسرت ما قبل الآخِر، وصارت الألف التي كانت في الآخِر ياء، نحو: أُغْزِيَ واستُرْمِيَ واستُدْعِي واستُدْنِيَ، من ذوات الواو6 كان الفعل أو من ذوات الياء7 وإنَّما قُلبت الواو ياء إمَّا بالحمل على فِعل الفاعل، أو لأجل انكسار ما قبلها كما قلبت في مثل: شَقِيَ8.
وأمَّا المستقبل9 فيجيء أبدًا على قياس نظيره من الصحيح. فإن كان ما قبل حرف العلَّة فتحةً قُلب ألفًا10، نحو: يَتغازَى ويَتَرَجَّى، ويُغزَى ويُستَدعَى ويُستَرمَى. وإن كان ما قبله كسرةً
1 يريد: في الفعل الماضي.
2 م: سقي.
3 م: الأحرف.
4 م: تغازى.
5 م: الياء.
6 م: الياء.
7 م: الواو.
8 م: سقى.
9 المبني للفاعل والمبني للمفعول.
10 كذا. والواو تُقلب ياء، ثمَّ تُقلب الياء ألفًا.
ثَبَتَ، إن كان ياء نحو: أَستَرمِي، وإن كان واوًا قُلبت ياء نحو: يُغزِي ويَستَدعِي ويَستَدنِي.
ويكون حكم ما في آخره ألف، من الماضي أو المضارع المزيد، في الإسنادِ إلى الضمير المرفوع، أو اتصالِ تاء التأنيث بالماضي، كحكم غير المزيد في القلب والحذف والإثبات، وحكم ما في آخره ياء قبلها كسرة كحكم الماضي غير المزيد في الإثبات والحذف. إِلَّا أنك إذا قلبت الألف لم تَرُدَّها في المزيد إلى أصلها، بل تَردُّها إلى الياء، من ذوات الياء كان الفعل أو من ذوات الواو، نحو: أَغزَينا واستَدنَينا واستَدعَينا، للعِلَّة التي ذكرنا من الحمل على المضارع.
وإن كان المعتلُّ اسمًا فلا يخلو من أن يكون على ثلاثة أحرف أو على أزيدَ. وكيفما كان فإنه لا يخلو من أن يكون ما قبل حرف العلَّة، ياء كان أو واوًا، ساكنًا أو متحرِّكًا. فإن كان ساكنًا فلا يخلو أن يكون الساكن حرف علَّة أو حرفًا صحيحًا.
فإن كان الساكن حرفًا صحيحًا1 جرت الياء والواو مجرى حرف2 الصِّحَّة، ولم تَتغيَّرا3، نحو: غَزْوٍ وظَبْيٍ.
إِلَّا أن يكون [الاسم] 4 على [وزن] 5 "فَعْلَى"6 ممّا لامه ياء. وذلك قولهم: شَرْوَى وتَقْوَى7 وفَتْوَى. فإنَّ العرب تُبدل من الياء واوًا في الاسم، والصفةُ تُتركُ على حالها نحو: خَزْيا وصَدْيا ورَيّا8.
وإنَّما فعلوا ذلك تفرقةً بين الاسم والصفة. وقلبوا الياء واوًا في الاسم دون الصفة؛ لأنَّ الاسم أخفُّ من الصفة؛ لأنَّ الصفة تُشبه الفعل، والواو أثقل من الياء. فلمَّا عزموا9 على إبدال الياء واوًا جعلوا ذلك في الاسم لخِفَّته، فكان عندهم من أجل ذلك أَحمل للثقل
وكأنَّ العرب جَعلَت قلب الياء واوًا في هذا عِوضًا من غلبة الياء على الواو؛ ألا ترى أنَّ انقلاب الواو إلى الياء أكثر من انقلاب الياء إلى الواو؟ ، وإِلَّا فليس ذلك بقياس. أعني قلب الأخفّ
1 المنصف 2: 122.
2 م: حروف.
3 م: لم تتغير.
4 من م.
5 من م.
6 المنصف 2: 157-160.
7 كذا. و"تقوى" من المعتل الفاء واللام.
8 كذا. و"ريا". من المعتل العين واللام.
9 م: لأنَّ الصفة تشبه الواو والفعل أثقل من الواو فيما زعموا.
-وهو الياء- إِلى الأثقل. وهو الواو. ولولا ما ورد1 السماع به لم يُقَل. لكنَّ الذي لحظت2 العرب في ذلك -والله أعلم- ما ذكرنا. وإنَّما خصُّوا بها الفعل المعتلَّ اللام دون المعتلِّ العين أو الفاء؛ لأنها أَقبَلُ للتغيير لتأخُّرها وضعفها.
والشَّرْوَى3 من [شَرَيتُ] 4، والتَّقْوَى من "وَقَيتُ"، والفَتْوَى من ذوات الياء بدليل قولهم: الفُتْيا5، بالياء، ولا تحمل6 الفُتْيا على القُصْيا -أعني ممّا قُلبت فيه الواو ياء- لأنه7 لا نعلم8 لها أصلًا في الواو. ومع هذا فإنَّ الفُتْيا تقوية9 لنفس المستفتي، فهو من معنى الفتَى10 والفَتاء11.
أو يكونَ12 الاسم على وزن13 "فُعْلَى" وتكونَ لامه واوًا. فإنَّ العرب تبدل من الواو ياء في الاسم. وذلك نحو: العُلْيا والدُّنْيا والقُصْيا. الأصل فيها "الدُّنْوَى" و"العُلْوَى" و"القُصْوَى". فقُلبت الواو ياء. والدليل على ذلك14 أنَّ الدُّينا من الدنوِّ، والعُليا من "عَلوتُ"، وأنهم قد قالوا في القُصيا:"القُصْوَى"، فأظهروا الواو.
فإن قال قائل: فإنَّ القُصيا والعُليا والدُّنيا صفات. فالجواب أنها قد استُعملت استعمال الأسماء [52أ] في وِلايتِها العواملَ وتركِ إجرائها تابعةً15. فلذلك قُلبت فيها16 الواو ياء.
1 يريد: ولولا ورود. انظر ص291.
2 م: لحظته.
3 م: السروى.
4 من م.
5 م: الفتي.
6 م: ولا يحمل.
7 المنصف 2: 158: لأنا.
8 ف: لا يعلم.
9 المنصف 2: 158: فإن في الفتيا تقوية.
10 في النسختين: الفتا.
11 أُقحمت بعده مسألتا "ريّا" و"العوّى" في م وبعض النسخ، كما جاء في حاشية ف وفي طيارة أُلحقت بها. وسترد هاتان المسألتان في المعتلِّ العين واللام. فكأنَّ ابن عصفور تابع ابن جني في المنصف 2: 158-160، فأقحمهما سهوًا في المعتلِّ اللام. ثمَّ استدرك فنقلهما إلى المعتلِّ العين واللام. فكان هذا الخلاف في النسخ. والعجب أن بعض النسخ أثبتت هاتين المسألتين مع غيرهما في خاتمة المعتلِّ العين.
12 معطوف على قوله "يكون" في ص342. وقد جاء هذا النص من هنا إلى قوله "سائر أبيات القصيدة" مثبتًا على الطيارة بعد مسألتي "ريّا" و"العوّي"، مع أنه وارد في موضعه هنا في ف. فهو مكرر سهوًا.
13 المنصف 2: 161-163.
14 في م والطيارة: ألا ترى.
15 المنصف: قد أُخرجت إلى مذاهب الأسماء بتركهم إجراءها وصفًا في أكثر الأمر، واستعمالهم إياها استعمال الأسماء.
16 في النسختين والطيارة: فيه.
فإن كانت صفة بقيت على لفظها ولم تُقلب الواو ياء، نحو:1 خُذِ الحُلْوَى وأَعطِه المُرَّى.
وقد شَذَّ من "فُعْلَى" الاسم شيءٌ، فلم تُقلب فيه الواو ياء. وذلك: القُصْوَى2 وحُزْوَى اسمَ موضع. وكأنَّ القُصْوَى -والله أعلم- إنَّما صَحَّت فيه الواو تنبيهًا على أنَّه في الأصل صفة.
وإنَّما قُلبت الواو ياء في الاسم دون الصفة، فرقًا بين الاسم والصفة. وكان التغيير هنا3 في الاسم دون الصفة4، كما5 كان التغيير في "فَعْلَى" من الياء في الاسم دون الصفة6، ليكون قلب الواو هنا ياء كالعِوَض من قلب الياء [هنالك] 7 واوًا. وهذا أحسن -أعني قلب الواو إلى الياء- لأنَّ في ذلك تخفيفًا للثقل؛ لأنَّ الياء أخفُّ من الواو. وهو مع ذلك على غير قياس؛ لأنَّه قلب لغير موجِب. ولولا وُرود السماع بذلك لما قيل.
فأمَّا "فُعْلَى"8 من الياء، اسمًا كانت أو صفة، فإنها لا تُغيَّر عما تكون عليه؛ لأنهم إذا كانوا يفِرُّون فيها من الواو إلى الياء فإذا وجدوا الياء فينبغي ألَّا يُجاوزوها، كما أنَّ "فَعْلَى" من الواو لا تُغيَّر عمَّا تكون عليه، اسمًا أو صفةً، لكونهم يفِرُّون فيها من الياء إلى الواو. فإذا وجدوا الواو فينبغي ألَّا يُعدَل عنها.
وأمَّا "فِعْلَى"9 فينبغي أن يَبقَى10 على الأصل ولا يُغيَّر11، من الياء كان أو من الواو؛ لأنَّ التغيير في "فَعْلَى" و"فُعْلَى" على غير قياس، ولولا السماع لما قيل به، ولم يرد سماع بتغيير في "فِعْلَى". فينبغي أن يبقى على الأصل. وأيضًا فإنَّ التغيير إنَّما وقع في هذا الباب فرقًا بين الاسم والصفة، و"فِعْلَى" لا يكون12 صفة13. فلا ينبغي أن يُغيَّر؛ لأنَّه لا يحصل بتغييره فرق بين شيئين.
1 المنصف 2: 162-163.
2 القصوى: طرف الوادي.
3 أي: في فُعلى.
4 ف: الوصف.
5 سقط من م حتى "دون الصفة".
6 ف: الوصف.
7 أي: في فَعْلَى. وهذه الكلمة زيادة من م والطيارة.
8 م: فَعلى.
9 المنصف 2: 163.
10 ف: أن تبقى.
11 ف: ولا تغير.
12 ف: لا تكون.
13 كذا. وذكر في ص67 أنه يجيء صفة بالهاء نحو: رَجلٌ عِز هاةٌ. وذكره ابن القطاع بغير هاء. انظر المزهر2: 14. وكذلك كِيصَى. انظر التاج "عزه".
وإن كان الساكن حرف علَّة فلا يخلو أن يكون ياء أو واوًا أو ألفًا. فإن كان ألفًا فإنَّ الياء والواو يُقلبان بعدها همزة، إذا وقعتا1 طرفًا نحو: كِساء وسِقاء؛ لأنهما من "كَسَوتُ" و"سَقَيتُ". وإنَّما فُعل ذلك بهما لوقوعهما في محلِّ التغيير -وهو الآخر- مع أنَّ ما قبلهما مفتوح، وليس بين الفتحة وبينهما إِلَّا حرف ساكن زائد من جنس الفتحة. فكأنه لم يقع بينهما وبين الفتحة حاجز. فكما أنَّ الياء والواو يُقلبان إلى الألف، إذا انفتح ما قبلهما وكانا2 في الطرف، فكذلك قلبا في هذا الموضع. فلمَّا قُلبت الياء والواو ألفًا التقى ساكنان: الألف المبدلة والألف الزائدة قبلها، فقُلبت الثانية همزة لالتقاء الساكنين؛ إذ لا بدَّ من التحريك، وتحريكُ الألف لا يمكن3. فقُلبت إلى أقرب الحروف لها، ممّا يقبل الحركة. وهو الهمزة4.
وكذلك تفعل أيضًا، إذا دخل على الكلمة تاءُ التأنيث، أو علامة التثنية، أو ياءا النسب، نحو [كِساءة] 5 وسِقاءة6، وكِساءانِ وسِقاءانِ، وكِسائي ّ وسِقائيّ. إِلَّا أنه يجوز مع علامة التثنية وياءيِ النسب أن تُبدِل من الهمزة واوًا، فتقول: كِساوانِ وكِساويّ، على ما تَقَدَّمَ7 في النسب8.
إِلَّا أن يُبنى9 الاسم على التاء أو علامة التثنية، فإنَّ حرف العلَّة لا يُبدل إذ ذاك منه همزة، نحو: عِلاوة ونِهاية وإداوة10؛ ألا ترى أنَّ الكلمة هنا مبنيَّة على التاء11، [وأنه لا يجوز12 أن تُحذف هذه التاء]، فتقولَ:"عِلاء" و"نِهاء" و"إِداء"13. وكذلك [قول العرب] 14 "عَقَلتُه بِثِنايَينِ". كأنه15 تَثنيةُ "ثِناء" وإن لم يُنطق به، بل الواحد في هذا لم يُسمع إِلَّا مثنًّى.
1 المنصف 2: 137-139. وفي ف والطيارة: وقعت.
2 ف: وكان.
3 في النسختين: "لم يكن". والتصويب من الطيارة.
4 م: "الألف". وأقحم بعدها في الطيارة: "فكما تصح الواو في مثل عدوّ فكذلك تصح الواو المضموم ما قبلها في آخر الفعل". انظر ص334.
5 سقط من النسختين والطيارة.
6 م: سقاء.
7 م: "ما أحكم". وفي الطيارة: ما يحكم.
8 كذا. ولعله يريد "في الإبدال". انظر ص240.
9 المنصف 2: 127 و134-135.
10 الإداوة: إناء من جلد يتخذ للماء.
11 سقط ما بين معقوفين من ف.
12 في الطيارة: لا ينبغي.
13 م: فتقول علاونها وإذا.
14 سقط من ف. وانظر المنصف 2: 102.
15 زاد في ف: قال.
فأمَّا قوله1:
إِذا ما المَرْءُ صَمَّ، ولَم يُكَلَّمْ،
…
ولَم يَكُ سَمعُهُ إِلَّا دُعايا2
وسائر أبيات [هذه] 3 القصيدة4 فضرورة، ولم يُسمع مثله في غير هذا الموضع. ووجهه أنه أجرى ألف الإطلاق مُجرى تاء التأنيث التي بُنيت عليها الكلمة. فكما لم تُقلب الواو ولا الياء، في مثل: إِداوة ونِهاية، همزة فكذلك لم تُقلب في "دُعايا" وأخواته5.
فإن كان الساكن ياء أو واوًا أدغمتَ6 فيما بعده. فإن كان الساكن مخالفًا للام -أعني بأن يكون أحدهما واوًا والآخر ياء- قُلبت الواو ياء تَقدَّمتْ أو تأخَّرتْ، وأُدغمت الياء في الياء نحو: بَغِيّ وسَرِيّ. أصلهما "بَغُوْيٌ" و"سَرِيْوٌ"7، فقُلبت الواو ياء وأُدغمت الياء8 في الياء، ثمَّ قُلبت الضَّمَّة التي في العين من "بَغيّ" كسرة، لتصحَّ الياء. والدليل على أنَّ بَغِيًّا:"فَعُول" كونه للمؤنَّث بغير تاء. قال الله تعالى9: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} . ولو كان بَغِيّ10: "فَعِيل" لكان بالتاء كظريفة.
فإن كان الساكن موافقًا للام أدغمتَ من غير قلب. وذلك نحو: عَدُوّ ووَلِيّ. وقد حُكي القلب في الواو -وهو قليل- قالوا11: أَرضٌ مَسنِيَّةٌ، من "يَسنُوها [52ب] المطَرُ"12 وقالوا: مَعْدِيٌّ، من "عَدَوتُ". قال13:
1 أعصر بن سعد بن قيس عيلان أو المستوغر بن ربيعة. المنصف 2: 156 وضرائر الشعر ص230 وطبقات فحول الشعراء ص29-30 وحماسة البحتري ص203 وسر الصناعة 1: 183 واللسان "حمي". وذكر عجزه في حديث لابن عوف: النهاية واللسان والتاج "ودي" و"ندي".
2 م: "دعابا". وتحتها في الطيارة. "ندايا". وهذه رواية أخرى.
3 من م. ورواية حماسة البحتري للأبيات بالهمزة رويًا لا بالياء.
4 سقط من م حتى قوله "في دعايا وأخواته".
5 ألحق أبو حيان بحاشية ف: "وإن كان [الساكن] ياء أو واوًا فإنك تدغمها في الياء والواو اللتين تكونان لازمتين. إِلَّا أنه إذا كانت اللام ياء وما قبلها ياء أدغمت الياء في الياء من غير تغيير، نحو: وليّ. وإن كانت اللام واوًا والساكن قبلها ياء، أو اللام ياء". وقد تعذر عليّ إلحاقه بالمتن؛ لأنه يخل بالتعبير، وسيرد مضمونه بعد.
6 م: وأدغمت.
7 في النسختين: "وسروي". وفي حاشية ف بقلم مخالف. وسريو لأنه من سرو.
8 سقط من م.
9 الآية 28 من سورة مريم.
10 م: بمعنى.
11 المنصف 2: 127-178. والمسنية: المسقيَّة.
12 م: يسنو ماء المطر.
13 عبد يغوث الحارثي. شرح اختيارات المفضل ص771 والكتاب 2: 382 والمنصف 1: 118 و2: 122 وشرح الشافية 3: 172 وشرح شواهده ص400-401 والخزانة 1: 616 والاقتضاب ص467.
وقَد عَلِمتْ عِرسِي مُلَيكةُ أنَّنِي
…
أنا اللَّيثُ، مَعْدِيًّا علَيهِ، وعادِيا
وإنَّما جاز القلب، على قلَّته، لكون1 الواو متطرِّفةً لم يَفصِل بينها2 وبين الضَّمَّة إِلَّا حاجز غير حصين. وهو الواو الساكنة الزائدة الخفيَّة3 بالإدغام. فكما قُلبت الواو ياء إذا تَطرَّفت وقبلها الضَّمَّة، وتُقلب الضَّمَّة التي قبلها كسرة، فكذلك تُقلب هنا.
وزعم الفرَّاء أنه إنَّما جاز في مَسنِيَّة ومَعدِيّ؛ لأنهما مبنيَّان على "سُنِيَ"4 و"عُدِي"5. فكما قُلبت الواو ياء في الفعل فكذلك فيما بُني عليه. وهذا باطل؛ لأنهم قد فعلوا ذلك في غير اسم المفعول، فقالوا: عَتا عُتِيًّا. قال الله تعالى6: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} .والمصدر ليس مبنيًّا7 على فعل المفعول. فدلَّ ذلك على أنَّ العِلَّة فيه ما ذكرنا.
إِلَّا في "فُعُول"8 جمعًا فإنه يلزم قلب الواو الثانية ياء، ثمَّ تُقلب الواو الأولى ياء لإدغامها9 في الياء، ثمَّ تُقلب الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء، وذلك: عُصِيّ ودُلِيّ. والسبب في ذلك ثقل الجمعيَّة، مع شبهه بأجْرٍ وأَدْلٍ، كما تَقَدَّمَ.10 ومن العرب من يكسر حركة الفاء11 إِتباعًا لحركة العين، فيقول: عِصِيٌّ. وضمُّها أفصح وأَكثر.
وقد شذَّ من ذلك جمعان12، فجاءا على الأصل. وهما نُحُوٌّ13 وفُتُوٌّ جمع فَتًى ونَحْوٍ. حُكي عن بعض العرب أنه قال: إِنكم لتَنظُرونَ في نُحُوٍّ كثيرةٍ. وقال الشاعر14:
1 م: ليكون.
2 م: بينهما.
3 م: الساكنة الواحدة الحقته.
4 م: سَني.
5 م: عَدي.
6 الآية 8 من سورة مريم.
7 ف: يبنى.
8 المنصف 2: 124. م: فَعول.
9 م: الواو الأولى بالإدغام.
10 في الورقة 47.
11 م: حركته.
12 في شرح الشافية 3: 171 شواذ أخر. وفي م والمبدع وحاشية ف عن نسخة أخرى: "حرفان". وفي حاشية ف بخط أبي حيان أنهم جمعوا البهو والأب والأخ والابن على: بُهُوّ وبُهِيّ وأُبُوّ وأُخُوّ وبُنُوّ، مع شاهد شعري على الأبوّ للقناني. انظر شرح المفصل 5:36.
13 في حاشية ف بخط أبي حيان أيضًا: جمع نَجْو -وهو السحاب- على نُجُوّ. مع شاهد من شعر جميل بثينة. ديوانه ص217.
14 من أبيات لجذيمة الأبرش. شرح شواهد المغني ص135 وشرح أبياته 3: 163 وتاريخ الطبري 2: 29 والخزانة 4: 567 وكتاب الاختيارين ص718. والرابئ: الذي يرقب الأعداء لجماعته.
في فُتُوٍّ، أنا رابِئُهُم
…
مِن كَلالِ غَزْوةٍ، ماتُوا
فإن كان ما قبل حرف العلَّة حركة فلا يخلو أن تكون الحركة فتحة أو ضمَّة أو كسرة.
فإن كانت فتحة قلبتَ1 حرف العلَّة ألفًا، لتحرُّكه وانفتاح ما قبله، كما فعلت ذلك في الفعل، تَطرَّفَ حرف العِلَّة نحو: عَصًا [ورَحًى] 2 وفَتًى، أو لم يتطرَّف نحو: قَطاة. إِلَّا أن يؤدِّي الإعلال إلى الإلباس فإنك تُصحِّح. وذلك3 نحو: قَطَوانٍ ونزوانٍ. فإنك تُصحِّح الواو؛ لأنك لو أعللتها4 فقلبتها ألفًا لالتقى ساكنان -الألف المبدلة من حرف العِلَّة، والألف التي من "فَعَلان"5 -فيجب حذف أحدهما لالتقاء الساكنين، فتقول:"نَزانٌ" و"قَطانٌ"، فيلتبس "فَعَلانٌ" بـ"فَعال".
ومثل ذلك6: رَحَيانِ وعَصَوانِ. صحَّحتَ لأنك لو أعللت لحذفتَ لالتقاء الساكنين، فكان يلتبس تثنية المقصور بتثنية المنقوص، فيصير "رَحانِ" و"عَصانِ"، كيَدَين ودَمَين.
فإن كانت الحركة كسرة قلبتَ الواو ياء، تطرَّفت نحو: غازٍ وداعٍ من الغزو والدَّعوة، أو لم تتطرَّف نحو: مَحْنِيَة من: حَنا يَحنُو، للعِلَّة التي ذُكرت في الفعل. بل إذا كانوا قد قلبوا الواو في المعتلِّ العين نحو: ثِيَرة وسِياط، مع أنَّ العين أقوى من اللام، فالأحرى أن يقلبوها إذا كانت لامًا. فأمَّا قولهم: مَقاتِوَةٌ7، فشاذٌّ.
وإن كان حرف العِلَّة ياء لم يُغيَّر8 نحو: رامٍ وقاضٍ ومَعْصِية ومَحْمِية. إِلَّا أنَّ الياء المكسور ما قبلها إذا كانت حرف إعراب فإنه لا يظهر الإعراب فيها إلَّا في النصب، نحو: رأيتُ قاضيًا وغازيًا. وأمَّا في حال الرفع والخفض فيكون الإعراب مقدَّرًا فيها، استثقالًا للرفع والخفض [في الياء] 9، فتسكن الياء لذلك. فإن لقيها ساكن حُذفت، وإن لم يلقها ساكن ثَبَتَتْ. وذلك نحو: هذا قاضٍ ومررت بقاضٍ -حُذفتِ الياء، لمَّا اجتمعت ساكنة مع التنوين- وهذا القاضي ومررت بالقاضي. أُثبتت10 الياءُ، لمَّا لم يلها ساكن تُحذف من أجله.
1 ف: قلب.
2 من م.
3 سقط من م. وفي حاشية ف: "وكذلك تصحح ما كانت حركة حرف العِلَّة فيه عارضة لتسهيل الهمزة بعده. وذلك: جَيَل، المخفَّف من جَيئل".
4 م: أعللتهما.
5 م: وألف فعال.
6 م: ومثله.
7 المقاتوة: جمع مَقتويّ. وهو الخادم. شرح الشافية 3: 161-164.
8 م: لم تقلب.
9 من م.
10 م: أثبت.
هذا إن كان الاسم منصرفًا. فإن كان الاسم الذي في آخره ياء قبلها كسرة غيرَ منصرف فإنَّ الفتحة تظهر، في الياء في حال النصب لخفَّتها، نحو: رأيتُ جَواريَ وأُعَيمِيَ1. وأمَّا في حال الرفع والخفض فإنَّ العرب تستثقل الرفع والخفض فيها2، مع ثقل الاسم الذي لا ينصرف، فتحذف الياء بحركتها3 فينقص البناء، فيدخل التنوين فيصير التنوين عوضًا4 من الياء المحذوفة، فتقول: هذه جَوارٍ، ومررت بجوارٍ، وهذا أُعَيمٍ5 ومررت بأُعيمٍ.
هذا مذهب سيبويه، ومذهب أبي إسحاق أنَّ6 المحذوف أوَّلًا إنَّما هو الحركة في الرفع والخفض استثقالًا، فلمَّا حُذفت الحركة عُوِّض منها التنوين، فالتقى ساكنان -الياء والتنوين- فحذفت الياء لالتقاء الساكنين.
والصحيح7، ما ذهب إليه سيبويه؛ لأنَّ تعويض الحرف8 من الحرف أكثر في كلامهم9 من تعويض الحرف من الحركة. وأيضًا فإنه كان يجب10 أن يُعوَّض التنوين من الحركة التي [قد] 11 حذفت في الفعل نحو [53أ] : يَقضِي ويَرمِي. فإن قيل: إنَّما منع من ذلك أنَّ12 التنوين لا يدخل الفعل. قيل له: وكذلك التنوين لا يدخل الأسماء التي لا تنصرف.
وأيضًا فإنه كان يجب13 أن يُعوَّض من الحركة المحذوفة التنوينُ14 في مثل حُبلَى. بل كان يجب أن يكون العِوَض في حُبلَى أَلزم؛ لأنه لا تظهر الحركة في حُبلَى في حال، وقد تظهر في "جَوارٍ وأُعيمٍ وأمثالهما15 في حال النصب. فإنْ لم يفعلوا ذلك دليل على فساد مذهب أبي إِسحاق.
1 الأعيمي تصغير أعمى.
2 م: منها.
3 م: لحركتها.
4 ف: ويصير عوضًا.
5 م: أغيم.
6 سقط من م.
7 المنصف 2: 67-80 والكتاب 2: 56-57.
8 الحرف هذا يراد به التنوين؛ لأنه نون ساكنة. ف: الحركة.
9 م: في كلامهم أكثر.
10 أي: على مذهب أبي إسحاق.
11 من م.
12 ف: لأن.
13 م: ينبغي.
14 سقط من ف وألحق بحاشيتها بعد "حبلى".
15 سقط من م.
وممّا يدلُّ، على أنَّ التنوين في جَوارٍ وغَواشٍ1 وأمثالهما عِوَضٌ من الحرف المحذوف، أنهم لا يحذفون في مثل الجواري والأُعَيمِي وجَوارِيك وأُعَيمِيك؛ لأنهم لو حذفوا لم يكن لهم سبيل إلى العوض؛ لأنَّ التنوين لا يمكن اجتماعه مع الإضافة، ولا مع الألف واللام. وهم قد عزموا على ألَّا يحذفوا إِلَّا بشرط العِوَض، فامتنع الحذف لذلك.
وقد تُجري العرب الاسمَ الذي في آخره ياء مكسور ما قبلها مُجرى الصحيح الآخِر، في الأحوال كلِّها، فتُظهر الإعراب. وذلك في ضرورة الشعر، نحو قوله2.
فيَومًا يُوافِينَ الهَوَى، غَيرَ ماضِيٍ
…
ويَومًا تَرَى، مِنهُنَّ، غُولًا تَغَوَّلُ
فجرَّ الياء من "ماضي".
وقال الآخر3:
تَراهُ، وقَد فاتَ الرُّماةَ، كأنَّهُ
…
أَمامَ الكِلاب مُصْغِيُ الخَدِّ أَصلَمُ
فرفع الياء من "مُصغي". وقال الآخر4:
خَرِيعُ دَوادِيَ، في مَلعَبٍ
…
تأزَّرُ طَورًا، وتُرخِي الإِزارا
ففتح "دوادي" في موضع الخفض. وكذلك قول الآخر5:
قَد عَجِبَتْ مِنِّي، ومِن يُعَيلِيا
…
لَمَّا رأتْنِي خَلَقًا، مُقلَولِيا
بفتح الياء من "يُعَيلي"6 في موضع الخفض7.
وكذلك أيضًا قد يُجرون المنصوب من ذلك مُجرى المرفوع والمخفوض، فيُسْكِنون في
1 م: "عواش". والأرجح أن يكون بدلًا منها "أُعَيمٍ"؛ لأنَّ "غواش" لم ترد قبل ولا بعد. فكأن ابن عصفور سها، وهو ينقل من المنصف 2: 70، فأثبت "غواش" تبعًا لابن جني.
2 جرير. ديوانه ص355 والخصائص 3: 159 والكتاب 2: 59 وضرائر الشعر ص42 والنوادر ص203 والخزانة 3: 534 واللسان 14: 21 والمنصف 2: 80. وانظر العيني 1: 228 واللسان "مضى" ونقائض جرير والأخطل ص64. وتغول: تتلون.
3 أبو خراش الهذلي. ديوان الهذليين 2: 146 والمنصف 2: 81 والخصائص 1: 258. والمصغي: المائل. والأصلم: المستأصل الأذنين. يصف ظليمًا. وفي ديوان الهذليين وشرح أشعار الهذليين ص219 روي "مصغي" بالنصب. وقال السكري: نصب "مصغي" على الحال.
4 الكميت. ديوانه 1: 90 والكتاب 2: 60 وضرائر الشعر ص42 والمنصف 1: 80. يصف جارية. والخريع: اللينة المعاطف. والداودي. موضع تسلق الصبيان ولعبهم. ومعنى المصراع الثاني أنها لا تبالي لصغرها كيف تلعب.
5 الكتاب 2: 59 وضرائر الشعر ص43 والمنصف 2: 68 والخصائص 1: 6 واللسان "قلو". ونسبه محقق الخصائص والشنقيطي في الدرر 1: 11 إلى الفرزدق. ويعيلٍ تصغير يَعلى. والمقلولي: الذي يتململ على الفراش حزنًا.
6 م: ففتح فعيليا.
7 م: في موضع الجر.
الشعر، نحو قوله1:
وكَسَوتُ عارٍ لَحمُهُ، فتَرَكتُهُ
…
جَذلانَ، يَسحَبُ ذَيلَهُ. ورِداءهُ
يريد: عارِيًا لحمُه.
ويجوز2 في لغة طيِّئ أن تُحوَّل الكسرة التي قبل الياء فتحة، فتنقلب الياء ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، فيقال في باقية وناصية:"باقاةٌ" و"ناصاةٌ". وأمَّا غيرهم من العرب فلا يُجيز ذلك إِلَّا فيما كان من الجموع على مثال "مَفاعِل"، نحو قولك في مَعايٍ جمع مُعْيِية:"مَعايا"، وفي مَدارٍ جمع مِدْرًى:"مَدارَى".
وإنَّما لم يجيزوا ذلك إِلَّا فيما ذكرنا، لثقل الكسرة قبل الياء وثقل البناء، مع أمنهم اللَّبس إذا خفَّفوا بقلب الكسرة فتحة والياء ألفًا؛ لأنه لا يكون [شيء] من الجموع التي هي على مثال "مَفاعِل" أصلُ بنائه فتح ما قبل آخره، وليس كذلك رامٍ وغازٍ؛ لأنهما إذا فُعِل [بهما ذلك] التبسا في [اللفظ] بـ"رامَى" و"غازَى".
وإن كانت الحركة ضمَّة، وكان حرف العلَّة متطرِّفًا، قلبتَها كسرة وقلبتَ حرف العِلَّة، إن كان واوًا، ياءً3. ثمَّ يصير حكمه في الإعراب حكم الاسم الذي في آخره ياء قبلها كسرة. وذلك نحو: أَظْبٍ جمع ظَبْي، وأَحْقٍ جمع حَقْو، أصلهما "أَظبُيٌ" و"أَحقُوٌ".
فأمَّا4 أَظبٍ فاستُثقلت فيه الضَّمَّة قبل الياء، كما تُستثقل الواو قبل الياء في مثل طَيّ أصله "طَوْيٌ"، فقُلبت الواو ياء وأُدغمت الياء في الياء. وأمَّا أَحقٍ فاستثقلوا فيه الواو المتطرِّفة المضموم ما قبلها، وإن لم تُستثقل في الفعل؛ لأنَّ الاسم تلحقه ياءا النسب، ويضاف إلي ياء المتكلِّم. فلو أُقِرَّت فيه الواو لكان داعيًا إلى اجتماع واو وضمَّة قبلها5 مع ياءيِ النسب أو ياء المتكلِّم والكسرة التي قبلهما6. وذلك ثقيل. فقُلبت الواو ياء، والضَّمَّة كسرة.
وإن كان حرف العِلَّة غير متطرِّف فإنَّ الواو تثبت. وذلك نحو: أُفعُوان. وذلك أنَّ الموجب لقلبها قد زال، وهو كونها معرَّضة للحاق ياءيِ النسب وياء المتكلِّم. وأمَّا الياء فإنها تقلب واوًا للضَّمَّة التي قبلها، كما فُعل ذلك في الفعل في نحو: لقَضُوَ الرَّجلُ! فتقول في جمع كُلْية، على7
1 ضرائر الشعر ص93 وشرح القصائد السبع ص282 والهمع 1: 53 والدرر 1: 29. وروي "عاريْ لحمِه". وزعم أبو حاتم أنَّ السكون للتخفيف لغة فصيحة، والجذلان: الفرح.
2 سقط حتى قوله "بِرامَي وغازَى" من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف.
3 المنصف 1: 117-118.
4: م. قلبا.
5 في النسختين: إلى اجتماع ضمة وواو قبلها.
6 م: قبلها.
7 زاد في م: غير.
قياس من قال: "رُكُبات": كُلُوات.
إِلَّا أنَّ العرب التزمت التسكين أو الفتح1 في لام "كلية" لئلَّا يخرجوا من الأخفِّ -وهو الياء- إلى الأثقل وهو الواو. وإنَّما قلبت هنا، ولم تقلب في مثل عُيَبة2؛ لأنها في عُيَبة عين، والعين أقوى من اللام.
وحكم الاسم في جميع ما ذُكر، على ثلاثة أحرف كان أو على أزيد، حكمٌ واحدٌ. إِلَّا أنَّ الواو إذا وقعت متطرِّفة رابعة فصاعدًا، في اسم يمكن أن تصوغ منه لفظ فعل، فإنها تُقلب ياء. وذلك نحو: مَلهًى ومَغزًى. تقول في تثنيتهما: مَلهَيان ومَغزَيان، فتقلب الألف ياء، وإن كانا3 من اللهو والغزو؛ لأنك لو صغت منهما فعلًا فقلت "مَلهَيت" و"مَغزيتَ" على حدِّ "مَرْحَبَكَ ومَسْهَلَك"لأمكن. فكما تقلب الواو رابعة فصاعدًا في الفعل ياء فكذلك في الاسم حملًا على الفعل. وقد تَقَدَّمَ4 السبب في ذلك في الفعل.
فإن لم يمكن أن يُصاغ من الاسم فعل لم تقلب الواو ياء5 نحو: مَغزُوّ؛ ألا ترى أنَّ الفعل لا يكون قبل آخره حرف مدٍّ ولين زائدًا. وكذلك أيضًا لو لم تقع طرفًا لم تُقلب ياء، لامتناع بناء فعل إِذ ذاك ممّا تكون6 فيه، نحو: أُفعُوان7 وأُرجُوان.
انتهى حكم الاسم والفعل الذي أحد أصوله حرف عِلَّة.
1 يريد: في الجمع السالم.
2 شرح الشافية 3: 87. والعيبة: الكثير العيب للناس. م: عيْبة.
3 في النسختين: وإن كان.
4 في الورقة 51.
5 كذا. ويرد عليه نحو: مستدعَيات ومرتضَيات ومشتهَيات ومنجلَيات
…
6 م: مما يكون.
7 كذا. وهو تكرار لما تقدم قبل فقرتين.