الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الهمزة:
الهمزة1 لا يخلو أن تقع أوَّلًا أو غير أوّل. فإِن وقعت غيرَ أوّل قُضي عليها بالأصالة، ولا يحكم عليها بالزيادة إِلَّا أن يقوم على ذلك دليل. وذلك أنَّ الهمزة إِذا وقعت غير أوّل، فيما عُرف له اشتقاق أو تصريف، وُجِدت أصليَّة، ولم تُوجد زائدة إِلَّا في ألفاظ يسيرة. وهي:
شَمْأَلٌ وشأْمَلٌ2 بدليل قولهم: شَمَلَتِ الريحُ. ولو كانت الهمزة أصليَّةً لقالوا "شَأمَلَتْ"و3 "شَمْأَلَتْ".
وجُرائضٌ4؛ لأنهم قالوا5 في معناه: جِرْواضٌ.
وحُطائطٌ؛ لأنه الصغير المَحطُوط عن قَدره المعتاد.
وقُدائمٌ؛ لأنه في معنى: قديم.
والنَّئْدُلانُ6؛ لأنهم يقولون في معناه: النَّيدُلان. قال7:
نِفْرِجةُ الهَمِّ، قَلِيلُ ما النَّيلْ
…
يُلقَى علَيهِ النَّيدُلانُ، باللَّيلْ8
1 انظر سر الصناعة 1: 121-134 والكتاب 2: 343-344. وفي حاشية ف بخط أبي حيان عن ابن القطاع مواضع زيادة الهمزة من الأسماء والأفعال. وانظر الارتشاف 1: 94.
2 الشمأل والشأمل: ريح الشمال.
3 م: أو.
4 في حاشية ف بخط أبي حيان أن الجرائض: الجمل الشديد الضخم.
5 م: بدليل قولهم.
6 في حاشية ف: يقال: نَيدَُلان.
7 حريث بن زيد الخيل. شرح شواهد الإيضاح ص623 ورصف المباني ص331 وشرح الملوكي ص148 وسر الصناعة 1: 125 والمنصف 1: 106 واللسان والتاج "ندل" و"فرج". والنفرجة: الجبان الضعيف. وفي النسختين: "قليل النيل". وألحقت "ما" بحاشية ف بخط أبي حيان. وفيها أيضًا بخطه عن "المحكم": رجل نِفرِج
…
والنفرج: القصّار.
8 م: "تفرجة". وفي حاشية ف بخط أبي حيان: ويقال تفرجة بالتاء، وعن صاحب "سفر السعادة" زيادة الهمزة في رئبال، وفي غِرقئ عن أبي إسحاق أيضًا، وعن أبي زيد زيادة الهمزة في شِئزارة للسيئ الخلق.
والنَّيدلان هو الذي يُسمَّى الكابوسَ.
وضَهْيأٌ؛ لأنهم يقولون في معناه: ضَهْياءُ. وحروف ضَهْياء الأصولُ إِنما هي الضاد والهاء والياء، فكذلك ضَهْيأٌ المقصور. وأيضًا فإِنَّ الضهيأ: المرأة التي لا تحيض، وقيل: التي لا ثدي لها. فهو على هذا مشتق من "ضاهيَتُ" أي: شابَهتُ1. قال تعالى2: "يُضاهُونَ قَولَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ". فالهمزة على هذا زائدة.
وزعم الزَّجَّاجُ أنه يجوز أن تكون همزة ضَهيأ أيضًا أَصليَّةً، وياؤه زائدة، ويكون مشتقًّا من "ضاهأتُ" أي3: شابَهتُ؛ لأنه يقال: ضاهَيتُ وضاهأتُ4. وهو أولى به؛ لأنَّ أصالة الهمزة غيرَ أوّل أكثرُ من زيادتها. فيكون ضهياء الممدود عنده من "ضاهيَتُ" أي: شابَهتُ، وضَهيأ المقصور من "ضاهأتُ".
وهذا الذي ذهب إِليه حسن من طريق الاشتقاق، إِلَّا أنه يبقى في ذلك إِثباتُ بناءٍ لم يستقرَّ في كلامهم. وذلك أنَّ الهمزة إذا جُعلت أصليَّة والياء زائدة كان وزن الكلمة "فَعْيَلًا"5. وذلك بناء غير موجود في كلامهم، إِلَّا أن يكون مكسور الفاء، نحو: طِرْيَم6 وحِذْيَم7.
فإِن قلتَ: وكذلك أيضًا جَعْلُ الهمزة زائدةً يؤدّي إلى بناءٍ غير موجود، وهو "فَعْلأ"؛ ألا ترى أنه لم يجئ منه إِلَّا ضَهيأ المختلَفُ فيه، والمختلَف فيه لا يُجعل حُجَّة؟ فإِذا كان جعلها زائدة أو أصلًا يؤدّي إلى بناء غير موجود فالأصالة8 أولى؛ لأنها أكثر. فالجواب أنَّ "فَعْلأً" و"فَعْيَلًا"9، وإِن كانا بناءين معدومين. ينبغي أن يُحمل منهما على "فَعْلأ"؛ لأنَّ "فَعْيلًا" يظهر منهم اجتنابه؛ ألا ترى أنه إِذا جاء في كلامهم كسروا أوَّلَه نحو: حِذْيَم وطِرْيَم؟ ولم يظهر منهم ذلك في "فَعْلأ"؛ لأنهم لم يجتنبوا "فَعْلأً" كما فعلوا ذلك بـ"فَعْيَل".
فثَبَتَ إِذًا أنَّ الذي ينبغي أن يُدَّعَى فيه أنه "فَعْلأ"10، ويكون من الأبنية التي جاءت في
1 فوقها في ف: شبهت.
2 الآية30 من سورة التوبة. وهذه قراءة عامة قراء الحجاز والعراق. تفسير الطبري 14: 207.
3 سقط حتى "ضاهيت أي" من م.
4 وزعم بعض الكوفيين والبغداديين أن ضهيأ وزنها فعلل. فهي رباعية وليس فيها زيادة. انظر تهذيب الألفاظ ص368.
5 م: فيعلًا.
6 الطريم: الطويل.
7 والحذيم: الحاذق.
8 م: فالأصل له.
9 م: فيعلًا.
10 في حاشية ف بخط أبي حيان أن الهمزة زائدة في احبنطأ البطن أي: عظم، لقولهم: حَبِطَ بطنُه أي: انتفخ. عن ابن برّيّ.
كلامهم مفردة، لا ثاني لها. وأيضًا فإِنَّ الاستدلال على زيادة همزة ضهيأ بضهياء الممدودة، أو ما في معناها، أولى من الاستدلال بشيء آخر خِلافها. وهو "ضاهأتُ". فلذلك كان هذا المذهب باطلًا.
فهذه جملة ما جاءت فيه الهمزة زائدةً غيرَ أوّل.
فأمَّا1 العأْلَم والخأْتَم وتأبَلٌ2 وأمثالها فالهمزة فيها بدل من الألف، ولم تُزَد فيها الهمزة ابتداءً. فينبغي [21ب] أن تُذكر في باب البدل.
فلمّا قلَّت زيادة الهمزة غيرَ أوّل وجب القضاء على ما لم يُعرف أصله، ممّا الهمزة فيه غيرُ أوّل، بالأصالة، نحو: السَّأسَم3 واطمأنَّ وبُرائل4، وأمثال ذلك.
فإِن وقعتْ أوَّلًا فلا يخلو أن يكون بعدَها5 حرفان أو أزيَدُ. فإِن كان بعدها حرفان خاصَّةً كانت أصلًا، إِذ لا بدَّ من الفاء والعين واللام. وذلك نحو: أَخَذَ وأَكَلَ وأَمَرَ.
وإِن كان بعدها أزيد من حرفين فلا يخلو أن يكون بعدها أربعة أحرف مقطوع بأصالتها فصاعدًا، أو ثلاثةٌ، أو اثنانِ مقطوعٌ بأصالتهما، وما عداهما مقطوعٌ بزيادته، أو محتمِلٌ للزيادة والأصالة.
فإِن كان بعدها أربعة أحرف مقطوع بأصالتها فصاعدًا كانت أصلًا. وذلك نحو: إِصطَبل وإِبرَيْسَم6 وإِبراهيم وإِسماعيل؛ ألا ترى أنَّ الصاد والطاء والباء من "إصطبل" مقطوعٌ بأصالتها؛ لأنها ليست من حروف الزيادة؟ وكذلك اللّام لأنَّ المواضع التي تزاد فيها محصورة كما تَقَدَّم7 وليس "إِصطبل" منها. وكذلك الباء8 والراء والسين والميم من إِبريسم، والباء والراء والهاء والميم من إِبراهيم9، والسين والميم والعين واللّام من إِسماعيل. جميع ذلك أصل مقطوع بأصالته.
وإِنَّما قُطِع بأصالة الهمزة في مثل هذا؛ لأنَّ بنات الأربعة فصاعدًا لا تلحقها الزيادة من أَوَّلها
1 م: وأما.
2 التأبل: الفحا كالكمون والكسبرة ونحوهما.
3 السأسم: شجر.
4 البرائل: الديك.
5 ف: ما بعدها.
6 الابريسم: الحرير. وضبطت في ف بكسر الراء وفتحها معًا.
7 انظر ص145-147.
8 م: الياء.
9 في حاشية ف بخط أبي حيان عن المهاباذي أن همزة إبراهيم أصل، وتصغيره أُبَيرِه، وجعلها البغداديون زائدة.
أصلًا، إِلَّا الأفعالَ نحو: تَدَحرجَ، والأسماءَ الجارية عليها نحو: مُدَحرج. فلمّا كانت هذه الأسماء وأمثالُها ليست من قبيل الأسماء الجارية على الأفعال قُطِعَ بأنَّ الهمزة في أوّلها أصل.
وإِن كان بعدها ثلاثة أحرف مقطوع بأصالتها قُطعَ بأنها زائدة. وذلك نحو: أفكَلٍ1، همزته زائدة. وإِنَّما قضينا عليها بالزيادة لأنَّ كلَّ ما عُرف اشتقاقه من ذلك فالهمزة فيه زائدةٌ، نحو: أَحمر وأَصفر وأَخضر2، وأمثال ذلك؛ ألا ترى أنها مشتقَّة من الحُمرة والصُّفرة والخُضرة؟ فلمّا كانت كذلك فيما عُرف اشتقاقه حُمِلَ ما جُهِلَ اشتقاقه على ما عُلم، فقُضِي بزيادة الهمزة فيه.
وإِن كان بعدها حرفان مقطوع بأصالتهما، وما عداهما مقطوع بزيادته، كانت الهمزة أصلًا إذ لا بدَّ من الفاء والعين واللّام، كما تقدَّم. وذلك نحو: آخِذٍ3 وآمِرٍ4؛ ألا ترى أنَّ الألف مقطوع بزيادتها، وأنَّ الخاء والذال من آخِذٍ5، والميم والراء من آمِرٍ، مقطوع بأصالتها6؟ فلذلك كانت الهمزة أصلًا فيهما وفي أمثالهما.
فإِن كان بعدها حرفان مقطوع بأصالتهما، وما عداهما محتمل للأصالة7 والزيادة، قُضي على الهمزة بالزيادة، وعلى ما عداها ممّا يحتمل الأصالة والزيادة بأنه أصليّ. وذلك نحو أءبين8 والألف من إشْفًى9 وأَفعًى. فإِنك، وإِن لم يكن معك اشتقاقٌ ولا تصريف، تقضي بزيادة الهمزة وأصالة ما عداها. وذلك [أنَّ] 10 إِشْفى11 وأَبْيَن وأَفعى وأمثال ذلك الهمزةُ في جميع ذلك زائدة، والياء من أبْيَن والألف من إِشفًَى12وأفعًى أصلان.
وإِنَّما قُضِي بزيادة الهمزة في مثل هذا لأنَّ جميعَ ما ورد من ذلك ممّا له اشتقاقٌ، الهمزةُ فيه زائدة وما عداها أصلٌ، نحو قوله: هو أَغوَى منه وأَضوَأُ منه و"أَيدَعٌ"13؛ لأنَّ "أَغوَى" من الغَيّ، و"أضوأ" من الضَّوء، ويقولون: يَدَّعتُهُ14.
1 الأفكل: الرعدة. وفي حاشية ف بخط أبي حيان: ولا اشتقاق له.
2 ف: وأخضر وأصفر.
3 م: أخذ.
4 م: أمر.
5 م: أخذ.
6 في النسختين: بأصالتهما.
7 م: يحتمل الأصالة.
8 كذا في النسختين، وفوقه في ف:"معًا". فهو يقال بالكسر ويقال بالفتح. وهو اسم رجل من حمير.
9 الإشفى: المخرز. م: أشقى.
10 سقط من النسختين.
11 م: أشقى.
12 م: أشقى.
13 الأيدع: صبغ أحمر. وقيل: هو الزعفران.
14 م: "يدعنه". وفي حاشية ف: "صبغته بالزعفران". وانظر المنصف 1: 100.
وكذلك جميع ما عُرف له اشتقاق من هذا النوع همزته زائدة، وما عداها أصليّ، إِلَّا ألفاظًا قليلة شذَّت من هذا النوع. وهي: أَولَقٌ1 وإِمَّعةٌ وأَيصَرٌ2 وأَرْطًى3 [وأَيطَل]4. فلذلك حملنا ما ليس له اشتقاق، نحو: أَفعًى وإِشفًى وأبْيَن، على الأكثر فقضينا بزيادة الهمزة.
فإِن قيل: فما الدليل على أصالة الهمزة، في هذه الألفاظ الخمسة؟ 5 فالجواب [22أ] أنَّ الذي يدلّ على أصالة الهمزة في أيصر أنهم يقولون في جمعه: إِصار، بإِثبات الهمزة وحذف الياء. فدلّ على أصالة الهمزة وزيادة الياء. ولا يمكن أن تُجعلَ هذه الهمزة بدلًا من ياء، فكيونَ أصله "يِصار"، ثمّ أُبدلت الهمزة من الياء؛ لأنَّ الياء لا تُبدل همزةً في أوَّل الكلام.
والذي يدلُّ على أَصالة الهمزة في إِمَّعة أنك لو جعلتها زائدة لكان وزنها "إِفعَلة" و"إِفْعَلةٌ" لا يكون صفة أصلًا، إِنما يكون اسمًا غير صفة نحو: إِشفًى وإِنفَحة6. فدلَّ ذلك على أنَّ همزتها أصليَّةٌ، ويكون وزنها7 "فِعَّلةً"؛ لأنَّ "فِعَّلة" في الصفات موجود نحو: رَجلٌ دِنَّبةٌ8. وأيضًا فإِنك لو جعلت همزة إِمَّعة زائدة لكانت إِحدى الميمين منه فاء، والأخرى عين، فيكون من باب دَدَنٍ،9 وهو قليل جدًّا. أعني أن تكون الفاء والعين من جنس واحد. فلمّا كان جعل الهمزة زائدةً10 يؤدّي إِلى الدخول في هذا الباب القليل، وإِلى إِثبات مثال في الصفات لم يستقرَّ فيها، قُضي بأصالة الهمزة.
وأمَّا أَرطًى فالدليل على أصالة الهمزة [فيه] قولهم: أَديمٌ مأروطٌ، أي: مدبوغ بالأرطى، فإِثبات الهمزة في مأروط وحذف الألف دليل11 على أصالة الهمزة وزيادة الألف. وحكى أبو عُمَرَ12 الجَرميّ: أديمٌ مَرْطِيٌّ. فالهمزة على هذا زائدة، والألف أصل.
وأمَّا أَولَقٌ فالذي يدلّ على أصالة الهمزة [فيه] ، وزيادة الواو، قولهم: أُلِقَ الرَّجلُ، إذا أصابه
1 الأولق: الجنون. وانظر المنصف 1: 113-118.
2 الأيصر: الحشيش.
3 الأرطى: نبات يدبغ به.
4 سقط من النسختين. وانظر التعليقة التالية وص160.
5 فوقها في ف عن نسخة أخرى "الأربعة". وانظر ص160.
6 الإنفحة: شيء يخرج من بطن الجدي الرضيع أصفر، يعصر في صوفة مبتلة في اللبن، فيغلظ كالجبن. وضبطت في ف بتخفيف الحاء وتشديدها معًا، وسقطت من م.
7 سقط من م.
8 الدنبة: القصير. م: دنمة.
9 الددن: اللهو واللعب.
10 سقط من م.
11 م: دلالة.
12 صالح بن إسحاق، فقيه لغوي نحوي بصري توفي سنة 225. بغية الوعاة ص268. م: أبو علي.
الأَولق. فقولهم "أُلِقَ"، بإِثبات الهمزة وحَذْفِ الواو، دليلٌ على أصالة الهمزة وزيادة الواو.
فإِن قيل: فلعلّ هذه الهمزة بدل من الواو، والأصل "وُلِقَ"، نحو قولهم في "وُعِدَ الرَّجلُ": أُعِدَ. فالجواب أنه لو كان من قبيل "أُعِد" لقالوا: وُلِقَ، كما يقولون: وُعِدَ. فالتزامهم الهمزة في "أُلق" دليل على أنها أصل. وأيضًا فإنهم قالوا: رَجلٌ مألوقٌ. ولو كانت الهمزة زائدة لقالوا "مَولوقٌ" بالواو. ولا يُتصوَّرُ أن تُقدَّرَ الهمزة في مألوق بدلًا من الواو؛ لأنَّ مثل هذه الواو لا تُقلب همزة. وسيُبيَّنُ ذلك في البدل1.
وزعم الفارسيُّ أنَّ أَولقًا2 يحتمل ضربين من الوزن: أحدهما ما قدَّمناه من أنه "فَوعَل" وهمزته أصل، من: تألَّقَ البَرقُ. والآخر3 أنه "أَفعَل" وهمزته زائدة. من: وَلَقَ إِذا أسرع؛ لأنَّ الأَولق: الجنون. وهي توصف بالسرعة.
فإِن قيل: فكيف أجاز ذلك، مع قولهم: أُلِقَ ومألوقٌ؟ فالجواب أنه يَجعل الهمزة منهما4 بدلًا من الواو، والأصل "وَلِقَ" و"مولوقٌ"، ويَجعل هذا من قَبيل البدل اللَّازم، فتكون الواو من "وُلِقَ" لمَّا أُبدلت همزةً لانضمامها أُجريت هذه الهمزة مُجرى الأصليَّة، فقالوا: مألوقٌ.
فيكون ذلك نظير قولهم: عِيدٌ وأَعيادٌ؛ ألا ترى أنَّ عِيدًا من "عادَ يَعُودُ"، وأنَّ الأصل فيه "عِوْدٌ"، فقُلبت الواو ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها، فقيل: عِيدٌ؟ وكان يَنبغي إذا جمعنا أن نقول في جمعه "أَعواد" بالواو، لزوال الموجب لقلب الواو ياءً، كما قالوا في جمع رِيح "أَرواح" بالواو، لزوال موجب قلبها ياءً في "ريح"، وهو سكونها وانكسار ما قبلها. قال5:
تَلُفُّهُ الأرواحُ، والسُّمِيُّ
إِلَّا أنهم لمّا أَبدلوا الواو ياءً في "عِيد" أَجروا هذه الياء مُجرى الأصليَّة.
إِلَّا أنَّ هذا النوع من البدل –أعني اللَّازم- قليلٌ، وأصالة الهمزة أيضًا إذا وقعت أوَّلًا في مثل هذا قليل، فتكافأ الأمران عنده، فلذلك أجاز الوجهين.
والصحيح أنَّ الأولق6 همزته أصليَّة، ولا ينبغي أن يُحمل على باب عِيد وأعياد؛ لأنَّ مثل
1 في الورقة 34.
2 ف: "أولق". وفي الحاشية بخط أبي حيان عن ابن مالك إجازة الضربين من الوزن.
3 نسب ابن جني هذا المذهب في الخصائص 1: 9 إلى أبي إسحاق الزجاج. وانظر ص 41.
4 م: فيهما.
5 العجاج: ديوانه ص69 والصحاح واللسان والتاج "سمو". الأرواح: جمع ريح. والسمي: جمع سماء. وهي المطر.
6 م: أولق.
هذا الباب قد سُمع فيه الأصل، فتقول: عِيدٌ وأَعوادٌ. ولم يقولوا "وُلِق"1 ولا "مَولوقٌ"، في موضع من المواضع. فلذلك وَجب حمل أَولقٍ على أن همزته أصليَّة.
ويجوز أيضًا في أَولقٍ أن يكون "فَوعَلًَا"، عند من يجعله مشتقًّا من "وَلَقَ". ويكون أصله "وَوْلَقًا"[22ب] ، فأُبدلت الواو الواحدة همزة، ولزم على قياس كلّ2 واوين يجتمعان في أوَّل الكلمة3. إِلَّا أنَّ الأَولى. عند من يجعله4 مشتقًّا من "وَلَق"، أن تكون الهمزة زائدة، ويكون وزنه "أَفْعَل"5؛ لأنَّ "أَفْعَل" أكثرُ من "فَوعَل". وأيضًا فإِن الهمزة ينبغي أن يُوقَفَ فيها مع الظاهر، ولا يُدَّعَى أنها مُبدلةٌ من الواو.
وأمَّا6 أَيطَلٌ فالذي يدلّ على أصالة همزته، وزيادة يائه، قولهم في معناه: إطْل. فيحذفون الياء ويثبتون الهمزة. ولو كانت الهمزة هي الزائدة لقيل: يِطْلٌ، بالياء. ولا يمكن أن يُدَّعى أنَّ الهمزة بدل من الياء، لما ذكرناه من أنَّ الياء لا تُبدل همزة أوَّلًا7.
1 م: وَلق.
2 م: على كل قياس.
3 م: أول كل كلمة.
4 م: يجعلها.
5 ف: أفعلًا.
6 سقطت بقية الباب من م. وفي حاشية ف بخط أبي حيان سقط من هنا إلى آخر الباب في نسخة الخفَّاف والخزرجيّ.
7 في حاشية ف بخط أبي حيان: بلغت المقابلة مع شيخنا الرضي.