الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما يزاد من الحروف في التضعيف
اعلم أنَّ التضعيف لا يخلو أن يكون من باب إدغام المتقارِبَينِ1، أو من باب إدغام المِثلَينِ2. فإن كان من باب إدغام المتقاربين فلا يلزم أن يكون أحد الحرفين زائدًا. بل قد يمكن أن يكون زائدًا، وأن يكون أصلًا. وإذا كان الإدغام من جنس إدغام المِثلين كان أحد المثلين زائدًا، إِلَّا أن يقوم دليل على أصالتهما3، على ما يُبيَّنُ.
فإن قيل: فِيمَ يَمتاز4 إدغام المتقاربَينِ من إدغام المِثلَينِ؟ فالجواب عن ذلك أن نقول: إذا وُجِد حرف مضعَّف فينبغي أن يُجعل من إدغام المِثلَينِ، ولا تجعله من إدغام المتقاربينِ إِلَّا أن يقوم على ذلك دليل؛ لأنه لا يجوز أن يُدغَم الحرف في مُقارِبه من5 كلمة واحدة، لئلَّا يلتبس بأنه من إدغام المِثلَينِ؛ ألا ترى أنك لا تقول في أَنمُلَة6:"أَمُّلة"؛ لأنَّ ذلك مُلبِس7، فلا يُدرَى: هل هو في الأصل أَنمُلَة أو "أمْمُلَة"؟
فإن كان في الكلمة بعد الإدغام ما يدلُّ على أنه من إدغام المتقاربَينِ جاز الإدغام. وذلك نحو قولك: امَّحَي الكتابُ، أصله "انْمَحَى" بدليل أنه لا يمكن أن يكون من باب8 إدغام المِثلَين. إذ لو كان كذلك لكان "افَّعَلَ"، و"افَّعَلَ" ليس من أبنية كلامهم. فلمَّا لم يمكن حمله على أنَّ9 الإدغام فيه من قَبيل إدغام المِثلَينِ تبيَّن أنه في الأصل "انمَحَى"؛ لأنَّ في كلامهم "انفَعَلَ".
1 م: المثلين.
2 م: "المتقاربين". وفي حاشية ف بخط أبي حيان عن اللباب بيان لزيادة الحرف بالتضعيف. انظر ص263-264 من ابن عصفور والتصريف.
3 ف: أصالته.
4 م: يختار.
5 م: في.
6 الأنملة: المفصل الأعلى من الإصبع.
7 م: يلبس.
8 سقط من م.
9 سقط من م.
فأمَّا "هَمَّرِش"1 فينبغي أن يُحمل2 على أنَّ إدغامه من قَبيل إدغام المِثلَينِ، ويكون وزن الكلمة "فَعَّلِلًَا"3، فتكون ملحقة بجَحَمرِشٍ4، لمِا ذكرناه من أنَّ الأصل في كلِّ إدغام، يكون في كلمة واحدة، أن يُحمل على أنه من قَبيل إدغام المِثلَينِ، إِلَّا أن يمنع من ذلك مانع. فإذا صَغَّرتَ هَمَّرِشًا على هذا القول أو كسَّرتَه قلتَ: هُمَيرِشٌ وهَمارِشُ. فتحذف إحدى الميمين لأنها زائدة.
وأمَّا أبو الحسن فزعم5 أنَّ هَمَّرِشًا حُروفُه كلُّها أُصول، وأنَّ الأصل "هَنْمَرِشٌ" بمنزلة [29 أ] جَحْمَرِش، ثمَّ أُدغمت النون في الميم. وجاز الإدغام عنده لعَدمِ اللَّبس. وذلك أنَّ هذه البِنية –أعني "فَعْلَلِلًا"- لم تُوجد في موضع من المواضع قد لحقتها زوائد6 للإلحاق.
فيُعلَمُ بذلك أنَّ هَمَّرشًا في الأصل "هَنْمَرِشٌ". إذ لو لم يُحمل على ذلك، وجُعل من إدغام المِثلَين، لكان أحد المِثلَين زائدًا، فيكون ذلك كَسرًا لما ثَبَتَ في هذه البِنية واستقرَّ، من أنها لا تلحقها الزوائد للإلحاق. فتقول على هذا في تصغيرِ هَمَّرِش7 وتكسيره: هُنَيْمِرٌ وهَنامِرُ. فتردُّ النون إلى أصلها، لمَّا زال الإدغام، وتَحذف الآخِر لأنَّ حروف الكلمة كلَّها أصول.
وهذا الذي ذهب إليه فاسد8؛ لأنه مبنيٌّ على أنَّ هذه البِنية لم تلحقها زيادة للإلحاق في موضع. وقد وُجِد هذا الذي أَنكر، قالوا: جِرْوٌ نَخْوَرِشٌ أي: إذا كَبِرَخَرَشَ9؛ ألا ترى أنَّ الواو زائدة10، وأنَّ الاسم ملحق بجَحمَرِش؟ فإذا تقرَّر أنَّ هذه البِنية قد لحقتها الزوائد للإلحاق وجب القضاء على إدغام هَمَّرِشٍ، بأنه11 من قَبيل إدغام المِثلَينِ.
1 الهمرش: العجوز الكبيرة المسنة. وانظر شرح الشافية 2: 364-365.
2 م: يجعل.
3 م: "فعَّلَلًا". وفعّلِل لم يذكره المؤلف في الأبنية.
4 الجحمرش: العجوز الكبيرة. وفي حاشية ف بخط أبي حيان عن أبي عبيدة عن ابن العلاء زيادة حروف الإلحاق في الاسم والفعل.
5 سقط من م.
6 ف: زائدة.
7 م: همرس.
8 م: باطل.
9 م: خرّش.
10 في حاشية ف بخط أبي حيان: "قد ادَّعى في الأبنية أن الواو في نخورش أصل، وأن حروفه كلها أصول، وأن وزنه فَعلَلِل نحو جحمرش. وهو مخالف لما ردَّ به على الأخفش هنا". انظر ص71. وقال صاحب التاج: "قال شيخنا: وقد تعارض فيه كلام ابن عصفور في الممتع، فحكم مرة بأصالة الواو زاعمًا أنه ليس لهم فعللل – [في المطبوعة: فعوعل. ولعلها: نفوعل]- غيره. وزعم مرة أنها زيدت للإلحاق". قلت: وابن عصفور لم يزعم أنه ليس لهم فعللل غير نخورش. انظر ص56.
11 م: وجب القضاء على همرش بأن إدغامه.
فإذا1 كان الإدغام من جِنس إدغام المتقاربين فالذي ينبغي أن يُحكم به على الحرفين المتقاربين الأصالةُ، إِلَّا أن يقوم دليل من الأدلة المتقدِّمة على الزيادة.
وإذا كان الإدغام من جنس إدغام المِثلَين فلا يخلو من أن يكون اللفظ من ذوات الثلاثة، أو من ذوات الأربعة، أو من ذوات الخمسة.
فإن كان من ذوات الثلاثة قُضي على المِثلَين بالأصالة، إذ لا بدَّ من الفاء والعين واللام، نحو: رَدَّ وفَرَّ.
وإن كان من ذوات الأربعة فإنه لا يخلو أن يكون المضعَّف بين الفاء واللام نحو: ضَرَّبَ، أو في الطرف بعد العين نحو: قَرْدَدٍ2 أو غير ذلك. فإن كان المضاعف على ما ذكرنا3 كان أحد المِثلَين زائدًا. وذلك أنَّ كلَّ ما له اشتقاق من ذلك يوجد أحدُ المِثلَين منه زائدًا4، نحو "ضَرَّبَ"، فإنه من الضَّرْبِ، و"قُعْدُدٍ"5 فإنه من القُعود. فحُمِل ما ليس له اشتقاق، نحو: سُلَّمٍ وقِنَّبٍ، على أنَّ أحد المِثلَينِ منه زائد.
وإن لم يكن المضعَّف على ما ذُكر كان كلُّ واحد منهما أصلًا. وذلك نحو: صَلصَلٍ6 وفَرفَخٍ7 وقُربُقٍ8 ودَيدَبُونٍ9 وشَعَلَّعٍ10 والذي أوجب ذلك أنه لم يثبت زيادة أحد المِثلَين في مثل11 ما ذُكر، باشتقاق أو تصريف في موضع من المواضع، فيُحملَ ما ليس فيه اشتقاق على الزيادة. بل الواجب أن يُعتقد في المِثلَين الأصالة، إذ الزيادة لا تُعتقد12 إِلَّا بدليل.
وأيضًا فإنك لو جعلت أحد المِثلَينِ في جميع ذلك زائدًا لكان13 وزن فَرفَخ: "فَعفَلًا"،
1 م: وإذا.
2 القردد: الوجه.
3 م: ما ذكر.
4 م: زائد.
5 القعدد: القاعد عن المكارم.
6 الصلصل: ناصية الفرس.
7 في حاشية ف: فرفخ هي البقلة الحمقاء.
8 القربق: الحانوت.
9 الديدبون: اللهو واللعب.
10 في حاشية ف: "الشعلع: الطويل". وفي كل من ديدبون وشعلع أكثر من أربعة أحرف. وهو خلاف ما يتكلم عليه المؤلف. ثم إن إحدى اللامين في شعلع زائدة.
11 وكذلك في نسخة الخفاف كما جاء في حاشية ف ف: "كلّ".
12 م: لا تثبت.
13 سقط من م حتى قوله "أصلين كان".
ووزن قُربُق: "فُعلُفًا"، ووزن دَيدَبُون:"فَيفَعولًا"، ووزن شَعَلَّع: فَعَلَّعًا"، وهي أبنية لم تثبت في كلامهم. وإذا جعلت المِثلَينِ أصلين كان وزن فَرفَخ1: "فَعْلَلًا"2، ووزن "قُربُق": "فُعْلُلًا"، ووزن دَيدَبون: "فَيْعَلُولًا"3، ووزن شَعَلَّع: "فَعَلَّلًا"، وهي أبنية موجودة في كلامهم. وما يؤدِّي إلى مثال موجود أولى.
وأمَّا صَلصلٌ وبابه فلو جعلتَ كلَّ واحد من المِثلَين زائدًا لأدَّى ذلك إلى بقاء الكلمة على أقلَّ من ثلاثة أحرف. ولو جعلت إحدى الصادين أو اللامين من صَلصَلٍ زائدة، لا مجموعهما، لم يجز ذلك لأنه إن جُعل إحدى الصادين4 زائدة لم يخل من أن تكون الأُولى أو الثانية: فإن كانت الزائدة الأُولى كان وزن الكلمة "عَفْعَلًًا"5، وذلك بناء غير موجود. وأيضًا فإنَّ الكلمة تكون إذ ذاك من باب: سَلِسَ وقَلِقَ –أعني ممَّا لامه وفاؤه من جنس واحد- وذلك قليل.
وإن كانت الثانية كان وزن الكلمة "فَعْفَلًا"6، وذلك بناء غير موجود. وأيضًا فإن الكلمة إذ ذاك تكون من باب ما ضوعفت فيه الفاء، نحو: مَرْمَرِيس؛ لأنَّ وزنه "فَعْفَعِيل". وذلك قليل جدًّا، لا يُحفظ منه إِلَّا مَرمَرِيس7، ومَرمَرِيت بمعناه.
وإن جعلتَ اللام زائدة لم تخل8 من أن تكون الأُولى، أو الثانية. فإن كانت الأُولى كان وزن الكلمة "فَلْعَلًا"9، وذلك بناء غير موجود. وأيضًا فإنَّ الكلمة تكون إذ ذاك من باب دَدَن. أعني ممَّا فاؤه وعينه من جنس واحد، وإن كانت الثانية كان وزن الكلمة "فَعْلَعًا"10 وذلك بناء غير موجود. وأيضًا فإنه يكون من باب: سَلِس وقَلِق؛ لأنَّ فاء الكلمة إذ ذاك ولامها الصاد، وقد تَقَدَّم [29 ب] أنه بناء قليل.
فلمَّا ثَبَتَ أنَّك كيفما فعلتَ في جعلِ أحد الحرفين زائدًا يؤدِّي إلى بناء معدوم، ودخولٍ في
1 م: فرفج.
2 في النسختين: فعلل.
3 ف: "فعللولًا". م: "فعلول". وكلاهما خلاف ما وزنه به قبل، حيث أثبت أن الياء زائدة وليست أصلًا.
4 سقط "أو اللامين
…
الصادين" من م.
5 م: عفعل.
6 م: فعفل.
7 المرمريس: الداهية. قلت: وقد تكون الفاء مكررة في: بربيطياء وقرقيسياء وفشفارج وشفشليق وصهصلق وسلسبيل وصفصلَّى
…
8 م: لم يحد.
9 م: فلعل.
10 م: فعلع.
باب قليل، وكان باب صَلصَلٍ كثيرًا، جُعِلَتْ حروفُه كلُّها أصولًا، وجُعِلَ صِنفًا برأسه، ولم يَدخل في باب من الأبواب المذكورة.
وإن كان من ذوات الخمسة فلا يخلو من أن يكون المضعَّف منه حرفًا واحدًا أو أَزْيدَ. فإن كان المضعَّف منه حرفًا واحدًا فلا يخلو أن يفصل بينهما أصل أو لا يَفصل. فإن فَصلَ بينهما أصلٌ كان كلُّ واحد من المِثلَينِ أصلًا نحو: دَردَبِيس1 وشَفشَلِيق2؛ ألا ترى أنَّ الراء والفاء قد فصلتا3 بين المِثلَين، وليستا4 من حروف الزيادة؟
وإنما جُعل المثلان أصلين في مثل هذا؛ لأنه لم يَثبت زيادة أحد المثلين في مثل ذلك، في موضع من المواضع باشتقاق ولا تصريف، فحُملَ ما ليس له5 اشتقاق ولا تصريف على ذلك، وأيضًا فإنك لو جَعلتَ أحد المثلين زائدًا لكان وزن شَفشَلِيق::فَعْفَلِيل"، وذلك بناء غير موجود.
وإن لم يَفصِل بينهما أصلٌ بل زائد، أو لم يقع بينهما فاصل، كان أحد المثلين زائدًا. وذلك نحو: شُمَّخْرٍ6 وخَنفَقِيقٍ7، إحدى القافين وإحدى الميمين زائدتان8. وذلك أنَّ كلَّ ما عُلِم له من ذلك اشتقاقٌ أو تصريف وُجد9 أحد المضعَّفَين منه زائدًا؛ ألا ترى أنَّ "اشمَخَرَّ" يدلُّ على أنَّ إحدى الميمين من شُمَّخْر زائدة؟ فحُمِل ما ليس له اشتقاقٌ على ذلك.
وإن كان المضعَّفُ أزيدَ كان كلُّ واحد من المِثلين زائدًا، نحو: صَمَحْمَحٍ10 ودَمَكمَكٍ11، إحدى الميمين وإحدى الحاءين أو الكافين زائدتان12، بدليل أنَّ ما له اشتقاق أو تصريف من ذلك وُجِد13 كلُّ واحد من المِثلَين فيه زائدًا، فحمل ما ليس له اشتقاق على ذلك، نحو: مَرمَرِيس. فإنه14 من المَراسة15، فإحدى الميمين وإحدى الراءين زائدتان.
1 الدردبيس: الداهية. وفيه ستة أحرف لا خمسة.
2 الشفشليق: العجوز المسترخية اللحم. وفيه ستة أحرف أيضًا. م. سفسليق.
3 م: فصلت.
4 في النسختين: وليسا.
5 م: ولا تعريف فيحمل ما ليس فيه.
6 الشمخر: الطامح النفس المتكبر. وفيه ستة أحرف. ف: شمخز.
7 الخنفقيق: الداهية والخفيفة من النساء الجريئة. وفي ستة أحرف.
8 م: زائدتين.
9 م: وجرى.
10 الصمحمح: الشديد القوي. وفي حاشية ف بخط أبي حيان تفصيل مذهب البصريين والكوفيين في وزنه وما زيد فيه.
11 الدمكمك: الشديد.
12 في النسختين: زائدة.
13 م: وجر.
14 م: كأنه. وفي مرمريس ستة أحرف.
15 الكتاب 2: 353.
فإن قيل: فأيُّ الحرفين هو الزائد؟ فالجواب أنَّ في ذلك خلافًا1:
فمذهب الخليل2 أنَّ الزائد الأوَّل، فاللام الأُولى من سُلَّمٍ هي الزائد، وكذلك الزاي الأولى من بَلِزّ3. وحُجَّتُهُ أنَّ الأَوَّلَ قد وقع موقعًا تكثر4 فيه أُمَّهات الزوائد. وهي الياء والألف والواو؛ ألا ترى أنَّ حروف العلَّة الثلاثة قد تَقع ثانيةً زائدةً نحو: حَومَلٍ5 وصَيْقَلٍ وكاهِلٍ؟ فإذا قضينا بزيادة اللام الأولى من سُلَّمٍ كانت واقعةً موقعَ هذه الزوائد وساكنةً مثلها. وكذلك أيضًا قَد تقع هذه الحروف ثالثةً نحو: كِتاب وعَجُوز وقَضِيب. فإذا جعلنا الزاي الأولى من بِلِزّ زائدة كانت واقعةً موقع هذه الزوائد وساكنةً مثلها.
ومذهبُ يُونُس6 أنَّ الثاني هو الزائد. واستدلَّ على ذلك أيضًا بأنه إذا كان الأمر على ما ذُكر وقعت الزيادة موقعًا تكثر فيه أُمَّهات الزوائد؛ ألا ترى أنَّ الياء والواو قد تَقَعان زائدتين متحرِّكتين ثالثتين، نحو: جَهوَرٍ7 وعِثْيَرٍ؟ 8 فإذا جعلنا اللام الثانية من سُلَّمٍ هي الزائدة كانت واقعةً موقع الياء من عِثيَرٍ والواو من جَهوَرٍ ومتحرِّكةً مثلهما. وكذلك أيضًا تكثرُ زيادتُهما9 رابعتَينِ مُتحرِّكتين نحو: كَنَهوَرٍ10 وعِفْرِيَةٍ11. فإذا جعلنا الزاي الثانية12 من بِلِزٍّ13 زائدة كانت واقعةً موقع الواو من كَنَهوَرٍ، والياء من عِفْرِيَةٍ، ومُتحرِّكةً مثلهما.
قال سيبويه: وكلا القولين صحيحٌ ومذهبٌ14.
وهذا القدر الذي احتجَّ به الخليل ويونس لا حُجَّةَ لهما فيه؛ لأنه ليس فيه أكثرُ من التأنيس بالإتيان بالنظير، وليس فيه دليل قاطع15.
1 شرح الشافية 2: 365-366.
2 الكتاب 2: 354.
3 البلز: الضخمة م: بلزز.
4 م: يكثر.
5 حومل: اسم موضع. ف: "حوقل". والحوقل: الذكر اللين.
6 الكتاب 2: 354 وشرح الشافية 2: 365 ويونس: ابن حبيب الضبي، إمام في اللغة والنحو للبصريين، توفي سنة 182. أخبار النحويين البصريين ص32.
7 الجهور: الجريء الماضي المقدم.
8 العثير: التراب.
9 ف: زيادتها.
10 الكنهور: العظيم المتراكب من السحاب.
11 العفرية: الخبيث المنكر.
12 ف: الواحدة.
13 م: بلزز.
14 في الكتاب 2: 354: وكلا الوجهين صواب ومذهب.
15 شرح الشافية 2: 366.
وزعم الفارسيُّ1 أنَّ الصحيح ما ذهب إليه يُونُس، من زيادة الثاني من المِثلَين، واستدلَّ على ذلك بوجود "اسحَنكَكَ"2 و"اقعَنسَسَ"3 وأشباههما في كلامهم. وذلك أنَّ النون في "افعَنْلَلَ" من الرباعيّ لم توجد قطُّ إِلَّا بين أصلين، نحو: احرَنجمَ4. فينبغي أن يكون ما أُلحق به من الثلاثيِّ5 بين أصلين؛ لئلَّا يُخالف الملحَقُ ما أُلحِقَ به. ولا يمكن جعل6 النون في "اسحَنكَكَ"7 و"اقعَنسَسَ" وأشباههما بين أصلين، إِلَّا بأن يكون الأوَّلُ من المثلين هو الأصل، والثاني هو الزائد. وإذا ثَبَتَ في هذا الموضع أنَّ الزائد من المثلين هو الثاني حُملت سائر المواضع عليه.
وهذا الذي استدلَّ به لا حجَّة فيه؛ لأنه [30 أ] لا يَلزمُ أن يوافق الملحَقُ ما أُلحِقَ به في أكثرَ من موافقته له في الحركات والسَّكنات وعددِ الحروف؛ ألا ترى أنَّ النُّونَ في "افعَنلَلَ" من الرباعيِّ بعدها حرفانِ أصلانِ، وليس بعدها فيما أُلحِقَ به من الثلاثيِّ إِلَّا حرفان، أحدُهما أصليٌّ والآخر زائد؟ فكما خالف الملحَقُ الملحَقَ به في هذا القَدْر، فكذلك يجوز أن يُخالفه في كون النون في الملحق به واقعة بين أصلين، وفي الملحق واقعة بين أصل وزائد8.
والصحيح عندي ما ذهبَ إليه الخليلُ، من أنَّ الزائد منهما هو الأوَّلُ، بدليلين:
أحدهما: أنهم لمّا صَغَّروا صَمحمَحًا قالوا: صُمَيمَحٌ9، فحذفوا الحاء الأُولى: ولو كانت الأُولى هي الأصليَّة والثانية هي الزائدة لوجب حذف الثانية؛ لأنه لا يُحذف في التصغير الأصلُ ويبقى الزائد.
فإن قال قائل: فلعلَّ الذي مَنعَ من حذف الحاء الأخيرة، وإن كانت هي الزائدة، ما ذكره الزَّجَّاج من أنكَ لو فَعلتَ ذلك لقلت "صُميحِمٌ"، ويكون تقديره من الفعل "فُعَيلِعٌ"، وذلك بناء غير موجود. فالجواب أنَّ هذا القدر ليس بمُسوِّغٍ حذفَ الأصليِّ، وتركَ الزائد؛ لأنَّ البناء الذي يُؤدِّي إليه التَّصغيرُ عارضٌ لا يُعتدُّ به، بدليل أنك تقول في تصغير افتِقار: فُتَيقِيرٌ10، فتحذف
1 م: المازني.
2 اسحنكك الليل: اشتدت ظلمته.
3 اقعنسس: رجع وتأخر.
4 احرنجم القوم: اجتمعوا.
5 في النسختين: الثلاثة.
6 م: حمل.
7 امحنكك.
8 في حاشية ف بخط أبي حيان تعليل لمذهب الخليل ونقد لتعليل ابن عصفور.
9 م: صميميح.
10 م: فتيقر.
همزة الوصل، وتصير كأنك صغَّرت "فَتقارًا"، و"فَتْعال" ليس من أبنية كلامهم. فكذلك كان ينبغي أن يقال "صُمَيحِمٌ"، وإن أدَّى إلى بناء غير موجود.
والآخرُ: أنَّ العين إذا تَضعَّفتْ، وفَصلَ بينهما حرف، فإنَّ ذلك الفاصل أبدًا لا يكون إِلَّا زائدًا نحو: عَثَوثَلٍ1 وعَقَنقَلٍ2؛ ألا ترى أنَّ الواو والنون الفاصلتين بين العينين زائدتان؟ فإذا ثَبَتَ ذلك تبيَّن أنَّ الزائد من الحاءين في صَمحمَحٍ هي الأُولى؛ لأنها فاصلة بين العينين. فلا يُتصوَّرُ أن تكون أصلًا، لئلا يكون في ذلك كسرٌ لِما استقرَّ في كلامهم، من أنه لا يجوز الفصل بين العينين إِلَّا بحرف زائد. وإذا ثَبَتَ أنَّ الزائد من المِثلين، في هذين الموضعين، هو الأوَّل حُمِلتْ سائر المواضع عليهما3.
وإذ قد فرغنا من تبيين الحروف الزوائد، والأدلَّة الموصلة إلى معرفة الزائد من الأصليِّ، فينبغي أن أضع4 عَقِبَ ذلك بابًا أُبيِّنُ فيه كيفيَّة وِزان الأسماء والأفعال، والخلافَ الذي بين النحويِّين في ذلك.
1 العثوثل: الشيخ الثقيل.
2 العقنقل: الكثيب العظيم من الرمل.
3 م: "عليها". وفي حاشية ف بخط أبي حيان اعتراض على ما جزم به ابن عصفور هنا.
4 ف: نضع.