الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الرباعيُّ المعتلُّ] :
فإن كان أصول المعتلِّ على أزيد من ثلاثة فإنَّ نهاية ما يوجد عليه أربعة أحرف، بشرط أن يكون مصعَّفًا. أعني: تكون لامه الأولى من جنس فائه، ولامه الثانية من جنس عينه، كما جاءت1 لام "رَددتُ" من جنس عينه. فهو في الأربعة نظير "رَدَدتُ" في الثلاثة2. وذلك نحو: قَوقَيتُ3 وضَوضَيتُ4 في بنات الواو، وحاحَيتُ وعاعَيتُ وهاهَيتُ5 في بنات الياء. والأصل "ضَوضَوتُ" و"قَوقَوتُ" -فأبدلوا الواو الأخيرة ياء، لوقوعها طرفًا رابعة، للعِلَّة التي ذكرنا في "أغزَيتُ"6- وحَيحَيتُ وعَيعَيتُ وهَيهَيتُ، فأبدلوا من الياء ألفًا، كراهية اجتماع الأمثال.
فإن قيل: وما الذي يدلُّ7 على أنَّ قَوقَيتُ: "فَعْلَلتُ"؟ ولعلَّها "فَعْلَيْتُ" أو "فَوْعَلتُ". وكذلك أيضًا حاحيتُ، ما الذي يدلُّ على أنه "فَعْلَلتُ"؟ ولعلَّه "فاعَلتُ". فالجواب أنَّ الذي يدلُّ على أنَّ قَوقَيتُ:"فَعْلَلتُ" أنه لو كان "فَوْعَلتُ" لكان من باب دَدَن8، ولو كان "فَعْلَيتُ" لكان من باب سَلِسَ وقَلِقَ. وهما بابان9 قليلان، "وقَوقَيتُ" وأمثاله كثير. فدلَّ ذلك على أنَّه ليس بـ"فَوْعَلتُ"، ولا بـ"فَعْلَيتُ".
وأمَّا حاحَيتُ وأمثاله فالذي يدلُّ10 على أنها "فَعْلَلتُ" لا "فاعَلتُ" المصدرُ؛ ألا تراهم قالوا: الحِيحاءُ والعِيعاءُ، فيجيء بمنزلة السِّرهاف؟ 11 ولو كان "فاعَلَ" لكان مصدره "فِعالًا" نحو: قاتلَ قِتالًا.
1 ف: جاء.
2 المنصف 2: 169.
3 قوقت الدجاجة: صاحت.
4 ضوضيت: من الجلبة والضوضاء.
5 حاحيت وعاعيت وهاهيت: صوّتُّ بالغنم.
6 في الورقة 25. م: "أعريت". وزاد بعدها في ف: وأصل حاحيت.
7 ف: وما الدليل.
8 م: ردن.
9 م: بناءان.
10 المنصف 2: 171-172.
11 السرهاف: من قولك سرهفته، إذا نعمته وأحسنت غذاءه. م: السرهاء.
فإن قيل: وقد1 يجيء "الفِيعال"2 مصدرًا لـ"فاعَلَ"، قالوا:"قاتَله قِيتالًا". فالجواب أنَّ ذلك قليل، فلا ينبغي أن يحمل عليه الحِيحاء والعِيعاء.
والذي يدلُّ3 أيضًا على أنَّ حاحَيتُ وعاعَيتْ: "فَعلَلتُ" قولُهم: الحاحاةُ والعاعاةُ، بمنزلة الدَّحرَجة والقَلقَلة والزَّلزَلة. ولو كانتا "فاعَلتُ" لما جاز ذلك؛ ألا ترى أنَّه لا يقال: قاتَلَ قاتَلةً، ولا ضارَبَ ضارَبةً؟
وأيضًا فإنَّ جعل الألف زائدة يؤدِّي إلى دخولهما في الباب القليل -أعني باب: دَدَن- وهو كون الفاء والعين4 من جنس واحد.
فإن قيل: وما الذي يدلُّ على أنَّ الألف منقلبة عن5 الياء فيهما؟ فالجواب6 أنَّ الذي يدلُّ على ذلك أنه لم يجئ قطُّ على أصله. فلو كان من ذوات الواو لجاء على أصله، كـ"قَوقَيتُ".
فإن قيل: ولأيِّ شيء لم تُبدَل من الواو ألف، في مثل قَوقَيتُ؟ فالجواب أنهم فرَّقوا بذلك بين ذوات الياء وذوات الواو، وكان إبدال الألف من الياء أَوْلى، لقرب الألف من الياء، ولما في إظهار الياء7 من اجتماع الأمثال. وممّا يدلُّ على أنهم يُبدلون كراهية اجتماع الأمثال: دَهدَيتُ8، وأصله9 "دَهْدَهتُ"، فأُبدِلَتِ الهاء ياء.
وزعم المازنِيُّ10 أنَّ الألف منقلبة عن واو. وحجَّتُه أنَّ الألف لَمَّا لم يُنطق لها بأصل، لا من ياء ولا من واو، حَمَلَها على ما نُطق له بأصل. وهو: قَوقَيتُ. والأو َّل أَقيس وأحسن؛ لأنَّ فيه مُحسِّنًا لقلب الياء ألفًا. وليس في مذهب المازنِيِّ ما يُحسِّن القلب.
وجاء من ذلك في الأسماء 11: غَوغاء، فيمن صرف فقال: غَوغاءٌ أو مَن ألحق التاء فقال: غَوغاءةٌ. والأصل "غَوغاوٌ" و"غَوغاوةٌ". فقُلبت الواو همزة 12 لتطرُّفها بعد ألف زائدة.
1 م: فقد.
2 م: القيقال.
3 المنصف 2: 172-174.
4 م: العين والفاء.
5 م: من.
6 المنصف 2: 169-171.
7 ف: ولما في ذلك.
8 دهديت: دحرجت.
9 ف: والأصل.
10 المنصف 2: 169-171.
11 المنصف 2: 176-177.
12 بل الواو تقلب ألفًا، والألف تبدل همزة.
فإن قيل: ولعلَّ الهمزة منقلبة عن حرف عِلَّة مُلحَق بالأصل. فالجواب أنَّ حمل الكلمة على ذلك يؤدِّي إلى كون الكلمة من باب: سَلِسَ وقَلِقَ. وذلك قليل جِدًّا. فحُملت على الباب الأوسع. وأيضًا فإنَّ العرب لم تُلحِق من بنات الثلاثة ببنات الأربعة شيئًا على وزن "فَعْلاء"، لم يوجد من كلامها مثل حمراء [56ب] منوَّنًا1.
فإن2 قيل: ولعلَّ الواو زائدة، ووزن الكلمة "فَوعالٌ" نحو: تَوراب3. فالجواب أنَّ هذا البناء قليل، فلا ينبغي أن يُحمل عليه. وأيضًا فإنَّه يؤدِّي إلى الدخول في باب: دَدَن، وهو أقلُّ من باب: سَلِسَ.
فأمَّا4 من منع الصرف فالهمزة عنده زائدة، والكلمة من باب: سَلِسَ.
وكذلك5 الصِّيصِيةُ والدَّوداةُ والشَّوشاةُ. فأمَّا الصِّيصِية6 فمن مضعَّف الياء. وأمَّا الدَّوداة7 والشَّوشاة8 فمن مضعَّف الواو.
ولا ينبغي أن يُدَّعى في صِيصية9 أنها في الأصل "صِوْصِيةٌ"، فقلبت الواو ياء للكسرة قبلها، لأنَّه خروج عن الظاهر بغير دليل. وأيضًا فإنها لو كانت من ذوات الواو لقالوا في الجمع "صَواصٍ"، لتحرُّك الواو وزوال الكسرة. فلمَّا قالوا: صَياصٍ، علمنا أنها من ذوات الياء. قال تعالى10:{مِنْ صَيَاصِيهِمْ} . ولا تُجعل الياء الثانية زائدة ويكون وزن الكلمة "فِعْلِية" نحو عِفرِية11؛ لأنَّ في ذلك دخولًا12 في باب: قَلِقَ. وهو قليل.
وكذلك الدَّوداة والشَّوشاة13 لو جُعلت الواو فيهما زائدة14 لكانا15 من باب: دَدَن.
1 كذا. وجاء عن العرب: طرفاءٌ وحلفاءٌ وقصباءٌ في أسماء النبات. انظر التاج "طرف" و"قصب". وزاد بعده في م: "فأمَّا من منع الصرف فالهمزة عنده زائدة والكلمة من باب سلس". وسترد هذه العبارة بعد فقرة.
2 م: وإن.
3 التوراب: التراب.
4 قدمت هذه العبارة في م فأثبتت بعد "مثل حمراء منونًا". وكذلك في بعض النسخ كما جاء في حاشية ف. انظر التعليقة ذات الرقم1.
5 المنصف 2: 178-179.
6 الصيصية: الشيء يُحتمى به كالحصن وغيره.
7 الدوداة: لعبة للصبيان.
8 الشوشاة: المرأة الكثيرة الحديث. م: السوساة.
9 م: صيصة.
10 الآية 26 من سورة الأحزاب.
11 العفرية: الداهية.
12 م: دخول.
13 م: السوساة.
14 سقط من م.
15 م: لكان.
وهو1 قليل. ولو كانت الألف زائدة لكانا2 من باب: سَلِسَ. وهو قليلٌ أيضًا.
فأمَّا الفَيفاء3 فالألف والهمزة زائدتان؛ لأنهم [قد] 4 يحذفونهما، فيقولون5: الفَيْفُ.
وكذلك القِيقاء6 والزِّيزاء7 بمنزلة عِلباء8 ولا يكونان من باب المضعَّف؛ لأنهما ليسا بمصدرين، و"فِعلال"9 لا يوجد إِلَّا في المصادر.
وحكم اللام المعتلَّة، في جميع الأحوال، حكمها في مزيد الثلاثيِّ. وحكم العين حكمها في الثلاثيِّ.
ولم تجئ الواو أصلًا في بنات الأربعة غيرَ المضعَّف إِلَّا في وَرَنْتَلٍ10 -وهو شاذٌّ- وفي أسماء قليلة11 قد نبَّهنا عليها في الأبنية. وكذلك الياء لم تجئ أصلًا فيما زادت أصوله على ثلاثة أحرفٍ إِلَّا في يَسْتَعُورٍ12، وفي ألفاظ قليلة نبَّهنا13 أيضًا عليها في الأبنية. وقد تَقَدَّمَ الكلام فيها14.
1 م: وذلك.
2 م: لكان.
3 المنصف 2: 179-180. والفيفاء: القفر من الأرض.
4 من م.
5 ف: قالوا.
6 المنصف 2: 180-184. والقيقاء: المكان المرتفع المنقاد المحدودب.
7 الزيزاء: الأكمة الصغيرة أو ما غلظ من الأرض.
8 العلباء: عرق في العنق.
9 م: فعال.
10 الورنتل: الداهية.
11 م: قليل.
12 اليستعور: ضرب من الشجر.
13 م: قليلة نبهت.
14 م: فيه.