الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما لم يذكره سيبويه من حروف الإبدال] :
وزاد1 بعض النَّحويِّين في حروف البدل: السين، والصاد، والزاي، والعين، والكاف، والفاء، والشين.
فأمَّا السين2 فأُبدلت من الشين في الشَّدَهِ ومَشدُوه، فقال: السَّدَه ومَسدُوه3. فأمَّا قول نُصيب4:
فلَو كُنتُ وَردًا لَونُهُ لَعَسِقْتِنِي
…
ولكِنَّ رَبِّي سانَنِي، بِسَوادِيا
فلم يُبدِلِ السينَ من الشين في "عشقتني" ولا في "شانني"، بل كان له لَثَغٌ في الشين، فكان يَتعذَّرُ عليه النُّطقُ بها حتَّى يجعلها سينًا5.
وأمَّا الصاد فتبدل من السين6 إذا كان بعدها قاف أو خاء أو طاء أو غين. فتقول في سَقَر وسِراط وسَخِرَ وأَسبَغَ: صَقَرٌ وصِراطٌ وصَخِرَ وأَصبَغَ؛ والسبب في ذلك أنَّ القاف والطاء والخاء والغين7 حروفُ استعلاء، والسين حرف مُنسفِل، فكرهوا الخروج من تَسفُّل إلى تَصعُّد، فأبدلوا من السين صادًا ليتجانس الحرفان.
وأمَّا الشين8 فأُبدلت [39 أ] من كاف المؤنث في [نحو]"ضَربتُكِ"، فقالوا: ضَرَبتُشِ. ومنه
1 شرح الشافية 3: 199-203 و230-233. وفي حاشية ف بخط أبي حيان عن إبدال أبي الطيب أن العرب يبدلون الميم باء في ما اسمك؟ فقط، فيقولون: بااسمك؟ وعن المحتسب1: 280: قراءة الأعمش: "فشَرِّذْ بِهِم"
…
مجهوران متقاربان.
2 سر الصناعة 1: 210-214 والإبدال 2: 154-172.
3 ف: "الشِّدّة ومشدود فقالوا السدّة ومسدود". والتصويب من المبدع وسر الصناعة 1: 210 والإبدال 2: 164.
4 كذا. وهو لسحيم عبد بني الحسحاس. ديوانه ص26 وسر الصناعة 1: 214 والمحكم واللسان والتاج "عسق".
5 في اللسان والتاج "عسق" أن هذا الادعاء فيه نظر.
6 سر الصناعة 1: 220 وشرح الشافية 3: 230 والإبدال 2: 172-196 وشرح المفصل 10: 51.
7 م: والعين.
8 شرح الشافية 3: 199 وسر الصناعة 1: 215-217، والإبدال 2: 230-232 و1: 226-229.
قوله1:
فعَيناشِ عَيناها، وجِيدُشِ جِيدُها
…
خَلا أنَّ عَظمَ السَّاقِ مِنشِ، دَقِيقُ2
وأُبدلت3 من الجيم في مُدْمج فقالوا: مُدْمَشٌ. وذلك في الشعر ضرورة. قال4:
إِذْ ذاكَ، إِذ حَبلُ الوِصالِ مُدْمَشُ
يريد: مُدْمَجُ.
وقالوا: جُعشُوشٌ وجُعسُوسٌ، أي: صغير ذليل. والأصل السينُ بدليل قولهم في الجمع: جَعاسِيسُ. فلا يأتون بالشين.
وأمَّا الزاي5 فأُبدلت من الصاد، إذا كان بعدها قاف أو دال6، فقالوا في مَصْدَق ومَصدُوقة: مَزْدَقٌ ومَزدُوقةٌ. وإنَّما تَفعَلُ ذلك كَلْبٌ. قال7:
يَزِيدُ، زادَ اللهُ في خَيراتِهِ
…
حامِي نِزارٍ، عِندَ مَزدُوقاتِهِ
وقال الآخَر8:
ودَعْ ذا الهَوَى قَبلَ القِلَى، تَركُ ذِي الهَوَى
…
مَتِينَ القُوَى، خَيرٌ مِنَ الصَّرْمِ مَزدَرا
وأمَّا العين9 فأُبدلت من همزة "أنْ" فقالوا: عَنْ. قال الشاعر10:
أَعَن تَوَسَّمتَ، مِن خَرقاءَ، مَنزِلةً
…
ماءُ الصَّبابةِ، مِن عَينَيكَ، مَسجُومُ؟
1 مجنون ليلى يخاطب ظبية. ديوانه ص207 وسر الصناعة 1: 216 والكامل ص859 وذيل الأمالي ص64 والإبدال 2: 231 والخزانة 4: 595-597 الجمهرة 1: 5 والتمام ص37 وفي حاشية ف بخط أبي حيان عن أمالي ثعلب: "أنشدني ابن الأعرابي
…
المكسورة لا غير". انظر مجالس ثعلب ص116 وابن عصفور والتصريف ص265.
2 م: رقيق.
3 سقط من م حتى قوله "وقالوا جعشوش". وانظر الإبدال 1: 226-229 و2: 160.
4 سر الصناعة 1: 215 وضرائر الشعر ص232 والأشموني 4: 335 واللسان "دمج". والمدمج: المحكم الفتل والشدِّ.
5 الإبدال 2: 122-133 وسر الصناعة 1: 208 والمفصل 2: 267 وشرحه 10: 52-54 وشرح الشافية 3: 231-232.
6 سقط من م وسر الصناعة.
7 سر الصناعة 1: 208 والمقرب 2: 181 واللسان "صدق" والتاج "زدق". والمزدوقات: المصدوقات، جمع مصدوقة. وهي الصدق.
8 سر الصناعة 1: 208 وأمالي ابن الحاجب 1: 312 والمفصل 2: 297 وشرحه 10: 52 واللسان والتاج "صدر". وفي النسختين "ترك ذا الهوى
…
من الصرم مزدقا". والتصويب من سر الصناعة. والقلى: البغض. والصرم: القطيعة.
9 سر الصناعة 1: 234-246 والإبدال 2: 552-556.
10 ذو الرمة. ديوانه ص567 وسر الصناعة 1: 234 والخصائص 2: 111 ومجالس ثعلب ص101 والخزانة 4: 495 وشرح شواهد الشافية ص427. وسقط "الشاعر" من م وروي فيها: "منسجم". وتوسمت: تخيلت وتفرست. وخرقاء: اسم امرأة. والصبابة: العشق. والمسجوم: المصبوب.
يريد: أََأَن [توسَّمتَ] ؟ 1 وقال آخَر2:
أعَن تَغَنَّتْ، علَى ساقٍ، مُطَوَّقةٌ
…
وَرقاءُ، تَدعُو هَدِيلًا فَوقَ أَعوادِ؟
[يريد: أَأَنْ تَغنَّتْ] ؟ 3.
وقد أُبدلت من همزة "أنَّ"، فقالوا: يُعجِبُني عَنَّ عَبدَ اللهِ قائمٌ، [يريدون:"أنَّ عبدَ اللهِ قائمٌ] 4. وأُبدلت من الهمزة في "مُؤتلِي"، فقالوا: "مُعتلي". قال الشاعر5:
فنَحنُ مَنَعْنا، يَومَ حَرْسٍ، نِساءكُم
…
غَداةَ دَعانا عامِرٌ، غَيرَ مُعتَلِي6
يُريدُ: غيرَ مُؤتلي.
وأُبدلت الفاء من الثاء7 في "ثُمَّ" و"جَدَثٍ"8. فقالوا: قامَ زيدٌ فُمَّ عَمرٌو. والأصل الثاء لأنَّ "ثُمَّ" أكثر استعمالًا من "فُمَّ". وقالوا: "جَدَفٌ" في جَدَث. والأصل الثاء لقولهم في الجمع: أَجداث، ولم يقولوا: أجداف9.
وأُبدلت الكاف10 من تاء ضمير المخاطب في "فَعلْتَ" فقالوا: فَعَلْكَ. وأُنشِدَ سُحيمٌ قصيدةً فقال: أَحسنْكَ واللهِ، يريد: أَحسنَتَ واللهِ. وأَنشد أبو الحسن لبعضهم11:
ديا بنَ الزُّبَيرِ، طالَما عَصَيكا
…
وطالَما عَنَّيْتَنا، إِلَيكا
لَنَضرِبَنْ، بِسَيفِنا، قَفَيكا
والسبب في أنْ لم يذكر سيبويه رحمه الله هذه الحروفَ السبعة في حروف البدل
1 من م.
2 ابن هرمة. ديوانه ص105 والخصائص 2: 11 وسر الصناعة 1: 235 ومجالس ثعلب ص101 والخزانة 4: 495. والمطوقة: الحمامة. والهديل: ذكر الحمام.
3 من م.
4 من م.
5 طفيل الغنوي. ديوانه ص37 وسر الصناعة 1: 240 والأمالي 2: 79 والإبدال 2: 554. والمؤتلي: المقصر.
6 في النسختين. "جرس". وفي حاشية ف: "صوابه حرس بالحاء المهملة وهو ماء لبني عقيل. وقيل جبل في بلاد عامر بن صعصعة. وبالحاء ذكره أبو عبيد البكري في معجم ما استعجم والحازمي في ما اتفق وافترق مسماه".
7 سر الصناعة 1: 250-252 وشرح الشافية 3: 201 والإبدال 1: 181-200. م: التاء.
8 الجدث: القبر.
9 هذا قول ابن جني في المحتسب وسر الصناعة. وخالفه أبو الطيب في الإبدال1: 192.
10 سر الصناعة 1: 281 والإبدال 1: 140-142.
11 الراجز من حمير. النوادر ص105 وسر الصناعة1: 281 وشرح الشافية 3: 202 وشرح شواهده ص425-427 والعيني 2: 257 والأشموني 1: 267 و4: 283 والمغني ص164 وشرح أبياته 3: 347 والجني الداني ص468 والمقرب 2: 183 والإبدال 1: 141 وأمالي الزجاجي ص236 والخزانة 2: 257. وقفيكا: أصله قفاكا، قلبت فيه الألف ياء. ورُوي "عنَّيكنا" بدل: عنَّيتنا.
أنها تنقسم قسمين: قسمٌ: الإبدالُ فيه2 مرادٌ3 به تقريبُ الحرف من غيره، فبابه أن يُذكر في البدل الذي يكون بسبب الإدغام لأنه يشبهه. وهو إبدال الصاد من السين، إذا كان بعدها طاء أو خاء أو غين أو قاف. وقد تَقَدَّمَ تبيين ذلك. وقسم: الإبدال فيه قليلٌ جدًّا أو في لغة بعض العرب، فلم يعتبره. وهو ما بقي من سبعة الأحرف. فأمَّا الكاف والسين والشين والفاء فإبدالها قليل جدًّا. وأمَّا العين فإبدالها من الهمزة قليل، ولا يفعل ذلك إِلَّا بنو تميم4. وكذلك إبدال الزاي من الصاد إنَّما تفعله كَلْبٌ5.
1 الجملة الاعتراضية ليست في م.
2 في النسختين: فيها.
3 ف: المراد.
4 علق عليه أبو حيان في حاشية ف بقوله: "قال أبو الطيب: وقبائل من قيس. وأنشد: ـ أعن توسّمتَ
…
البيتَ. قال: ورَوَوا بيت الشماخ:
نُبِّئتُ أنَّ رُبَيعًا عَن رَعَى إِبلًا
…
يُهدِي إليَّ خَناهُ ثانيَ الجيدِ
يريد: أن رعى إبلًا". وانظر ص267 من ابن عصفور والتعريف.
5 في حاشية ف بخط أبي حيان: بلغت المقابلة.