الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"فَعْلَلَ" كـ"دَحْرَجَ". ويكون سَنْبَلَ من أَسْبَلَ كسَبِط من سِبَطْر. وكذلك دَنْقَعَ من الدَّقْعاء، وكَنْثأَ من كَثَّأَ.
وكذلك قولهم: طَشْيأ رأيُه ورَهْيأَ إذا خَلَّط، لا حُجَّة فيه على إِثبات "فَعْيَلَ". بل يحتمل أَمرين: أحدهما أن تكون الياء أصلًا في بنات الأربعة، كما كانت في يَستَعُور1 لئلّا يؤدِّي إلى إِثبات بناء لم يستقرَّ في كلامهم، وهو "فَعْيَلَ". والآخر أن يكون أصله: رَهْيا وطَشْيا، على وزن "فَعْلَى" كـ"قَلسَى"، ثمّ أُبدِلتِ2 الهمزة من الألف.
وأمَّا اكوَهَدَّ الفَرخُ3 واكوَأَلَّ الرَّجلُ4 فوزنهما "افعَلَلَّ" نحو: اقشَعَرَّ، 5 والواو أصل في بنات الأربعة، كما كانت أصلًا في وَرَنْتَل6؛ لأنَّ "افوَعَلَّ" بناء لم يستقرَّ في كلامهم.
1 اليستعور: شجر. وهو خماسيّ لا رباعيّ.
2 م: وأبدلت.
3 اكوهد: ارتعد إلى أمه لتزفه. م: افوهد.
4 اكوأل: كان قصيرًا في غلظ وشدة.
5 م: كاقشعر.
6 الورنتل: الداهية.
[المضارع الثلاثي] :
وأمَّا المضارعات فالمَقِيس منها أن يجيء مضارعُ "فَعُلَ" أبدًا على "يَفْعُلُ"1 بضمّ العين كالماضي، نحو: ظَرُفَ يَظرُفُ وشَرُفَ يَشرُفُ. ومضارعُ "فَعِلَ" على "يَفْعَلُ" بفتح العين، نحو: شَرِبَ يشرَبُ وحَذِرَ يحذَرُ.
و"فَعَلَ" لا يخلو أن يكون للمُغالَبة، أو لا يكون.
فإن كان للمغالبة فإِنَّ مضارعه أبدًا على "يَفْعُلُ" بضمّ العين2، نحو: ضَارَبَنِي فضَرَبتُه أَضرُبُهُ، وكابَرَنِي فكَبَرتُه أَكبُرُهُ، وفاضَلَنِي ففَضَلتُه أَفضُلُهُ. هذا ما لم يكن معتلَّ العين أو اللام بالياء، أو معتلَّ الفاء بالواو. فإِن كان كذلك لزم المضارعُ "يَفْعِلُ" بكسر العين، نحو قولك: راماني فرَمَيتُهُ أَرمِيهِ، وسايَرَني فسِرتُه أَسِيرُهُ أي: غَلَبْتُه في السَّير، وواعَدَني فوَعَدتُه أَعِدُهُ. وزعم
1 في حاشية ف بخط أبي حيان: شذّ: كُدْتَ تكادُ.
2 في حاشية ف بخط أبي حيان: "حكى الجوهري: خاصمتُ فلانًا
…
يَخصِمُونَ". الصحاح "خصم". وفيها أيضًا أن اختلاف العين في الحركة بين الماضي والمضارع أقيس من اتفاقها، وأن فَعَلَ يَفعَلُ قياسه اللزوم مثل فَعُلَ يَفعُلُ.
الكسائيُّ أنه يجيء على "أَفْعَلُ" بفتح العين، إِذا كان عينه1 حرف حلق، نحو: فاخَرَني ففخَرتُهُ أَفخَرُهُ2.
فإِن لم يكن للمغالبة فلا يخلو أن يكون مُعتلَّ الفاء بالواو، أو معتلّ العين أو اللّام بالياء أو بالواو3، أو مُضعَّفًا، أو غير ذلك:
فإِن كان مُعتلَّ الفاء بالواو فإِنَّ مضارعه أبدًا على "يَفْعِلُ"4 بكسر العين، نحو: وَعَدَ يَعِدُ ووَزَنَ يَزِنُ. وتُحذف الواو لوقوعها بين ياء وكسرة في: يَعِد، ثمّ تُحمل في: أَعِدُ ونَعِدُ5 وتَعِدُ، عليه لِما يُبيَّنُ6 في التصريف، إِن شاء الله.
فإِن كان مُعتلَّ العين أو اللّام7 بالواو كان المضارع أبدًا على "يَفْعُلُ" بضمّ العين، نحو: غَزا يَغزُو وقالَ يَقُولُ.
وإِن كان معتلَّ العين أو اللّام بالياء فإِنَّ المضارع منه أبدًا8 على "يَفْعُلُ" بكسر العين، نحو: رَمَى يَرمِي وباعَ يَبِيعُ.
وإِن كان مضعَّفًا فلا يخلو أن يكون مُتعدِّيًا أو غيرَ مُتعدّ. فإِن كان غير مُتعدّ فإِنَّ مُضارعه أبدًا يجيء على "يَفْعِلُ" بكسر العين، نحو: فَرَّ يَفِرُّ وشَذَّ الشيءُ يَشِذُّ9. وإِن كان متعدِّيًا فإِن مضارعه أبدًا يجيء10 على "يَفعُلُ" بضمّ العين، نحو: رَدَّهُ يَرُدُّهُ وشَدَّهُ يَشُدُّهُ.
فإِن كان غير ذلك فلا يخلو أن تكون لامه أو عينه حرف حلق، أَو لا يكون. فإِن كان
1 في شرح الشافية 1: 71 "عينه أو لامه". وانظر ما رد به شارح الشافية زعم الكسائي. ف: "العين".
2 في حاشية ف بخط أبي حيان نقلًا من خط السخاوي في شرح المفصل أن أبا زيد روى مضارع حلقي العين بالضم، وأن المثال الواوي لم يرد في المضارع مضموم العين في غير المغالبة إِلَّا قولهم: وَجَدَ يَجُدُ.
3 ف: أو معتل العين بالواو أو الياء، أو اللام بالواو أو بالياء.
4 يعني: قبل حذف الفاء. وإِلَّا فهو "يَعِلُ".
5 سقط من م.
6 في الورقة 39. م: لما يحكم.
7 م: معتل اللام أو العين.
8 ف: أبدًا منه.
9 في حاشية ف بخط أبي حيان عن ابن مالك أنه شذ من اللازم أفعال جاءت على "يَفعُلُ". وهي مضارع: مَرَّ و
…
انظر الارتشاف 1: 80-81.
10 ف: يجيء أبدًا.
كذلك فإِنَّ مضارعه أبدًا على "يَفْعَلُ" بفتح العين، نحو: قَرَعَ يَقرَعُ وفَغرَ يَفغَرُ وزأَرَ يَزأَرُ. وإِن لم يكن كذلك فإِنَّ مضارعه أبدًا يحيء على: "يَفْعِلُ" و"يَفْعُلُ" بكسر العين وضمّها، نحو: ضَرَبَ يَضرِبُ وقَتَلَ يَقتُلُ وجَلَسَ يَجلِسُ وقَعَدَ يَقعُدُ1. وقد يجتمعان في الفعل2 الواحد، نحو: عَكَفَ يَعكِفُ ويعَكُفُ. وهما جائزان، سُمِعا للكلمة3 أو لم يُسمع إِلَّا أحدهما.
وأمَّا المزيد على ذلك فإِنك إِذا أردت المضارع فلا يخلو أن تكون في أَوَّله همزةُ وصلٍ، أو تاءٌ زائِدةٌ، أو لا يكون كذلك.
فإِن كان كذلك فإِنَّ المضارع منه بمنزلة الماضي. إِلَّا أنَّك تزيد حرف المضارعة مفتوحًا وتكسِرُ ما قبل الآخر، فيما أوّله همزةُ وصلٍ، وتزيد حرف المضارعة مفتوحًا لا غيرُ، فيما أوّله التاء، فتقول: انطَلَقَ يَنطَلِقُ واستَخرَجَ يَستَخرِجُ وتَغافَل يَتغافَلُ وتَشَجَّعَ يَتَشَجَّعُ.
وإِن كان غير ذلك فَعَلتَ فيه ما فعلتَ فيما في4 أوَّلِه همزةُ وصلٍ. إِلَّا أنك تضمُّ حرف المضارعة، فتقول: سَلقَى يُسَلقِي وجَلبَبَ يُجَلبِبُ وأَكرَمَ يُكرِمُ وضَرَّبَ يُضَرِّبُ وضارَبَ يُضارِبُ.
وشَذَّ من "فَعِلَ" شيء، فجاء مضارعه على "يَفْعِلُ" بكسر العين، نحو: نَعِم يَنعِمُ وحَسِبَ يَحسِبُ ووَمِقَ يَمِقُ ووَرِثَ يَرِثُ ووَلِيَ يَلِي ووَرِعَ يَرِعُ ووَعِمَ يَعِمُ5 ووَغِمَ يَغِمُ6 ووَحِرَ يَحِرُ7 ووَغِرَ صدرُه يَغِرُ8 [16ب] ووَثِقَ يَثِقُ ووَفِقَ يَفِقُ ووَرِيَ الزَّندُ يَرِي ووَطِئ يَطَأُ ووَسِعَ يَسَعُ9.
والدليلُ على أنَّ "يَطأُ ويَسَعُ" في الأصل إِنَّما هو "يَوْطِئُ ويَوْسِعُ"، ثمّ فُتِحت العين لكون اللّام
1 م: "وقعد يقعد وجلس يجلس". قلت: وذكره "قعد يقعد" ههنا سهو؛ لأنه حلقي العين.
2 م: للفعل.
3 م: "كلمة". وانظر المزهر 2: 39.
4 سقط من م.
5 وعم: قال انعم.
6 وغم: حقد.
7 وحر صدره: حقد ووغر.
8 وغر صدره: امتلأ غيظًا.
9 قدم ناسخ م وأخر وأسقط بعض الأمثلة. وانظر المزهر 2: 37-38. وما كان من هذه الأفعال مثالًا فوزن مضارعه "يَعِلُ"؛ لأنَّ فاءه محذوفة. وفي حاشية ف بخط أبي حيان أن بعض ما شذ من هذه الأفعال جاء أيضًا على القياس، نحو: حسب ونعم ووله ويئس.
حرفَ حلق، حَذفُ الواو منهما. ولم يُعتَدَّ بالفتحة لكونها عارضةً. ولو كانت أَصليَّةً لم تُحذَفِ الواو، كما لم تُحذف من: يَوجَلُ ويَوحَلُ1.
وشَذَّ منه أيضًا2 شيء، فجاء على "يَفْعُلُ" بضمّ العين، وهو: نَعِمَ يَنعُمُ وفَضِلَ يَفضُلُ وحَضِرَ يَحضُرُ، ومِتَّ تَمُوتُ في لغة من يَكسِرُ الميم، ودِمْتَ تَدُومُ.
وشَذَّ3 أيضًا من "فَعَلَ" الذي فاؤه واو لفظة واحدة، فجاء مضارعها على "يَفْعُلُ" بضمّ العين. وهي: وَجَدَ يَجُدُ. وأصله "يَوْجُدُ"، فحُذِفت الواو لكون الضمّ هنا شاذًّا والأصل الكسر، فحُذفت الواو كما حُذفت4 مع الكسرة. و [على] 5 ذلك قوله6:
لَو شِئتِ قَد نَقَعَ الفُؤادُ بِشَربةٍ
…
تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَجُدْنَ غَلِيلا
وشَذَّ أيضًا شيء من "فَعَلَ" المعتلّ اللّام، فجاء مضارعه على "يَفْعَلُ" بفتح العين، وهو: قَلَى يَقلَى7 وعَثَى يَعثَى8 وجَبَى يَجبَى وأَبَى يأبَى9.
وشَذَّ أيضًا من "فَعَلَ" الصحيح اللّام شيء، فجاء مضارعه على "يَفْعَلُ" بفتح العين، وهو: قَنَطَ يَقنَطُ ورَكَنَ يَركَنُ.
وشَذَّ أيضًا من "فَعَلَ" المضاعف المتعدّي شيء، فجاء مضارعه على "يَفْعِلُ" بكسر العين، وهو: هَرَّ الكأسَ يَهِرُّها10 وعَلَّه يَعِلُّه وحَبَّ الشيءَ يَحِبُّه11.
1 يوحل: يقع في الوحل.
2 م: وشذ أيضًا منه.
3 نقل البغدادي هذه الفقرة في شرح شواهد الشافية ص54. وانظر المزهر 2: 39.
4 م: كما تحذف.
5 من م.
6 لجرير وينسب إلى لبيد. شرح الشافية 1: 132 وشرح شواهده ص53-57 والمنصف 1: 187 وديوان جرير ص453 والمغني ص272 وشرح شواهده ص228-229 وشرح أبياته 5: 114 والصحاح واللسان والتاج "وجد". وسيرد في ص279، وليس في ديوان لبيد المطبوع. ونقع: روي. والصوادي: جمع صادية. وهي العطشى. والغليل: العطش. وفي حاشية ف بخط أبي حيان أن السيرافي ذكر له رواية بكسر الجيم على القياس، وأن أبا عبيد ذكر في "الغريب المصنف": يَجِدُ ويَجُدُ، من الموجدة والوجدان.
7 قلاه: أبغضه وكرهه غاية الكره. وانظر المزهر 2: 39-40.
8 هذا الفعل في النسختين والمبدع بالسين لا بالثاء. والتصويب من الارتشاف 1: 80 والمزهر 2: 39 واللسان والتاج "عثي". وعثى: أفسد. ولامه ياء هنا، وقد تكون واوًا.
9 جبى: جمع وحصّل. وفي حاشية ف بخط أبي حيان عن ابن مالك أن صاحب المحكم حكى عن بعض العرب: أبِيَ. فكان "يأبَى" على لغتهم مثل ينسَى. ووافقهم فيه غيرهم.
10 هرّ الكأس: كرهها. وانظر المزهر 2: 40.
11 علَّه: سقاه السقية الثانية بعد النهل. وفي حاشية ف بخط أبي حيان عن ابن مالك وجوب الكسر في مضارع حبّ، وجوازه في الباقي.