الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسماء الإشارة:
1-
المقصود بالإشارة لدى اللغويين والنحاة
2-
أهم أسماء الإشارة التي وردت في اللغة مع بيان ما هي له
3-
استعمال الحروف الثلاثة "ها: التنبيه، الكاف، اللام" مع أسماء الإشارة
4-
العبارة النحوية المشهورة "اسم الإشارة لمن تشير إليه والكاف لمن تخاطبه" والتطبيق عليها
المقصود بأسماء الإشارة:
جاء في القاموس: أشار إليه: أوْمَأ، ويكون بالكف والعين، والحاجب ا. هـ. فالإشارة إذن هي الإيماء إلى شيء أو شخص بواحد من هذه الثلاثة وغيرها، ويتحقق هذا أحيانًا دون نطق على الإطلاق، كما نرى مثلا في ملعب الكرة حين يرفع حارس الخط الراية مشيرًا بذلك إلى خروج الكرة عنه وكذلك حين يفعل "الحكم" لإيقاف اللعب بالصفارة، أو تحديد موضع الكرة بيده، فكل هذه من الإشارة بالمعنى اللغوي.
أما لدى النحاة: فالإشارة -كما يرى ابن هشام - كل اسم دل على مُسَمَّى وإشارة إلى ذلك المُسَمَّى ا. هـ.
ويفهم من هذه العبارة المختصرة أن المعتبر في النحو من هذا الباب ما توافرت له الصفات الآتية:
أ- أن يكون كلمة منطوقة من نوع الاسم.
ب- أن يكون لهذا الاسم معنى يطلق عليه، إنسانًا أم حيوانًا أم شيئًا من الأشياء.
ج- أن يدل هذا الاسم -بالإضافة لمعناه- على الإشارة إلى هذا المعنى الذي يدل عليه، ولا مانع حينئذٍ أن يصحب هذه الإشارة المعنوية التي يحملها الاسم أصلا إشارة مادية بالكف أو العين أو الحاجب أو غيرها، كما سبق في إيراد المعنى اللغوي.
- من كلام الرسول: "إن هذا الدِّينَ متينٌ فأوغِل فيه برفق"1.
- ومن القرآن: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً} 2.
- ويقول الفرزدق:
أولئك آبائي فجئْني بمثلهم
…
إذا جمعتنا يا جريرُ المجامِعُ3
ففي هذه النصوص السابقة ثلاثة من أسماء الإشارة هي "هذا، تلك، أولئك" على التوالي، وقد اجتمعت فيها الصفات الثلاث السابقة، فالكلمة الأولى "هذا" في الحديث اسم يقصد به "الدين" ويشير إليه، والكلمة الثانية "تلك" اسم أيضًا يقصد به "الجنة" ويشير إليها، والكلمة الثالثة "أولئك" اسم أيضًا يقصد به "الآباء" ويشير إليهم.
1 للحديث رواية أخرى هي: "إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق" وسواء أكانت هذه أم تلك فلا تغير في الاستدلال به على ما سقناه له "انظر الفتح الكبير ج1 ص425".
2 الآية 23 من سورة مريم.
3 في البيت اسم إشارة "أولئك" للجمع، وقد تحدد المقصود منها بواسطة ما يحمله من معنى الإشارة حين استعماله في البيت؛ إذ قصد منه "آباء الفرزدق".
ولعلنا بذلك نفهم السبب في عدّ "أسماء الإشارة" من المعارف، إذ يتحدد معناها بسبب ما تحمله من الإشارة إلى المقصود، وما يصحبها أحيانا من الإشارات الحسية.
أسماء الإشارة:
"المشار إليه" مفردٌ أو مثنى أو جمع، وكل من هذه الثلاثة مذكر أو مؤنث، وقد جاء في اللغة العربية ألفاظ تدل على ذلك كله على التفصيل الآتي:
1-
المفرد المذكر
أشهر ما ورد له لفظ واحد هو "ذا" ويستعمل منه "هذا، ذاك، ذلك" وجاء في القرآن: {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ} 1.
2-
المفرد المؤنث
وأهم ما ورد من الألفاظ "ذهِ، ذِي، تِه" ويبدو أن الكلمتين الأوليين لا تكادان تستعملان بغير حرف التنبيه "ها"، فيستعمل منهما "هذِه، هذِي" -مع استعمالها مجردتين- وأن الكلمة الأخيرة تستعمل أيضًا هذا الاستعمال، فيقال "هاته المرأة" لكن أكثر ما تستعمل مع اللام والكاف اللاحقتين بها، فيقال "تلك" جاء في القرآن:{وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ} 2 وجاء أيضا: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ} 3.
ومن استعمال "هذي" قول أبي العلاء المعري:
1 الآية 70 من سورة النساء.
2 الآية 94 من سورة العنكبوت.
3 الآية 141 من سورة البقرة.
صاحِ هذِي قبورُنا تملأ الرُّحْ
…
بَ فأين القبورُ من عهد عَادِ1
3-
المثنى المذكر:
ورد له لفظ واحد "ذان" ويستعمل منه "هذان، ذانك" تقول: "هذان صديقان مخلصان، فإن هذين الصديقين يحزنان لأجلي في الضَّراء ويفرحان لي في السراء".
4-
المثنى المؤنث:
وقد ورد له لفظ واحد هو "تان" ويستعمل منه "هاتان، تانك" تقول "في العالم الآن دولتان كبيرتان، وعلى هاتين الدولتين مسئولية مصير العالم"، وقد مر الحديث عن هاتين الكلمتين في ملحقات المثنى.
5-
جمع الذكور والإناث:
وقد ورد لكليهما لفظ واحد هو "أولاء" فيستعمل منه "هؤلاء، وأولئك" يقال: "إن وِزْرَ القادةِ أكبرُ من وِزْرِ الأتباع، فهؤلاء يأمرون وأولئك يأتمرون" ومن شعر جرير:
سرت الهمومُ فَبِتْنَ غيرَ نِيَامِ
…
وأخو الهمومِ يَرُومُ كلَّ مرَامِ
ذُمَّ المنازلُ بعد منزلة اللّوَى
…
والعيشُ بعد أولئك الأيامِ2
1 الرحب: الاتساع، والمقصود: الفضاء المتسع.
والبيت قد جيء به للتمثيل فإن أبا العلاء المعري، في رأي النحاة، لا يستشهد بشعره. وموضع التمثيل هو كلمة "هذي" مستعملة للمفردة المؤنثة، وبأولها "ها" للتنبيه.
2 المنازل: جمع منزل أو منزلة، والمقصود به: مكان النزول، اللوى: اسم مكان معين.
معنى البيتين: لقد توزعت الهموم على أصحابها، وصاحب الهم تتوزعه الأفكار والهواجس، ومن الهم الفراق، فكل مكان مذموم ما عدا، "اللوى" لما قضيت فيه من أيام صافية مبهجة.
الشاهد في البيت الثاني في كلمة "أولئك" إذ استخدمت للإشارة إلى الجمع "الأيام" وبآخرها كاف الخطاب.
هذا وفي اللفظ لغة أخرى تنسب إلى "بني تميم" وهي "القصر" فينطق بدون الهمزة الأخيرة هكذا "أولي" وهي لغة لا يكاد أحد يستعملها الآن في الإشارة.
6-
الإشارة للمكان:
وردت ألفاظ تخصصت للإشارة إلى المكان، بمعنى أنها لا تستعمل إلا في ذلك، وإن كانت الألفاظ السابقة كلها تستعمل أيضًا في المكان وغيره وهذه الألفاظ هي:
- هنا، ههنا. " إشارة للمكان القريب".
- هناك، هنالك، ثمة. "إشارة للمكان البعيد".
تقول: "هنا أرضنا وحريتنا، وليس ثمة حياة بدون أرض حرة" ومن التعبيرات المشهورة الآن في الاستعمال
"ومن ثم" وجاء في القرآن: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً} 1 وجاء أيضا: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ} 2.
إعرب: هنا أرضنا
هنا: اسم إشارة للمكان؛ ظرف مبني على السكون في محل نصب شبه جملة خبر مقدم.
1 الآية 17 من سورة "الأحزاب".
2 الآية 85 من سورة "الشعراء".
أرض: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة، "نا" مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر.
الحروف التي تأتي مع أسماء الإشارة:
هي حروف ثلاثة "ها: التنبيه، كاف الخطاب، لام البعد" وينبغي مع كل واحد من هذه الثلاثة بيان موضع صلته بأسماء الإشارة، والمعنى الذي يفيده، ثم تحديد أسماء الإشارة التي يتصل بها على التوضيح التالي:
- ها: التنبيه
تأتي سابقة أسماء الإشارة، وحينئذٍ لا تكتب ألفها غالبا، وهي -كما يقول ابن هشام- حرف جيء به لتنبيه المخاطب على المشار إليه، فهي إذن حرف تنبيه، وهكذا يصفها المعربون.
وتسبق جميع أسماء الإشارة التي سبق توضيحها، فنقول:"هذا، هذه، هذي، هاته، هذان، هاتان، هؤلاء".
- كاف الخطاب
وتلحق آخر أسماء الإشارة عند استعمالها للشيء أو الشخص البعيد فقط، وهي -كما يقول ابن هشام- حرف لمجرد الخطاب لا موضع له من الإعراب، فهي إذن حرف للخطاب لا للمخاطب، وهكذا يصفها المعربون وتلحق أيضًا جميع أسماء الإشارة بصورة عامة، فنقول:"ذاك، ذيك، ذانك، تانك، أولئك" وتتغير بحسب من تخاطبه، كما سيأتي بيانه.
- لام البعد
وتتوسط بين أسماء الإشارة وكاف الخطاب، وتفيد كما هو واضح من
تسميتها "البعد"، بل إنها لتفيد في استعمالها مع الكاف شدة البعد، وهكذا يصفها المعربون.
وتأتي مع أسماء الإشارة المفردة فقط، بشرط تجردها من حرف التنبيه "ها" بل إنها -إن لم يجانبني الصواب- تأتي مع كلمتين فقط هما "ذا، تي" فنقول فيهما: "ذلك، تلك".
ولعله قد اتضح بعد ذلك ما يردده المعربون من قولهم: "ها: حرف تنبيه، واللام: للبعد، والكاف: حرف خطاب".
أسماء الإشارة مع حرف الخطاب:
مما يقال في موقف القضاء:
ذلك حقِّي أيها القاضي.
وأولئكم شهودي عليه أيها المستشارون.
من العبارات النحوية الذائعة الصيت عن باب الإشارة ما يقال: "اسم الإشارة لمن تشير إليه، والكاف لمن تخاطبه" وتتضمن هذه العبارة الأمرين الآتيين:
الأول: أن أسماء الإشارة يُراعى في لفظها ما تشير إليه مفردًا أو مثنى أو جمعًا مذكرًا أو مؤنثًا.
الثاني: أن حرف الخطاب "الكاف وما تفرع عنها" يُراعى في لفظها المخاطب، مفردًا أو مثنى أو جمعًا، مذكرًا أو مؤنثًا.
وكل هذا مفهوم مما درسناه سابقًا، والجديد هنا أن أسماء الإشارة وحرف الخطاب إذا استعملا معا -بأن كان هناك من تشير إليه ومن تخاطبه- وجب أن يُراعى في كل منهما ما هو موجَّه إليه من حيث الإفراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث.
ففي المثال الأول "ذلك حقِّي أيها القاضي" روعي في اسم الإشارة "ذا" الإفراد والتذكير، لأن المشار إليه "الحق" كذلك
…
كما روعي في حرف الخطاب "الكاف" أيضا الإفراد والتذكير، لأن المخاطب "القاضي" كذلك.
وفي المثال الثاني "أولئكم شهودي أيها المستشارون" روعي في اسم الإشارة "أولاء" الجمع والتذكير، لأن المشار إليه "الشهود" كذلك كما روعي في الخطاب أنه موجه لجماعة الذكور وهم "المستشارون" فجيء بحرف الخطاب في صيغة الجمع المذكر في "أولئكم".
فلنطبق المبدأين السابقين على النصوص الآتية:
- ما جاء في القرآن عن المؤمنين: {أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 1.
- ما جاء في القرآن في خطاب موسى: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ} 2.
1 من الآية 5 من سورة البقرة.
2 من الآية 12 من سورة القصص.
- حكاية القرآن قول يوسف مخاطبا رفيقيه في السجن: {ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} 1.
- قول النابغة في الاعتذار للنعمان بن المنذر:
أتاني أَبَيْتَ اللَّعْنَ أنك لمتني
…
وتِلكَ التي أهْتَزُّ منها وأغضَبُ2
1 من الآية 37 من سورة يوسف.
2 أبيت اللعن: اللعن هو الطرد والإبعاد، وجاء في أساس البلاغة: أبيت اللعن: هي تحية الملوك في الجاهلية، أي: لا فعلت ما تستوجب به اللعن.
وفي البيت دليل استعمال اسم الإشارة "ته" مع كاف الخطاب، وقد أشير به إلى المفردة المؤنثة، والخطاب للمفرد المذكر وهو النعمان نفسه.