الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعرَّف بالألف واللام:
أولا: "أل" المعرِّفة: تطلق عليها المصطلحات الآتية:
1-
أل: العهديّة، والفرق بين العهد الذهني والذّكرِي
2-
أل: الجنسية، والمقصود بالجنس الذي تحدده
3-
أل: الاستغراقيّة، وما تعنيه من الأفراد
ثانيا: "أل" غير المعرِّفة: وتطلق عليها المصطلحات الآتية:
1-
أل: الزائدة، وصلتها بما تزاد عليه من الأسماء
2-
أل: لِلَمْح الصفة، وما تجيء معه من الأعلام
3-
أل: للغَلَبَة، وما تدخل عليه من الأعلام
أولا: "أل" المعرِّفة
الصديق، الزميل، النصيحة، الحقيقة، الحرية، الأساتذة، الطلاب، الناس، الملائكة، القصة، المسرحية، الحساسية، الرقة.
كل الكلمات السابقة في أولها: "الألف واللام" وهذه علامة على أن الاسم الذي دخلت عليه معرفة، بمعنى أن وجود الألف واللام في أوله أفاد تحديده -نوعًا ما من التحديد- بعد أن كان شائعًا لا يدخل تحت الحصر والتعيين، فلنوازن مثلا بين "الصديق، الزميل" وفيهما الألف واللام ومقابلهما المجرد منها "صديق، زميل" حيث يلاحظ أن الصورة الأولى تستعمل في موقف التحديد والتعيين، والثانية في موقف الشيوع والعموم.
والألف واللام المعرفة حين تستخدم مع الأسماء يطلق عليها أحد المصطلحات الثلاثة التالية:
1-
العهْديّة
اتفقت مع الصّديق الزميل على أن نذهب إلى القناطر في النيل.
وضربنا لذلك موعدًا، والتقينا في الموعد المحدّد.
ووجدنا مركبا على الشاطئ، فركبنا المركب إلى هناك.
يقصد بالعهد: الأمر المتفق عليه بين المتكلم والسامع، فهو أمر محدد مفهوم لكل منهما، فتدخل "أل" على الاسم لإفادة المعنى السابق.
ففي المثال الأول أربع كلمات فيها "أل" هي "الزميل، الصديق، القناطر، النيل" وبين المتكلم والسامع ما يشبه الاتفاق على المقصود بهذه الكلمات الأربع، فدخلت "أل" عليها لإفادة ما يطلق عليه "العهد الذهني".
وفي المثالين التاليين كلمتان فيهما "أل" هما "الموعد، المركب" وقد تقدم لهاتين الكلمتين ذكر في المثالين، فقيل أولا:"موعد، مركب" بدون "أل" -وفي هذا نوع من الألفة- ثم دخلت "أل" عليهما بعد ذلك لإفادة ما يطلق عليه "العهد الذِّكري" أي: ذكرهما من قبل في الكلام.
وعلى ذلك، فلنطبق إفادة "أل" العهد الذِّهني أو الذِّكري على النصوص الآتية:
- جاء في القرآن: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا، وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} 1.
- جاء في القرآن: {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ
1 الآيتان من 5، 6 من سورة الشمس.
كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} 1.
- من كلام الرسول: "اليدُ العُلْيا خيرٌ من اليد السُّفْلى، وابدأْ بمن تعُول"2.
2-
أل: الجنسية:
- الصحفُ أوسعُ انتشارًا من الكتب، لكن الكتب أعظمُ فائدةً من الصحف.
- العدلُ فوق الرحمة لتحقيق المصلحة العامَّة، لكن الرحمةُ أجملُ من العدل في علاقات الأفراد.
الكلمات العامة مثل: "صحف، كتب، عدْل، رحمة" لكل منها "مفهوم" كما أنها تطلق على "أفراد"، فكلمة "صحف" مثلًا لها مفهوم يمكن تصوره بصورة عامة حين نطقها، كما أنها تطلق على أفراد كثيرين مثل:"الأخبار، الأهرام، الجمهورية، الحرية، الثورة" وكلها أسماء صحف عربية.
ويقصد بتعريف الجنس: أن يتخصص الاسم بدخول "أل" عليه في الدلالة على مفهوم الاسم العام مع صرف النظر عن الأفراد التي تندرج تحته.
ففي المثالين السابقين نجد الكلمات "الصحف، الكتب، العدل، الرحمة".
قد دخلت عليها "أل" فتخصص المقصود بها في الدلالة على "مفهومها".
1 من الآية 35 من سورة النور.
2 رواه البخاري في كتاب الزكاة "انظر: فتح المبدي ج2 ص65".
العام دون النظر إلى "الأفراد" وفي هذا نوع من التحديد للاسم، فهو تعريف له، فحين نقول:"الصحفُ أَوْسَعُ انتشارًا من الكتب" نقصد أن هذا الصنف "الصحف" أوسع انتشارًا من ذاك "الكتب" بصرف النظر عن الأفراد إذ قد تكون إحدى الصحف المصرية الخاملة مثلا أقل انتشارًا من إحدى قصص "نجيب محفوظ" الواسعة الانتشار، ويمثل النحاة لذلك بقولهم:"الرجلُ أفضلُ من المرأة" وقولهم: "أهلك النّاسَ الدينارُ والدرهم".
3-
أل: الاستغراقيّة:
يمتاز الإنسانُ عن الحيوانِ بالعقل.
ويتميزُ الرجل عن المرأةِ بصفاتٍ جسميّة خاصة.
يقصد بتعريف الاستغراق: أن يتخصص الاسم بدخول "أل" عليه في الدلالة نصًّا على أن المقصود به كل الأفراد التي تندرج تحته بصرف النظر عن مفهومه العام، فهو بهذا المعنى على العكس من تعريف الجنس الذي سبق ذكره.
يلاحظ في المثالين السابقين أن الكلمات "الإنسان، الحيوان، الرجل، المرأة" دخلت عليها "أل" فتخصص المقصود بها في الدلالة نصًّا على استغراق كل الأفراد التي تندرج تحتها، فكل فرد من "الإنسان" يمتاز عن كل فرد من "الحيوان" بالعقل -ماعدا المجانين والبلهاء طبعًا- وكل فرد مما يطلق عليه "الرجل" يتميز -ولايمتاز- عن كل فرد مما يطلق عليه "المرأة" بصفات جسميَّة تفصل الرجولة عن الأنوثة والذي أفاد معنى
"كل فرد" مع هذه الأسماء هو دخول "أل" عليها، فهذا نوع من التحديد والتعريف لها، ومن شواهد الاستغراق ما جاء في القرآن من قوله:{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً} 1.
بعد هذا الفهم لتعريف الجنس أو استغراق الأفراد بواسطة "أل" ينبغي أن نضع في الاعتبار الملاحظتين الآتيتين عنها:
1-
أن لها مع الاسم -في النوعين- بعض التحديد، فالأولى -الجنسية- تخصصه في الدلالة على مفهومه العام، والثانية -الاستغراقية- تخصصه في الدلالة على كل أفراده، لذلك يعتبر الاسم معرفة.
2-
أن الاسم -حتى مع التخصيص بها- يبقى له جهة عموم سواء من حيث معناه -في الجنسية- أو أفراده -في الاستغراقية- لذلك يعامل أحيانًا على أنه نكرة كما سيأتي في بعض أبواب النحو.
ثانيا: "أل" غير المعرّفة:
الكلمات "الذي، السَّمَوءل، العبَّاس" جاء في أول كل منها "أل" وهي معارف بدون الحاجة إليها، ذلك أن "الذي" اسم موصول، أما "السَّموءل، العباس" فإنهما من الأعلام، فمجيء الألف واللام في أول الكلمات لم يجعلها معارف، كما كان الأمر مثلا في كلمات سبق ذكرها مثل "الصديق، الزميل، القناطر" ولذلك يطلق على "أل" في الكلمات "الذي، السموءل، العباس" بأنها غير معرفة.
1 من الآية 28 من سورة النساء.
ويقصد بها: ما لم تفد الاسم التعريف بدخولها عليه، إذ هو معرفة بدونها، أو أنها طرأت عليه استعمالا في الشعر لضرورة الوزن الذي لا يستقيم بغيرها.
هذا: وقد وردت "أل" غير المعرّفة مع بعض الأسماء العربية ويطلق عليها مع هذه الأسماء المصطلحات الثلاثة الآتية:
1-
أل: الزائدة:
وهي التي لا تفيد التعريف -كما سبق- وليس لها أي معنى آخر مع الاسم بل تعتبر جزءا منه أو طارئة عليه، وقد وردت مع الأسماء الآتية:
- الأسماء الموصولة المختصة "الّذي، الّتي، اللّذان، اللّتان، الّذين، الألى، اللّائي".
- بعض الأعلام التي أطلقت على أصحابها وفيها الألف واللام، مثل "السَّمَوءَل، الْيَسَع، العُزَّى".
- ورودها طارئة في بعض الأبيات الشعرية على بعض الأسماء لضرورة الوزن، ومن ذلك:
- قول الشاعر يخاطب ابنه:
ولقد جنيتُكَ أكْمُؤًا وَعساقِلا
…
ولقد نهيتك عن بنات الأوبر1
1 جنيتك: بمعنى جنيت لك، أكمؤا جمع "كمء" وهو نوع من التمر، العساقل: جمع عسقول، وهو أيضًا نوع من التمر، بنات الأوبر: نوع من التمر الرديء.
يخاطب ابنه بأنه جنى له من النخل ثمرًا جيدا هو "الأكمؤ والعساقل" وأنه نهاه عن التمر الرديء وهو "بنات الأوبر".
فإن "بنات أوبر" -بدون الألف واللام- علم على نوع من التمر الرديء وطرأت عليها "أل" لضرورة الشعر.
- قول الراجز:
بَاعدَ أمَّ العمرِ عن أسيرِها
حُرَّاسُ أبوابٍ لَدَى قُصُورِها1
فإن "أم العمرو" أصلها "أم عمرو" بدون الألف واللام، وطرأت "أل" لضرورة الشعر.
- قول رشيد اليشكري يهجو قيس بن مسعود اليشكري:
رأيتُكَ لما أنْ رأيتَ وُجُوهَنَا
…
صددْتَ وطِبْتَ النَّفسَ يا قيسُ عن عمرو2
1 الشاهد: في "أم العمر" فأصلها "أم عمر" فهي علم بغيرالألف واللام وجاءت في الشعر بالألف واللام، وهذه لغة الشعر الخاصة.
2 طبت النفس: بمعنى: رضيت، يا قيس: قيس بن مسعود، عن عمرو: صديق لقيس، وكان قوم الشاعر قد قتلوه.
يقول: حين رأيتنا فررت من وجوهنا ورضيت عن قتل صديقك، ولا يخفى ما في البيت من التهكم!!
الشاهد: في "طبت النفس" فالأصل "طبت نفسا" لأن "نفسا" تمييز والتمييز لا يكون إلا نكرة، ودخلت "أل" على التمييز من أجل لغة الشعر الخاصة.
فالأصل "وطبت نفسًا" وطرأت "أل" على التمييز لضرورة الشعر.
2-
أل لِلَمْح الصفة:
وهي التي لا تفيد التعريف -كما سبق- لكنها تدل على لمح صفة الأصل في الأعلام التي اتصلت بها، فلنلاحظ ما يلي:
- عبَّاس، ضحَّاك، حارث، قاسم، حسن، حسين، فضل. "صفات أو مصادر".
- عبَّاس، ضحَّاك، حارث، قاسم، حسن، حسين، فضل. "أعلام منقولة بدون: أل".
- العبَّاس، الضحَّاك، الحارث، القاسم، الحسن، الحسين، الفضل. "أعلام منقولة وبها: أل".
المقصود هنا هو النوع الأخير من الأعلام المنقولة وفيها "أل" فإن اتصال "أل" يفيد "لمح الصفة" وهي الإشارة إلى المعنى الذي نقلت منه قبل أن تستعمل علمًا، مثلا كلمة "عبَّاس" صيغة مبالغة من "العبوس" فإذا نقلت علمًا، فسمي شخص ما "عبَّاس" دون "أل" صرف النظر عن معناها الأصلي، أما إذا نقلت علمًا فسمّي شخص ما "العبَّاس" وفيه "أل" كان في ذلك إشارة إلى الأصل الذي نقلت عنه الكلمة، أو بعبارة أخرى "لَمْحًا لصفة الأصل" من أنه كثير العُبوس، ومثل ذلك أيضا "الضحاك، القاسم، الحارث، الحسن، الحسين، الفضل، النّعمان" فإن "أل" فيها جميعا للمح الأصل.
3-
أل: للغلبة
وهي ما لا تفيد تعريف الاسم -كما سبق- لكنها تدل على أن الأسماء التي دخلت عليها صارت أعلامًا بالغلبة، فلنلاحظ الآتي:
- عقَبة، بيت، مدينة، كتاب، أعْشى. "كلمات عامة = نكرات".
- العقَبة "الميناء"، البيت "الكعبة"، المدينة "المنورة"، الكتاب "لسيبويه"، الأعشى "الشاعر". "أعلام بالغلبة".
بالموازنة بين الكلمات السابقة قبل دخول "أل" عليها وبعد دخولها نلاحظ أنها قبل دخول "أل" نكرات، وحين دخلت عليها "أل" أصبحت أعلامًا، فالأداة "أل" في هذه الأسماء للغلبة، أي أن الاسم بها قد فاز -بنفسه لا بواسطة "أل"- بمكان أو شيء أو شخص محدد فأصبح علمًا عليه، وتخلص بذلك من عموم دلالته على الأماكن والأشياء والأشخاص.