الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصفة المشبهة:
1-
المقصود بالصفة المشبهة، ووجه تسميتها مشبهة.
2-
ألفاظ الصفة المشبهة بين القياس والسماع.
3-
الصور اللغوية لجملة الصفة المشبهة، مع بيان إعراب الاسم بعدها.
الصفة المشبهة:
لنلاحظ أولا الأمثلة التالية للصفة المشبهة:
- نقول: "حسَن الوجه، طلْق المحيا، رقيق القلب، طيَّب المعاشرة، شَهْم المعاملة، جمّ المروءة، ليّن الجانب، رَزَان النَّفس".
ونقول: "إنها جميلة الوجه، بضَّة الجسم، عذْبة الروح، سوداء العينين، هيفاء القوام، عفيفة السلوك، حرة الخلق، حَصَان النفس".
في كل هذه الأمثلة السابقة أسماء مما يطلق عليه "الصفة المشبهة" ومنها "حسن، طلق، رقيق، طيِّب، شَهْم، جمّ، لَيّن، رَزَان، جميلة، بَضّة، عذْبة، سوداء، هيفاء، حُرّة، حَصَان"، وغير ذلك كثير جدا وسيأتي.
وقد اختلف أقوال العلماء حول تحديد معنى الصفة المشبهة اختلافا متغايرًا تماما، والحق أن ما ورد عن ذلك لا تناقض فيه، وإنما هو اختلاف في النظرة إلى الصفة المشبهة بين الناحيتين الصرفية والنحوية، فاتجه بعض علماء النحو في بيانها على أساس الصيغة الصرفية، فأوردوا قيودها بناء على ذلك، واتجه آخرون لبيانها على أساس الناحية النحوية، فأوردوا قيودها بناء على ذلك، وهذان الاتجاهان يمكن أن يمثلهما التعريفان التاليان:
الأول: كما جاء في قطر الندى والأشموني- هي الصفة المصوغة لغير
تفضيل من فعل لازم لإفادة نسبة الحدث إلى الموصوف بها دون إفادة معنى الحدوث" ا. هـ.
ومن البيّن أن هذا التعريف صرفي، وجهته تحديد الصفة المشبهة من حيث صيغتها -وإن تعرض أيضًا للمعنى- فهو يأخذ في اعتباره القيود التالية:
أ- أنها وصف -لغير تفضيل- إذ تدل -كما سبق غير مرة- على حدث وصاحبه، مثل "فَرِح" تدل على شخص موصوف بالفرحة، ومثل "بَطَل" إذ تدل على إنسان متصف بالبطولة.
ب- أنها تصاغ من فعل لازم، وهذا هو الغالب فيها، فمثلا كلمة "ضَخْم" من الفعل "ضَخُم" وهو لازم، وأيضا كلمة "شريف" من الفعل "شَرُف" وهو لازم.
ج- أنها تفيد نسبة الصفة لموصوفها، ولا تفيد حدوثها، بمعنى أنها تدل على ما هو موجود فعلا بالنسبة لصاحبها، ولا تدل على شيء حدث بعد أن لم يكن، كما هو واضح في "جَبَان، شُجاع، بَطَل" فهي صفات موجودة في صاحبها قبل الحديث عنها، وربما استمرت أيضا بعد هذا الحديث.
الثاني: كما جاء في الألفية وشروحها- "هي الصفة التي استحسن أن تضاف لما هو فاعل في المعنى" ا. هـ.
ومن البيّن أن هذا التعريف يأخذ في اعتباره الناحية النحوية من أن الصفة المشبهة تضاف لما هو فاعلها في المعنى، أي أن المضاف إليه معها وإن كان مجرورا لفظا لكنه هو الفاعل الحقيقي لها، مثل "نَقِيُّ الثوبِ" و"طاهرُ العِرْضِ" فإن الكلمتين "الثوب، العرض" مضافتان للصفة وهما في الوقت نفسه الفاعلان في الذهن، فالثوب ينسب له النقاوة، والعرض ينسب له الطهارة، وهذه الطريقة هي التي تحدد بها الصفة المشبهة.
والحق أن التحديد الأول أدق وأشمل من الثاني الذي عارضه من يُعْتَدّ بهم من النحاة.
لماذا سميت مشبهة؟:
لاحظ الأمثلة التالية:
كان الرسولُ شريفًا النفسَ طيبًا الأخلاقَ.
وكان أبو بكر ضَئيلًا جسمَه شُجاعًا رُوحَه.
في المثالين السابقين نجد في المثال الأول صفتين مشبهتين هما "شريف، طيب" والاسم الذي بعدهما يمكن نصبه فينطق "النفسَ، الأخلاقَ" كذلك في المثال الثاني صفتان مشبهتان هما "ضئيل، شجاع" وبعدهما أيضا اسمان منصوبان هما "جسم، روح".
إن المعني الذي يخطر هنا على الذهن هو: أن الصفة المشبهة تؤخذ من الفعل اللازم -كما سبق القول في تعريفها- فكيف إذن أتى بعدها الاسم منصوبا في الاستعمال اللغوي مع أن الفعل اللازم لا ينصب الاسم بعده؟
هذه هي المشكلة التي واجهت النحاة، فتخلصوا من ذلك بإطلاقهم على هذه الصفات أنها "مشبهة" ومعنى ذلك -في رأيهم- أنها مشبهة باسم الفاعل المتعدي لواحد الذي ينصب بعده المفعول، وما دامت مشبهة به فيصح أيضا أن يأتي بعدها المنصوب، أما وجوه المشابهة بينها وبين اسم الفاعل فتتلخص في أمرين:
الأول: أنها تدل مثله على معنى وصاحبه، فهي وصف مثله تماما، فكما أن "مُكْرِم" اسم فاعل تدل على شخص ينسب له الكرم، وكذلك "كريم" صفة مشبهة تدل على المعنى السابق نفسه.
الثاني: أن كلا منهما يكون مفردًا ومثنى ومجموعًا، مذكرًا ومؤنثًا.
فكما يقال: "عاقل، عَاقِلَان، عَاقِلون، عاقِلة، عاقلتان، عاقلات" يقال أيضا في الصفة المشبهة: "فَرِح، فَرِحان، فَرِحون، فَرِحة، فَرِحَتان، فَرِحات".
من أجل هذين الأمرين السابقين اللَّذيْن يتعلق أحدهما بالمعنى والآخر باللفظ سميت هذه الصفة مشبهة، والذي دعا إلى عقد هذه المشابهة وجود الاسم المنصوب في الجملة التي ترد فيها.
والذي أراه أن الأمر مرجعه أولا وأخيرًا استعمالُ اللغة، فقد ورد الاسم مع هذه الصفة منصوبًا، وكان وصفه -كما ورد- كافيا دون عقد هذه المشابهة وإطلاق هذه التسمية، فهي تراكمات صناعية دعا إليها البحث عن علة المنصوب ثم عقد المشابهة، ثم التسمية، وما كان أغناهم عن ذلك كله لو اقتصروا على الوصف اللغوي وحده.
ألفاظ الصفة المشبهة بين السماع والقياس:
ينبغي باختصار التعرف على المقصود بالقياس والسماع.
فالقياس: يقصد به ذكر قاعدة عامة تنطبق على كل ما يندرج تحتها من الأمثلة؛ كما تقول مثلا: "يصاغ اسم الفاعل من الثلاثي على وزن فاعل" فهذه قاعدة عامة يندرج تحتها "ساهر، نائم، قائم، راكع، ساجد، عالم، جاهل".
أما السماع: فيقصد به أن ذلك المسموع لا يدخل تحت قاعدة عامة، بل سمع عن العرب هكذا، فنقل في كتب اللغة والنحو كما سمع، كقولنا:"اسم المكان المختص الذي ورد منصوبا في اللغة سماعي لا يقاس عليه" مثل "دخلت الدار والمسجد".
تحت أيّ هذين القسمين إذن تأتي ألفاظ الصفة المشبهة؟
إن ألفاظ الصفة المشبهة سماعية، ومن الصعب حصرها، فهي كثيرة جدا
ولا تندرج تحت قواعد حاسمة تجمعها وكل ما يذكر من قواعد لصياغتها من الثلاثي ومن غيره "راجعها في كتب الصرف" إنما هدفه التقريب لا الحصر ويقصد منه المعاونة على معرفتها لا القياس.
من أجل ذلك أرى من الأفضل إيراد مجموعة من الكلمات الآتية للصفة المشبهة دون إيراد قواعد لصياغتها، فهي غير حاسمة من جهة، وموضعها كتب الصرف من جهة أخرى:
- أشْيَب، شيخ، طيّب، جَوَاد، عفيف، ضيّق.
- فَرِح، أَشِر، بَطِر، لَبِق، فَطِن، نَهِم، جَشِع، شَرِه، لَسِن، غِرّ، حُر.
- أعْرَج، أحْمَق، أهْوَج، أخضَر، أصفَر، أحمَر، أغْيد، أهْيَف، غيداء، هيفاء، سمراء، شقراء، حسناء.
- ريّان، عطشان، شبعان، جوْعان، ظمآن، غَصَّان.
- بخيل، عَمِيل، سقيم، مريض، طبيب، لبيب، ذكيّ، غبيّ، تَقِيّ، نَقِيّ، طَرِيّ، رهيب، عجيب، نبيه، وضيء، عميق، صفيق.
- بطَل، حسَن الوجه، شهْم، ضخْم، نذْل، طلْق المحيّا، صلْب العود.
- حَصَان، رَزَان، جبان، شُجاع، عُضال.
- كريم، عظيم، رقيق، جميل، نبيل، لئيم.
- ضامر البطن، حادّ الذهن، جامد الإحساس، طاهر السيرة.
جملة الصفة المشبهة وإعراب الاسم بعدها:
ينبغي في عرض هذه الفكرة تجنب ما خاضت فيه كتب النحو من الأعمال الذهنية المجهدة المتشعبة لإيراد صور جملة الصفة المشبهة، فقد أوصلها "الأشموني" إلى 72 صورة و"ابن عقيل" إلى 36 صورة، فهذا عناء يشق فهمه على الدارس العادي "فارجع إليهما في ذلك إن أردت".
فالمهم هنا هو التصور المفيد لجملة الصفة المشبهة من ناحيتين:
الأولى: الصور الثلاث لجملتها بحسب الاسم الذي يقع بعدها.
الثانية: إعراب الاسم الواقع بعدها رفعا ونصبا وجرا.
الناحية الأولى: صور جملة الصفة المشبهة.
الصورة الأولى: لاحظ الأمثلة التالية:
يستحقُّ احترامَنا الأستاذُ الطيّبُ قلبُه الشهْمُ معاملتُه.
ويثير اشمئزازَنا الأستاذُ الضعيفةُ شخصيتُه الشرِسةُ معاملتُه.
فهذه الصورة تتكون -كما ترى في الأمثلة- من الصفة المشبهة معربة بحسب ما يقتضيه نظام الجملة قبلها + الاسم بعدها متصلا بضمير يعود على الموصوف بها.
الصورة الثانية: لاحظ الأمثلة التالية:
يستحق حبَّنا الطالبُ النظيفُ الأخلاق الحرُّ العقل.
ويثيرُ احتقارَنا الطالبُ النّذلُ الأخلاق البليدُ العقل.
فهذه الصورة تتكون -كما ترى في الأمثلة- من الصفة المشبهة معربة بحسب ما يقتضيه نظام الجملة قبلها + الاسم بعدها متصلا بالألف واللام.
الصورة الثالثة: لاحظ الأمثلة التالية:
يستحق احترامَنا كلُّ جنديّ شجاعٍ قلبًا صلبٍ عودًا.
ويثير احتقارَنا كلُّ جنديّ جبانٍ قلبًا فَسْلٍ تصرفًا.
فهذه الصورة تتكون -كما ترى في الأمثلة- من الصفة المشبهة معربة بحسب ما يقتضيه نظام الجملة قبلها + الاسم بعدها خاليا من الضمير ومن "أل".
الناحية الثانية: إعراب الاسم بعدها:
ورد الاسم بعد الصفة المشبهة في اللغة مرفوعا ومنصوبا ومجرورًا، والقصد هنا توجيه هذه الوجوه الثلاثة من الناحية الإعرابية.
توجيه الرفع: لاحظ المثال التالي:
من الرجولة أن يكون الشابُّ نبيلًا قلبُه ذكيًّا عقلُه.
فكل من الكلمتين بعد الصفة المشبهة -وهما "قلبه، عقله"- مرفوع على أنه فاعل، وهناك رأي آخر يقول: إنه بدل من الضمير المستتر في الصفة، وهو رأي لا شهرة له.
توجيه النصب: لاحظ المثالين:
من الأنوثة أن تكون الفتاةُ رقيقةً قلبَها لبِقَةً حديثَها.
ومن صيانة الأنوثة أن تكون الفتاةُ حُرَّةً نفسًا عفيفةً سلوكًا.
فكل من الكلمتين "قلبها، حديثها" في المثال الأول، ثم "نفسا، سلوكا" في المثال الثاني منصوبة، وفي المثال الأول الكلمتان معرفتان، وفي المثال الثاني نكرتان.
قال النحاة: الاسم المنصوب المعرّف بعد الصفة المشبهة يعرب على أنه "شبيه بالمفعول له" لأن الصفة المشبهة من الفعل اللازم، فلا يصح أن يعرب الاسم بعدها مفعولا به، بل هو شبيه بالمفعول به، أما الاسم المنصوب النكرة بعد الصفة المشبهة، فيعرب على أنه "تمييز" وذلك أحسن ما قيل في هذا الموضوع.
توجيه الجر: لاحظ المثالين التاليين:
من الأنوثة أن تكونَ الفتاةُ رقيقةَ القلبِ لبقةَ الحديثِ.
ومن الرجولة أن يكون الشابُّ نبيلَ القلبِ ذكيَّ العقلِ.
كل من الكلمات "القلب، العقل، الحديث" في المثالين السابقين مجرورة بعد الصفة المشبهة على أنها "مضاف إليه".
وتتلخص جملة الصفة المشبهة وإعرابها في الآتي:
أ- يأتي بعد الصفة المشبهة اسم مضاف إلى ضمير المتصف بها أو به "أل" أو مجرد من "أل" والإضافة.
ب- تعرب الصفة المشبهة في جملتها بحسب ما يقتضيه سياق الجملة.
ج- الاسم بعدها يجيء مرفوعا على أنه فاعل أو منصوبا على أنه "مشبه بالمفعول به" إن كان معرفة، أو "تمييز" إن كان نكرة، كما يأتي مجرورا على أنه "مضاف إليه".