المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عطف البيان: 1- المقصود بعطف البيان لدى اللغويين والنحاة وما يفيده - النحو المصفى - الكتاب

[محمد عيد]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد لدراسة الجملتين الأسمية والفعلية:

- ‌الكلمة والكلام:

- ‌‌‌الإعرابوالبناء

- ‌الإعراب

- ‌مدخل

- ‌جمع المذكر السالم:

- ‌جمع المؤنث السالم

- ‌الأفعال الخمسة:

- ‌المضارع المعتل الآخر:

- ‌الإعراب الظاهر والمقدر:

- ‌البناء

- ‌مدخل

- ‌البناء في الأسماء:

- ‌البناء في الأفعال:

- ‌البناء في الحروف:

- ‌المحل الإعرابي للكلمات المبنية:

- ‌تدريبات:

- ‌‌‌النكرةوالمعرفة

- ‌النكرة

- ‌المعرفة

- ‌مدخل

- ‌الضمير:

- ‌العَلَم:

- ‌أسماء الإشارة:

- ‌أسماء الموصول:

- ‌المعرَّف بالألف واللام:

- ‌المضاف إلى المعرفة:

- ‌تدريبات:

- ‌الجملة الأسمية:

- ‌المبتدأ والخبر:

- ‌نواسخ المبتدأ والخبر

- ‌مدخل

- ‌كان وأخواتها:

- ‌الحروف النافية الناسخة:

- ‌كاد وأخواتها: أفعال المقاربة

- ‌إن وأخواتها:

- ‌لا النافية للجنس:

- ‌ظنَّ وأخواتها:

- ‌أعلم وأرى وأخواتهما:

- ‌تدريبات:

- ‌الجملة الفعلية

- ‌مباحثها الأصلية

- ‌مدخل

- ‌إعراب الفعل المضارع

- ‌مدخل

- ‌رفع الفعل المضارع:

- ‌نصب الفعل المضارع:

- ‌جزم الفعل المضارع:

- ‌الفاعل:

- ‌نائب الفاعل:

- ‌أساليب المدح والذم:

- ‌المفاعيل الخمسة:

- ‌المفعول به:

- ‌المفعول المطلق:

- ‌ظرفا الزمان والمكان = المفعول فيه:

- ‌المفعول لأجله:

- ‌المفعول معه:

- ‌الحال:

- ‌التمييز:

- ‌أساليب الاستثناء:

- ‌ما ألحق بالجملة الفعلية:

- ‌النداء على الأصل:

- ‌أسلوب الاستغاثة:

- ‌أسلوب النُّدْبة:

- ‌أسلوب الترخيم:

- ‌تدريبات:

- ‌ما يتعلق بالجملتين الاسمية والفعلية

- ‌مدخل

- ‌حروف الجر:

- ‌الإضافة:

- ‌أساليب التعجب السماعية والقياسية:

- ‌التوابع الخمسة

- ‌مدخل

- ‌النعت

- ‌التوكيد:

- ‌عطف البيان:

- ‌عطف النسق:

- ‌البدل:

- ‌عمل الأفعال في الجملة:

- ‌الأسماء التي تقوم بعمل الأفعال:

- ‌اسم الفعل:

- ‌المصدر:

- ‌اسم الفاعل:

- ‌أمثلة المبالغة:

- ‌اسم المفعول:

- ‌الصفة المشبهة:

- ‌اسم التفضيل:

- ‌تدريبات:

- ‌دراسة لأبواب خاصة النحو:

- ‌الاشتغال:

- ‌التنازع:

- ‌الحكاية:

- ‌العدد:

- ‌كنايات العدد:

الفصل: ‌ ‌عطف البيان: 1- المقصود بعطف البيان لدى اللغويين والنحاة وما يفيده

‌عطف البيان:

1-

المقصود بعطف البيان لدى اللغويين والنحاة وما يفيده لمتبوعه من معانٍ نحوية وبلاغية.

2-

ما يتطابق فيه عطف البيان مع متبوعه في وجوه التطابق العشرة.

3-

الموازنة بين عطف البيان والنعت.

4-

الموازنة بين عطف البيان والبدل.

معنى عطف البيان:

كان الصدِّيقُ أبو بكر نحيلَ الجسم، ولكنه ذو إرادةٍ قوية.

وكان أميرُ المؤمنين عمرُ من أعدلِ العادلين، ومع ذلك ماتَ مظلومًا.

ويعتبر الخليفةُ معاويةُ أوّلَ من خرج على سَنَن الخلفاء الراشدين في الحكم.

في حياتنا الدارجة نقول: "اعطف عَلَيَّ" بمعنى: عدْ إليَّ حنونا رحيما.

ونقول أيضا: "عنده عطف على أبنائه وأقاربه" بمعنى: أنه ينظر في شئونهم ويعاملهم بالرفق والرحمة، فكأن اللفظ يفيد في الاستعمال العادي النظر إلى شخص أو شيء لإصلاح شأنه وكفايته.

يقول القاموس: العطف هو الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه، ومن ذلك قولهم:"عَطَفَ الفارسُ على قِرْنِه" بمعنى: عاد إلى من يساويه في الشجاعة بقصد الصراع والغلبة ا. هـ وفي هذا أيضا عود لآخر للنظر في أمره من حيث الشجاعة أو غيرها.

أما لدى النحاة فيقصد به: التابع الجامد الذي يكشف قصد المتكلم من المتبوع ببيانه وشرحه ا. هـ.

ص: 599

ومن ذلك في الأمثلة السابقة "الصدِّيق أبو بكر، أمير المؤمنين عمر، الخليفة معاوية" فكلمة "أبو بكر" عطف بيان لكلمة "الصدِّيق" وكذلك كلمة "عمر" عطف بيان بعد "أمير المؤمنين" وأيضا كلمة "معاوية" عطف بيان بعد "الخليفة" ومن البيّن أن الكلمات "أبو بكر، عمر، معاوية" أسماء جامدة جاءت بعد متبوعها، فبيّنته تماما، ووضحت المقصود منه وشرحته. ولهذا يسمى هذا التابع "عطف بيان" لأن الثاني يشبه أن يكون مرادفا؛ لأن الذات المدلول عليها باللفظين واحدة، وإنما يؤتى بالثاني لزيادة البيان" ا. هـ.

ومن استعمالات عطف البيان التي تتردد على ألسنتنا "خليل الله إبراهيم، كليم الله موسى، المسيح عيسى بن مريم، خاتم الأنبياء محمد، ذو النورَيْن عثمان، الإمام عَلِيّ بن أبي طالب، سيد الشهداء الحسين، السيدة أم هاشم، السيد أحمد البدوي، المرسي أبو العباس، أم المؤمنين عائشة، ذات النّطاقين أسماء، ربة الجمال فينوس، حيَّة النيل كليوباترة، المعرِّي أبو العلاء، المتنبي أحمد بن الحسين، شاعر الرسول حسّان، أمير الشعراء شوقي، شاعر النيل حافظ، كاتب الشرق العقاد، عميد الأدب العربي طه حسين، الإمام مالك، الشيخ الرئيس ابن سينا".

- ومن شواهده:

قول القرآن: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} 1.

قول القرآن: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} 2.

1 من الآية 95 سورة "المائدة".

2 من الآية 16 سورة "إبراهيم".

ص: 600

قول أحد الرجاز يتحدث عن عمر بن الخطاب:

أقسمَ باللهِ أبو حَفْصٍ عُمَرْ

ما مَسَّها من نَقَبٍ ولا دَبَرْ

فاغفِرْ له اللَّهم إن كان فَجَرْ1

ما يفيده عطف البيان نحويًّا وبلاغيًّا:

يفيد عطف البيان نحويا غرضين رئيسين هما:

الأول: توضيح المعرفة: تقول: "مدحَ القرآنُ المسيحَ عيسى بن مريم وذمَّ اليهودَ، إذ آذَوْا كليمَ الله موسى".

الثاني: تخصيص النكرة: تقول: "نحن الآن في جَوِّ ربيع، وكنا قبل ذلك في طَقس شتاء" ومن ذلك قول القرآن: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} 2.

هذا الغرضان السابقان لا يخلو عطف البيان من أحدهما في أي جملة تحتوي عليه، لكنه -مع ذلك- يفيد أغراضا أسلوبية أخرى تُهِمُّ دارس البلاغة لا دارس النحو، ومن هذه الأغراض مثلا:

1 نقب: جرح يصاب به البعير في خفه أو ظهره، دبر: كما يقول القاموس: "قرحة الدابة" فهو أيضا بمعنى الجرح، فجر: أثم.

يقال في سبب هذه الأبيات: إن أعرابيا شكا لعمر أن دابته التي يركبها جريح مجهدة، وطلب منه أن يعطيه ناقة من إبل الصدقة، ليركبها فلم يصدقه عمر، فانطلق بناقته الجريح، وهو ينشد هذا الرجز.

الشاهد: في "أقسم بالله أبو حفص عمر" فإن كلمة "عمر" عطف بيان بعد "أبو حفص".

2 من الآية 35 سورة النور.

ص: 601

1-

المدح: كما نقول: "كان من شهداءِ أُحُد حمزةُ عَم الرسول".

2-

الذم: كما تقول: "كان من قَتْلَى بدْر أبو جهل رأسُ الكفر".

إلى غير ذلك من الأغراض التي يدل عليها سياق الكلام والأسلوب الذي وردت فيه.

ما يتطابق فيه عطف البيان مع متبوعه:

يتطابق عطف البيان مع متبوعه في الأمور الآتية:

أ- أوجه الإعراب الثلاثة: الرفع والنصب والجر، فيتبعه في واحد منها

ب- التعريف والتنكير: فإن كان المتبوع معرفة كان عطف البيان معرفة وإن كان المتبوع نكرة، كان عطف البيان نكرة مثله.

ج- الإفراد والتثنية والجمع: فيتطابق معه في العدد إفرادا أو تثنية أو جمعا.

د- التذكير والتأنيث، فيتطابق معه في النوع.

فلنطبق وجوه التطابق السابقة على النصائح التالية:

يا صديقي الطالب الحياةُ فرصة فاغتنمْها.

يا صديقتي الفتاة زينتُك الأخلاقُ، فتمسكي بها.

يا أصدقائي الطلاب، المستقبلُ لكم، فاعملوا له.

وعلى ذلك، يمكن أن يقال: إن عطف البيان يتوافق مع متبوعه في أربعة من عشرة، بمعنى أن أيّ مثال يحمل دائما أربع صفات من صفات التطابق العشرة، واحدة من أوجه الإعراب الثلاثة، والثانية من التعريف والتنكير، والثالثة من الإفراد والتثنية والجمع، والرابعة من التذكير والتأنيث فيصدق عليه ما سبق أن عرفناه عن "النعت الحقيقي" تماما.

ص: 602

الموازنة بين عطف البيان والنعت:

من العرض السابق تتضح -بأدنى تأمل- وجوه الموازنة بين النعت وعطف البيان، فهما يتفقان في أمرين، ويفترقان أيضا في أمرين، فهما يتفقان في الآتي:

1-

الأغراض التي يفيدها كل منهما لمتبوعه نحوا وبلاغة.

2-

وجوه التطابق بين النعت الحقيقي ومتبوعه تماثل وجوه التطابق بين عطف البيان ومتبوعه.

وهما يفترقان في الآتي:

1-

أن النعت اسم مشتق أو مؤول به، أما عطف البيان فاسم جامد دائما.

2-

أن النعت يوضح المتبوع ببيان صفة من صفاته، أما البيان فيكشف قصد المتكلم من المتبوع ببيانه.

الموازنة بين عطف البيان والبدل:

هناك علاقة وثيقة بين البدل وعطف البيان، فكل اسم صح إعرابه "عطف البيان" يصلح في الوقت نفسه أن يكون "بدل كُلّ من كُلّ".

جاء في "قطر الندى" نصًّا: كل اسم صح الحكم عليه بأنه عطف بيان مفيد للإيضاح أو للتخصيص، صح أن يحكم عليه بأنه بدل كُلٍّ من كُلّ ا. هـ.

تقول: "إن هذا الوطنَ حبيبٌ إلينا، ففوق هذه الأرضِ عاش آباؤنا وتحت هذه السماءِ تعاقبت أجيالنا".

وتقول "من أئمة النحو الأعلام سيبويهِ عَمْرُو بن قنبر، وجلالُ الدين عبد الرحمن السّيوطي".

ص: 603

هذا هو الأصل، كل ما صلح عطف بيان صلح بدل كلّ من كلّ.

لكن يستثنى من هذا الأصل ما عُبِّر عنه بقولهم: "إن لم يمتنع إحلالُه مَحَلَّ الأول".

ومعنى هذه العبارة: أن الاسم الثاني -التابع- لا يمكن وضعه موضع الأول -المتبوع- حينئذٍ يكون هذا الاسم عطف بيان، ولا يصح بدلا.

ويندرج تحت هذا الأصل العام الأمثلة والشواهد التالية:

- قولنا: "يا ربنا الرَّجاء" أو: "يا عَلِيّ الرِّضا" وما يرد في كتب النحو من: "يا زيدُ الحارث".

- قول المرّار بن سعيد:

أنا ابنُ التارِكِ البكريِّ بِشْرٍ

عليه الطيرُ ترقُبُه وُقُوعًا1

- قول طالب بن أبي طالب:

1 التارك: الجاعل المصير، البكري بشر: رجل من قبيلة "بكر" اسمه "بشر".

يقول: لقد قتلت بشر البكري، وتركته ملقى على الأرض تتطلع إليه الطيور الجارحة، وتقع فوقه لتأكل لحمه.

الشاهد: في "أنا ابن التارك البكري بشر" فإن كلمة "بشر" تعرب هنا عطف بيان ولا يصح أن تكون بدلا، إذ لا يصح أن توضع هذه الكلمة موضع "البكري" فيقال:"أنا ابن التارك بشر" لأنه يترتب عليه إضافة الوصف المفرد المتصل بالألف واللام للخالي منها، وهذا لا يصح كما سبق في باب الإضافة، ولذلك تعرب الكلمة عطف بيان لا بدلا، فإن البدل -كما يدل اسمه- يصح وضعه موضع المتبوع.

ص: 604

أيَا أخَويْنَا عبدَ شمسٍ ونَوْفَلَا

أُعيذُكُمَا باللهِ أنْ تُحْدِثَا حَرْبا1

ففي الأول لا يصح وضع الكلمات "الرجاء، الرضا، الحارث" موضع المنادى، لأن فيها "أل".

وفي الثاني لا يمكن وضع "بشر" موضع "البكري" إذ يترتب عليه إضافة الوصف المقترن "بأل" للخالي منها.

وفي الثالث: لا يمكن وضع "عبد شمس ونوفلا" موضع المنادى، لأن الثاني منصوب، وكان يجب بناؤه على الضم.

خاتمة: بعض استعمالات عطف البيان في الكلام العربي:

من مواضع عطف البيان في الكلام العربي ما يلي:

- الاسم المقترن "بأل" بعد أسماء الإشارة: تقول: "إن هذه الأمةَ العربية واحدة، يربطُ بينها هذا اللسانُ المبين وتلك العواطفُ المشتركة".

- استعمال الاسم العلم مع اللَّقب: تقول: "من النساء الشهيرات في الإسلام الصِّدِّيقةُ عائشةُ وذاتُ النِّطاقَين أسماء، وكلتاهما من ولد الصِّدِّيقِ أبي بكر".

1 الشاهد: في البيت "يا أخوينا عبد شمس ونوفلا" إذ يجب أن يعرب "عبد شمس" عطف بيان للمنادى "يا أخوينا" ولا يصح أن يكون بدلا؛ لأن البدل يصح وضعه في مكان المبدل منه، فيقال:"يا عبد شمس ونوفلا" وهذا لا يصح؛ لأن "نوفلا" منصوبة، ويجب أن تبنى على الضم، فيقال:"يا عبد شمس ونوفل" لكنها وردت منصوبة في البيت، وهذا ما منع أن يجعل "عبد شمس" فيه بدلا، بل وجب إعرابه عطف بيان فقط.

ص: 605

- استعمال الاسم العلَم مع الكنية تقول: "من النساء الشهيرات في عصرنا الحاضر أمُّ كلثوم فاطمةُ".

- استعمال الكلمة مفسرة لغيرها، سواء مع استعمال الحرف "أي" أو بدونه، تقول وأنت تفسر بعض كلمات أحد النصوص: يقصد بالخِبّ: الخدّاع، الأنام أي: الناس، فكل من الكلمتين "الخدّاع، الناس" عطف بيان لما فسرته.

ص: 606