المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جزم الفعل المضارع: - النحو المصفى - الكتاب

[محمد عيد]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد لدراسة الجملتين الأسمية والفعلية:

- ‌الكلمة والكلام:

- ‌‌‌الإعرابوالبناء

- ‌الإعراب

- ‌مدخل

- ‌جمع المذكر السالم:

- ‌جمع المؤنث السالم

- ‌الأفعال الخمسة:

- ‌المضارع المعتل الآخر:

- ‌الإعراب الظاهر والمقدر:

- ‌البناء

- ‌مدخل

- ‌البناء في الأسماء:

- ‌البناء في الأفعال:

- ‌البناء في الحروف:

- ‌المحل الإعرابي للكلمات المبنية:

- ‌تدريبات:

- ‌‌‌النكرةوالمعرفة

- ‌النكرة

- ‌المعرفة

- ‌مدخل

- ‌الضمير:

- ‌العَلَم:

- ‌أسماء الإشارة:

- ‌أسماء الموصول:

- ‌المعرَّف بالألف واللام:

- ‌المضاف إلى المعرفة:

- ‌تدريبات:

- ‌الجملة الأسمية:

- ‌المبتدأ والخبر:

- ‌نواسخ المبتدأ والخبر

- ‌مدخل

- ‌كان وأخواتها:

- ‌الحروف النافية الناسخة:

- ‌كاد وأخواتها: أفعال المقاربة

- ‌إن وأخواتها:

- ‌لا النافية للجنس:

- ‌ظنَّ وأخواتها:

- ‌أعلم وأرى وأخواتهما:

- ‌تدريبات:

- ‌الجملة الفعلية

- ‌مباحثها الأصلية

- ‌مدخل

- ‌إعراب الفعل المضارع

- ‌مدخل

- ‌رفع الفعل المضارع:

- ‌نصب الفعل المضارع:

- ‌جزم الفعل المضارع:

- ‌الفاعل:

- ‌نائب الفاعل:

- ‌أساليب المدح والذم:

- ‌المفاعيل الخمسة:

- ‌المفعول به:

- ‌المفعول المطلق:

- ‌ظرفا الزمان والمكان = المفعول فيه:

- ‌المفعول لأجله:

- ‌المفعول معه:

- ‌الحال:

- ‌التمييز:

- ‌أساليب الاستثناء:

- ‌ما ألحق بالجملة الفعلية:

- ‌النداء على الأصل:

- ‌أسلوب الاستغاثة:

- ‌أسلوب النُّدْبة:

- ‌أسلوب الترخيم:

- ‌تدريبات:

- ‌ما يتعلق بالجملتين الاسمية والفعلية

- ‌مدخل

- ‌حروف الجر:

- ‌الإضافة:

- ‌أساليب التعجب السماعية والقياسية:

- ‌التوابع الخمسة

- ‌مدخل

- ‌النعت

- ‌التوكيد:

- ‌عطف البيان:

- ‌عطف النسق:

- ‌البدل:

- ‌عمل الأفعال في الجملة:

- ‌الأسماء التي تقوم بعمل الأفعال:

- ‌اسم الفعل:

- ‌المصدر:

- ‌اسم الفاعل:

- ‌أمثلة المبالغة:

- ‌اسم المفعول:

- ‌الصفة المشبهة:

- ‌اسم التفضيل:

- ‌تدريبات:

- ‌دراسة لأبواب خاصة النحو:

- ‌الاشتغال:

- ‌التنازع:

- ‌الحكاية:

- ‌العدد:

- ‌كنايات العدد:

الفصل: ‌جزم الفعل المضارع:

‌جزم الفعل المضارع:

1-

الجزم في جواب الطلب.

2-

ما يجزم فعلا واحدًا "لَمْ، لَمَّا، لام الطلب، لا: الطلبية".

3-

ما يجزم فعلين "إنْ، إذْ مَا، مَنْ، مَا، مَهْمَا، مَتَى، أيَّانَ، أيْنَ، أنَّى، حَيْثُمَا".

4-

من المسائل المهمة في الجملة الشرطية ما يلي:

أ- اقتران جواب الشرط بالفاء.

ب- العطف "بالواو، الفاء" بين الشرط والجزاء أو بعدهما.

ج- اجتماع الشرط والقسم.

د- الحذف في أجزاء الجملة الشرطية.

5-

أدوات الشرط غير الجازمة.

الجزم في جواب الطلب:

لاحظ الأمثلة التالية:

- استقِمْ تغنمْ راحةَ الضمير ورِضا الله.

- وتعلَّمْ من أخطائك تتجنب الوقوع في غيرها.

- لا تترَدَّدْ تُحقِّقْ ما تريد.

الأفعال "تغنم، تتجنب، تحقق" في الأمثلة السابقة مجزومة، وقد تقدم عليها ما يدل على الطلب وهو الأمر في المثالين الأولين، والنهي في المثال

ص: 375

الثالث، ومن ذلك قول القرآن:{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} 1 ويطلق المعربون -كما هو مشهور- على الفعل المجزوم أنه "مجزوم في جواب الطلب".

هذا الأسلوب ينبغي أن تتحقق له الصفات التالية:

أ- أن يتقدم الطلب قبل الفعل المجزوم، فإن كان الكلام مثبتًا أو منفيًّا لا يجزم المضارع، بل يرفع، تقول:"إنك منافقٌ تدعي صداقتي تودُّ عدوي" وتقول: "إنك صديق مخلص، فأنت لا تخذلُني تنصرُني".

ب- أن يكون المضارع المجزوم مترتبا على الطلب السابق، بأن يكون مسببا عنه في العادة والعرف، فإن لم يكن كذلك رفع المضارع، مثل "اغنمْ من الحياة فرصةً تسنحُ لك" و "خذ من حياتك لنفسك ساعةً تمرح فيها" فالمضارع في المثالين غير مسبب عن الطلب السابق، فهو مرفوع على أنه صفة لما قبله.

ج- أن يكون النهي -وهو واحد من صور الطلب- في الجملة مما يمكن رفعه من الكلام ويوضع موضعه "أداة شرط + لا النافية + فعل شرط" ويصح المعنى -وحينئذٍ يجزم المضارع، فإذا لم تصلح تلك التجربة رفع الفعل المضارع، ولم يجزم، لاحظ الآتي:

- لا تُصادِق الأشرارَ تَتَّقِ الشبهات. "يصح: إنْ لا تصادق الأشرارَ تَتَّقِ الشبهات، الفعل مجزوم".

- لا تُصادق الأشرارَ تتحملُ وِزرَهم. "لا يصح: إن لا تصادق الأشرار تتحمل وزرهم؛ لفساد المعنى، الفعل مرفوع.

1 الآية 151 من سورة الأنعام.

ص: 376

ويبدو أن السبب في هذا الشرط الأخير هو الشرط الثاني، فإن هذه التجربة الذهنية السابقة لصحة المعنى إنما هي وسيلة -مع النهي خاصة- لمعرفة ترتب الفعل على الطلب أو عدم ترتبه عليه، وبذلك يكون جزمه أو رفعه.

وقد وضع ابن هشام لذلك علامة في قوله:

"وشرط الجزم بعد النهي كون الجواب أمرا محبوبا كدخول الجنة والسلامة في قولك: "لا تكفرْ تدخل الجنة" و "لا تدنُ من الأسد تسلَم" فلو كان أمرا مكروها كدخول النار وأكل السبع في قولك: "لا تكفرْ تدخلُ النار" و "لا تدنُ من الأسد يأكلُك" تعين الرفع ا. هـ.

الحروف التي تجزم فعلا واحدا:

وهي أربعة أحرف "لم، لما، لام الطلب، لا: الطلبية" ويمكن الحديث عنها في مجموعتين على النحو التالي:

المجموعة الأولي: لم، لما:

لاحظ الأمثلة الآتية:

الشعب الواعي من لم ينخدع بالمظاهر والكذب.

لكن: ألم نكذبْ على أنفسنا حتى فاجأتنا الحقيقة؟

وألمّا ننافق الأقوياءَ ونُغْفَلْ صوتَ العقل؟

ومع ذلك فلمَّا نفقدْ كلَّ الأملِ بعد.

من حروف جزم المضارع "لم، لمّا" ويطلق على الأول أنه "حرف نفي وجزم وقلب" ومعنى ذلك أنه ينفي المضارع المثبت، ويجزمه، ويقلب معناه للماضي، ويطلق على الحرف الثاني -لمَّا- مثل الأول تمامًا.

ص: 377

وتدخل على كل منهما همزة الاستفهام، كقول القرآن:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} 1 وقول العرب: "ألَمَّا تصحُ والشيبُ وازعُ".

وإلى هنا يتفق الحرفان الجازمان "لم، لما" لكنهما يختلفان بعد ذلك من حيث تحديد المعنى والاستعمال اللغوي.

أما من حيث تحديد المعنى -مع أنهما يفيدان النفي- فيتمثل ذلك في أمرين:

أ- أن "لمْ" تنفي الماضي مطلقا بصرف النظر عن استمرار النفي حتى وقت التكلم، أما "لمّا" فإنها تنفي الماضي، حتى زمن التكلم.

ب- أن "لمْ" تنفي الماضي ولا شأن لها بالمستقبل، أما "لمّا" فإنها تنفي الماضي مع توقع حدوث ما نُفِيَ في المستقبل.

فلنلاحظ الشواهد التالية:

- قول القرآن: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} 2.

- قول القرآن: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإيمَانُ فِي قُلُوبِكُم} 3.

- قول الشاعر:

فإن كنتُ مأكولًا فكنْ خيرَ آكلٍ

وإلَّا فأدركْني ولما أُمَزَّقِ4

1 الآية الأولى من سورة الشرح.

2 الآية الأولى من سورة الإنسان.

3 من الآية 14 من سورة الحجرات.

4 البيت -كما يقول الصبان- لشاعر جاهلي غير معروف، وقد تمثل به عثمان "رضي الله عنه" حين حاصره الثوار في بيته، فكتب إلى عَلِيّ "رضي الله عنه" كتابا وفيه هذا البيت.

الشاهد: "لما أمزق" حيث جزمت "لما" الفعل المضارع "أمزق" ومعناها نفي الماضي حتى الوقت الحاضر مع توقع حدوث ما نفي في المستقبل، ولا شك أن عثمان كان يتوقع "التمزيق" وقد مزق فعلا.

ص: 378

وأما الذي يتعلق بالاستعمال اللغوي فأمران أيضا:

أ- أن الحرف "لم" يأتي بعد أداة الشرط "إن" فتقول: "إنْ لم تتعلَّمْ من أخطائِك وقعت فيها" ولا يصح ذلك مع "لمّا" فلا تقول: "إنْ لمَّا".

ب- أن "لم" لا يحذف المضارع بعدها بخلاف "لمّا" فإنه يصح في النثر والشعر حذف المضارع بعدها، تقول:"كدت اليوم أخرج للنزهة لكن لما" أي "لما أخرج".

المجموعة الثانية: لام الطلب، لا: الطلبية:

لاحظ الأمثلة التالية:

ليتمسك الأحرارُ بحريتهم.

وليدافعوا عنها بكل ما يستطيعون.

فلا تعتدِ على حرياتِ الآخرين.

ولا تترك غيرَك يعتدي على حريتك.

تسمى اللام في المثالين الأولين "لام الطلب" كما تسمى في المثالين الأخيرين "لا: الطلبية" والفرق بين الاثنين أن الأولى تطلب الفعل، أما الثانية فإنها تطلب الترك.

ص: 379

فإن كان طلب الفعلِ للتوجيه فهي "للأمر" كخطاب الله لأهل الغنى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} .

وإن كان طلب الفعل للاستعطاف فهي "للدعاء" كخطاب أهل النار لخازن النار: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} .

وكذلك إن كان طلب الترك بالحرف "لا" للتوجيه، فهي "للنهي" مثل "لا تنسَ حقَّك على نفسك، ولا تُهملْ حقَّ اللهِ عليك" ومن ذلك قول الرسول لأبي بكر: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} 1 وإن كان طلب الترك للاستعطاف فهي "للدعاء" مثل: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} 2.

ما يجزم فعلين:

إن تراقبْ ضميرَك تُتْقنْ عملك.

{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} .

هي الأدوات التي تدخل جملة تفيد تعليق أمر على آخر بواسطة هذه الأدوات، وتسمى هذه الجملة "جملة شرطية" وتتكون من:

أ- أدوات الشرط: الإحدى عشرة الجازمة

ب- جملة الشرط: وتحتوي على الفعل المضارع المجزوم، ويسمى "فعل الشرط".

ج- جملة جواب الشرط: وتحتوي على الفعل المضارع المجزوم ويسمى "فعل جواب الشرط".

هذه الأدوات الإحدى عشرة تنقسم من حيث نوع الكلمة العربية إلى قسمين رئيسين:

1 من الآية 40 من سورة التوبة.

2 الآية الأخيرة من سورة البقرة.

ص: 380

القسم الأول: إن، إذْ ما

وهما من الحروف، الأداة الأولى باتفاق النحاة، والأداة الثانية على الاتجاه المشهور، فلنلاحظ الأمثلة التالية:

إنْ تُحافظ الأمّةُ على علمائِها، تصُنْهم من الابتذال.

وإذْ مَا يَسُدْ هذا الخلقُ فيها، يُساعدْ على رُقيّها.

- قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} 1.

- قال الشاعر:

وإنك إذْ مَا تأتِ ما أنت آمِرٌ

به تُلفِ من إيَّاهُ تأمرُ آتيا

القسم الثاني: "مَنْ، مَا، مَهْمَا، متى، أيَّان، أنَّى، حَيْثُمَا، أيّ".

هذه جميعها تشترك في أنها "أسماء للشرط" لكن يختلف استعمالها بحسب الأصل على التفصيل التالي:

1-

مَنْ:

وهي في الأصل لمن يعقل، ثم ضمنت معنى الشرط، كقول زهير:

ومن لم يُصَانِعْ في أمورٍ كثيرةٍ

يُضرَّسْ بأنيابٍ ويُوطأْ بِمَنْسَمِ3

1 من الآية 29 سورة آل عمران.

2 القدوة في العمل لا في الكلام، فإذا أمرت بشيء وفعلته، فعله أيضا من أمرته.

الشاهد: أن "إذ ما" حرف شرط يجزم فعلين، فعل الشرط "تأت" وفعل الجواب "تلف".

3 يضرس: يطحن بالأضراس، المنسم: -كما جاء في القاموس- خف البعير، والمقصود بذلك كله: التلف والهلاك.

يقول: إن من لم يصانع الناس، ويتسم بالمرونة، يعرض نفسه للتلف والهلاك كأنما يطحن بالأضراس ويهلك تحت خف البعير.

الشاهد: في "من" اسم شرط جازم لفعلين، وفعل الشرط "لم يصانع" كلها في محل جزم، وجواب الشرط "يضرس" وما عطف عليه.

ص: 381

2-

مَا، مَهْمَا:

وهما في الأصل لما لا يعقل، ثم ضمنتا معنى الشرط، ومن ذلك:

- قول القرآن: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} 1.

- قول زهير:

ومهما تكنْ عند امرئ من خَلِيقَةٍ

وإن خَالَهَا تخفى على النَّاسِ تُعْلَمِ2

3-

مَتَى، أيَّانَ:

الأصل فيهما أنهما اسمان للزمان، ثم ضمنا معنى الشرط، ومن ذلك:

- قول الحطيئة:

متى تأتِه تعْشُو إلى ضوءِ ناره

تجِدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ مُوقِدِ3

1 من الآية 197 سورة البقرة.

2 الشاهد: أن "مهما" اسم الشرط لغير العاقل تجزم فعلين، أولهما "تكن" وثانيهما "تعلم" وشكل بالكسرة للقافية.

3 تعشو: الأعشى: سيئ البصر بالليل، والمقصود بالفعل "تعشو" هنا المجيء من غير قصد.

الشاهد: أن "متى" اسم شرط للزمان يجزم فعلين، أولهما "تأته" وثانيهما "تجد".

ص: 382

- قول الآخر:

أيَّانَ نُؤْمِنْك تأمنْ غيرَ ناو إذا

لم تُدْرِك الأمْنَ مِنَّا لم تزلْ حَذِرا1

4-

أيْن، أنَّى، حَيْثُمَا:

الأصل فيها أنها أسماء للمكان، ثم ضمنت معنى الشرط، ومن شواهدها ما يلي:

- قول القرآن: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} 2.

- قول الشاعر:

خليليّ أنَّى تأتيانِيَ تأتيا

أخا غيرَ ما يُرضيكما لا يُحَاوِلُ3

- قول الآخر:

حيثما تستقِمْ يُقدّر لك اللهُ

نجاحًا في غابِرِ الأزمانِ4

5-

أي:

لاحظ الأمثلة التالية:

أيّ امرئ تصادقْه تنصحْه. "استعملت للعاقل".

وأي شيء يؤذك مرة تحذرْه. "استعملت لغير العاقل".

1 الشاهد: أن "أيان" اسم شرط للزمان يجزم فعلين، فعل الشرط "نؤمنك" وفعل الجواب "تأمن".

2 من الآية 78 سورة النساء.

3 الشاهد: كلمة "أنى" اسم شرط للمكان يجزم فعلين، فعل الشرط والجواب وهما "تأتياني"، "تأتيا أخا".

4 الشاهد: أن "حيثما" اسم شرط للمكان يجزم فعلين، فعل الشرط "تستقم" وفعل الجواب "يقدر".

ص: 383

وأيّ وقت تسنحْ فيه الفرصة تغتنمْه. "استعملت للزمان".

وأيّ مكانٍ تجدْ رزقك فيه تسكنه. "استعملت للمكان".

قال النحاة: كلمة "أي" بحسب ما تضاف إليه، فهي تستمد معناها من المضاف إليه، فإن كان للعاقل أو لغيره فهي له، وإن كان للزمان أو المكان فهي له، ومن شواهدها قول القرآن:{أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 1.

اقتران أسماء الشرط ب "ما" الزائدة:

ذكر الأشموني أن الأداتين "إذ، حيث" لا بد أن تقترنا بالحرف "ما" الزائد حين استعمالهما للشرط، فيقال:"إذ ما، حيثما".

وأن الأدوات "إن، متى، أيان، أين، أي" يجوز اقترانها بالحرف "ما" أو عدم اقترانها به، راجع ما سبق من شواهدها.

أما باقي الأدوات "من، ما، مهما، أنّى" فلا تقترن به مطلقًا.

اقتران جواب الشرط بالفاء:

لاحظ الأمثلة التالية:

من يُرِدْ الاستقامةَ، فبابُ الله مفتوح.

ومن يتعلَّقْ بالشرّ، فلن يلومَ إلَّا نفسَه.

فإن تُطِعْ الخُلُقَ الكريم، فعسى أنْ تستفيد.

يقترن جواب الشرط بالفاء فيما لخصه النحاة في جملة واحدة هي "كل ما لا يصح أن يقع جملة شرط"، ثم فعلوا ذلك موضحا في الآتي:

أ- الجملة الاسمية.

ب- الجملة الطلبية مثل "الأمر، النهي، الاستفهام"

1 من الآية 110 سورة الإسراء.

ص: 384

ج- الجملة التي يأتي في أولها فعل جامد مثل: "عسى، ليس، نعم، بئس".

د- الجملة التي يأتي في أولها أحد حرفي النفي "ما، لن".

هـ- الجملة التي يأتي في أولها أحد حروف الاستقبال "السين، سوف".

و الجملة التي يأتي في أولها الحرف "قد".

فكل واحد من هذه المواضع إذا جاء "جملة الجواب" يجب اقترانه بالفاء وجوبًا، بل زاد بعضهم فنظمها شعرا في قوله:

اسمية طلبية وبجامد

وبما ولنْ وبقد وبالتنفيس

فلنتأمل الآيات التالية:

- {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} 1.

- {وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} 2.

- {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} 3.

هذا، وينبغي أن يذكر هنا أن حرف "الفاء" في هذه المواضع واجب الذكر، ولا يصح إسقاطه إلا حين يضطر الشاعر لذلك لضيق الوزن والقافية، ويطلق على هذا اسم "ضرورة الشعر" ومن ذلك:

- قول كعب بن مالك:

مَنْ يفعل الحسناتِ اللهُ يشكرها

والشرُّ بالشرِّ عند الله مِثْلَانِ4

1 من الآية 107 سورة يونس.

2 من الآية 74 سورة النساء.

3 من الآية 77 سورة يوسف.

4 الشاهد: في "الله يشكرها" حيث وقعت جملة جواب الشرط اسمية وحذفت منها الفاء ضرورة.

ص: 385

- وقول الآخر:

ومَنْ لا يزلْ ينقاد للغَيِّ والصِّبا

سيُلْفى على طول السلامة نَادِمَا1

العطف بين الشرط والجزاء أو بعدهما:

لاحظ الأمثلة التالية:

- من يُخلصْ ويستمر على إخلاصه يثقْ به الناس. "العطف بين الشرط والجزاء".

- ومن يُنافقْ فيشتهر بالنفاق، يحتقرْه النّاس. "العطف بين الشرط والجزاء".

- ومن يحبَّ نفسَه فقط يكرهْه الناس ويجتنبه أصدقاؤه. "العطف بعد الشرط والجزاء".

- ومن يبذُلْ من نفسه للآخرين يقدره الناس فيرغم أعداؤه على احترامه. "العطف بعد الشرط والجزاء".

يأتي العطف "بالواو أو الفاء" بين الشرط والجزاء، كالمثالين الأولين وحينئذٍ لك في الفعل المعطوف بعدهما نصبه وجزمه، فإن جاء العطف بعد الجزاء -كالمثالين الأخيرين- فلك رفعه ونصبه وجزمه، وهكذا ورد في اللغة.

- من القرآن: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} 2.

1 الشاهد: في "سيلفى على طول السلامة نادما" جملة جواب الشرط مصدرة بحرف الاستقبال "السين" والواجب أن تقترن بالفاء، لكن حذفت الفاء منها ضرورة.

2 من الآية 284 سورة البقرة.

ص: 386

- قول الشاعر:

ومن يقتربْ منَّا ويخضع نُؤوِه

ولا يخشَ ظُلمًا ما أقام ولَا هضْما1

- قول زهير:

ومن لا يُقَدَّمْ رجلَه مطمئنَّةً

فيثبتها في مُستَوى الأرضِ يَزلَقِ2

فقد قرئت الآية في الفعل "يغفر" بالرفع والنصب والجزم.

وجاء البيت الأول بنصب "يخضع" والبيت الثاني ينصب "يثبت" فقط قال النحاة: والرفع على أن الحرفين -الفاء والواو- للاستئناف والنصب على أن الواو للمعية والفاء للسببية، والجزم للعطف على الشرط أو الجواب.

اجتماع الشرط والقسم:

ينبغي قبل فهم هذا الموضوع معرفة صفات الجملة التي تقع جوابًا للشرط أو جوابا للقسم، وذلك على التفصيل التالي:

أ- جواب الشرط يكون مجزومًا أو مقترنًا بالفاء على ما تقدم الحديث عنه.

ب- جواب القسم يأتي على التفصيل التالي:

1 نؤوه: يجد عندنا المأوى والإكرام، هضما: ضياعا لحقوقه.

الشاهد: في قوله "ويخضع" حيث عطف بالواو بين الشرط والجواب فيصح النصب والجزم، وقد جاء الفعل في البيت منصوبا باعتبار الواو للمعية.

2 يزلق: يتزحلق.

البيت كله صورة لعدم التثبت قبل الإقدام على الأمر، فيؤدي ذلك للألم والندم، تماما كمن يمشي في الأرض الموحلة الملساء ولا يثبت رجله، فإنه يزلق ويقع ويتألم.

الشاهد: في "فيثبت" حيث عطف بالفاء بين الشرط والجواب، فيصح النصب والجزم، وقد ورد البيت بالنصب وهو أحد الوجهين.

ص: 387

أولا: الجملة المثبتة

إذا كانت الجملة فعلية فعلها مضارع أكد باللام -لام جواب القسم- ونون التوكيد، كقولك:"والله لأنالَنَّ حقي ولو بعد حين" وإذا كانت فعلية فعلها ماض، جاء معه اللام -لام جواب القسم- والحرف "قد" مثل قولك:"أقسم لقد اغتَرَّ الطغاةُ والغرورُ هلاك".

فإن كانت الجملة المثبتة اسمية، جاءت معها إنّ -المكسورة الهمزة- واللام -لام الابتداء- مثل قولك:"والله إنّ الراحةَ لمطلوبةٌ، وإنّ النفوسَ المجهدةَ لقليلةُ الإنتاج".

ثانيا: الجملة المنفية

سواء أكانت فعلية أو اسمية، فإنه يجب أن تنفى بأحد حرفي النفي "ما، لا" تقول: "أقسم ما نجحت أمة بغير أخلاق، ولا هلكت أمة مع التمسك بالأخلاق".

إذا علم ذلك، فماذا يكون الأمر إذا اجتمع الشرط والقسم، وكل منهما في حاجة إلى الجواب؟، لاحظ الأمثلة الآتية:

والله إن تمكنتُ لأصْنَعَنَّ المعروف. "الجواب للقسم، وحذف جواب الشرط".

وإن لم أتمكنْ أقسم فما قصرتُ في الخير. "الجواب للشرط، وحذف جواب القسم".

المعروفُ والله إن فعلتَه فعاقبته خير. "الجواب للشرط، وحذف جواب القسم".

قال علماء النحو رحمهم الله إذا اجتمع الشرط والقسم، واتجه معناهما لجواب واحد، فإن المتقدم منهما يأخذ الجواب، أما المتأخر فيحذف جوابه، كما ترى في المثالين الأول والثاني.

فإن تقدم على كل من الشرط والقسم مبتدأ -كما في المثال الثالث- روعي الشرط تقدم أو تأخر، فكان الجواب له.

ص: 388

هذا هو الأصل في استعمال اللغة، وما ورد غير ذلك مرفوض ما لم يكن ضرورة لشاعر، لضيق الأمر عليه بالوزن والقافية، والضرورات يبحن المحظورات.

الحذف في الجملة الشرطية:

الأصل في الكلام العربي أن يكون كله مذكورا، فالحذف على خلاف الأصل، ومما يحذف جملة الشرط أو جملة الجواب أو هما معا، وهذا الأخير أمره عجب!! إذ تغيب الجملة الشرطية كاملة، ولا يبقى منها سوى الأداة.

وكل ذلك إنما يصح في الكلام إذا كان المحذوف معلومًا من السياق لفظًا أو دلالة.

وعلى ذلك جاء الحذف على النحو التالي:

أولا: حذف جملة الجواب:

وهذا كثير في اللغة، تقول:"أنت ناجٍ إن احترسْتَ" والمثال المشهور في كتب النحو "أنت ظالمٌ إنْ فعلتَ" ومن ذلك قول القرآن: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ} 1 تقدير الجواب المحذوف "فافعل".

ثانيا: حذف جملة الشرط

وهذا قليل في اللغة، وأغلب ما يأتي مع أداة الشرط "إن" وبعدها "لا: النافية" كقول الأحوص يتحدث عن حبيبته التي زوجوها من غيره واسمه "مطر":

1 من الآية 35 سورة الأنعام.

ص: 389

سلامُ الله يا مطرٌ عليها

وليس عليك يا مطَرُ السلامُ

فإن يكن النكاحُ أحلَّ شيء

فإنَّ نكاحَها مطرًا حرامُ

فلا غفرَ الإلهُ لمنْكحيها

ذنوبَهم وإنْ صلُّوا وصاموا

فطلِّقْها فلستَ لها بكُفْءٍ

وإلَّا يَعْلُ مَفْرِقَكَ الحسامُ1

ثالثا: حذف الجملتين جميعا

وهذا نادر في اللغة، وأكثر ما يرد في الشعر، ومن استعماله في النثر ما يقال في مواقف العناد والتحدي "وإنْ" أو "وَلَوْ" فالتقدير "وإن اعتذر فلن أقبل اعتذاره" وأيضا "ولو هدّد فلن أخاف".

أدوات الشرط غير الجازمة:

هي تلك الأدوات التي تقوم بالربط بين شيئين أحدهما يترتب على الآخر فهذه الأدوات تستدعي إذن جملة شرطية كاملة، فيها "أداة الشرط + جملة الشرط + جملة جواب الشرط" لكن هذه الأدوات لا تجزم الأفعال لا في الشرط ولا في الجواب، فلنلاحظ الأمثلة التالية:

لو أنصفَ الناسُ، استراحَ القاضي. "الأداة، لو".

لولا اختلافُ الأذواقِ، لبارت السّلع. "الأداة: لولا".

إذا عرفتَ عدوَّك، أمِنْتَ غِرَّتَه. "الأداة: إذا".

كلما ازدادَ المرءُ علمًا، قَلَّ جهلا. "الأداة: كلما".

لما اشتدت الأزمة، انتظرت الفرج. "الأداة لما: الحينية".

1 معظم أبيات هذه المقطوعة من شواهد النحو، والشاهد هنا في البيت الأخير "وإلا يعل" إذ حذفت جملة الشرط، وأصل الكلام "وإلا تطلقها يعل" وقد جاء ذلك بعد "إن" الشرطية و "لا" النافية.

ص: 390

أشهر أدوات الشرط غير الجازمة خمس هي "لَوْ، لَوْلَا، إذَا، كُلَّمَا، لَمّا: الحينية" وإليك معاني هذه الأدوات كما ينطقها المعربون ووصفا مختصرًا للجملة الشرطية التي تقع بعدها، وشواهدها من الاستعمال العربي.

- لَوْ:

هي -كما يقول المعربون- "حرف امتناع لامتناع" ومعنى ذلك أن الجملة التي تأتي بعدها مجرد افتراض، إذ تفيد امتناع حدوث الجواب لامتناع الشرط، وتتكون جملتها الشرطية كما يلي:

أولا: جملة الشرط: تأتي على الصورة التالية:

أ- أن يكون فعل الشرط فيها فعلا ماضيًا في اللفظ والمعنى، وهذا هو الغالب فيها في اللغة، ومن ذلك قول القرآن:{وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} 1.

ب- أن يكون فعل الشرط ماضيا لفظا ومستقبلا في المعنى، مثل قول القرآن:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ} 2.

ج- أن يكون فعل الشرط مضارعا، ولكن معناه الماضي، كقول كُثَيِّر عزّة:

رهبانُ مدينَ والذين عهدتهم

يبكون من حَذَرِ العذاب قُعُودا

لو يسمعون كما سمعتُ كلامَها

خَرُّوا لعزّةَ رُكَّعا وسجودا3

1 من الآية 188 سورة الأعراف.

2 من الآية 9 سورة النساء.

3 الشاهد: في البيت الثاني، إذ جاء فعل الشرط للحرف "لو" مضارعا "يسمعون" لكن معناه الماضي؛ لأن سياق البيت يدل على ذلك، فكأنه قال:"لو سمعوا".

ص: 391

د- أن تأتي بعدها جملة "أنَّ واسمها وخبرها" وهذا كثير في اللغة ومن ذلك قول توبة بن الحُمَيّر:

ولو أنَّ لَيلَى الأخيلِيَّةَ سلّمتْ

عَلَيَّ ودوني جَنْدَلٌ وصفائحُ

لسلَّمتُ تسليمَ البشاشةِ أو زَقَا

إليها صَدىً من جانبِ القبر صائحُ1

وحينئذٍ يكون المصدر المؤول من "أن واسمها وخبرها" فاعلا لفعل محذوف على الرأي المشهور.

ثانيا: جملة الجواب، وتأتي على الصور التالية:

أ- أن يكون فعلا ماضيا مثبتا، مثل "لو قَدر اللَّئيم على الكريمِ لأهانَه، ولو قدر عليه الكريمُ لعفا عنه".

ب- أن يكون فعلا ماضيا منفيا بالحرف "ما" مثل "لو أُهْمِلَ العلمُ في

1 الجندل: الحجارة الصلبة، صفائح: الحجارة العراض التي تغطي فتحات القبور، زقا: صاح، الصدى: رجع الصوت.

يقول: لو كنت في قبري حيث سد عليَّ بالأحجار والصفائح، ثم جاءت ليلى فسلمت عليَّ، لأجبتها مبتهجًا، أو لسمعت صياحا من القبر هو صدى صوتي؛ إذ حيل بيني وبينها.

الشاهد: في "لو أن ليلى سلمت" فقد جاء بعد "لو" أن واسمها وخبرها وعلى الرأي المشهور يكون المصدر المؤول فاعلا لفعل محذوف هو فعل الشرط وتقدير الكلام "لو حدث تسليم ليلى".

ص: 392

الأمّة، ما بقيتْ لها حضارة" وفي كلتا الصورتين السابقتين يصح أن يأتي في أول الجواب لام تسمى "لام جواب الشرط".

ج- أن يأتي الجواب فعلا مضارعا منفيا بالحرف "لم" مثل "لو حكمتُ لم أظلمْ، ولو ارتقيتُ لم أغتر".

- لَوْلَا:

يقول عنها المعربون: إنها "حرف امتناع لوجود" ومعنى هذه العبارة أن جوابها امتنع لوجود الشرط، فإذا قلت "لولا لطفُ الله لهلك العُصاة" فمعنى هذه الجملة أنه امتنع هلاك العصاة لوجود لطف الله.

وتأتي الجملة بعدها كما يلي:

أولا: جملة الشرط: وهي جملة اسمية يذكر المبتدأ فيها بعد "لولا" ويحذف الخبر وجوبا.

ثانيا: جملة جواب الشرط: وهي جملة فعلية على التفصيل السابق في حرف الشرط "لو".

- من الدعاء المأثور "اللهم لولا أنت، ما اهتدينا، ولا تصدَّقْنا ولا صلَّيْنا، فأنْزلَنْ سكينةً علينا، وثبّت الأقدامَ إن نادينا".

- قول الشاعر:

لولا رجاءُ لقاءِ الظّاعنين لما

أبقت نَوَاهم لنا رُوحًا ولا جَسَدا1

1 الظاعنين: الراحلين، نواهم: بعدهم وغيابهم.

الشاهد: أن "لولا" جاء بعدها اسم مرفوع هو "لقاء" وهو مبتدأ خبره محذوف والجملة الاسمية جملة الشرط، وجواب الشرط جملة "لما أبقت نواهم لنا روحا ولا جسدا".

ص: 393

- إذا:

يقول عنها المعربون "ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه، منصوب بجوابه" ومعنى هذه العبارة تفصيلا ما يلي:

أ- أن "إذا" مع إفادتها الشرط، فإنها اسم بمعنى "حين" وهي منصوبة على الظرفية في محل نصب.

ب- أن الشرط والجواب يكون معناهما في المستقبل، سواء أجاء لفظهما ماضيا أو مضارعا أم جاء الجواب أمرا.

ج- أن جملة الشرط كلها تكون في محل جر بالإضافة إلى "إذا".

د- أن الذي ينصب "إذا" هو الجواب، فهو -في رأي النحاة- عامل الظرف.

من العبارات المأثورة "كان عمر بن الخطاب إذا تكلَّمَ أسمع، وإذا ضربَ أوجعَ، وإذا مشَى أسرعَ".

- كُلَّمَا:

يقول عنها المعربون "حرف يفيد الاستمرار، أداة شرط" ومعناه استمرار تكرار الجواب كلما تكرر الشرط، تقول:"كُلَّمَا ارتفعَ قَدْرُ الكريم، ازداد تواضُعًا، وكُلَّمَا ارتفعَ شأنُ اللئيم، ازدادَ خِسَّة" ومن البيّن أن هذا الارتباط لا يتوقف على الماضي أو الحاضر أو المستقبل، إذ يمكن أن يتحقق فيها جميعا.

- قال القرآن: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً} 1.

من الآية 37 سورة آل عمران.

ص: 394

ومن شعر العقاد يشكو صدمته في الأصدقاء الأوفياء:

أكُلَّمَا لاحَ لي نجمٌ فأتبعه

خبا الضياءُ فلم أبْصِرْ سوى كَدَرِ

أكلما قلتُ هذا جوهرٌ نطقت

عليه دون بَنَاني خِسَّةُ الحَجَرِ

أكلَّما قلتُ هذا كوثرٌ خَصِرٌ

تجمَّعَ الصّابُ لي في الكوثرِ الخصِرِ

هي الحقيقةُ أنساها وأذكرُها

في كلِّ يومٍ ولمَّا يُجْدِنِي حَذَرِي1

- لَمّا: الحينية

هكذا يصفها المعربون فيقال: "لما: حينية، أداة شرط" ومفهوم هذا الوصف أنها بمعنى "حين" فتفيد أيضا تعليق الجواب على الشرط، تقول:"لَمّا التقى الجمعان، ثبتَ الشجاعُ وفرّ الجبان" ومن ذلك قول المتنبي:

ولما صار وُدُّ النَّاس خِبًّا

جزيتُ على ابتسامٍ بابتسامِ

وصرتُ أشكُّ فيمن أصْطفيه

لعلمي أنّه بعضُ الأنامِ2

1 بناني: كفي، كوثر خصر: شديد العذوبة، الصاب: المر، لما يجدني: لما يفدني.

التمثيل بهذه الأبيات لأداة الشرط "كلما" حيث وردت الجملة الشرطية معها في الأبيات الثلاثة الأولى.

2 خبا: خداعا، أصطفيه: أصادقه وأختاره، الأنام: الناس.

موضع التمثيل في البيت الأول، إذ هو جملة شرطية كاملة، استخدمت فيها الأداة "لما".

ص: 395