المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الأربعون التعليق ذكر قوام بنيتك عن شيء] - بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية - جـ ٣

[محمد الخادمي]

فهرس الكتاب

- ‌[السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ الْآفَاتِ الْقَلْبِيَّةِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْإِسْرَافُ وَالتَّبْذِيرُ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي غَوَائِل الْبُخْل وَسَبَبِهِ وَآفَاتِهِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ حُبُّ الْمَالِ لِلْحَرَامِ]

- ‌[مَبْحَثٌ فِي سَبَبِ حُبِّ الْمَالِ وَعِلَاجِهِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي الْإِسْرَاف]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي الْعِلَّةُ الْخَفِيَّةُ وَالسَّبَبُ الْأَصْلِيُّ فِي ذَمِّ الْإِسْرَاف]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ لِلْإِسْرَافِ فِي أَصْنَافِ الْإِسْرَافِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ الْإِسْرَافَ هَلْ يَقَعُ فِي الصَّدَقَةِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ فِي عِلَاجِ الْإِسْرَافِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ الْعَجَلَةُ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْفَظَاظَةُ وَغِلْظَةُ الْقَلْبِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْوَقَاحَةُ قِلَّةُ الْحَيَاءِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْجَزَعُ وَالشَّكْوَى]

- ‌[الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ كُفْرَانُ النِّعْمَةِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ السُّخْطُ وَالتَّضَجُّرُ]

- ‌[الْأَرْبَعُونَ التَّعْلِيقُ ذِكْرُ قِوَامِ بِنْيَتِك عَنْ شَيْءٍ]

- ‌[الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ حُبُّ الْفَسَقَةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بُغْضُ الْعُلَمَاءِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْجُرْأَةُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْيَأْسُ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحُزْنُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا]

- ‌[السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ الْخَوْفُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا]

- ‌[السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْغِشُّ وَالْغُلُّ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ الْفِتْنَةُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْمُدَاهَنَةُ]

- ‌[الْخَمْسُونَ الْأُنْسُ بِالنَّاسِ وَالْوَحْشَةُ لِفِرَاقِهِمْ]

- ‌[الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ الطَّيْشِ وَالْخِفَّةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ الْعِنَادُ وَمُكَابَرَةُ الْحَقِّ وَإِنْكَارُهُ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ التَّمَرُّدُ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الصَّلَفُ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ الْجَرْبَزَةُ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الْبَلَادَةُ وَالْغَبَاوَةُ وَالْحَمَاقَةُ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ الشَّرَهُ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ الْخُمُودُ]

- ‌[السِّتُّونَ آخِرُ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ]

- ‌[الصِّنْفُ الثَّانِي فِي آفَاتِ اللِّسَانِ وَهُوَ قِسْمَانِ]

- ‌[الْقِسْم الْأَوَّلُ فِي وُجُوبِ حِفْظِهِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ آفَاتِ اللِّسَانِ وَفِيهِ سِتَّةُ مَبَاحِثَ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ الَّذِي الْأَصْلُ فِيهِ الْحَظْرُ وَهُوَ سِتُّونَ]

- ‌[الْأَوَّلُ كَلِمَةُ الْكُفْرِ]

- ‌[الثَّانِي مَا فِيهِ خَوْفُ الْكُفْرِ]

- ‌[الثَّالِثُ الْخَطَأُ]

- ‌[الرَّابِعُ الْكَذِبُ]

- ‌[السَّادِسُ الْغِيبَةُ]

- ‌[السَّابِعُ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ النَّمِيمَةُ]

- ‌[الثَّامِنُ السُّخْرِيَةُ وَالِاسْتِهْزَاءُ]

- ‌[التَّاسِعُ اللَّعْنُ]

- ‌[الْعَاشِرُ السَّبُّ]

- ‌[الْحَادِي عَشَرَ الْفُحْشُ]

- ‌[الثَّانِيَ عَشَرَ الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالتَّعْيِيرُ]

- ‌[الثَّالِثَ عَشَرَ النِّيَاحَةُ]

- ‌[الرَّابِعَ عَشَرَ حُكْمُ الْمِرَاء]

- ‌[الْخَامِسَ عَشَرَ الْجِدَالُ]

- ‌[السَّادِسَ عَشَرَ الْخُصُومَةُ]

- ‌[السَّابِعَ عَشَرَ الْغِنَاءُ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ]

- ‌[التَّغَنِّي بِمَعْنَى حُسْنِ الصَّوْتِ بِلَا لَحْنٍ وَلَا زِيَادَةٍ وَإِسْقَاطِ حَرْفٍ مِنْ الْقُرْآنُ]

- ‌[الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ الْمَوْضُوعَةِ الْمُحْدَثَةِ الْمُوَافِقَةِ لِعِلْمِ الْمُوسِيقَى]

- ‌[الِاسْتِغْنَاءُ بِالْقُرْآنِ عَنْ الْأَشْعَارِ وَأَحَادِيثِ النَّاسِ]

- ‌[الثَّامِنَ عَشَرَ إفْشَاءُ السِّرِّ]

- ‌[التَّاسِعَ عَشَرَ الْخَوْضُ فِي الْبَاطِلِ]

- ‌[الْعِشْرُونَ سُؤَالُ الْمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ مِمَّنْ لَا حَقَّ فِيهِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ سُؤَالُ الْعَوَامّ عَنْ كُنْهِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ السُّؤَالُ عَنْ الْمُشْكِلَاتِ الظَّاهِرَةِ فِي الْأُصُولِ الِاعْتِقَادِيَّةِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ الْخَطَأُ فِي التَّعْبِيرِ وَدَقَائِقُ الْخَطَأِ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ النِّفَاقُ الْقَوْلِيُّ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ كَلَامُ ذِي اللِّسَانَيْنِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ الْأَمْرُ بِالْمُنْكَرِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمَعْرُوفِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ غِلْظَةُ الْكَلَامِ وَالْعُنْفُ فِيهِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ السُّؤَالُ وَالتَّفْتِيشُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ]

- ‌[الثَّلَاثُونَ افْتِتَاحُ الْجَاهِلِ الْكَلَامَ]

- ‌[الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ التَّكَلُّمُ عِنْدَ الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِغَيْرِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي حَالَ الْخُطْبَةِ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ كَلَامُ الدُّنْيَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ فِي الْخَلَاءِ وَعِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ عِنْدَ الْجِمَاعِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الدُّعَاءُ عَلَى مُسْلِمٍ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ الدُّعَاءُ لِلْكَافِرِ وَالظَّالِمِ بِالْبَقَاءِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْكَلَامُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ]

- ‌[الْأَرْبَعُونَ كَلَامُ الدُّنْيَا فِي الْمَسَاجِدِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ وَضْعُ لَقَبِ سُوءٍ لِمُسْلِمٍ]

- ‌[الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ كَثْرَةُ الْحَلِفِ وَلَوْ عَلَى الصِّدْقِ]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ سُؤَالُ الْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ سُؤَالُ تَوْلِيَةِ الْأَوْقَافِ]

- ‌[السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ طَلَبُ الْوِصَايَةِ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ دُعَاءُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ رَدُّ عُذْرِ أَخِيهِ وَعَدَمُ قَبُولِهِ]

- ‌[الْخَمْسُونَ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ]

- ‌[الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ إخَافَةُ الْمُؤْمِنِ]

- ‌[الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ قَطْعُ كَلَامِ الْغَيْرِ وَحَدِيثِهِ بِكَلَامِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ]

الفصل: ‌[الأربعون التعليق ذكر قوام بنيتك عن شيء]

(فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْزِلُ الْعَبْدَ مِنْهُ حَيْثُ أَنْزَلَهُ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ) فَمَنْزِلَةُ اللَّهِ عِنْدَ الْعَبْدِ فِي قَلْبِهِ عَلَى قَدْرِ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهُ وَعِلْمِهِ بِهِ، وَإِجْلَالِهِ وَتَعْظِيمِهِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ، وَإِقَامَةِ الْحُرْمَةِ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَالْوُقُوفِ عِنْدَ أَحْكَامِهِ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ وَنَفْسٍ مُطْمَئِنَّةٍ وَالتَّسْلِيمِ لَهُ بَدَنًا وَرُوحًا، وَقَلْبًا وَمُرَاقَبَةِ تَدْبِيرِهِ فِي أُمُورِهِ، وَلُزُومِ ذِكْرِهِ وَالنُّهُوضِ بِأَثْقَالِ نِعَمِهِ وَمَنِّهِ وَتَرْكِ مَشِيئَتِهِ لِمَشِيئَتِهِ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ وَالنَّاسُ فِي ذَلِكَ دَرَجَاتٌ وَحُظُوظُهُمْ بِقَدْرِ حُظُوظِهِمْ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَأَوْفَرُهُمْ حَظًّا مِنْهَا أَعْظَمُهُمْ دَرَجَةً عِنْدَهُ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ. وَعَنْ ابْنِ عَطَاءٍ إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَك عِنْدَهُ فَانْظُرْ مَا أَقَامَك فِيهِ، وَعَنْ بَعْضِ الْعَارِفِينَ إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ قَدْرَك عِنْدَهُ فَانْظُرْ فِيمَا يُقِيمُك مَتَى رَزَقَك الطَّاعَةَ.

وَجْهُ الِاسْتِشْهَادِ مَا قِيلَ: حَاصِلُهُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ رَاضِيًا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا فَعَلَ فَاَللَّهُ رَاضٍ عَنْهُ (وَالشُّرُورُ وَالْمَعَاصِي مَقْضِيَّانِ لَا قَضَاءً) كَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ وَرَدَ عَلَى قَوْلِهِ وَضِدُّهُ الرِّضَا إلَخْ. حَاصِلُهُ إذَا أُلْزِمَ الرِّضَاءُ بِالْقَضَاءِ لَزِمَ الرِّضَا بِالشُّرُورِ وَالْمَعَاصِي وَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّ الرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ وَبِالْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ لُزُومُ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالشُّرُورُ وَالْمَعَاصِي مَقْضِيَّانِ لَا قَضَاءَانِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ (فَلَا يُرَادُ أَنَّ الرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ وَبِالْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ) .

[الْأَرْبَعُونَ التَّعْلِيقُ ذِكْرُ قِوَامِ بِنْيَتِك عَنْ شَيْءٍ]

(الْأَرْبَعُونَ التَّعْلِيقُ، وَهُوَ ذِكْرُ قِوَامِ بِنْيَتِك عَنْ شَيْءٍ) مُتَعَلِّقٍ بِالذِّكْرِ (دُونَ اللَّهِ تَعَالَى) يَعْنِي أَنَّ التَّعْلِيقَ تَعْلِيقُ الْخَاطِرِ بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْأَشْيَاءِ فِيمَا يُقِيمُ بِهِ الْبِنْيَةَ وَرَبْطُ النَّفْسِ بِذَلِكَ كَالطَّعَامِ وَالدَّوَاءِ وَالْمَسْكَنِ وَالْمَلْبَسِ (وَضِدُّهُ) أَيْ التَّعْلِيقِ (التَّوَكُّلُ، وَهُوَ ذِكْرُ قِوَامِ بَدَنِك عَنْ اللَّهِ تَعَالَى) لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِغَيْرِهِ. اعْلَمْ أَنَّ التَّوَكُّلَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَكَالَةِ، وَهِيَ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَى الْغَيْرِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِيهِ وَيُسَمَّى الْمَوْكُولُ إلَيْهِ وَكِيلًا وَالْمُفَوِّضُ مُتَّكِلًا وَمُتَوَكِّلًا فَالتَّوَكُّلُ اعْتِمَادُ الْقَلْبِ عَلَى الْوَكِيلِ وَحْدَهُ (وَقِيلَ كِلَةُ الْأَمْرِ) عَلَى وَزْنِ عِدَةٍ وَزِنَةٍ مِنْ وَكَلَ أَيْ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ (كُلِّهِ إلَى مَالِكِهِ وَالتَّعْوِيلُ عَلَى، وَكَالَتِهِ، وَقِيلَ تَرْكُ السَّعْيِ فِيمَا لَا يَسَعُهُ قُدْرَةُ الْبَشَرِ أَعْنِي الْمُسَبِّبَاتِ فَلَا يَضُرُّهُ السَّعْيُ فِي الْأَسْبَابِ) الْعَادِيَةِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ} [العنكبوت: 17] فَإِنَّهُ هُوَ الرَّزَّاقُ إذْ الِابْتِغَاءُ إنَّمَا يَكُونُ بِتَشَبُّثِ الْأَسْبَابِ {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] أَيْ كَافِيهِ فَفِيهِ تَعْوِيلٌ عَلَى وَكَالَتِهِ تَعَالَى {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36]{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا} [المائدة: 23] أَيْ فَوِّضُوا الْأَمْرَ إلَيْهِ {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23] ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الدَّقَّاقِ التَّوَكُّلُ رَدُّ الْعَيْشِ إلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَإِسْقَاطُهُمْ غَدٌ. وَعَنْ سَهْلٍ هُوَ الِاسْتِرْسَالُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا يُرِيدُ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخَرَّازِ هُوَ أَنْ يَسْتَوِيَ عِنْدَك الْإِكْثَارُ وَالتَّقَلُّلُ، وَعَنْ ابْنِ مَسْرُوقٍ هُوَ الِاسْتِسْلَامُ لِجَرَيَانِ الْقَضَاءِ وَالْأَحْكَامِ، وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ هُوَ الِاكْتِفَاءُ بِاَللَّهِ مَعَ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ هُوَ الْأَكْلُ بِلَا طَمَعٍ، وَقِيلَ هُوَ

ص: 85

الثِّقَةُ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ وَالْيَأْسُ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَقِيلَ هُوَ فَرَاغُ السِّرِّ عَنْ التَّفَكُّرِ لِلتَّقَاضِي فِي طَلَبِ الرِّزْقِ.

(طب عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنْ اسْتَرْقَى» الرُّقْيَةُ مَا يُقْرَأُ مِنْ الدُّعَاءِ وَآيَاتِ الْقُرْآنِ لِطَلَبِ الشِّفَاءِ «أَوْ اكْتَوَى» مِنْ الْكَيِّ (وَتَأْوِيلُهُ سَبَقَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ نَفْيُ كَمَالِ التَّوَكُّلِ أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِقَادِ تَأْثِيرِ الشِّفَاءِ، وَإِلَّا فَقَدْ سَبَقَ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ جَوَازُهُمَا، وَكَوْنُهُمَا مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَوْهُومَةِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَمَا فِي الْحِصْنِ أَنَّهُ يُرْقَى الْمَعْتُوهُ بِالْفَاتِحَةِ، وَأَيْضًا اللَّدِيغُ بِالْفَاتِحَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَغَيْرُهُمَا وَوَقَعَ فِي الْفَتَاوَى، وَأَمَّا أَخْذُ الْأُجْرَةِ فَظَاهِرُ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ عَلَى الْجَوَازِ وَالْأَكْثَرُ عَلَى التَّأْوِيلِ.

قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بَيْعُ التَّعَاوِيذِ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَخْذُ الْمَالِ لَا يَحِلُّ، وَإِنْ قَالَ إنِّي أَدْفَعُ هَدِيَّةً وَفِي بُسْتَانِ أَبِي اللَّيْثِ إنَّ الْأَخْبَارَ الْوَارِدَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ التَّدَاوِي وَالرُّقَى مَنْسُوخَةٌ إلَخْ (ت عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى حَقَّ تَوَكُّلِهِ» ، وَهُوَ كَمَالُ التَّوَكُّلِ إذْ الْمُتَوَكِّلُ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ حَالُهُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى كَحَالِ الطِّفْلِ فِي حَقِّ أُمِّهِ إذْ لَا يَعْرِفُ غَيْرَهَا، وَلَا يَفْزَعُ إلَى سِوَاهَا، وَلَا يَعْتَمِدُ إلَّا إيَّاهَا، وَإِنْ نَابَهُ مُرٌّ فِي غَيْبَتِهَا لَا يَسْبِقُ إلَى لِسَانِهِ إلَّا يَا أُمَّاهُ، وَإِذَا غَضِبَتْ عَلَيْهِ أُمُّهُ لَا يَفْزَعُ إلَّا إلَيْهَا.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حَالُهُ كَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَثِقَ بِكَفَالَةِ أُمِّهِ وَشَفَقَتِهَا، وَلَا يَطْلُبُ مِنْهَا شَيْئًا، وَلَا يَخْطِرُ فِي قَلْبِهِ إلَّا أُمُّهُ دُونَ ضَمَانِهَا، وَكَفَالَتِهَا لَهُ.

الثَّالِثُ: وَهُوَ أَعْلَاهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ مِثْلَ الْمَيِّتِ بَيْنَ يَدَيْ الْغَاسِلِ، وَهَذَا الْمَقَامُ يُثْمِرُ تَرْكَ الدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ مِنْهُ ثِقَةً بِكَرَمِهِ وَيَنْفِي التَّدْبِيرَ رَأْسًا وَالثَّانِي يُثْمِرُ تَرْكَ السُّؤَالِ دُونَ الدُّعَاءِ وَيَنْفِي كُلَّ تَدْبِيرٍ إلَّا الدُّعَاءَ وَالْأَوَّلُ يُثْمِرُ تَرْكَ السُّؤَالِ مِنْ غَيْرِهِ فَقَطْ، وَلَا يَنْفِي أَصْلَ التَّدْبِيرِ بَلْ بَعْضَ التَّدْبِيرَاتِ وَالْأَوَّلُ مُمْكِنُ الْوُجُودِ وَالْأَخِيرَانِ نَادِرَانِ، وَلَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا لَا يَدُومُ كَذَا فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ فَحَقُّ التَّوَكُّلِ الثَّالِثُ أَوْ الْأَخِيرُ إنْ مُطْلَقًا لَكِنْ قَوْلُهُ «لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ» شَامِلٌ لِلْأَوَّلِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُرَادَ مِنْ حَقِّ التَّوَكُّلِ حَقِيقَتُهُ الشَّامِلَةُ لِلْكُلِّ ثُمَّ بَيَّنَ رِزْقَ الطَّيْرِ بِقَوْلِهِ «تَغْدُو» تُصْبِحُ «خِمَاصًا» جِيَاعًا «وَتَرُوحُ بِطَانًا» شِبَاعًا فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّعْطِيلَ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ التَّوَكُّلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّوَسُّلِ وَالِاكْتِسَابِ؛ لِأَنَّ مَرْزُوقِيَّةَ الطَّيْرِ بِالسَّعْيِ وَالطَّلَبِ فَالْمَعْنَى لَوْ تَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ فِي حَرَكَاتِهِمْ، وَعَلِمُوا أَنَّ الْخَيْرَ بِيَدِهِ لَمْ يَنْصَرِفُوا إلَّا غَانِمِينَ سَالِمِينَ كَالطَّيْرِ لَكِنْ اعْتَمَدُوا عَلَى قُوَّتِهِمْ وَكَسْبِهِمْ.

قَالَ الْقُشَيْرِيُّ

ص: 86

مَحَلُّ التَّوَكُّلِ الْقَلْبُ وَالْحَرَكَةُ بِالظَّاهِرِ لَا تُنَافِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ عَمَلَ الْعَبْدِ إمَّا جَلْبُ نَفْعٍ مَفْقُودٍ أَوْ حِفْظُ نَفْعٍ مَوْجُودٍ أَوْ دَفْعُ ضُرٍّ لَمْ يَنْزِلْ أَوْ قَطْعُ ضُرٍّ نَزَلَ فَسَبَبُ جَلْبِ النَّفْعِ إمَّا مَقْطُوعٌ كَمَدِّ الْيَدِ إلَى الطَّعَامِ فَتَرْكُ مِثْلِهِ جَهْلٌ وَحُمْقٌ لَا تَوَكُّلٌ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ تَعَالَى لَا مِنْ الْيَدِ وَالْأَسْنَانِ أَوْ مَظْنُونٌ كَزَادِ مَنْ سَافَرَ الْبَرَارِيَّ فَتَرْكُهُ لَيْسَ مِنْ التَّوَكُّلِ عِنْدَ الْمُتَوَسِّطِينَ، وَإِنْ جَائِزًا عِنْدَ الْخَوَاصِّ أَوْ مَوْهُومٌ كَالرُّقْيَةِ وَالطِّيَرَةِ وَالْكَيِّ فَتَرْكُهُ تَوَكُّلٌ وَمُبَاشَرَتُهُ تُخِلُّ بِالتَّوَكُّلِ ثُمَّ الْمُتَوَكِّلُونَ إمَّا خَوَاصُّ فَهُمْ يَتْرُكُونَ أَكْثَرَ الْقَطْعِيَّةِ كَتَرْكِهِمْ الزَّادَ عِنْدَ سِيَاحَةِ الْبَرَارِيِّ، وَإِمَّا مُتَوَسِّطُونَ كَالتَّقَاعُدِ عَنْ الْكَسْبِ فِي الْمِصْرِ ثِقَةً بِكِفَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِمَّا عَوَامُّ يَكْتَسِبُونَ وَلَكِنْ لَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى الْكَسْبِ فَصَاحِبُ الْعِيَالِ يَتَرَجَّحُ لَهُ هَذَا الْقِسْمُ عَلَى الَّذِي فَوْقَهُ كَمَا اكْتَسَبَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَعْدَمَا بُويِعَ بِالْخِلَافَةِ، وَأَيْضًا الْمُتَجَرِّدُ عَنْ الْعِيَالِ إنْ اسْتَشْرَفَتْ نَفْسُهُ إلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَالْكَسْبُ لَهُ أَفْضَلُ (أَشَارَ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام إلَى أَنَّ حَقَّ التَّوَكُّلِ) الْمَطْلُوبَ مِنْ التَّوَكُّلِ (وَأَعْلَى كَمَالِهِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ طَلَبُ الرِّزْقِ كِفَايَةَ الْيَوْمِ) بَدَلٌ مِنْ الرِّزْقِ (إلَى كِفَايَةِ الْغَدِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَنْ لَا يُجَاوِزَ (وَلَا يَدَّخِرَهُ لَهُ) أَيْ لِلْغَدِ (فَيُحْمَلُ هَذَا) أَيْ عَدَمُ الِادِّخَارِ لِلْغَدِ (عَلَى حَقِّ نَفْسِهِ لَا) عَلَى حَقٍّ (فِي عِيَالِهِ إذْ ثَبَتَ) صَحَّ «ادِّخَارُهُ عليه الصلاة والسلام لِأَزْوَاجِهِ قُوتَ سَنَةٍ» وَالْأَصْلُ فِي فِعْلُهُ أَنْ يَكُونَ شَرْعًا لَنَا إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ كَوْنِهِ خَاصًّا بِهِ خِلَافًا لِمَنْ عَكَسَ وَمَعَ ادِّخَارِهِ لَهُنَّ كَانَ يُنْفِقُ مِنْهُ فِي الْبِرِّ.

وَتَفْصِيلُهُ أَنَّ التَّوَكُّلَ تَرْكُ الِادِّخَارِ وَذَلِكَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِقَصْرِ الْأَمَلِ، وَأَقَلُّ دَرَجَاتِهِ يَوْمٌ، وَلَيْلَةٌ فَمَا دُونَهُ، وَأَكْثَرُهَا عُمُرُ الْإِنْسَانِ وَبَيْنَهُمَا دَرَجَاتٌ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَدَّخِرَ أَصْلًا ثُمَّ كُلَّمَا قَلَّ ادِّخَارُهُ كَثُرَ فَضْلُهُ هَذَا لِمَنْ لَا يَلْتَفِتُ إلَّا إلَى الْوَكِيلِ الْحَقِّ، وَإِلَّا فَالِادِّخَارُ أَفْضَلُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَجَرُّدُ الْقُلُوبِ لِذِكْرِ اللَّهِ وَرُبَّ شَخْصٍ شَغَلَهُ وُجُودُ قُوتٍ وَرُبَّ شَخْصٍ شَغَلَهُ عَدَمُهُ هَذَا حُكْمُ الْمُنْفَرِدِ، وَأَمَّا صَاحِبُ الْعِيَالِ فَلَهُ ادِّخَارُ قُوتِ سَنَةٍ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلتَّوَكُّلِ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ تَتَكَرَّرُ عِنْدَ تَكَرُّرِ السِّنِينَ فَادِّخَارُ مَا يَزِيدُ عَلَيْهِ سَبَبُهُ ضَعْفُ الْقَلْبِ وَالْمُتَوَكِّلُ مُوَحِّدٌ قَوِيُّ الْقَلْبِ مُطْمَئِنُّ النَّفْسِ إلَى فَضْلِ اللَّهِ وَاثِقٌ بِتَدْبِيرِهِ دُونَ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ وَقَدْ ادَّخَرَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعِيَالِهِ قُوتَ سَنَةٍ لِيُبَيِّنَ ذَلِكَ لِضُعَفَاءِ أُمَّتِهِ وَكَيْفَ لَا، وَقَدْ نَهَى بِلَالًا عَنْ الِادِّخَارِ فِي كِسْرَةِ خُبْزٍ ادَّخَرَهَا لِيُفْطِرَ عَلَيْهَا فَقَالَ «أَنْفِقْ يَا بِلَالُ، وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إقْلَالًا» وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ «أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ الضُّعَفَاءِ فَإِنَّ الْغَرَضَ فَرَاغُ الْقَلْبِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ أَمْكَنَ بِالْعَزِيمَةِ أَوْ بِالرُّخْصَةِ فَالنَّاسُ فِيهِ مُخْتَلِفٌ.

(حب) ابْنُ حِبَّانَ (عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ عليه الصلاة والسلام «إنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ» ، وَفِي الْجَامِعِ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ أَيْ مَا قُدِّرَ لَهُ مِنْ الرِّزْقِ يَأْتِيهِ أَلْبَتَّةَ فَتَجَاوُزُ الْحَدِّ فِي طَلَبِهِ وَالِانْهِمَاكُ لِشَأْنِهِ وَالْحِرْصُ عَلَى اسْتِزَادَتِهِ لَا يُنْتِجُ إلَّا شُغْلَ الْقُلُوبِ عَنْ خِدْمَةِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ وَالْعَمَى عَنْ مَرْتَبَةِ الْعُبُودِيَّةِ وَسُوءَ الظَّنِّ بِالْحَضْرَةِ الرَّازِقَةِ قَالَ ابْنُ عَطَاءٍ اجْتِهَادُك فِيمَا ضُمِنَ لَك وَتَقْصِيرُك فِيمَا طُلِبَ مِنْك دَلِيلٌ عَلَى انْطِمَاسِ بَصِيرَتِك.

(حب هق عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَأَى تَمْرَةً غَابِرَةً» دَاخِلَةً فِي التُّرَابِ مُتَلَطِّخَةً «فَأَخَذَهَا فَنَاوَلَهَا سَائِلًا فَقَالَ أَمَا» بِالتَّخْفِيفِ حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ «إنَّك لَوْ لَمْ تَأْتِهَا لَأَتَتْك» عَلَى حُكْمِ الْقِسْمَةِ الْأَزَلِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا رِزْقُك الَّذِي سَاقَهُ اللَّهُ لَك فَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُهُ لُزُومُ التَّقَاعُدِ عَنْ

ص: 87

مُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ؛ لِأَنَّ رِزْقَك يَأْتِيك عِنْدَ عَدَمِ إتْيَانِك إلَيْهِ قُلْنَا أُجِيبَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَهْيٍ عَنْ الْأَسْبَابِ بَلْ عَنْ الرُّكُونِ إلَيْهَا وَتَحْرِيضٌ عَلَى الِاعْتِمَادِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْجَنَانِ. أَقُولُ يَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْ الْخَوَاصِّ الَّذِينَ لَهُمْ تَوَكُّلٌ تَامٌّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَعَنْ ابْنِ الْمَلَكِ وَحُكِيَ أَنَّ فَرْخَ الْغُرَابِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْضَتِهِ يَكُونُ أَبْيَضَ اللَّوْنِ فَيُنْكِرُهُ الْغُرَابُ فَيَتْرُكُهُ وَيَذْهَبُ وَيَبْقَى الْفَرْخُ جَائِعًا فَيُرْسِلُ اللَّهُ إلَيْهِ الذُّبَابَ وَالنَّمْلَةَ فَيَلْتَقِطُهَا إلَى أَنْ يَكْبَرَ قَلِيلًا وَيَسْوَدَّ فَيَرْجِعُ الْغُرَابُ فَيَرَاهُ أَسْوَدَ فَيَضُمُّهُ إلَى نَفْسِهِ فَيَصِلُ إلَيْهِ الرِّزْقُ بِلَا سَعْيٍ حُكِيَ أَنَّ حَاتِمًا الْأَصَمَّ رَأَى رَجُلًا يَعْدُو فَقَالَ مَا تَطْلُبُ قَالَ أَطْلُبُ رِزْقِي قَالَ أَتَدْرِي أَيْنَ هُوَ قَالَ لَا قَالَ فَإِنْ اسْتَقْبَلَك تَعْرِفُهُ قَالَ لَا قَالَ حَاتِمٌ مَا رَأَيْت أَعْجَبَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ يَعْدُو فِي طَلَبِ شَيْءٍ لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ، وَإِنْ اسْتَقْبَلَهُ لَا يَعْرِفُهُ يَا هَذَا إنَّك لَمْ تُؤْمَرْ بِطَلَبِ الرِّزْقِ، وَلَكِنْ الرِّزْقُ أُمِرَ بِطَلَبِك، وَإِنَّك لَا تَعْرِفُهُ فِي نِصْفِ النَّهَارِ، وَهُوَ يَعْرِفُك فِي نِصْفِ اللَّيْلِ أَيْ كَرِيمِي كه أزخزانه غَيْب كبر وَتُرْسًا وَظِيفه خوار دارى دوستانرا كجا كنى مَحْرُوم توكه بادشمنان نَظَرٌ دارى.

(ت عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْقِلُهَا» عَلَى التَّكَلُّمِ أَيْ أَرْبِطُ يَدَهَا بِالْعَقْلِ «، وَأَتَوَكَّلُ» فِي حِفْظِهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْعِقَالِ يَعْنِي يَكُونُ تَوَكُّلِي عَلَى اللَّهِ بِالْعِقَالِ لَا بِدُونِهِ «أَوْ أُطْلِقُهَا» أَيْ أَتْرُكُهَا فَلَا أَعْقِلُهَا «، وَأَتَوَكَّلُ» عَلَى اللَّهِ فِي حِفْظِهَا وَالْمُرَادُ بِالسُّؤَالِ أَيَفْعَلُ السَّبَبَ أَمْ يَتْرُكُهُ «قَالَ اعْقِلْهَا» احْبِسْهَا بِالْعَقْلِ امْتِثَالًا لِلْحِكْمَةِ الْعَلِيَّةِ «وَتَوَكَّلْ» يَعْنِي اجْمَعْ بَيْنَهُمَا فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى وُجُوبِ الْمُبَاشَرَةِ بِالْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ (فَالْأَوَّلَانِ) أَيْ حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي أَنَّ الرِّزْقَ يَطْلُبُ الْعَبْدَ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي التَّمْرَةِ الْغَائِرَةِ (مَحْمُولَانِ عَلَى) وُجُوبِ (اعْتِقَادِ الْقَدَرِ) أَيْ عَلَى أَنَّ مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَزَلِ رِزْقًا لِعَبْدِهِ يَطْلُبُهُ، وَلَا يَتَجَاوَزُ غَيْرَهُ أَلْبَتَّةَ إمَّا لِمُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِشَيْءٍ آخَرَ (وَ) الْحَدِيثُ (الْأَخِيرُ) حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْعَقْلِ وَالتَّوَكُّلِ (عَلَى التَّمَسُّكِ بِالسَّبَبِ الْمَأْمُورِ بِهِ) بِالْحِكْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ كَالتَّدَاوِي

ص: 88

وَالِاكْتِوَاءِ وَمُعَاطَاةِ أَسْبَابِ الْمَعِيشَةِ (فَلَا مُنَافَاةَ) بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَوْ نَقُولُ الْأَوَّلَانِ لِلْخَوَاصِّ وَالْأَخِيرُ لِلْعَوَامِّ إذْ حَالُهُ عليه الصلاة والسلام بِالْخَوَاصِّ غَيْرُ حَالِهِ بِالْعَوَامِّ؛ وَلِهَذَا تَرَى حَالَ الصَّالِحِينَ أَكْثَرَ فِي التَّفْوِيضِ.

قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِينَ إنَّهُ كَانَ فِي الْبَادِيَةِ فَوَسْوَسَ إلَيْهِ الشَّيْطَانُ بِأَنَّك مُتَجَرِّدٌ، وَهَذِهِ بَادِيَةٌ لَا عُمْرَانَ فِيهَا، وَلَا نَاسَ فَعَزَمَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى تَجَرُّدِهِ، وَأَنْ يَتْرُكَ الطَّرِيقَ حَتَّى لَا يُقْعِدَهَا بِأَحَدٍ، وَلَا يَأْكُلَ شَيْئًا حَتَّى يُجْعَلَ فِي فِيهِ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ ثُمَّ عَدَلَ عَنْ الشَّارِعِ وَمَرَّ عَلَى وَجْهِهِ قَالَ رحمه الله فَسِرْت مَا شَاءَ اللَّهُ فَإِذَا بِقَافِلَةٍ قَدْ ضَلَّتْ الطَّرِيقَ فَلَمَّا أَبْصَرْتهمْ رَمَيْت بِنَفْسِي إلَى الْأَرْضِ لَعَلَّهُمْ لَا يُبْصِرُونَنِي فَسَيَّرَهُمْ اللَّهُ حَتَّى وَقَفُوا عَلَيَّ فَغَمَّضْت عَيْنِي فَدَنَوْا مِنِّي، وَقَالُوا هَذَا مُنْقَطِعٌ قَدْ غُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ فَهَاتُوا سَمْنًا وَعَسَلًا نَجْعَلُهُ فِي فِيهِ لَعَلَّهُ يُفِيقُ فَأَتَوْا بِعَسَلٍ وَسَمْنٍ فَسَدَدْت فَمِي وَأَسْنَانِي فَأَتَوْا بِسِكِّينٍ فَعَالَجُوا فَمِي حَتَّى فَتَحُوا فَضَحِكْت، وَفَتَحْتُ فَايَ فَقَالُوا أَنْتَ مَجْنُونٌ فَأَخْبَرْتهمْ الْقِصَّةَ، وَفِي الْمِنْهَاجِ أَيْضًا، وَعَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا كُنْت مُتَجَرِّدًا فِي مَسْجِدٍ فَوَسْوَسَ إلَيَّ الشَّيْطَانُ بِأَنَّ هَذَا مَسْجِدٌ بَعِيدٌ مِنْ النَّاسِ، وَلَوْ صِرْت إلَى مَسْجِدٍ بَيْنَ النَّاسِ لَزَارَك أَهْلُهُ، وَقَامُوا بِكِفَايَتِك فَعَهِدْت عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا آكُلَ شَيْئًا إلَّا الْحَلْوَى، وَلَا آكُلَهُ حَتَّى يُوضَعَ فِي فِي لُقْمَةً لُقْمَةً وَصَلَّيْت، وَأَغْلَقْت الْبَابَ فَلَمَّا مَضَى صَدْرٌ مِنْ اللَّيْلِ إذَا أَنَا بِإِنْسَانٍ يَدُقُّ الْبَابَ وَمَعَهُ سِرَاجٌ فَلَمَّا أَكْثَرَ الدَّقَّ فَتَحْت الْبَابَ فَإِذَا بِعَجُوزٍ قَدْ دَخَلَتْ فَوَضَعَتْ بَيْنَ يَدَيْ طَبَقًا مِنْ الْخَبِيصِ، وَقَالَتْ هَذَا الشَّابُّ، وَلَدِي صَنَعْت لَهُ هَذَا الْخَبِيصَ وَجَرَى مِنِّي كَلَامٌ فَحَلَفْت أَنْ لَا يَأْكُلَ حَتَّى يَأْكُلَ مَعَهُ رَجُلٌ غَرِيبٌ فَكُلْ رَحِمَك اللَّهُ فَأَخَذَتْ تَضَعُ فِي فَمِي لُقْمَةً، وَفِي فَمِ وَلَدِهَا لُقْمَةً.

فَفِي أَمْثَالِهِمَا فَوَائِدُ أَنَّ الرِّزْقَ لَا يَفُوتُ مَنْ قُدِّرَ لَهُ وَالتَّوَكُّلَ أَمْرٌ مُهِمٌّ لَازِمٌ وَلِلشَّيْطَانِ فِيهِ غَوَائِلُ لَا يَتَخَلَّصُ مِنْ غَائِلَتِهِ الْمُنْتَهِي فَضْلًا عَنْ الْمُبْتَدِئِ (فَظَهَرَ أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ) الْعَادِيَةِ (الْمَظْنُونَةِ الْوُصُولِ إلَى الْمُسَبِّبَاتِ لَا تَنَافِي التَّوَكُّلَ) بِشَرْطِ عَدَمِ اعْتِقَادِ التَّأْثِيرِ لِتِلْكَ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ لِاخْتِلَافِ دَاعِيهِمَا وَمَحَلِّهِمَا إذْ دَاعِي الْأَوَّلِ الْيَقِينُ وَمَحَلُّهُ الْبَاطِنُ وَدَاعِي الثَّانِي عَدَمُ الْيَقِينِ وَمَحَلُّهُ الظَّاهِرُ (أَصْلًا) لَا فِي أَصْلِهِ، وَلَا فِي كَمَالِهِ لَعَلَّ فِي الْأَخِيرِ نَوْعُ خَفَاءٍ يُعْرَفُ بِالرُّجُوعِ إلَى نَحْوِ مَا ذُكِرَ آنِفًا (فَلِذَا فُرِضَ الْكَسْبُ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «طَلَبُ الْكَسْبِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» كَمَا أَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ كَمَا فِي التتارخانية (لِلْمُحْتَاجِ) ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا حَاصِلُهُ هُوَ فَرْضٌ عَلَى قَدْرِ مَا يَقُومُ بِهِ صَلْبُ نَفْسِهِ أَوْ عِيَالِهِ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ مُبَاحٌ إذَا لَمْ يُرِدْ الْفَخْرَ ثُمَّ كُلُّ الْكَسْبِ مُبَاحٌ خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَ الزِّرَاعَةَ مَذْمُومَةً وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ التِّجَارَةِ، وَأَمَّا الِاكْتِسَابُ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ فَإِنْ تَعَيَّنَ لَيْسَ لَهُ أَجْرٌ خِلَافًا لِحَفْرِ الْقَبْرِ وَحَمْلِ الْمَيِّتِ، وَأَمَّا أَجْرُ ضَرْبِ الطَّبْلِ فَإِنْ لِلْغُزَاةِ وَالْقَافِلَةِ جَازَ، وَإِنْ لِلَّهْوِ لَا وَضَابِطُهُ كُلُّ مَا أُخِذَ بِمُقَابَلَةِ الْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ فَيَجِبُ الرَّدُّ أَوْ التَّصَدُّقُ إنْ لَمْ يُعْرَفْ وَمَا تَأْخُذُهُ النَّائِحَةُ وَالْمُغَنِّي وَنَحْوُهُمَا بِالرِّضَا وَبِلَا عَقْدٍ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَمَا جُمِعَ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ وَمِنْ الْغَرَامَاتِ فَلَا يُؤْكَلُ دِيَانَةً وَيَسَعُ حُكْمًا إنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ وَالرِّشْوَةِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

(وَلَوْ سُؤَالًا) ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ الْمَكَاسِبِ حَتَّى لَوْ مَاتَ وَلَمْ يَسْأَلْ يَأْثَمُ وَمَا فِي التتارخانية عَنْ الْيَنَابِيعِ وَمَا جَمَعَ السَّائِلُ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ خَبِيثٌ فَعِنْدَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ (وَ) وَجَبَ (الْأَكْلُ لِدَفْعِ الْهَلَاكِ) فَلَوْ امْتَنَعَ عَنْ الْأَكْلِ حَتَّى مَاتَ دَخَلَ النَّارَ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ التَّدَاوِي (وَأُمِرَ بِأَخْذِ الْحَذَرِ) مِنْ الْعَدُوِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى «خُذُوا حِذْرَكُمْ» (وَالسِّلَاحِ)«خُذُوا أَسْلِحَتَكُمْ» ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ سَيِّدُ الْمُتَوَكِّلِينَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ وَتَحَصَّنَ مِنْ الْعَدُوِّ فِي الْخَنْدَقِ لِعَدَمِ تَنَافِيهِ التَّوَكُّلَ لِكَوْنِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَظْنُونَةِ.

ص: 89