الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا تَكْذِبُوا فِي شَيْءٍ إلَّا عِنْدَ تَرَجُّحِ مَصْلَحَةٍ أَرْجَحَ مِنْ مَصْلَحَةِ الصِّدْقِ كَحِفْظِ مَعْصُومٍ «وَأَوْفُوا إذَا وَعَدْتُمْ» فَإِنَّ الْعِدَةَ دِينٌ وَوَعْدُ الْكَرِيمِ دَيْنُ الْغَرِيمِ «وَأَدُّوا» الْأَمَانَاتِ «إذَا ائْتُمِنْتُمْ» {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَدَخَلَ فِيهِ مَا تَقَلَّدَ الْمُؤْمِنُ بِإِيمَانِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْأَحْكَامِ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ رِعَايَةِ حَقِّ نَفْسِهِ وَزَوْجِهِ وَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مِنْ نُصْحِهِ وَحَقِّ مَمْلُوكِهِ أَوْ مَالِكِهِ أَوْ مُوَالِيهِ فَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَاجِبٌ كَذَا فِي الْفَيْضِ لَعَلَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا الرَّعَايَا لِلْمُلُوكِ وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ لِلْقَضَاءِ وَالْعُلُومُ لِلْعُلَمَاءِ وَحِفْظُ الْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَهُ تَلَامِيذُ الْمَشَايِخِ عَنْهُمْ «وَاحْفَظُوا» أَيُّهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ «فُرُوجَكُمْ» عَنْ الْفُحْشِ «وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ» عَمَّا لَا يَجُوزُ نَظَرُهُ «وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» عَنْ أَخْذِ مَالِ الْغَيْر ظُلْمًا وَضَرْبِهِ وَلَمْسِ الْمُحَرَّمِ
[السَّادِسُ الْغِيبَةُ]
(السَّادِسُ) مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ (الْغِيبَةُ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ (وَهِيَ ذِكْرُ مَسَاوِئِ) جَمْعُ سُوءٍ (أَخِيك الْمُعَيَّنِ الْمَعْلُومِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ) فَإِنْ لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ الْمَعْلُومِ عِنْدَهُ فَلَيْسَ بِغِيبَةٍ (أَوْ مُحَاكَاتُهَا) أَيْ الْمَسَاوِئِ كَأَنْ يَمْشِيَ مُتَعَارِجًا حِكَايَةً لِفِعْلِ أَعْرَجَ (وَتَفْهِيمُهَا) لِلْمُخَاطِبِ (بِالْيَدِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْجَوَارِحِ) فَالتَّعْرِيضُ كَالتَّصْرِيحِ وَالْفِعْلُ كَالْقَوْلِ بَلْ هُمَا أَشَدُّ أَنْوَاعِهَا لِأَنَّهُمَا أَعْظَمُ فِي التَّصْوِيرِ وَالتَّفْهِيمِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها وَعَنْ أَبَوَيْهَا «دَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ فَلَمَّا وَلَّتْ أَوْمَأْتُ بِيَدِي إلَى أَنَّهَا قَصِيرَةٌ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ اغْتَبْتِيهَا» (عَلَى وَجْهِ السَّبِّ وَالْبُغْضِ) أَيْ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِفْهَامِ وَبِالْجُمْلَةِ الْغِيبَةُ أَنْ تَذْكُرَ أَخَاك بِمَا يَكْرَهُهُ لَوْ بَلَغَهُ سَوَاءٌ ذَكَرْت نُقْصَانًا فِي بَدَنِهِ أَوْ فِي نَسَبِهِ أَوْ فِي خُلُقِهِ أَوْ فِعْلِهِ وَقَوْلِهِ أَوْ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ حَتَّى فِي ثَوْبِهِ وَدَارِهِ وَدَابَّتِهِ ثُمَّ لَا نَقْصُرُ عَلَى اللِّسَانِ بَلْ التَّعْرِيضُ فِيهِ كَالتَّصْرِيحِ وَالْفِعْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ وَالْإِشَارَةُ وَالْإِيمَاءُ وَالرَّمْزُ وَالْغَمْزُ وَالْحَرَكَةُ وَالْكِتَابَةُ وَكُلُّ مَا يُفْهِمُ الْمَقْصُودُ وَمِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ الْمُصَنَّفِينَ شَخْصًا مُعَيَّنًا وَتَهْجِينُ كَلَامِهِ إلَّا لِعُذْرٍ مُحْوِجٍ وَمِنْ أَخْبَثِ أَنْوَاعِهَا قَوْلُ الْقُرَّاءِ الْمُرَائِينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَبْتَلِنَا بِالدُّخُولِ عَلَى السُّلْطَانِ وَالتَّبَذُّلِ فِي طَلَبِ الْحُطَامِ عِنْدَ ذِكْرِ شَخْصٍ حَالُهُ كَذَلِكَ أَوْ يَقُولُ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ قِلَّةِ الْحَيَاءِ ذَمًّا لِلْغَيْرِ مَعَ الرِّيَاءِ وَكَذَا يَقُولُ مَا أَحْسَنَ فُلَانًا لَوْلَا تَقْصِيرُهُ فِي الْعِبَادَاتِ لَكِنَّهُ اُبْتُلِيَ بِمَا اُبْتُلِينَا فَيَذُمُّ غَيْرَهُ وَيَمْدَحُ نَفْسَهُ بِالتَّشْبِيهِ بِالصَّالِحِينَ فِي ذَمِّ أَنْفُسِهِمْ فَيَغْتَابُ وَيُرَائِي وَيُزَكِّي نَفْسَهُ (وَهُوَ حَرَامٌ قَطْعِيٌّ) فِي الْفَيْضِ عَنْ الْأَذْكَارِ الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ مُحَرَّمَتَانِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12] لَا يَخْفَى أَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى الْحُرْمَةِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى كَوْنِ أَلْفَاظِهِ مُفَسَّرَةً أَوْ مُحْكَمَةً عِنْدَ بَعْضٍ وَيَكْفِي كَوْنُهَا ظَاهِرَةً أَوْ نَصُّهُ
وَأَيْضًا أَنَّ دَلَالَةَ مِثْلِ هَذَا النَّهْيِ مِنْ حَيْثُ هُوَ نَهْيٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ أَنَّهُ فِي الشَّرْعِيَّاتِ أَوْ الْحِسِّيَّاتِ أَوْ لِقُبْحٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ لِوَصْفِهِ أَوْ لِمُجَاوِرِهِ كَمَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَارْجِعْ إلَيْهِ مُتَأَمِّلًا {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [الحجرات: 12] تَمْثِيلٌ لِمَا يَنَالُهُ الْمُغْتَابُ مِنْ عِرْضِ الْمُغْتَابِ عَلَى أَفْحَشِ وَجْهٍ مَعَ مُبَالَغَةِ الِاسْتِفْهَامِ الْمُقَرِّرِ وَإِسْنَادُ الْفِعْلِ إلَى أَحَدٍ لِلتَّعْمِيمِ وَتَعْلِيقُ الْمَحَبَّةِ بِمَا هُوَ غَايَةُ الْكَرَاهَةِ وَتَمْثِيلُ الِاغْتِيَابِ بِأَكْلِ لَحْمِ الْإِنْسَانِ وَجَعْلُ الْمَأْكُولِ أَخًا مَيِّتًا وَتَعْقِيبُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12] تَحْقِيقٌ وَتَقْرِيرٌ لِذَلِكَ وَالْمَعْنَى إنْ صَحَّ ذَلِكَ أَوْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ هَذَا فَكَرِهْتُمُوهُ وَلَا يُمْكِنُكُمْ إنْكَارُ كَرَاهِيَتِهِ وَانْتِصَابُ مَيِّتًا عَلَى الْحَالِ مِنْ اللَّحْمِ أَوْ الْأَخِ {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12] لِمَنْ اتَّقَى مَا نُهِيَ عَنْهُ وَتَابَ مِمَّا فَرَطَ مِنْهُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي التَّوَّابِ لِأَنَّهُ بَلِيغٌ فِي قَبُولِ التَّوْبَةِ بِهِ إذْ يَجْعَلُ صَاحِبَهَا كَمَنْ لَمْ يُذْنِبْ أَوْ لِكَثْرَةِ الْمَتُوبِ عَلَيْهِمْ أَوْ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِمْ كَذَا فِي الْقَاضِي
(حُبّ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صَبْ أَصْبَهَانِيٌّ (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الرَّجُلَ لَيُؤْتَى كِتَابَهُ» أَيْ كِتَابَ حَسَنَاتِهِ «مَنْشُورًا فَيَقُولُ يَا رَبِّ فَأَيْنَ حَسَنَاتُ كَذَا وَكَذَا عَمِلْتهَا» فِي الدُّنْيَا «لَيْسَتْ فِي صَحِيفَتِي فَيَقُولُ لَهُ مُحِيَتْ بِاغْتِيَابِكَ النَّاسَ وَكُتِبَتْ فِي كِتَابِ مَنْ اغْتَبْتَهُ» هَذَا وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْحُرْمَةِ صَرِيحًا لَكِنْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْحُرْمَةُ فَلَوْ كَانَ مَا يَلْزَمُ مِنْ الدَّلِيلِ مُسْتَلْزِمًا لِلْمَطْلُوبِ فَالتَّقْرِيبُ تَامٌّ قِيلَ عَنْ الْخَرَائِطِيِّ فِي مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ قَالَ «إنَّ الْعَبْدَ لَيُعْطَى كِتَابَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْشُورًا فَيَرَى فِيهِ حَسَنَاتٍ لَمْ يَعْمَلْهَا فَيَقُولُ يَا رَبِّ لَمْ أَعْمَلْ هَذِهِ الْحَسَنَاتِ فَيَقُولُ إنَّهَا كُتِبَتْ لَك بِاغْتِيَابِ النَّاسِ إيَّاكَ» وَفِي الْقُشَيْرِيَّةِ وَقِيلَ مَنْ اُغْتِيبَ بِغِيبَةٍ غَفَرَ اللَّهُ نِصْفَ ذُنُوبِهِ (صَبْ. عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ تَحُتَّانِ» بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ تَفْرُقَانِ وَتَحُكَّانِ ثَمَرَاتِ «الْإِيمَانِ كَمَا يَعْضُدُ الرَّاعِي» أَيْ يَقْطَعُ «الشَّجَرَةَ»
لِلْمَاشِيَةِ فَأَصْلُ الْإِيمَانِ كَالشَّجَرَةِ وَالْأَعْمَالُ فُرُوعٌ لَهُ كَأَغْصَانِ الشَّجَرَةِ وَبِسَبَبِهَا تُمْحَى تِلْكَ الْأَعْمَالُ وَتُكْتَبُ فِي كِتَابِ مَنْ اغْتَبْته فَيَبْقَى الْإِيمَانُ كَالشَّجَرَةِ الَّتِي يَعْضُدُهَا الرَّاعِي لِتَأْكُلَ الْأَغْنَامُ أَوْرَاقَهَا وَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ تُحْبِطُ الطَّاعَةَ فَقَدْ عَرَفْت جَوَابَهُ فِي الِاعْتِقَادِيَّةِ (حَدّ. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ «قَالَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ»
لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ «بِنَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَظَرَ فِي النَّارِ فَإِذَا قَوْمٌ يَأْكُلُونَ الْجِيَفَ قَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ» الْإِشَارَةُ لِلتَّحْقِيرِ «يَا جَبْرَائِيلُ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ» بِالِاغْتِيَابِ لَعَلَّ ذَلِكَ تَمْثِيلُ أَرْوَاحِ الْمُغْتَابِينَ فِيمَا قَبْلُ أَوْ صُوَرُهُمْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ (يَعْلَى طَبْ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَكَلَ لَحْمَ أَخِيهِ فِي الدُّنْيَا» بِاغْتِيَابِهِ لَا يَخْفَى مَا فِي الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْغِيبَةِ وَأَكْلِ اللَّحْمِ لِأَنَّ حُرْمَةَ عِرْضِ الْمُؤْمِنِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ «قُرِّبَ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ: كُلْهُ مَيِّتًا كَمَا أَكَلْته حَيًّا فَيَأْكُلُهُ وَيَكْلَحُ» أَيْ يَعْبِسُ وَجْهُهُ قِيلَ عَنْ التِّرْمِذِيِّ تَشْوِيهِ النَّارُ فَتُقَلِّصُ شَفَتَهُ الْعُلْيَا حَتَّى تَبْلُغَ رَأْسَهُ وَتَسْتَرْخِي السُّفْلَى حَتَّى تَضْرِبَ سُرَّتَهُ وَذَلِكَ مِنْ مَرَارَةِ مَا أَكَلَهُ لَعَلَّ لَيْسَ مَا أَكَلَهُ عَيْنَ أَخِيهِ بَلْ مِثَالُهُ وَصُورَتَهُ لِأَنَّ جَزَاءَ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا «وَيَضِجُّ»
يَصِيحُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ وَأَنِينَهُ (يَعْلَى. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ رَجُلٌ» وَذَهَبَ لِحَاجَةٍ
«فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَعْجَزَ فُلَانًا أَوْ قَالُوا مَا أَضْعَفَ فُلَانًا» شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي يَعْنِي تَعَجَّبُوا مِنْ ذَهَابِهِ وَضَعْفِهِ فِي دِينِهِ «فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَبْتُمْ صَاحِبَكُمْ وَأَكَلْتُمْ لَحْمَهُ» .
فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ غِيبَةً لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ غَرَضِهِمْ هُوَ الْغَيْرَةُ وَالزَّجْرُ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ صُحْبَتِهِ عليه الصلاة والسلام قُلْنَا لَعَلَّ لَهُ ضَرُورَةً دَاعِيَةً يَعْرِفُهَا النَّبِيُّ دُونَهُمْ (دُنْيَا. عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا (أَنَّهَا قَالَتْ «قُلْت لِامْرَأَةٍ مَرَّتْ وَأَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّ هَذِهِ لَطَوِيلَةٌ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم الْفِظِي الْفِظِي» ارْمِي مَا فِي فِيك وَجْهُ التَّأْكِيدِ أَنَّهُ كَانَ فِي اعْتِقَادِهَا لَيْسَ فِي فِيهَا شَيْءٌ فَفِيهِ إمَارَةُ إنْكَارٍ أَوْ دَفْعُ تَوَهُّمٍ نَاشِئٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ لِلشَّفَقَةِ كَأَنَّهُ يُسْرِعُ فِي إخْرَاجِ مَا فِي فِيهَا مِنْ الْخَبَثِ «فَلَفَظَتْ بِضْعَةً» قِطْعَةً «مِنْ لَحْمٍ»
فَأَمَّا أَنَّهُ تَعَالَى يَقْدِرُ عَلَى تَبْدِيلِ الْأَعْرَاضِ جَوَاهِرَ كَمَا فِي ذَبْحِ الْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى صُورَةِ كَبْشٍ وَامْتِنَاعُ انْقِلَابِ الْحَقَائِقِ مُخْتَصٌّ فِيمَا بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْمُمْكِنِ وَالْمُمْتَنِعِ أَوْ أَنَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا كَوْنُ ذَلِكَ لَحْمَ الْمُغْتَابِ بِقَرِينَةِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ فَيَنْقُلُهُ تَعَالَى مِنْهُ إلَيْهِ وَيَخْلُقُ غَيْرَهُ بَدَلَهُ بِلَا شُعُورِهِ وَعِرْفَانِهِ فَبَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ وَإِنْ أَمْكَنَ بِمُجَرَّدِ ذَاتِ قُدْرَتِهِ تَعَالَى ثُمَّ إنَّ وَجْهَ كَوْنِهِ غِيبَةً كَرَاهَتُهَا مِنْ هَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ وَاقِعًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآتِي «الْغِيبَةُ ذِكْرُكَ أَخَاك بِمَا يَكْرَهُ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ لَوْ بَلَغَهُ فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ أَوْ خُلُقِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ خَادِمِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ سُكُونِهِ أَوْ حَرَكَتِهِ أَوْ طَلَاقَتِهِ أَوْ عَبُوسَتِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ أَوْ رَمْزٍ أَوْ كِنَايَةٍ أَوْ مُحَاكَاةٍ بَلْ أَوْ بِقَلْبٍ وَمِنْهُ مَا فِي التَّصَانِيفِ نَحْوُ قَالَ بَعْضُ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ أَوْ بَعْضُ مَنْ يُنْسَبُ لِلصَّلَاحِ «قِيلَ أَفَرَأَيْت إنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ قَالَ إنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْته وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ» (د. عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَمَّا عُرِجَ بِي رَبِّي مَرَرْت بِقَوْمِ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ) يَجْرَحُونَ وَيَخْدِشُونَ وَيَضْرِبُونَ (بِهَا وُجُوهَهُمْ فَقُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جَبْرَائِيلُ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ»
بِمَا يَغْتَابُونَ قَالَ الْمُنَاوِيُّ عَنْ الطِّيبِيِّ لَمَّا كَانَ خَمْشُ الْوَجْهِ وَالصَّدْرِ مِنْ صِفَاتِ النِّسَاءِ النَّائِحَات جَعَلَهُمَا جَزَاءَ مَنْ يَغْتَابُ إشْعَارًا بِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ صِفَاتِ الرِّجَالِ بَلْ هُمَا مِنْ صِفَاتِ النِّسَاءِ فِي أَقْبَحِ حَالَةٍ وَأَسْوَإِ صُورَةٍ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ يُحْشَرُ الْمُمَزِّقُ لِأَعْرَاضِ النَّاسِ كَلْبًا ضَارِيًا وَالشَّرِهُ لِأَمْوَالِهِمْ ذِئْبًا وَالْمُتَكَبِّرُ نَمِرًا وَطَالِبُ الرِّيَاسَةِ أَسَدًا لِأَنَّ الصُّورَةَ فِي هَذَا الْعَالَمِ غَالِبَةٌ عَلَى الْمَعَانِي وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ عَلَى الْغِيبَةِ (د ت. عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -) وَعَنْ أَبَوَيْهَا (أَنَّهَا قَالَتْ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ حَسْبُك مِنْ صَفِيَّةَ» بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ أَيْ كَافِيك مِنْ عَيْبِهَا « (قِصَرُهَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَدْ قُلْت كَلِمَةً لَوْ مُزِجَ بِهَا الْبَحْرُ لَمَزَجَتْهُ) »
الْمَزْجُ التَّغْيِيرُ وَقِيلَ أَيْ غَلَبَتْهُ فِي الْمَزْجِ لِعِظَمِهَا فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الزَّوَاجِرِ عَنْ الْغِيبَةِ وَمَا أَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ الْأَحَادِيثِ يَبْلُغُ فِي الذَّمِّ بِهِ هَذَا الْمَبْلَغَ - {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3]- الْآيَةُ وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ كَمَا نُقِلَ عَنْ أَذْكَارِ النَّوَوِيِّ أَقُولُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّشْدِيدُ مُخْتَصًّا بِهَا إمَّا لِعَدَمِ مُنَاسَبَةِ مَنْصِبِ عَائِشَةَ مِنْ الْعِلْمِ وَالْوَرَعِ وَإِمَّا لِكَوْنِ الْغِيبَةِ عَلَى صَفِيَّةَ لِكَوْنِهَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ عليه الصلاة والسلام أَوْ لِمَجْمُوعِهَا وَفِي الْقُشَيْرِيَّةِ وَأَوْحَى اللَّهُ إلَى مُوسَى - عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنْ مَاتَ تَائِبًا مِنْ الْغِيبَةِ فَهُوَ آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَمَنْ مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ وَقَالَ عَوْفٌ دَخَلْت عَلَى ابْنِ سِيرِينَ فَتَنَاوَلْت بِالِاغْتِيَابِ مِنْ الْحَجَّاجِ فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ إنَّ اللَّهَ حَكَمٌ عَدْلٌ وَكَمَا يَأْخُذُ مِنْ الْحَجَّاجِ يَأْخُذُ لِلْحَجَّاجِ وَإِنَّك إذَا لَقِيت اللَّهَ غَدًا كَانَ أَصْغَرُ ذَنْبٍ أَصَبْته أَشَدَّ عَلَيْك مِنْ أَعْظَمِ ذَنْبٍ أَصَابَهُ الْحَجَّاجُ وَقِيلَ دُعِيَ ابْنُ أَدْهَمَ إلَى دَعْوَةٍ فَحَضَرَ فَذَكَرُوا رَجُلًا لَمْ يَأْتِهِمْ وَقَالُوا إنَّهُ ثَقِيلٌ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ إنَّمَا فَعَلَ هَذَا فِي نَفْسِي حَيْثُ حَضَرْت مَوْضِعًا يُغْتَابُ النَّاسُ فِيهِ فَخَرَجَ وَلَمْ يَأْكُلْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقِيلَ مَثَلُ الَّذِي يَغْتَابُ النَّاسَ كَمَثَلِ مَنْ نَصَبَ مَنْجَنِيقًا يَرْمِي حَسَنَاتِهِ شَرْقًا وَغَرْبًا يَغْتَابُ وَاحِدًا خُرَاسَانِيًّا وَآخَرَ حِجَازِيًّا وَآخَرَ تُرْكِيًّا فَيُفَرِّقُ حَسَنَاتِهِ وَيَقُومُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ (م. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «هَلْ تَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ» فِيهِ نَدْبُ إسْنَادِ مَا لَا عِلْمَ بِهِ لِلْعَبْدِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ «قَالَ ذِكْرُك أَخَاك بِمَا يَكْرَهُهُ قِيلَ أَرَأَيْت إنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ قَالَ إنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقَدْ بَهَتَّهُ»
مِنْ الْبُهْتَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا مَشْرُوحًا لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الْأَنْسَبُ أَنْ يُذْكَرَ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَهُوَ حَرَامٌ قَطْعِيٌّ وَعَنْ سُفْيَانَ كُنْت جَالِسًا عِنْدَ إيَاسٍ فَنِلْتُ مِنْ إنْسَانٍ فَقَالَ هَلْ غَزَوْت الرُّومَ وَالتُّرْكَ فَقُلْت لَا فَقَالَ سَلِمَ مِنْك التُّرْكُ وَالرُّومُ وَمَا سَلِمَ مِنْك أَخُوك الْمُسْلِمُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ لِيَكُنْ حَظُّ الْمُؤْمِنِ مِنْك ثَلَاثَ خِصَالٍ إنْ لَمْ تَنْفَعْهُ فَلَا تَضُرَّهُ وَإِنْ لَمْ تَسُرَّهُ فَلَا تَغُمَّهُ وَإِنْ لَمْ تَمْدَحْهُ فَلَا تَذُمَّهُ قَالَ الْجُنَيْدُ كُنْت جَالِسًا فِي مَسْجِدِ شُونِيزِيَّةَ أَنْتَظِرُ جِنَازَةً أُصَلِّي عَلَيْهَا وَأَهْلُ بَغْدَادَ عَلَى طَبَقَاتِهِمْ فَرَأَيْت فَقِيرًا يَسْأَلُ النَّاسَ فَقُلْت فِي نَفْسِي لَوْ عَمِلَ هَذَا عَمَلًا يَصُونُ بِهِ نَفْسَهُ كَانَ أَجْمَلَ بِهِ فَلَمَّا انْصَرَفْتُ إلَى مَنْزِلِي وَكَانَ لِي شَيْءٌ مِنْ الْوَرْدِ فِي اللَّيْلِ مِنْ الدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ فَثَقُلَ عَلَيَّ جَمِيعُ أَوْرَادِي فَسَهِرْت وَأَنَا قَاعِدٌ وَغَلَبَتْنِي عَيْنِي فَرَأَيْت ذَلِكَ الْفَقِيرَ جَاءُوا بِهِ عَلَى خُوَانٍ مَمْدُودٍ وَقَالُوا لِي كُلْ لَحْمَهُ فَقَدْ اغْتَبْته وَكَشَفَ لِي عَنْ الْحَالِ فَقُلْت مَا اغْتَبْته إنَّمَا قُلْت فِي نَفْسِي شَيْئًا فَقِيلَ مَا أَنْتَ مِمَّنْ يُرْضَى مِنْك بِمِثْلِهِ اذْهَبْ فَاسْتَحِلَّهُ فَأَصْبَحْت وَلَمْ أَزَلْ أَتَرَدَّدُ حَتَّى رَأَيْته فِي مَوْضِعٍ يَلْتَقِطُ مِنْ الْمَاءِ عِنْدَ تَزَايُدِهِ أَوْرَاقًا مِنْ الْبَقْلِ مِمَّا يَتَسَاقَطُ مِنْ غَسْلِ الْبَقْلِ فَسَلَّمْت عَلَيْهِ فَقَالَ تَعُودُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَقُلْت لَا أَعُودُ قَالَ غَفَرَ اللَّهُ لَنَا وَلَك
(اعْلَمْ أَنَّ الْغِيبَةَ تَعُمُّ ذِكْرَ عُيُوبِ الدِّينِ) نَحْوُ فُلَانٌ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَشَارِبُ الْخَمْرِ وَسَارِقٌ وَنَمَّامٌ (وَالدُّنْيَا) نَحْوُ فُلَانٌ أَعْرَجُ أَوْ أَصَمُّ أَوْ زَمِنٌ أَوْ أَعْوَرُ رَخَّصَ بَعْضٌ بِعُيُوبِ الدُّنْيَا وَقَالَ لَا غِيبَةَ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُ ذَمُّ مَا ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فَذِكْرُهُ بِالْمَعَاصِي وَذَمُّهُ يَجُوزُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْعُمُومِ يُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ مَنْ ذَكَرَ غَيْرَهُ بِمَا يَكْرَهُهُ فَهُوَ مُغْتَابٌ سَوَاءٌ دُنْيَا أَوْ دِينًا، لَعَلَّ الْحَقَّ التَّفْصِيلُ؛ إنْ لِغَرَضٍ نَفْسَانِيٍّ فَغِيبَةٌ وَإِنْ لِغَرَضٍ دِينِيٍّ فَلَا (لَكِنْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمُخَاطَبِ) أَيْ الْمُغْتَابِ (وَأَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ السَّبِّ) وَالْقَدْحِ فِيهِ لَا عَلَى وَجْهِ الِاهْتِمَامِ (عِنْدَ عُلَمَائِنَا) الْحَنَفِيَّةِ أَمَّا عَلَى سَبِيلِ التَّرَحُّمِ أَوْ التَّظَلُّمِ مِنْهُ فَلَا (قَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ رَجُلٌ اغْتَابَ أَهْلَ قَرْيَةٍ فَقَالَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ كَذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ غِيبَةً لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ بِهِ جَمِيعَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ)
لِمَا فِيهِمْ مِنْ نَحْوِ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالصِّبْيَانِ لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ عَامٍّ خَصَّ مِنْهُ الْبَعْضَ (فَكَانَ الْمُرَادُ هُوَ الْبَعْضُ وَهُوَ مَجْهُولٌ) فَلَا تَعْيِينَ وَلَا عِلْمَ لِلْمُخَاطَبِ فَدَلَّ عَلَى شَرْطِيَّةِ مَعْرِفَةِ الْمُخَاطَبِ لَعَلَّ هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ الْغِيبَةُ بِوَصْفٍ يُوجِبُ التَّعْيِينَ مِنْهُمْ أَوْ إنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى خُصُوصِهِمْ لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ عِلَّةَ حُرْمَةِ الْغِيبَةِ هُوَ الْأَذَى وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَذَى حَاصِلٌ فِي اغْتِيَابِ مُطْلَقِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لِكُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَوْ لِأَجْلِ مَنْ اُغْتِيبَ لَهُ مِنْهُمْ (الرَّجُلُ إذَا كَانَ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَضُرُّ النَّاسَ بِالْيَدِ) كَالضَّرْبِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ (وَاللِّسَانِ) كَالشَّتْمِ وَالْبُهْتَانِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ (فَذُكِرَ بِمَا فِيهِ لَا يَكُونُ غِيبَةً) ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَحُجِّيَّتُهُ فِي الْمَقَامِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى كَوْنِهِ لَا عَلَى وَجْهِ السَّبِّ وَحَمْلُ هَذَا الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِهَذَا بَعِيدٌ بَلْ الْمُتَبَادِرُ أَنَّ عَدَمَ كَوْنِهِ غِيبَةً لِكَوْنِهِ مُجَاهِرًا بِالْفِسْقِ وَلَا يَسْتَنْكِفُ مِنْ ذِكْرِهِ (وَإِنْ أَخْبَرَ السُّلْطَانَ أَوْ غَيْرَهُ) مَثَلًا (بِذَلِكَ لِيَزْجُرَهُ) عَنْ أَضْرَارِهِ (فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ) لَعَلَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ بِطَرِيقِ غَيْرِ السُّلْطَانِ فَلَا يَضْمَنُ بِمَا أَخَذَهُ السُّلْطَانُ مِنْ الْجَرَائِمِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَهَلْ الْأَوْلَى الرَّفْعُ إلَيْهِ أَوْ لَا فَإِنْ مِمَّنْ يَزِيدُ أَذَاهُ عِنْدَ الْإِهْمَالِ نَعَمْ وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِكَوْنِ السُّلْطَانِ قَادِرًا وَغَيْرَ مُهْمِلٍ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ بَلْ زِيَادَةُ غَيْظٍ قَالَ قَاضِي خَانْ أَيْضًا رَجُلٌ عَلِمَ أَنَّ فُلَانًا يَتَعَاطَى مِنْ الْمُنْكَرِ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى أَبِيهِ بِذَلِكَ قَالُوا إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَتَبَ إلَى أَبِيهِ يَمْنَعُهُ الْأَبُ مِنْ ذَلِكَ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ وَإِلَّا فَلَا يَكْتُبُ كَيْ لَا تَقَعَ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ أَوْ بَيْنَ السُّلْطَانِ وَالرَّعِيَّةِ وَالْحَشَمِ إنَّمَا يَجِبُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ انْتَهَى (رَجُلٌ ذَكَرَ مَسَاوِئَ أَخِيهِ عَلَى وَجْهِ الِاهْتِمَامِ) لَا عَلَى وَجْهِ السَّبِّ وَالْقَدَحِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ الِاهْتِمَامِ
الْأَعْذَارُ الَّتِي تُرَخَّصُ بِهَا الْغِيبَةُ كَمَا يُشِيرُ الْمُصَنِّف وَهِيَ سِتَّةٌ أَوَّلُهَا التَّظَلُّمُ ثَانِيهَا الِاسْتِغَاثَةُ لِتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ وَالرَّدِّ إلَى مَنْهَجِ الْحَقِّ ثَالِثُهَا الِاسْتِفْتَاءُ رَابِعُهَا تَحْذِيرُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّهِ خَامِسُهَا كَوْنُ اسْمِهِ مُؤْذِيًا كَالْأَعْرَجِ وَالْأَعْمَشِ إلَّا إنْ أَمْكَنَ تَعْرِيفُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ سَادِسُهَا الْمُجَاهِرُ بِالْفِسْقِ (لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ غِيبَةً) لِضَرُورَةٍ مُبِيحَةٍ (إنَّمَا الْغِيبَةُ أَنْ يَذْكُرَ) مَسَاوِئَ أَخِيهِ (عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ يُرِيدُ بِهِ السَّبَّ انْتَهَى وَهَكَذَا) ذَكَرَ (فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا فَذِكْرُ الْعَيْبِ لِتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ أَوْ لِلِاسْتِفْتَاءِ) طَلَبُ الْفَتْوَى مِنْ الْمُفْتِي (أَوْ لِلتَّحْذِيرِ) أَيْ تَحْذِيرِ الْغَيْرِ (مِنْ شَرِّهِ أَوْ التَّعْرِيفِ كَالْأَعْرَجِ وَنَحْوِهَا) قِيلَ كَذِكْرِ عَيْبِ مَبِيعٍ يَكْتُمُ عَيْبَهُ وَذِكْرِ عَيْبِ امْرَأَةٍ يُرَادُ نِكَاحُهَا وَلَا يَعْلَمُ عَيْبَهَا فَإِنَّهُ مِنْ النُّصْح الْوَاجِبِ وَتَفْرِيعُ هَذِهِ الْأُمُورِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا مَعَانِيَ لِلِاهْتِمَامِ وَكَوْنِهَا مَعْنًى لِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْحَصْرِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ إنَّمَا الْغِيبَةُ إلَخْ (لَيْسَ بِغِيبَةٍ وَكَذَا) لَا يَكُونُ غِيبَةً (إنْ كَانَ مُجَاهِرًا
لِلْفِسْقِ وَالظُّلْمِ فَذَكَرَهُمَا وَأَمَّا إنْ ذَكَرَ عَيْبًا آخَرَ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا (فَغِيبَةٌ) لَعَلَّهُ أَنَّهُ كَانَ ذِكْرُ ذَلِكَ الْعَيْبِ الْآخَرِ مُتَسَبِّبًا عَنْ الظُّلْمِ وَالْفِسْقِ فَالظَّاهِرُ لَيْسَ بِغِيبَةٍ كَمَا أَنَّ ذِكْرَ الظُّلْمِ وَالْفِسْقِ لِغَرَضٍ نَفْسَانِيٍّ آخَرَ لَيْسَ بِغِيبَةٍ (شَيْخٌ) أَبُو الشَّيْخِ (عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ الْحَيَاءِ» أَيْ الْحَيَاءَ الَّذِي هُوَ كَجِلْبَابِ النِّسَاءِ وَمِلْحَفَتِهِنَّ فَجَهَرَ بِالْفِسْقِ وَالْمَعَاصِي فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ لُجَيْنِ الْمَاءِ وَالْجِلْبَابُ كُلُّ مَا يُسْتَرُ بِهِ مِنْ نَحْوِ ثَوْبٍ «فَلَا غِيبَةَ لَهُ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ يَعْنِي الْمُجَاهِرَ الْمُتَظَاهِرَ بِالْفَوَاحِشِ لَا غِيبَةَ لَهُ إذَا ذُكِرَ بِمَا فِيهِ فَقَطْ لِيُعْرَفَ وَيُحْذَرَ وَهَذَا فِيمَنْ أَظْهَرَهُ وَتَرَكَ الْحَيَاءَ فِيهِ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْغِيبَةِ إنَّمَا هُوَ لِإِيذَائِهِ الْمُغْتَابَ وَعَنْ الْبَيْهَقِيّ إسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ، وَإِنْ صَحَّ فَعَلَى فَاسِقٍ مُعْلِنٍ بِفِسْقِهِ وَعَنْ الذَّهَبِيِّ فِي رِجَالِهِ مَجْهُولٌ وَأَوْرَدَهُ الْعِرَاقِيُّ فِي الضَّعِيفِ وَأَبُو الشَّيْخِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ انْتَهَى مُلَخَّصًا.
(دُنْيَا. عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ)
مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ وَجَدُّهُ صَحَابِيٌّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ وَمَاتَ بِخُرَاسَانَ (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَتَرُوعُونَ» أَتَخَافُونَ وَتَحْذَرُونَ «مِنْ ذِكْرِ الْفَاجِرِ مَتَى يَعْرِفُهُ النَّاسُ» أَيُّ وَقْتٍ يَعْرِفُهُ النَّاسُ إنْ لَمْ تُعَرِّفُوهُمْ بِهِ «اُذْكُرُوا الْفَاجِرَ» الْفَاسِقَ «بِمَا فِيهِ» مِنْ الْفُجُورِ وَهَتْكِ سِتْرِ الدِّيَانَةِ فَذِكْرُهُ بِذَلِكَ مِنْ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ مُسْلِمٌ فَيَقْتَدِيَ بِهِ فِي فِعْلَتِهِ أَوْ يُضِلَّهُ بِبِدْعَتِهِ أَوْ يَسْتَرْسِلَ لَهُ فَيُؤْذِيَهُ بِخُدْعَتِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ «يَحْذَرُهُ» أَيْ لِكَيْ يَحْذَرَهُ «النَّاسُ» إلَى أَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ ذِكْرِهِ بِذَلِكَ مَشْرُوطَةٌ بِقَصْدِ الِاحْتِسَابِ وَإِرَادَةِ النَّصِيحَةِ دَفْعًا لِلِاغْتِرَارِ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذُكِرَ فَمَنْ ذَكَرَ أَحَدًا مِنْ هَذَا الصِّنْفِ تَشَفِّيًا لِغَيْظِهِ أَوْ انْتِقَامًا لِنَفْسِهِ أَوْ احْتِقَارًا أَوْ ازْدِرَاءً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْحُظُوظِ النَّفْسَانِيَّةِ فَهُوَ آثِمٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ ثُمَّ السُّبْكِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ وَلَدُهُ قَالَ كُنْت جَالِسًا بِدِهْلِيزِ دَارِنَا فَأَقْبَلَ كَلْبٌ فَقُلْت اخْسَأْ كَلْبَ ابْنَ كَلْبٍ فَزَجَرَنِي الْوَالِدُ فَقُلْت أَلَيْسَ هُوَ كَلْبَ ابْنَ كَلْبٍ قَالَ شَرْطُ الْجَوَازِ عَدَمُ قَصْدِ التَّحْقِيرِ فَقُلْت هَذِهِ فَائِدَةٌ قَالَ فِي الْفَيْضِ لَمْ يَصِحَّ عَنْ بَهْزٍ بِشَيْءٍ وَقَالَ أَحْمَدُ حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ وَقَالَ عَدِيٌّ لَا أَصْلَ لَهُ وَكُلُّ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَضَعَهُ جَارُودُ ثُمَّ قِيلَ هَذَا الْحَدِيثُ سَنَدُ مَنْ يَخُصُّ الْغِيبَةَ بِذِكْرِ الْعُيُوبِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْجُمْهُورُ حَمَلُوا الْفَاجِرَ عَلَى الْمُعْلِنِ بِفِسْقِهِ لَا عَلَى مُطْلَقِهِ (وَالْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ ضَيَّقَ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ السَّبَّ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى الِاهْتِمَامِ) بَلْ شَرَطَ الْكَرَاهَةَ مِنْ الْمُغْتَابِ فَقَطْ قِيلَ هُوَ مَسْلَكُ الِاحْتِيَاطِ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَخْبَارِ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوُجُودِ الْغِيبَةِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ السَّبُّ وَلَمْ تَدُلَّ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ خُصُوصًا تَفْسِيرَهُ عليه الصلاة والسلام الْغِيبَةَ بِقَوْلِهِ أَنْ تَذْكُرَ أَخَاك بِمَا يَكْرَهُهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَتَبَّعَ فَالْأَوْلَى الِاحْتِرَازُ عَنْ ذِكْرِ سَوْأَةِ الْغَيْرِ مَا لَمْ يُنَطْ بِهِ فَائِدَةٌ دِينِيَّةٌ انْتَهَى أَقُولُ لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْحَدِيثِ عِنْدَنَا وَأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُحْمَلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ إنْ فِي الْحُكْمِ وَاتَّحَدَ الْحُكْمُ وَالْحَادِثَةُ وَكَانَا فِي الْإِثْبَاتِ، وَإِنَّ تَوْفِيقَ النُّصُوصِ لَازِمٌ عِنْدَ إمْكَانِهِ فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ تَدُلَّ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ إنْ كَانَ عَدَمُ الْقَرِينَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَإِنْ مُطْلَقًا فَلَيْسَ بِمُسَلَّمٍ إذْ بَعْضُ الْحَدِيثِ يَكُونُ قَرِينَةً لِلْمُرَادِ لِمَا فِي بَعْضٍ آخَرَ فِيهِ يُعْلَمُ حَالُ قَوْلِهِ خُصُوصًا إلَخْ عَلَى أَنَّ مُقْتَضَى التَّفْرِيعِ عَلَى مَا مَهَّدَهُ أَنْ يُقَالَ بِنَحْوِ الصَّوَابِ وَأَيْضًا لَا يَخْلُو ذَلِكَ عَنْ اعْتِرَافِ مَسْأَلَةِ الْخَصْمِ فَافْهَمْ
. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ أَسْبَابَ الْغِيبَةِ أَحَدَ عَشَرَ الْأَوَّلُ أَنْ تَشْفِيَ الْغَيْظَ بِذِكْرِ مَسَاوِئِهِ الثَّانِي مُوَافَقَةُ الْأَقْرَانِ زَاعِمًا كَوْنَهَا حُسْنَ مُعَاشَرَةٍ الثَّالِثُ أَنْ يَسْتَشْعِرَ مِنْ إنْسَانٍ أَنَّهُ سَيَقْصِدُهُ
وَيُطَوِّلُ لِسَانَهُ فِيهِ أَوْ يُقَبِّحُ عِنْدَ مُحْتَشِمٍ فَيُبَادِرُهُ وَيَطْعَنُ فِيهِ لِيَسْقُطَ أَثَرُ شَهَادَتِهِ الرَّابِعُ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ شَيْءٌ فَيَذْكُرَ أَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ فُلَانٌ وَيَتَبَرَّأَ مِنْهُ مَعَ أَنَّ التَّبَرُّؤَ يَحْصُلُ بِأَنْ لَا يَذْكُرَ الْغَيْرَ بِشَخْصِهِ الْخَامِسُ أَنْ يَنْسِبَ النَّقْصَ إلَى غَيْرِهِ وَيَقْصِدَ بِذَلِكَ إثْبَاتَ فَضْلِ نَفْسِهِ السَّادِسُ الْقَدْحُ عِنْدَ مَنْ يُحِبُّ ذَلِكَ الشَّخْصَ حَسَدًا لِإِكْرَامِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ لَهُ السَّابِعُ أَنْ يَقْصِدَ اللَّعِبَ وَالْهَزْلَ وَالْمُطَايَبَةَ وَيُضْحِكَ النَّاسَ عَلَيْهِ الثَّامِنُ الِاسْتِهْزَاءُ اسْتِحْقَارًا لَهُ فِي الْغِيبَةِ التَّاسِعُ أَنْ يَتَعَجَّبَ بِفِعْلِهِ الْمُنْكَرِ وَهَذَا مِنْ الدِّينِ لَكِنْ أَدَّى إلَى الْغِيبَةِ بِذِكْرِ اسْمِهِ فَصَارَ مُغْتَابًا مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي الْعَاشِرُ أَنْ يَغْتَمَّ لِسَبَبِ مَا يُبْتَلَى بِهِ فَيَقُولَ مِسْكِينٌ فُلَانٌ قَدْ غَمَّنِي أَمْرُهُ وَمَا اُبْتُلِيَ بِهِ وَغَمُّهُ وَرَحْمَتُهُ خَيْرٌ لَكِنْ سَاقَهُ إلَى شَرٍّ وَهُوَ الْغِيبَةُ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْهَا الْغَضَبُ لِلَّهِ عَلَى مُنْكَرٍ قَارَفَهُ إنْسَانٌ فَيُظْهِرُ غَضَبُهُ وَيَذْكُرُ اسْمَهُ وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُظْهِرَ غَضَبَهُ عَلَى فَاعِلِهِ وَلَا يُظْهِرُهُ عَلَى غَيْرِهِ بَلْ يَسْتُرُ اسْمَهُ وَهَذِهِ الْأَسْبَابُ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ مِمَّا تَغْمُضُ عَلَى الْعُلَمَاءِ فَضْلًا عَنْ الْعَوَامّ إذَا عَرَفْت أَسْبَابَ الْغِيبَةِ فَاعْلَمْ أَنَّ عِلَاجَهَا عَلَى الْجُمْلَةِ أَنْ يَذْكُرَ مَضَرَّةَ الْغِيبَةِ وَأَنَّهَا تَحُطُّ حَسَنَاتِهِ وَتُثْقِلُ حَسَنَاتِ غَيْرِهِ أَوْ يُنْقَلُ إلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ فَيَدْخُلُ النَّارَ فَهَذَا بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ وَالسُّؤَالِ وَالْحِسَابِ وَعِلَاجُهَا عَلَى التَّفْصِيلِ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَسْبَابِهَا وَيُعَالِجَهَا بِمَا مَرَّ فِي الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ مِنْ نَحْوِ الْغَضَبِ وَالْحَسَدِ وَالرِّيَاءِ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ مِمَّا نُبِّهَ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْغِيبَةِ مَا بِالْقَلْبِ وَهُوَ سُوءُ الظَّنِّ أَيْ عَقْدُ الْقَلْبِ وَالْحُكْمُ بِالسُّوءِ وَذَلِكَ حَرَامٌ كَمَا نُبِّهَ عَلَيْهِ قَبْلُ وَأَمَّا الْخَوَاطِرُ وَحَدِيثُ النَّفْسِ أَنْ يَتَغَيَّرَ الْقَلْبُ مَعَهُ عَمَّا كَانَ فَيَنْفِرَ عَنْهُ نُفُورًا وَيَسْتَثْقِلَهُ وَيَفْتُرَ عَنْ مُرَاعَاتِهِ وَإِكْرَامِهِ وَمِنْ ثَمَرَاتِ سُوءِ الظَّنِّ التَّجَسُّسُ فَيَطْلُبُ التَّحْقِيقَ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَذَا فِي مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ.
(ثُمَّ إنَّ الْغِيبَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ الْأُولَى أَنْ تَغْتَابَ وَتَقُولَ لَسْت أَغْتَابُ لِأَنِّي أَذْكُرُ مَا فِيهِ فَهَذَا كُفْرٌ) ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي كَوْنِ الْغِيبَةِ جَارِيَةً فِي الْعُيُوبِ الدِّينِيَّةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَدْنَى دَرَجَةِ الِاخْتِلَافِ إيرَاثُ شُبْهَةٍ فَكَيْفَ يَكْفُرُ فِي حُكْمٍ كَانَ فِيهِ شُبْهَةٌ إلَّا أَنْ يَخُصَّ بِالْعُيُوبِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ لِلتَّخْصِيصِ (ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي التَّنْبِيهِ لِأَنَّهُ اسْتِحْلَالٌ لِلْحَرَامِ الْقَطْعِيِّ) قِيلَ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ بِالنَّصِّ الْقُرْآنِيِّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقُرْآنَ عَلَى حُرْمَةِ الْغِيبَةِ لَا عَلَى كَوْنِ مَا ذُكِرَ فِيهِ غِيبَةً وَالْمَطْلُوبُ ذَلِكَ.
(وَالثَّانِي أَنْ يَغْتَابَ وَتَبْلُغَ غِيبَتُهُ الْمُغْتَابَ فَهَذِهِ مَعْصِيَةٌ لَا تَتِمُّ التَّوْبَةُ عَنْهَا إلَّا بِالِاسْتِحْلَالِ) مِنْ الْمُغْتَابِ (لِأَنَّهُ آذَاهُ) بِبُلُوغِ غِيبَتِهِ إلَيْهِ (فَكَانَ فِيهِ) فِي بُلُوغِ الْغِيبَةِ (حَقُّ الْعَبْدِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا كَانَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَبِاعْتِبَارِ نَهْيِهِ تَعَالَى حَقُّهُ تَعَالَى وَبِاعْتِبَارِ إيذَائِهِ لِلْعَبْدِ حَقُّ الْعَبْدِ لَكِنَّ السَّابِقَ إلَى الْخَاطِرِ أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ هُوَ الْأَذَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَقُّ الْعَبْدِ فَقَطْ لَكِنْ فِيهِ تَأَمُّلٌ (وَهَذَا مُجْمَلُ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِيمَا خَرَّجَهُ " دُنْيَا طط " عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «الْغِيبَةُ أَشَدُّ مِنْ الزِّنَا قِيلَ وَكَيْفَ؟» تَكُونُ أَشَدَّ «قَالَ الرَّجُلُ يَزْنِي ثُمَّ يَتُوبُ عَنْهُ فَيَتُوبُ» أَيْ يَقْبَلُ «اللَّهُ عَلَيْهِ» تَوْبَتَهُ هَذَا إذَا كَانَ الزِّنَا طَوْعًا لَا كَرْهًا وَلَمْ تَكُنْ الْمُزَنِّيَةُ مَنْكُوحَةً أَوْ أَمَةً لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ عَارٌ لِأَحَدٍ وَإِلَّا فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّوْبَةِ لِاخْتِلَاطِ حَقِّ الْعَبْدِ حِينَئِذٍ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ الِاسْتِحْلَالِ وَطَرِيقُهُ فِيهِ لَا يَكُونُ إلَّا بِطَرِيقِ التَّعْمِيمِ عَلَى قَوْلِهِ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بِأَنْ يَقُولَ إنِّي أَطْلُبُ مِنْك اسْتِحْلَالَ جَمِيعِ حُقُوقِك الْمُتَعَلِّقَةِ بِدَارِ الْآخِرَةِ إذْ لَوْ صَرَّحَ لَزِمَ الْوُقُوعُ فِي مَفْسَدَةٍ عَظِيمَةٍ «وَإِنَّ صَاحِبَ الْغِيبَةِ لَا يُغْفَرُ لَهُ» مِنْ جِهَتِهِ تَعَالَى «حَتَّى يَغْفِرَ» أَيْ يَتُوبَ وَيُحَلِّلَ «صَاحِبُهُ» يَشْكُلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ فَتَأَمَّلْ تَصِلْ.
(وَالثَّالِثُ إنْ لَمْ تَبْلُغْ الْغِيبَةُ)
الْمُغْتَابَ (فَيَكْفِيهِ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَلِمَنْ اغْتَابَهُ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِحْلَالٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ لَكِنْ يَشْكُلُ بِمَا قُدِّمَ آنِفًا مِنْ أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ هُوَ الْأَذَى فَإِذَا انْتَفَى الْأَذَى فَيَلْزَمُ أَنْ تَنْتَفِيَ الْحُرْمَةُ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ كَوْنُ الْعِلَّةِ ذَلِكَ أَوْ يُقَالُ يَكْفِي فِي الْعِلَّةِ الْجِنْسُ وَإِنْ تَخَلَّفَ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ وَقَدْ يُشْرَعُ الْحُكْمُ الْعَامُّ بِالْعِلَّةِ الْخَاصَّةِ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ لِلرُّخْصَةِ (دُنْيَا. عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَفَّارَةُ مَنْ اغْتَبْتَهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُ»
إذَا لَمْ تَصِلَ إلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ أَيْضًا بِمَا إذَا تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَاسْتِحْلَالُهُ وَإِلَّا تَعَيَّنَ كَمَا عَرَفْت فِي الْفَيْضِ عَنْ الْغَزَالِيِّ يَحْتَجُّ الْحَسَنُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى كِفَايَةِ الِاسْتِغْفَارِ دُونَ الِاسْتِحْلَالِ وَلَوْ تَابَ قَبْلَ الْوُصُولِ ثُمَّ بَلَغَ لَا تَبْطُلُ التَّوْبَةُ بَلْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُمَا الْمُغْتَابِ بِالتَّوْبَةِ وَالْمُغْتَابِ مِنْهُ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ.
كَمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الشِّرْعَةِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ ثُمَّ عَنْ ابْنِ الْجَوْزِيِّ بِأَنَّ الْحَدِيثَ مَوْضُوعٌ وَعَنْ عَبَسَةَ مَتْرُوكٌ وَعَنْ السُّيُوطِيّ ضَعِيفٌ وَعَنْ الْعِرَاقِيِّ أَيْضًا فِي تَخْرِيجِ الْإِحْيَاءِ ضَعِيفٌ (وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْأَصَحُّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِحْلَالِ مُطْلَقًا) وَصَلْتَ أَوْ لَا هَذَا عَلَى قِيَاسِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ فَإِنَّ مَنْ سَرَقَ مَالَ أَحَدٍ يَجِبُ الِاسْتِحْلَالُ بِالِاتِّفَاقِ مُطْلَقًا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ فَارِقٍ لِأَنَّ الْمَالَ مِلْكَهُ وَحَقَّهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ الْغِيبَةِ فَإِنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْغِيبَةِ لَمْ يَفُتْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ أَذًى أَصْلًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ حَقٌّ جِدًّا مَعَ أَنَّهُ عَلَى هَذَا لَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مَعَ الْمُخَالَفَةِ لِلثَّانِي مِنْهُمَا فَالْحَقُّ قَوْلُ الْفَقِيهِ إذْ حِينَئِذٍ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْوُصُولِ وَالثَّانِي عَلَى عَدَمِهِ.
كَذَا ذَكَرَ الْمَوْلَى الْمُحَشِّي لَا يَخْفَى أَنَّ الْقِيَاسَ فِي مَعْرِضِ النَّصِّ لَيْسَ بِمَ قُبُولٍ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الرَّأْيِ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ لَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَحْكُمَ الْمَقَامَ بِمَسْأَلَةِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَوْ تَرْجِيحِ النَّصِّ الْمُوَافِقِ لِلْقِيَاسِ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ (وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا) يَحْتَاجُ إلَيْهِ (مُطْلَقًا بَلْ يَكْفِيهِ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ) اسْتِدْلَالًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الثَّانِي لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعَارِضُهُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ عَلَى هَذَا بَلْ الْقِيَاسُ أَيْضًا تَدَبَّرْ.
وَعَنْ الْإِحْيَاءِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِحْلَالِ وَالِاعْتِذَارِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ مَيِّتًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْثِرَ الِاسْتِغْفَارَ لَهُ وَالدُّعَاءَ وَيُكْثِرَ لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَسَبِيلُ الْمُعْتَذِرِ أَنْ يَبْلُغَ فِي الثَّنَاءَ عَلَيْهِ وَالتَّوَدُّدِ وَيُلَازِمَ ذَلِكَ حَتَّى يَطِيبَ قَلْبُهُ فَإِنْ لَمْ يَطِبْ قَلْبُهُ كَانَ اعْتِذَارُهُ وَتَوَدُّدُهُ مَحْسُوبًا لَهُ يُقَابِلُ بِهِ سَيِّئَةَ الْغِيبَةِ فِي الْآخِرَةِ.
(ثُمَّ أَعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ بِمَنْ اُغْتِيبَ عِنْدَهُ رَجُلٌ أَوْ بُهِتَ) عَلَيْهِ مِنْ الْبُهْتَانِ (أَنْ يَنْصُرَهُ أَوْ يَذُبَّ) أَيْ يَدْفَعَ (عَنْهُ) غِيبَتَهُ أَوْ بُهْتَانَهُ كَمَا قَالَ «اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا فَقِيلَ كَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قِيلَ تَدْفَعُ ظُلْمَهُ»